دعوة الحق - المقري الجد

إذا كان أبو العباس المقري صاحب نفح الطيب المتوفي بالقاهرة سنه 1041 ه قد أخد مكانته في عالم الشهرة عند الباحثين ولاسيما منهم عشاق الأدب المغربي والأندلسي .. فإن جده الإمام أبا عبد الله قاضي فاس. ونابغة تلمسان ودفينها. قد وقفت به شهرته في حدود المعاجم والفهارس الخاصة. ولم ينل في عصرنا هذا حظه من الدراسة والبحث – فيما نعلم – ولعل ذلك يرجع إلى مؤلفاته ظلت قليلة التداول بين الناس منذ أجيال. رغم أهميتها العلمية.ورغم أن مؤلفها كان في عصر ما فارس ميدان العلوم الإسلامية المعقول منها والمنقول. وصاحب فكر موسوعي لا يعرف في الثقافة اختصاصات ولا حدودا ... وصاحب عارضة قوية وتضلع من معارف عصره قدرهما تلامذته : ابن الخطيب، وابن خلدون (1) والإمام الشاطبي، وابن عباد الرندي. وغيرهم من الأعلام في المغرب والمشرق والأندلس.
عاش أبو عبد الله المقري في عصر بلغت فيه الثقافة الإسلامية أوج نشاطها وذرة عزها في بلاد المغرب العربي والأندلس وظهرت عبقريات في ميادين المعرفة المختلفة ... رغم الصورة الشوهاء التي رسمها ابن خلدون في المقدمة لانقطاع سند العلم – في عصره – في كل من المغرب الأقصى والأندلس ...
إذ أن الباحث المطلع على النشاط العلمي والأدبي وقائمة الهيئة العلمية وأخبارها ورحلاتها ومؤلفاتها ومدارسها، لا يسعه استنادا على ذلك، إلا أن يعتبر رأي ابن خلدون – في الباب – بمعزل عن الحقيقة التاريخية، أو على الأقل مجرد وجهة نظر ...
ورأى المقري نور الحياة في مدينة تلمسان في تاريخ لم يحدده هو ولا من تولوا ترجمة حياته ... ! وقد سئل عن تاريخ ميلاده فأجاب برواية خبر مسلسل معنعن بالأشياخ إلى الإمام مالك ... وقد سأله الإمام الشافعي عن سنه ... فأجابه : اقبل على شانك ... ليس من المروءة للرجل أن يخبر بسنه(2)...
على أن المقري يذكر في نفس الجواب: أنه ولد على عهد السلطان: أبي حمو موسى بن عثمان بن يغمراسن الذي حكم تلمسان بعد فك الحصار المريني الطويل عنها... وقد كان حكم أبي حمو هذا ما بين سنة 707هـ وسنة 718 هـ(3) .
وقد وجد المقري نفسه يعيش في مدينة توالت عليها الفتن وأهوال الحرب والحصار، وأسرة لها ماض في التجارة والثروة والجاه، غير أن أهلها تنكر لهم الزمن وتبدلت بهم الأحوال الأمر الذي جعل المقري يقول: ( فلم تزل حالهم في نقصان إلى هذا الزمان ... فهانذا لم أدرك من ذلك إلا أثر نعمة، اتخذنا فصوله عيشا، وأصوله حرمة.
ومن جملة ذلك خزانة كتب كبيرة وأسباب كثيرة تعين على الطلب فتفرغت بحول الله عز وجل للقراءة) (4) ويزيد قائلا عن نشاط في الدراسة والتحصيل... ( فاستوعبت أهل البلد لقاء وأخذت عن بعضهم عرضا وإلقاء. سواء المقيم القاطن والوارد والظاعن ) وأخذ المقري في بواكر شبابه عن العالمين الشهيرين أبي يزيد وأبي موسى المعروفين في كتب الطبقات والتاريخ بابني الإمام. وكانت لهما شهرة عظيمة بالعلم والاطلاع في المغرب والمشرق لا سيما بعد رحلتهما إلى الشرق واتصالهما بعدد من أعلام ذلك العصر، ومناظرتهما الشهيرة للإمام الكبير تقي الدين ابن تيمية، تلك المناظرة التي كان لها شأن عظيم في المحافل العلمية إذاك حتى قال بعض المؤرخين أن ابني الإمام ظهرا فيها على ابن تيمية...(5)
ويحدثنا المقري أنه حضر مجلسين علميين من المجالس التي كان يقيمها السلطان: أبو تاشفين عبد الرحمن بن أبي حمو في تلسمان ( 718 هـ - 737 هـ ) إلى جانب شيخيه الأخوين أبي زيد وأبي موسى عمران المشذالي، وشارك بآرائه في المناظرة العلمية التي دارت في حضرة السلطان بين العلماء... وعقب على ذلك بأنه كان إذاك حديث السن (6) ... ونحن نعلم هذه الحداثة من القرائن التاريخية... إذ إنه كان في الغالب ما يزال في أوائل العقد الثالث من عمره...
وتتميما للعلاقة بين المقري وشيخه ابني الإمام نذكر أنه انقبض عنهما وحاول الابتعاد عن الانتساب إليهما عندما رحل إلى الشرق ودخل مدينة بيت المقدس، ولكنه فوجئ بما للرجلين من سمعة وشهرة هنالك بين العلماء فاضطر إلى العدول عن رأيه، وقبول نصيحة المغربي الذي عرفه سوء مغبة الابتعاد عن الانتساب إلى شيخيه اللذين أدركا شهرة لا يؤثر فيها انقباضه أو ابتعاده... منشدا شطر البيت الشهير: ( وليس لما تبني يد الدهر هادم ) (7) .
وقائمة شيوخ المقري في تلمسان طويلة الذيل، ذكرها ابن مريم في ( البستان ) (8) وابن فرحون في (الديباج) وابن الخطيب في ( الإحاطة ) (9) وابن خلدون ( التعريف ) (10) ، مع ما ذكره صاحب نفح الطيب (11) ... خلال ترجمته لجده...
ونلاحظ أن صاحب البستان يجعل ضمن هذه القائمة اثنين من المرازقة، وهما الإخوان: أبو عبد الله محمد وأبو العباس أحمد ابنا ولي الله محمد بن محمد ابن مرزوق العجيسي، وليس أحدهما بمن يعرف عند المؤرخين بابن مرزوق الجد، ولا بابن مرزوق الحفيد، بل إن ابن العباس المذكور هو والد ابن مرزوق الجد... أما أخوه أبو عبد الله، فهو عم لابن مرزوق الذي يعرف بالجد... وهذه الملاحظة سوف نشير إلى أهميتها فيما يأتي:
أما درسه المقري على هؤلاء الأعلام فهو ما كان معروفا في ذلك العصر من علم يرجع إلى العلوم الشرعية: الأصول والفقه والتفسير والحديث، مع أبحاث علم التوحيد التي تتجاذبها العقليات والسمعيات... أو علم يرجع إلى العلوم العقلية: المنطق والجدل وفلسفة الملل والنحل... أو علم يرجع إلى اللغويات والأدبيات: من نحو وصر ف وبيان وعروض ولغة...
وكان لثقافة العصر طابع الربط بين مناهج العلوم العقلية والشرعية والأدبية من جهة وبين الأشواق الروحية والأذواق الصوفية من جهة أخرى حتى إن الباحث في محصول الفكر الإسلامي في هذا العصر ليخيل إليه أن الفكر الصوفي غزا النحاة والشعراء والفقهاء والقضاة والمؤلفين على اختلاف مشاربهم...).
ففي الأندلس وأقطار المغرب العربي رغم أن الصولة والدولة والنفوذ كانت إلى جانب المالكية في الفقه والتشريع.. والأشاعرة في التوحيد والعقائد... فإن هؤلاء وأولئك لم يكونوا بمعزل عن الذوق الصوفي والمساهمة في الأدب الوحي... بل إننا نجد منهم من إذا قرأنا شعره أو نثره من دول نعرف ترجمته الشخصية ووظيفته الاجتماعية ظنناه صوفيا متجردا نفض يده من الدنيا وما فيها ومن فيها...
وصاحبنا أبو عبد الله المقري ابن عصره يتسم بهذه السمة ويحمل هذا الطابع فهو إلى جانب علمه الغزير وثقافته الواسعة في المعقول والمنقول يأبى إلا أن يذوق من خمرة الحلاج، والجنيد، ورابعة، والسري السقطي وابن الفارض، وابن عطاء الله...
وإذا قرأنا قصيدته التائية البديعة (12) التي عارض بها تائية ابن الفارض خيل إلينا أنهما يشربان من معين متحد الخصائص والصفات ويحلقان في جو متشابه المبادئ والغايات.
وإذا قرأنا رسالة الحقائق والرقائق خيل إلينا أن صاحبنا صنو ابن عطاء الله صاحب ( الحكم ) الشهيرة...
وينقل صاحب نفح الطيب أخبارا عديدة عن شيوخ جده أبي عبد الله وكلها تصور لنا فيهم طابع العصر في الذوق الصوفي والرياضة الروحية واحتقار الحياة المادية واحتقار إيمان وزهد ويقين... ومن أجل ذلك لا نتعجب إذا رأينا المقري يتحدث عن رقعة التصوف التي ألبسه إياها أحد أشياخه وهو محمد ابن محمد ابن مرزوق (13) العجيسي... وسنده إلى الرسول عليه السلام.
هذه ثقافة المقري وهذه عناصرها الأساسية وهذا هو الجو الفكري الذي عاش فيه في فترة من الزمن كانت فيها تلمسان تعيش في نوع من الاستقرار السياسي بين حصار أبي يعقوب المريني الذي دام أكثر من ثماني سنوات، ولم ينته إلا بعد اغتياله سنة 706، وبين دخول السلطان أبي الحسن سنة 737 هـ... فهذه المدة التي تبلغ ثلاثين سنة فيها ولد المقري وفيها تعلم وفيها أصبح شابا مستقيم الخلق مهذب النفس واسع المعرفة والشهرة... ورحل عن مسقط الرأس بعد دخول الجيش المريني وسقوط دولة بني عبد الواد، وحط رحاله أولا بمدينة بجاية وكانت في ذلك العصر مدينة علم وأدب وحضارة فاتصل بأعلامها وأحذ عنهم... ثم حط رحاله ثانيا بمدينة تونس وهي في ذلك الظرف عاصمة الحفصيين، ومساجدها ومعاهدها مثابة العلماء والنبغاء في ضروب العلم والفنون، فأخذ عن كثير من أعلامها وناقش وناظر وأفاد واستفاد.
ولعل هذه الرحلة القصيرة كان يقصد منها المقري الابتعاد عن الأحداث التي قلبت الأوضاع في تلمسان، فقتل السلطان أبو تاشفين عبد الرحمن... كما قتل الشيخ أبو عبد الله السلاوي شيخ المقري وعمدته لجريمة سياسية قديمة كان أبو الحسن يعتدها عليه وينتظر الفرصـــة للانتقــــام منه (14) بسببها...
ورجع المقري إلى تلمسان ليحظى بمجالس شيخ العلوم العقلية أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الآبلي الذي رافق ركاب السلطان أبي الحسن إلى تلمسان... وكان الآبلي هذا من رجال الفكر الذين أخذ عنهم ابن خلدون وتحدث عنهم بإعجاب كبير... ومن تلمسان رحل المقري إلى المغرب الأقصى، فزار مدينة فاس واتصل بأعلامها وأخذ عنهم وجال المغرب الشمال إلى الجنوب... من سبتة إلى أغمات، وقال: (فاستوعبت بلاد المغرب، ولقيت بكل بلد من لابد من لقائه، من علمائه وصلحائه، ثم قفلت إلى تلمسان فأقمت بها ما شاء الله تعالى)(15).
وهكذا سام أبو عبد الله المقري من الرواجف والروادف السياسية التي أصيب بها غيره وظهر أمام الملأ بمظهر العالم الذي يعمل بعيدا عن دنيا المطمع والمطامح، باحثا عن علم يستفيده، أو كتاب يقتنيه، أو شيخ يأخذ عنه...
وبعد رجوعه من رحلته إلى المغرب ومكثه بتلمسان ( ما شاء الله تعالى ) على حد قوله السالف رحل إلى المشرق مارا في طريقه إلى مكة بمصر حيث لقي عددا من أعلامها... وفي مقدمتهم أثير الدين ابن حيان الغرناطي النحوي الشهير صاحب التفسير المعروف بالبحر...
وحج سنة 744 هـ، وكان وقوفه بعرفة يوم الجمعة (16) ولقي بالحرمين عددا من العلماء فأخذ عنهم واستفاد منهم وتحدث عنهم بإعجاب وفخر... وعرج على مدينة دمشق فاتصل بالإمام شمس بن قيم الجوزية العالم السلفي الشهير وأخذ عنه... كما مر على المقدس واتصل بشيوخه وأخذ عنهم...
وكانت هذه الرحلة تعريفا بقيمته العلمية لدى أعلام الشرق، وربطا لأسانيد أهل المغرب والأندلس بأسانيد علماء الشام ومصر والحجاز... فنجد في فهارس أهل المغرب والأندلس الذين أخذوا عنه أو أخذوا عمن أخذ عنه يجعلونه واسطة في رواياتهم وإجازاتهم وأسانيدهم العلمية إلى شمس الدين بن قيم الجوزية مفخرة دمشق وأثير الدين بن حيان إمام النحو، وغيرهما ممن أخذ عنهم المقري في رحلته هذه... كما أن كتب الطبقات التي ألفت في الشرق في القرن الثامن وما بعده لم تهمل ترجمته والتعريف بمكانته العلمية...
ولو وصلتنا فهرسة شيوخه كاملة وهي التي سماها: ( نظم اللآلئ (17) في سلوك الأمالي ) لعرفنا الشيء الكثير عن شيوخه المشارقة وما أخذه عنهم وارتساماته وملاحظاته ومشاهداته في رحلته إلى الشرق... وقد اطلع على هذه الفهرسة حفيده أبو العباس المقري وروى لنا شيئا منها في نفح الطيب.
وقد استغرقت هذه الرحلة ما يقرب من ثلاث سنوات رجع بعدها إلى مسقط رأسه ليجد وضعا سياسيا جديدا نشأ عن الأحداث الكبرى التي تعرض لها السلطان أبو الحسن المريني في تونس، والنكبات التي تعرض لها جيشه وأسطوله... الأمر الذي جعل ولده أبا عنان يقوم بالدعوة لنفسه لتبوأ عرش أبيه المنكوب أثر الأخبار المتضاربة التي وصلته عن مصير الجيش البري والأسطول وثورة الأعراب بزعامة بعض أحفاد الملوك الموحدين...
ورغم هذا الوضع فإن المقري عزم أول الأمر على أن على أن يتمسك بخطته في الانقطاع إلى العلم والمعرفة وسار في هذا السبيل خطوات لولا أن الأحداث أخذ بعضها برقاب بعض فدخل أبو عنان تلمسان، وانتهت مأساة أبي الحسن... ووقع اختيار أبي عنان على المقري ليكتب بيعته ويرافق ركابه إلى مدينة فاس ليتولى قضاء الجماعة بها وذلك سنة 749 هـ (18) .
وفي مدينة فاس أصبح المقري عمدة في القضاء والتدريس ونال الشهرة والجاه والقبول وازدحمت على أبوابه وفود الطلبة وطوائف أهل العاصمة المرينية على اختلاف مشاربهم وأهوائهم لإفادة علم أو نيل حظوة أو الفوز بوساطة... وقد اشتهر عن المقري أنه كان صارما في أحكامه عدلا ضابطا (19)... كما اشتهر عنه في تدريسه أنه كان متجرا واسع الأفق، قوي العارضة، فصيح اللهجة...
وكانت أيام أبي عنان في فاس أياما شهيرة في التاريخ المغربي لا حاجة بنا إلى تكرار القول فيها وقد حفلت كتب التاريخ والتراجم بأعلامها من أمثال ابن خلدون وبني رضوان. وبني الحضرمي... وبني الفشتالي وبني أبي مدين وابن الأحمر... وغيرهم.. وكانت هناك اتصالات بين المقري وبين هؤلاء الأعلام، كما أن المقري اتصل بمن كان يفد على السلطان أبي عنان من سفراء وزائرين من الأندلس والمشرق.
وقد بنى أبو عنان المدرسة العظمى الحاملة لاسمه في فاس وكان مدرسها الأول أبا عبد الله المقري، كما أن مجالس العلم والمناظرة التي كانت تقام في حضرة أبي عنان كان يتصدرها المقري، ويملي فيها دروسه ومحاضراته.
واشتهر عند المؤرخين موقفان للمقري في مجالس أبي عنان:
الأول: امتناع المقري من الوقوف إجلالا لنقيب الشرفاء وقد كانت العادة أن يقف له السلطـان فـمن دونه.
الثاني: تقريره لحديث ( الأيمة في قريش وغيره متغلب (20) ...
وظل المقري أثيرا عند أبي عنان إلى أن سخطه لبعض النزعات الملوكية على حد تعبير ابن خلـدون (21) وآخره عن القضاء سنة 756 هـ وكان ابن خلدون شاهد عيان لهذا السخط وهذا التأخير..
واستعمل المقري بعد ذلك في السفارة إلى الأندلس ودخل غرناطة سنة 757 هـ ، وهناك اتصل به ابن الخطيب (22) اتصالا وثيقا وأخذ عنه كما أخذ عن عدد كبير من أهل غرناطة ، وفيهم أبو إسحاق الشاطبي وطبقته...
