ابن نباته المصري - شبّ الحشا قولُ الكواعب شابا

شبّ الحشا قولُ الكواعب شابا
وآهاً لهنّ كواعباً وشبابا
ومضى الصبا ومن التصابي بعده
صيرتُ للدمعِ الدماءَ خضابا
هيهات أقصرُ لهوَه وتوزّعت
أوقاتُ من فقدَ الصبا وَتصابا
وغضضت جفني عن مغازلة الظبا
ولقد أجرّ لبرْدِه أهدابا
ولقد أرودُ الحي خلت رِماحه
دَوحاً وموقعَ نبلهِ أعشابا
فأدير إمّا بالمدام معَ الدُّمى
أو بالدِّماء مع الكماة شرابا
أسدٌ تآلفني الظباءُ وتختشي
من صارمي الصقر الغيور ذبابا
أيامَ في ظليْ صبا وصبابةٍ
أحبى بألطاف المها وأحابى
من كل ناشرَةِ الوفا طائيَّةٍ
قد ناسبت بنوَالها الأنسابا
غيدآء تسفرُ عن محاسنٍ دُميَةٍ
حلت بصدغي شعرها محرابا
سلبت بمقلتها فؤاداً واجباً
حتى عرفت السلب والإيجابا
إن شئتُ من كاساتها أو ثغرِها
أرشفتُ خمرا أو لثمت حبابا
أو شئت إن غابت يغيب رقيبها
فذكرتُ موصول اللقا وَربابا
ولهجت بالأغزالِ أتبع زورها
صدقاً بمدح ابن النبي منابا
وإذا الحسين سما له حسن الثنا
فلقد أطالا مظهراً وأطابا
أزكى الورى أصلا وأعلاهم يداً
فرعاً وأَكرَمهم جَنىً وجنابا
وأجلُّ أَحساباً فكيف إذا جلت
سُوَر الكتاب بمدحه أنسابا
نجم الفواطم من كرائمِ هاشمٍ
والمرضعين من الكرامِ سحابا
والخمسة الأشباح نورا قبل ما
رَقمَ السماكُ من الدجى جلبابا
ذو الفضل لا تحصى مواقع سحبه
والشخص منفرداً يضيء شهابا
ومناقب البيتِ الذي من أفقه
بدت الكواكب سنَّة وكتابا
وعجائب العلمِ التي من بحرها
ماس اليراع بطرسه إعجابا
ومحاسنُ الأقوال والشيمِ التي
قسمتْ لديهِ وسميتْ آدابا
عَلَويَّةٌ أوصافها عُلْوِيَّةٌ
قد بذّت الإيجاز والإسهابا
في كفه قلمٌ يُخافُ ويُرتجى
فيجانس الإعطاءَ والأَعطابا
عصمت منافعه العواصم تارة
شهداً يصوب بها وطوراً صابا
بسداده تجلى الخطوبُ ويجتلي
صوب الكلامِ أوانِساً أترابا
عجباً له مما تضيءُ سطوره
سبلَ الهدى وتحير الألبابا
جمدَت به سحب الحيا ولو أنه
يوم الوغى لمسَ الحديد لذَابا
إن جاد أرضاً لفظُهُ فكأنما
نبتت لسكر عقولنا أعنابا
حتى إذا جاءت صواعقُ رعبهِ
أضحى جميع نباتها عنّابا
لله درّكَ يا حِمى حَلبٍ لقدْ
أمطرت صوب ندائه وصوابا
من كلّ فاتنة الترسُّل لو بدت
لنُهاك يا عبد الرحيمِ لغابا
ونظيمةٍ دَرَتِ البداةُ أن في
حَضرِ الممالك عندها أعرابا
هشمت فخارَ العرب هاشمُ واحتوت
حتى القريض لنسلها أسلابا
قلعت بها أوتاد كلّ معاند
وتمسكت هي للسما أسبابا
ولمثلها الضَّلِّيل ضلَّ فكيف لو
يُدْعى تكلف بدأةً وجوابا
يا ابن الوصيّ وصية بمقصر
من بعد ما جهدت قُواه ولابا
في نظمه عنكم وخطّ يراعهِ
صغر فلا ألفاً أجادَ ولا با
باب البديع فُتوحكم وأنا امرؤٌ
لا طاقةً لي في البديعِ ولا با

.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى