راشد بن إسحاق أبو حكيمة - أَبكي عَلى الهَوى وَلَذّاتي

أَبكي عَلى الهَوى وَلَذّاتي = بِعَبرَةٍ تَشفي حَراراتي
أَبكي عَلى أيرٍ ضَعيفِ القُوى = يَخونُني في وَقتِ حاجاتي
أَصبَحَ رَثَّ الحَبلِ مُستَرخِياً = صَريعَ أَسقامٍ وَآفاتِ
يَنامُ عَمّا يَستَلِذُّ الفَتى = وَنَومُهُ إِحدى المُصيباتِ
يَبيتُ في الصَيفِ أَخا قِرَّةٍ = مِثلَ مَبيتِ الصَرِدِ الساقي
أَوهى قُواهُ ما يُميتُ القُوى = يَومَ تَوَلّى بِصَباباتي
صُبَّ عَلَيهِ كَسَلٌ دائِمٌ = بَعدَ نَشاطٍ وَحَراراتِ
وَفارَقَ اللَهوَ وَأَخدانَهُ = وَصَدَّ عَن أَهلِ المَوَدّاتِ
كَأَنَّهُ لَم يَغشَ فيما مَضى = مَواطِناً غَيرَ ذَميماتِ
مَواطِناً تَعرِفُهُ أَهلُها = بِالصِدقِ فيها وَالمُحاماتِ
يَسطو عَلى القِرنِ غَداةَ الوَغى = سَطوَةَ مِقدامٍ بِها عاتِ
يَكُبُّ صَرعاهُ لِأَذقانِهِم = بِالطَوعِ مِنهُم وَالمُوافاتِ
لا يَشتَكي القَومُ جِراحاتِهِم = وَلا يَخافونَ المَنِيّاتِ
تَسمَعُ لِلأَبطالِ مِن تَحتِهِ = حنينَ أَنفاسٍ وَأَصواتِ
شَبَّهتَهُ فيهُم بِذي إِحنَةٍ = يَفيضُ مِن أَهلِ الحِكاياتِ
وَكانَ لا يُعجِزُهُ مَرَّةً = فَتحُ الجَواسيقِ المَنيعاتِ
وَلا حُصونٌ دونَ أَبوابِها = رُكوبُ أَهوالٍ وَرَوعاتِ
ذاكَ رَفيقٌ كانَ لي مُؤنِساً = يُحِبُّ إِسعافي بِميقاتي
كُنتُ إِذا قامَ أُباهي بِهِ = مَن رامَ فَخري وَمُباهاتي
فَدَبَّ فيهِ النُقصُ وَاِختانَهُ = دَهرٌ مَليءٌ بِالخِياناتِ
تَخَرَّمَتهُ مَفصَلاً مَفصَلاً = خُطوبُ أَحداثٍ مُلِمّاتِ
فَلَم تَدَع مِنهُ سِوى صَلعَةٍ = بَينَ عُروقِ وَجُلَيداتِ
مِثلَ بَقايا طَلَلٍ دارِسٍ = دائِرِ أَعلامٍ وَآياتِ
وَأَظهَرَ الزُهدَ يُرائي بِهِ = وَالناسُ إِخوانُ مُراءاتِ
يُطرِقُ لا مَن وَرَعٍ عِندَهُ = إِطراقَ ذي نُسكٍ وَإِخباتِ
تابَ وَلَو كانَت بِهِ قَوَّةٌ = عادَ إِلى تِلكَ الخَساراتِ
مَن عاشَ أَفنَتهُ صُروفُ البِلى = بِكَرِّ أَيّامٍ وَساعاتِ
 
أعلى