وحينما أدى واجبه في السفارة عزم على الاستيطان بالأندلس والانقطاع عن العمل السياسي إلى جانب أبي عنان...الأمر الذي هاج ثائرة أبي عنان فأرسل إلى ابن الأحمر رسالة في الموضوع طالبا رد سفيره.. وبعد مراسلات (23) بين بلاط غرناطة وفاس من إنشاد وزير الدولة لسان الدين بن الخطيب في شأن تأمين المقري وأخذ الضمانة على إعفائه من كل مؤاخذة ... رجع المقري صحبة قاضي غرناطة أبي القاسم الشريف والشيخ أبي البركات ابن الحاج البلفيقي... إلى فاس وشاهد ابن خلدون هذا الرجوع وأرخه.. وقال : ( واستقر القاضي المقري في مكانه بباب السلطان عطلا من الولاية والجراية... وجرت عليه بعد ذلك محنة من السلطان بسبب خصومة وقعت بينه وبين أقاربه وامتنع من الحضور معهم عند القاضي الفشتالي، فتقدم السلطان إلى بعض أكابر الوزعة ببابه بأن يسحبه إلى مجلس القاضي حتى انفد فيه الحكم، فكان الناس يعدونه محنة ) (24) .
ثم ولي قضاء عسكر أبي عنان في رحلته إلى قسنطينة ورجع إلى فاس آخر سنة 758 مريضا، وبها أسلم روحه سنة 759 هـ ودفن بها لمدة سنة، ثم حمل إلى مسقط رأسه تلمسان، وأقبر بها رحمه الله.
أما مؤلفاته فهي: كتاب القواعد الشهير في الفقه، وكتاب الطرف والتحف، وكتاب عمل من طب لمن حب، كتاب المحاضرات، ونظم اللالي في أسلاك الأمالي، كتاب الحقائق والرقائق...
ولعل في إحياء بعض آثار هذا الإمام ما يؤدي بعض الواجب نحو رجل كان من ضمن تلامذته الإمام الشاطبي مؤلف الموافقات والاعتصام... وابن الخطيب الوزير الشهير.. وابن خلدون أستاذ علم الاجتماع ... وابن عباد إمام أهل التصوف.
وألف في ترجمة حياته الإمام ابن مرزوق الحفيد كتابا سماه ( النور البدري (25) في التعريف بالفقيه المقري ) وكذلك الونشريشي كما في النفح.

(1) - يتحفظ ابن خلدون في شأن تلمذته لأبي عبد الله المقري. فرغم أنه يذكره في قائمة الشيوخ الذين أخذ عنهم فإنه يعبر عنه بقوله " صاحبنا " تارة. وبقوله " قاضي الجماعة بفاس، وكبير علماء المغرب " انظر ذلك في كتاب "التعريف " ص 59 و ص 247 من طبعة لجنة التأليف سنة 1951م
(2) - الإحاطة ج 2 ص 164 الطبعة الأولى.
(3) - روضة النسرين ص 51 طبعة الرباط.
(4) - الإحاطة ج 2 ص 138.
(5) - نفح الطيب ج 3 ص 116.
(6) - نفس المصدر السابق ص 117.
(7) - نفس المصدر السابق.
(8) - البستان في الأولياء والعلماء بتلمسان ص 156 طبعة الجزائر سنة 1901م.
(9) - الإحاطة ج 2 ص 143.
(10) - ص 60.
(11) - ج 3 ص 116 وما بعدها.
(12) - اقرأها في نفح الطيب ج 3 ص 168، وفي الإحاطة ج 2 ص 146.
(13) - نفح الطيب ج 3 ص 128.
(14) - انظر ( التعريف ) لابن خلدون ص 60.
(15) - نفح الطيب ج 3 ص 133.
(16) - نفح الطيب ج 3 ص 145.
(17) - فهرس الفهارس ج 2 ص 92 ، ويلاحظ أن المقري في النفح يسميها مشيخة وأن صاحب فهرس الفهارس يسميها رحلة انظر ج 1 ص 201.
(18) - الإحاطة والنفح ج 3 ص 145، و ( التعريف ) ص 60.
(19) - حضر ابن الخطيب بعض مجالس حكمه: الإحاطة ج 2 ص 139.
(20) - انظر ذلك في نفح الطيب في ترجمة المقري من الجزء الثالث.
(21) - التعريف ص 60.
(22) - الإحاطة ج 2 ص 139.
(23) - انظر نصها في نفح الطيب.
(24) - التعريف ص 61.
(25) - نفح الطيب ج 3 ص 110 وما في فهرس الفهارس ج 2 ص 92 من أن التأليف المذكور لابن
مرزوق ( الجد ) مجرد سبق قلم، وانظر مناقشة هذه التسمية وكلام صاحب النفح في ضبط كلمة ( المقري
) بالتشديد أو التخفيف، والخلاف، في ذلك شهير.



- دعوة الحق - العدد 84



الادب المغربي.jpg
 
أعلى