قصة قصيرة كيفين سبيد Kevin Spaide - الرقم The Number.. ت: د. محمد عبدالحليم غنيم

  • بادئ الموضوع د.محمد عبدالحليم غنيم
  • تاريخ البدء
د

د.محمد عبدالحليم غنيم

فى بعض الأحيان نصحو من النوم ونرقد هناك فقط دون جراك ، وفى بعض الأحيان لا ننطق ببنت شفة ، وكنا قد اعتدنا على ذلك ، لكن اليوم لا ، قالت :

- قمت على كابوس .

كنا مازلنا نرقد فى السرير بعد ، قلت :

- ماذا كنت أفعل ؟

- كنت تركب دراجتك .

- حسنا ، وما السيء جدا فى ذلك ؟

- كنت شخصا آخر .

- هل كان وحهى مختلفا ؟

- لا ، كان لك نفس الوجه .

ثم أضافت فى فزع :

- كنت مرعبا ، مرعبا .

نظرت إلى وروت قائلة :

- لك رقم على ظهرك ، لكنه لم يكن رقما عاديا ، لا أعرف ماذا كان بالضبط ؟

- هل كنت أركب دراجتى ؟

- كان الرقم يعنى سبعة وثلاثة فى ذات الوقت،وكان ذلك مكتوب على ظهرك .

ابتهج السقف بضوء الصباح ومع ذلك قلت فى غضب :

- واحد وعشرون تعنى سبعة وثلاثة فى ذات الوقت ، إنهما عددان أوليان .

- لا لم يكن كذلك ، كان رقما واحدا يعنى كلا من السبعة والثلاثة فى ذات الوقت تماما .

قلت :

- لم أسمع ابدا برقم مثل هذا .

خرجنا من السرير وارتدينا ملابسنا . ذهبت الى خلف المنزل وحمعت البيض من تحت الدجاج ، كانت هناك أربع بيضات هذا الصباح ، اثنتان لكل واحد منا ، وليس أربعا ، لأن الاثنين والأربعة ليسا نفس الرقم فى ذات الوقت . ثم عدتالى المطبخ لكى أطبخه ، أمكن لى عبر النافذة أن أراها وهى تكنس الأوراق المتساقطة ، أخرجت رأسى من النافذة وقلت :

- ألم نخرج من السرير للتو ؟ لماذا تفعلين هذا ؟

- لا استطيع أن أنظر إليك دون أن أفكر فى الكابوس .

جمعت قليلا من الأوراق ثم قالت :

- كان لديك ذلك الرقم فوق ظهرك .

- لا يوجد رقم على ظهرى .

- لقد كان هناك ، لكن لا يمكنك أن تراه .

- قمت بكتابته هناك لذلك لم أستطع أن أراه .

قالت :

- لا أعتقد أن أحدا يستطيع أن يكتبه .

- أى نوع من الأرقام الذى لا يمكن أن يكتب ؟

- هذا النوع الذى يعنى سبعة وثلاثة فى ذات الوقت .

قلت :

- الإفطار جاهز .



بعد تناول الإفطار ارتدت بدلة الغطس وركبت السيارة . ثم قالت :

السيارة . ثم قالت :

- أنا ذاهة للتزحلق على الماء

لقد عرفت ماذا يعنى ذلك . كانت تحب الذهاب للتزحلق على الماء عندما تكون مستاءة .

- هل يمكن أتى معك ؟

- لا يعنينى .

- هل أنت مستاءة ؟

- لا .

قدنا السيارة على الساحل ، كانت هى التى تقود .. فأنا لا أعرف كيف أقود سيارة . أسرعت فى القيادة نظرت إلى ظلال السحب وهى تتحرك فوق الجزر . كانت هناك جزيرتتان لم يسكن عليها أحد بعد . حيث أجبرت الحكومة على بالرحيل عنها . عندما ينخفض المد يمكن المشى فوقها . وعندما يكون المد عاليا تكون كما كو كنا فى كوكب أخر .

فكرت لو أن هاتين الجزيرتين اسمها سبعو وثلاثة وقمت بضربها فى بعض سيكون مجموعها إحى وعشرين لكننى لم أستطع أن أتخيلها نفس الجزية فى ذات الوقت . قلت :

- هي نذهب إلى ذلك الشاطئ ذى البار الصغير .

فقالت :

- ذلك المكان أحترق .

- ماذا ؟ لم أسمع عن ذلك .

- لم تريد ذلك ؟ أنت لم تتحدث إلى الناس بعد ذلك .

أعطانى هذه مهلة ، فهى فى العادة لم تعاقبنى على الرغم من عيوبى . قلت :

- هيا نذهب على أية حال . سوف نلتقط صوراً للحطا .

- أنت تعتقد اننى أكذب ؟

- لا . فق أحب المبانى المحطمة بشكل عام .

- أأنت تحب المبانى المحطمة ؟ لقد تزوجنا منذ العديد السنوات ثم تجبربنى بذلك الأن وفى السيارة ؟

- قدنا السيارة عبر قرية تخلو من البشر تقريباً . وعند إشارة المرور قالت :

- كان ذلك أسوأ حلم حلمت به أبداً فى حياتى . تغيرت إشارة المرور ، لكننا لم نتحرك . قلت :

- كنت اركب دراجتى

قالت :

- ذلك الرقم ، كان فاحشاً .

- ليس لذلك أية معنى .

- لا يمكنك أن تفهم إذا رأيته .

- كيف يمكن للرقن أن يكون فاحشاً ؟

- إنه يعنى سبعة وثلاثة فى ذات الوقت ، لكن كان أيضاً اسمك .

- وحتى الأن هذا الرقم اسمى ؟

- كان اسمك .

- أذلك الرقم المجنون يغنى بعة وثلاثة ؟ وكان مونا فوق ظهرى ؟

- نعم .

- هذا لا يعنى شيئاً بالنسبة لى .

تطلعنا عبر الزجا الأمامى ون أن تتحدث .. يندفع الطريق فى عنق أمام أعينتنا ، لقد بدأنا التحرك من جديد .

عندما وصلنا إلى الشاطئ رأيت ذلك البار الصغير كما تذكرته تماماً . قلت :

- لم يتحرق .

فقالت :

- لا .

- لماذا تكذبين بخصوص كهذا ؟

- كنت غاضبة ؟

- بسسب الحلم ؟

- لأنه ليس معك أية نقود ؟

أعطتنى نقوداً ، دخلت البار وأحضرت زجاجة بيرة ثم جسلت فى الخارج وشاهدت حركتها فوق الأمواج .

كانت معظم حركاتها عثرات فوق اللوح ، بقيت هناك تقب وتغطس ، تحركت نحوها لكنها لم تتراجع . قلت :

- أخمن أنها تنتظر موجة أخرى لطيفة .

بدأت التجديف مرتين أو ثلاثة ثم قفزت فوق لوحها بمعجزة تجمع بين القة والرشاقة معاً ركبت لفتر من الوقت ثم غطست وسط الأمواج بدأت برأها كما من الوقت ثم غطست وسط الأمواج بدأت برأسها كما لو كانت قد تعبت من كل شئ فجأة . عندما قبت برأست بدت صغيرة ومظلمة وسط المحيط .

تمشيت على الشاط ذهاباً وإياباً وأنا أحتى البيرة لم يكن من المفترض أن أفعل ذلك ، كان من المفترض أن أبقى فى البار ، لكننى لم أوقع أن يزعجنى أحد ، فلم يكن ناك أحد ححلى . كان ثمة حلزون صغير ومحار فى البرك الصغييرة التى خلعها المد والجزر ، لم أكن متأكداً من الأشياء الأخر حلزونات ربما . حاول جمع بعض الأصداف وشظايا الصخور ، لكننى لم أستطع فقد كانت ملتصقة بالصخور كما لو كانت جزءاً منها .

جلست فوق الأرض وشاهدتها ، كانت تتحكم فى الموج ، سبحت نحوى ، ثم قفزت بلوحها مثل شخص يقفز من قطار ، بينما تلمع بدلة الغوص فى الشمس .

دفعت بشعرها الى الأمام ،فصارت مثل ساحرة مخادعة ، قالت :

- أشعر بتحسن الآن .

وضعت لوح التزحلق فوق سقف السيارة ، وانزلقت داخل اليارة بلباس البحر ، كانت فى العادة تغير لباس البحر قبل ركوب السيارة ، إلا اليوم . ركبت أنا أيضا السيارة وفى منتصف الطريق قالت :

- الأرقام مثل الكلمات لكن الكلمات ليست مثل الارقام ، إلا أن ذلك الرقم على ظهرك كان هو اسمك .

قلت :

- ليس لدى ما أفعله مع أى رقم ، خاصة مع رقم مثل هذا .

فى المنزل خلعت لباس البحر وعلقته على شماعة الملابس ، امسكت بيديها ، لكنها دفعتنى بعيدا ، قالت :

- أنا مغطاة بالثلج

لعقت كتفيها ، ثم امسكت بيديها ، لكنها هذه المرة لم تدفعنى .

فى صباح اليوم التالى ، قالت :

- حلمت بالكابوس ليلة أمس مرة أخرى .

لم أقل شيئا ، كان الوقت مبكرا جدا على هذا .

- كان الكابوس نفسه الذى رأيته فى المرة الأخيرة ، وكنت أنت شخصا آخر .

ضحكت وقلت :

- أحيانا أتمنى أن تكونى أنت شخصا آخر .

- أوه ، بدأنا حالا بالإهانة أول شىء فى هذا الصباح .

- تشعرينى كما لو كنت هتلر .

- لا تكن سخيفا .

- كما لو كنت نوعا من الذئاب الذى يرهبك ليلا .

- لن ألومك على سلوكك الشخصي فى أحلامى .

- هل كان ذلك الرقم على ظهرى هذه المرة أيضا ؟ وهل كنت أركب دراجتى ؟

- لم كل هذا الغضب ؟

- ولم كل هذا الجنون منك ؟

ضحكت وضحكت أنا أيضا ، ثم قلت وأنا أضحك من جديد :

- لا أستطيع أن أفهم أيا من كل هذا ، بصراحة لا أستطيع .

كنا نضحك نحن الاثنان معا الآن ، أمسكت بيدى ،غالبا ما نتعامل مع غضبنا كما لو كان مزحة خاصة بنا . وفى بعض الأحيان، مع ذلك ، نخفى مغزى ذلك حتى على أنفسنا ،فيتضخم الغضب حتى يصير غير معقول ، قلت :

- أتمنى أن أكون أكبر من مجرد رقم بالنسبة لك .

- على الأقل أنت قابل للقسمة ، على الأقل هذا متاح لك .

- لا تحاولى أن تجملى كلامك معى ، لأن ذلك لن ينقذك ، ولن يجدى هذا .

نظرت إلى دون أن تضحك الآن أو تبتسم ، ثم قالت :

- ربما كنت الشخص الوحيد فى هذا العالم الذى يمكنه أن يراك

ضايقنى ذلك قليلاً ، فعلت :

- حسناً ، أنت أيضاً الشخص الأخر الوحيد الموجود فى هذه الغرفة .

تناولنا طعام الإفطار ، مجرد خبز محمص وقهوة اليوم . ثم كان على أن أقوم بطلاء غرفة المعيشة . كنت قد أجلت ذلك لوقت طويل ولم يكن من المنطقى عمل ذلك ، إلا أننى عرفت أننى لا بد أن أفعل ذلك .

خرجت إلى الجراج للحصول علىى الطلاء ، فوجدتها هناك نقوم بعمل تمرينات . قالت :

- أنا خارجة لأتجول بالدراجة .

- هل أطعمت الدجاج ؟

- نعم .

حلت قفل الدراجة ، و سحبتها بعيداً عن الحائط ، ثم ركبتها وابتعدت دون أن تقول وداعاً .حسناً على أية حال ، من يعرف فيم كانت تفكر ؟

دخلت وبدأت العمل

لا يوجد شئ مثل طلاء غرفة معيشتك لكى تتجنب الخوف من مشكلات صغيرة فى حياتك . فكرت لماذا تحلم زوجتى بالكوابيس عنى ؟ لماذا تفكر أن اسمى رقم بمعنى سبعة وثلاثة فى ذات الوقت ؟

تناولت فرشاء الطلاء وبدأت بالسقف ، بعد ذلك عملت فى الأركان وعند الجدران من تحت ، ثم حول النوافذ والأبواب .

فكرت ما الذى عملته خطأ ؟ ثم فكرت أننى أعمل كل شئ بشكل خاطئ ، ظللت أفكر فى ذلك إلى أن اضطررت للجلوس فى المطبخ وانا اقول لنفسى :

- اهدأ.. اهدأ.. اهدأ.

جهزت الرولة وقمت بطلاء الجدران ، وبمرور الوقت انتهيت وأنا فى حالة من التعب الشديد ، ارعبنى المستقبل واصابتنى الهواجس ، كان كل ما حولى خاويا ومظلما ، لقد ظهرت فى كوابيس زوجتى شخصا آخر ، وكان اسمى رقما . كيف لها أن تتحملنى ؟ ماذا يمكن أن أعمل ؟ ماذا يمكن لنا أن نعمل ؟ لم افهم حياتنا على أى نحو ؟ همست لنفسى :

- نحن نعيش مثل الأطفال .. "الأطفال "

عندما كنت أقوم بغسل الفرشاة والرولة فى الجراج كانت هى خلفى تبدل على دراجتها ، دون أن تنبس بكلمة واحدة ، نزلت من فوق الدراجة وكنها بجوار الجدار ودخلت إلى المنزل . عندما دخلت وجدتها تقف فى غرفة المعيشة ، قالت :

- هذا يغير كل شىء .

- هل تحبين ذلك ؟

- لم لا احب ؟

- - حسنا ، لا اعرف .

نظرت بغمعان إلى الجدران ، تقيم شغلى ويداها فوق فخذيها. ثم نظرت نحوى وقالت :

- ما اللون الذى يمكن أن تقوليه عن هذا ؟

ربما كان هذا هو السؤال الوحيد الذى لم أطرحه على نفسى وأنا أقوم بطلاء هذه الغرفة ، قلت :

- إنه الأصفر .

- هل أنت متأكد من ذلك ؟

نظرت إليها وأنا غير متأكدد فيما كانت تسألنى وقلت لها :

- إنه مصفر .

عوجت أنفها وكشرت عن أسنانها للحظة، كما لو كانت تستعيد للصراخ ،لكنها قالت بعد ذلك :

- أياً كان هذا اللون الملعون ، فإنه يجعلنى أشعر بالجوع ! من أين حصلت على هذا الطلاء ؟

قبل أن أفضى لها معترفا بأننى قمت بخلط جميع أنواع الطلاء التى كانت فى الجراج معاً ، قالت هى:

- هل تعرف أن هذه الجدران تجعلنى أشعر بالجوع ، أتعرف لأى شئ ؟ العجة .

قلت :

- تلك صفراء جداً .

- هل يوجد بيض هنا ؟

- دائماً يوجد هناك بيض . لم يخلص البيض من عندنا أبداً .

فقالت وهى تضحك :

- نعم نعم ، على أية حال ، أردت أن أقول لك ، لقد فهمت كل شىء .

’’ كل شىء ‘‘ كلمة بلا وزن وجوفاء فى فمى ، مثل جزء من لغة خيالية .

صبت لنفسها كوباً من الماء فى المطبخ ، ثم قفت هناك لتشربه ، شاهدتها عبر المدخل ، وأنا أنتظر أن تتكلم مرة أخرى ، أن تقول شيئاً ما أو كل شىء . أخيراً قالت :

- أعتقد أن كلينا يعلم من الآن أن الحياة ليست لغزاً ، إنها ليست كلمات متقاطعة فى صحيفة يمكنك أن تحلها بالقاموس . إنها لا يمكن أن تحل .

انتظرت لحظة قبل أن تضيف :

- لا يوجد هناك حل .

لم يكن لدى أدنى فكرة عما يمكن أن تقوله ، لكننى لم أتوقع أن تقول ذلك . كل ما أستطعت أن أفعله هو الإيماء بالموافقة .

وضعت كوبها فوق الطاولة ، كما لو كانت لا تتذكر لأجل ماذا تفعل هذا ؟ ، ثم قالت :

- أو ربما هناك حل . حقاً لا أعرف على أى نحو ، لست متأكدة حتى أننى يمكن أن أمانع .

اعترفت :

- لم أفكر فى ذلك على هذا النحو أبداً .

ضحكت وأخرجت هواء كثيراً من أنفها ، ثم دخلت إلى الحمام وفتحت الدش .

عبر المدخل شاهدتها وهى تخلع ملابسها وتضعها على الأرض فى كومة واحدة فى ذات الوقت . نزلت إلى داخل البانيو وأسدلت الستارة عليها . أخذت كوبها من فوق الطاولة وشربت ما تبقى فيه من قطرات . كان ماؤها مختلفاً عن الماء العادى . أمسكت يدى وأنا أركز على فرك أظفارى ، التى كانت مصبوغة بلون الجدران الجديد – أيا كان اللون – فقد قمت بذلك بعناية فائقة مرة واحدة .

النهاية

كيفين سبيد/ Kevin Spaide : كاتب قصة أمريكى ولد فى نيويورك ويعيش الآن فى مدريد ويمكن التواصل معه عبر البلوج الخاص به : kevinspaide.blogspot.com.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى