راشد بن إسحاق أبو حكيمة - أَنوحُ وَأَبكي خادِماً لي رُزِئتُهُ

أَنوحُ وَأَبكي خادِماً لي رُزِئتُهُ = عَلى مِثلِهِ تَبكي العُيونُ الجَوامِدُ
الأَصدقاءُ مكانهُ = ويغبِطُني الأَدنى بِهِ والأباعِدُ
لَهُ خِدمَةٌ تَشفي النُفوسَ كَما شَفى = غَليلَ الصَدى عَذبٌ مِنَ الماءِ بارِدُ
وَيَغرَقُ في الأَلطافِ حَتّى كَأَنَّهُ = أَخٌ مُشفِقٌ أَو والِدٌ مُتَعاهِدُ
وَكانَ لَهُ وَجهٌ يُدِلُّ بِحُسنِهِ = إِذا اِمتَحَنَت حُسنَ الوُجوهِ المَشاهِدُ
لَعَمري لَئِن عَزَّت عَلَيَّ حَياتُهُ = لَقَد غالَها سَهمٌ مِنَ المَوتِ قاصِدُ
كَأَنَّ ظَريفاً لَم يُشَمِّر ثِيابَهُ = لِخِدمَةِ بَيتي وَالعُيونُ رَواقِدُ
كَأَنَّ ظَريفاً لَم يُبَلِّغ رِسالَتي = وَيَشهَد لَهُ بِالنُصحِ عِندي شَواهِدُ
كَأَنَّ ظَريفاً لَم يَكُن لي مُساعِداً = إِذا غابَ عَنّي في الأُمورِ المُساعِدُ
كَأَنَّ ظَريفاً لَم تَطِب لي بِقُربِهِ = مَصادِرُ لِذّاتِ الهَوى وَالمَوارِدُ
كَأَنَّ ظَريفاً لَم يَذُق رَوحَ ساعَةٍ = وَلَم يَغذُهُ يَومٌ مِنَ العَيشِ واحِدُ
تَوَلّى ظَريفٌ وَاِستَقَلَّت بِهِ النَوى = بِحَيثُ اِستَقَرَّ النازِحُ المُتَباعِدُ
بِحَيثُ تَخَلّى مِنهُ كُلُّ مُمَرِّضٍ = وَأَعرَضَ عِنهُ الثِقاتُ العَوائِدُ
فَباتَ كَأَنّا لَم نُمَهِّدهُ مَضجَعاً = سِوى مَضجَعٍ فيهِ الثَرى وَالجَلامِدُ
إِذا ذَكَروا عِندي ظَريفاً وَمَوتَهُ = بَكَيتُ كَما يَبكي مِنَ الثُكلِ والِدُ
بَلَيتَ وَما يَبلى حَديثُكَ عِندَنا = وَغِبتَ وَطَيفٌ مِن خَيالِكَ شاهِدُ
فَإلّا الموتُ أو يقبل الفدى = فيكفيك من طريفٌ وتالدُ
خَليلَيَّ لا يَغرُركُما بِاِختِداعِهِ = سُكونُ اللَيالي وَالمَنايا رَواصِدُ
فَإِنَّ الَّذي أَهدى ظَريفاً إِلى البِلى = عَلى كُلِّ نَفسٍ بِالمَنِيَّةِ عائِدُ
 
أعلى