قصة قصيرة عينا أبيه ، قصة قصيرة ، ترجمة: د.محمد عبدالحليم غنيم

  • بادئ الموضوع د.محمد عبدالحليم غنيم
  • تاريخ البدء
د

د.محمد عبدالحليم غنيم

عينا أبيه

تأليف: درو مكوى

ترجمة : د.محمد عبدالحليم غنيم

جلس على حافة السرير فى ضوء الصباح وهو يفكر فيها ، جان ، لم يرها و لم يتحدث إليها منذ عامين . أغلق عينيه . لمعت فى ذهنه صور آخر لقاء بينهما وهما مشتبكان وسط ملاءات السرير الخفيفة فى شقتها ، يعتقد من اقترب منهما انها المرة الأخيرة لهما فى الحياة .

يجرى الماء عبر مكان ما فى المنزل . يفتح عينيه . انتشر الضوء الخفيف عبر أرضية الخشب لحجررة النوم . نهض من السرير و سار عبر الأرض العارية إلى الحمام ، نيكول ، زوجته منذ تسع سنوات تقف و ظهرها للباب ، يداها تمسكان بالدش .تحت الماء . مال عبر فتحة الباب و تأمل جسدها . إنه يحبها . لا شك فى أنه يحبها بعمق و فى ذات الوقت يشعر نحوها بالذنب . تعرف أشياء عنه ، لا يمكن أن يعرفها أحد غيرها . أو يجب ألا يعرفها أحد غيرها . ابتسم وهو يشاهد شعرها الأسود يطير فوق كتفيها . دفع نفسه بعيداً عن الباب ، وسار داخلا الحمام . لف ذراعيه حول صدرها ، استطاع أن يشعر بارتفاعه المراوغ غطت ذراعاها صدرها الفسيح و أمكنه أن يشعر بصلابة ثدييها .

قال :
- لابد أن أخرج .
- إلى أين ؟
- فقط أخرج .

أومأت برأسها و استدارت وهى ماتزال بين ذراعيه ، قبلته وابتسمت ثم خطت للخلف لتقف تحت الماء . اتصل بى قبل أن ترحل . لا أستطيع ، هكذا قال و هو يهز رأسه ،
- لابد أن أذهب ، سأعود حالاً .

عندما غادر الشقة منذ عامين ، لم يترك رسالة يقول فيها أنه خارج ذلك الصباح . لقد غادر ببساطة ، واختفى مثل ظهوره الساحر من زوايا عقل جان . لقد تقابلا فى البار ، و لم تطأ قدماه هذا البار منذ ذلك الحين . شعر بغصة الذنب ، غصة من الاكتئاب .ذلك أنه قد ترك شيئاً من التوقيع أو الذكرى إثرالطريقة التى خرج بها .
رآها ، إنها جان منذ أسبوع فى الحديقة العامة بينما كان يسير هو ونيكول ومعهما كلبها . فى البداية ظن أن عقله يخدعه وانتظرها ، انتظر صورتها ، لكى تذوب فى حالة غريبة أو فى شخص آخر لكن عند ذلك لم تصبح سريعة التنفس لقد بدت جميلة . جلدها بلونا القرفة ، وشعرها اسود مثل ريش الغراب . كانت تصطحب صبياً صغيراً ، يسيران يدها فى بدية عبر الحديقة ، يقذفان بأقدامهما أوراق الشجر المتساقط ، ويأكلان التفاح المسكر. راقبها لفترة طويلة فى نهاية تلك الليلة ، ، وبعد أن نامت نيكول اتصل بالبار الذى تعمل به وعند الدقة الرابعة سمع صوتها . لم يقل شيئاً ، انصت لصوت أنفاسها .. ثم أغلق عينيه . همست :

– جاك ، أهو أنت ؟

فتح ، ليكتشف الفراع المظلم للغرفة التى يجلس فيها . وانقطع لخط لقد ذهبت .

وقف أمام البار، حدق فى اللوحة المعلقة فى الخارج أعلى باب المحل ، ثم اتجه نحو الباب دخل وجلس فوق أول مقعد ستول فى البار ، شاهدها . كانت هى تقف فى نهاية البار . تغطى كتفيها بمنشفة وزجاجة ويسكى غير مفتوحة فى يدها .كانت ماتزال تنظر نحو الباب المفتوح ، لم تظهرأى رد فعل عندما رأته . فقط سارت نحوه وضعت الزجاجة فوق الكونتر ، لم تقل كلمة واحدة . وبدلاً من ذلك صبت له شراباً ووضعته على الكونتر. فارالسائل الأصفر حتى حافة الكاس .قال :

  • هل تذكرينى .

  • ماذا ؟

  • لا يكنك حقاً أن ترحلين عن هنا بعد عامين .

  • اعرف ذلك .

  • لا . لا تفعلى .
هزت راسها استدارت لتغادر ،فقال :

  • لقد رأيتك .
نظرت نحوه :

  • منذ أسبوع ، فى الحديقة العامة .
تراجعت خطوة إلى لخلف ، وفردت ذراعيها حول صدرها ، كان البار ساكناً ، لا يوجد به زبائن آخرون ، قال :

  • تبدين رائعة ، أحب شعرك .

  • كيف عرفت أننى كنت هى ؟

  • فى الحديقة ؟

  • نعم .

  • لأننى لم أر وجهك منذ أكثر من عامين ، لعامين وأنا أحلم باللحظة التى سأراك فيه من جديد

  • كيف كان شعورك ؟

  • مثل أول مرة قبلتك فيها . مثل بقية العالم الذى لم يخرج .

  • كان ذلك من وقت طويل .

  • اعرف ذلك . انا سف .
قالت :

  • ليس غريبا أن تفعل ذلك الآن .
اومأ برأسه ثم أخذ المشروب . لا يستطيع أن يستسيغ الكحول فى بداية اليوم ، وفكر ربما يكون طعمه مختلفا هذه المرة ، لكنه لم يكن كذلك . وضع الكأس وتطلع إليها .

  • هل هو يخصنى ؟
هزت رأسها و قالت :

  • طظ فيك .

  • جان .
وقف ثم اقترب منها ولمسها لأول مرة بيده منذ أن مارسا الحب ، وأضاف :

  • هل هو أبنى ؟
لم تقاوم لمسته ، ولم تنظر بعيداً ، حدقت فى كما لو كانت تبحث عن إجابة ، من أجل تقول الشئ المناسب .

  • هل هذه المسألة مهمة ؟
هز كتفه .فأردفت تقول :

  • هل سيغير ذلك العامين السابقين من الأمر شيئا ؟ هل سيغير ذلك ما شعرت به عندما رحلت عنى ؟

  • لا . لن يغير .
قال ذلك ذلك بصوت خفيض . وقفا وسط صمت رهيب ، ثم هو قطع الصمت قائلاً :

  • يمكن أن نذهب إلى مكان ما .
قادا السيارة إلى مكان العشاء الذى تناولا فيه أول وجبة عشاء معاً . ركبا معاً ،يلفهام صمت جليل وحزين . جلسا إلى مائدة بعيدة ، المائدة نفسها التى جلسا إليها منذ عامين مضياً . اعتقدا أن النادلين و النادلات ربما تعرفا عليهما ، لكن لم يحدث . سارا عبر المطعم ، كما لو كان زوجين ، كما لوكان لم يتغير شيء من عامين .

  • أما زلت متزوجاً ؟
ضم شفته وأومأ برأسه ، فقالت :

  • إذن لم يتغير شيء .

  • ما اسمه ؟

  • لماذا ؟

  • ما اسمه ؟ فقط أخبرينى بذلك ، أرجوك .
قالت :

ــ نوح .

ــ نوح .

قال ذلك ، ثم كرر الاسم مرة أخرى بصوت مرتفع .

ــ هل تشعر بتحسن ؟

هز رأسه بلا ، وقال :

  • كنت أرغب أن أكون على علم .
ــ يبدو أنه لن يتغير أى شيء ، كلانا كما كنا اليوم .

ــ ربما لا .

ــ أكان يمكن أن تتركها لو كنت قد عرفت ؟

  • زوجتى ؟
أومأت برأسها .

نظر إلى دبلة زواجه ، كانت تلمع فى ضوء الفلورسنت الشاحب . فكر فى نيكول ، فى هذا الصباح وهى تقف عارية فى الحمام ، فى ابتسامتها المشرقة ، وعينيها اليقظتين . لم يستطع الإجابة عند ذلك ، قالت :

ــ انظر ، لم يتغير شيء ، أنت تحبها . لا بأس ، فهمت ذلك الآن .

ــ فهمت ماذا ؟

ــ أنت ، نحن .

قال :

ــ لم أفعل .

فتحت حقيبتها وأخرجت محفظتها ، أخرجت بأصابعها صورة صغيرة ، نظرت إليها للحظة ، ثم زلفتها عبر المائدة ، حدق فى صورة الولد ، ابنه ، دمه ولحمه ، فكر فى أى شيء يمكن أن يقوله ، لا يمكن أن يكون صحيحا .

قالت :

ــ له نفس عيناك ، إنه ينظر إلىً أحيانا بنفس الطريقة التى اعتدت أن تنظر إلىً بها .

لمعت الدموع فى عينيه ، وكل ما استطاع أن يفكر فيه هو نيكول ، زوجته . حدق بذهول فى صورة ابنه ونوح

أغلقت حقيبتها ونهضت من مقعدها ، ثم مشت بعيدا . لم ينزل نظره من فوق الصورة لوقت طويل ، وكل ما قاله لها ولإبنهما فقط إنه سيتفهم جيدا ما تبقى من حياته .

المؤلف : دور مكوى ، كاتب أمريكى من ولاية كنتاكى ، عمره 29 سنة .
 
أعلى