باسم دباغ - نشوات لقيطة

1
اتضَّحَ لي كلُّ شيء، وصار واضحاً أن لا أحد غيرها، تذكَّرتُ كلَّ ما كان في هذه الغرفة من نصف ساعة، باتَ واضحاً لي أنَّها الآن... كان كياني كله يخفق وينبض في ذلك الجزء... ذاك الجزء وراء كفَّيْها المعقودين بين ركبتيها.
وثبةٌ عنيفة إلى الداخل ولم أعد أذكرُ شيئاً.

دمشق 27/آب/2010


2

حدث هذا في السّاعة الثانية عشرة ظهراً، لم يبق في الذاكرة بوضوح إلا أمر واحد، كنت أتنفس بصوت عالٍ، بحيث كنت أسمع كيف أتنفس، وكنت أريد أن أتنفس بصوت أخفت لكن لحظتها عبثاً... عبثاً... لم أستطع.

دمشق 29/آب/2010


3

لا أدري كيف انعطفنا إلى مكان مظلم، وأخذنا نرقى في الظُّلمة وفي صمت درجات تصعد إلى ما لانهاية. لم أكن أرى، لكن أعرف بأنها تمضي مثلي بعينين مغمضتين، عمياء، رافعة رأسها عاضّة شفتيها، وهي تستمع إلى ارتعاشاتي التي لا تكاد تُسمع.
كان شعاع شمسٍ حادٍ ينكسر برقّة على الأرض بجانب الخزانة ثم يعلو ويعلو.

دمشق 29/آب/2010


4

على أرضِ غرفتها سجّادة ببقعٍ سوداء وبيضاء، دَنَتْ مني، ضمّتني، رُكْبتاها من خلال الثوب كانتا سُمٌّ بطيء، لطيف، دافئ يلفّ كلّ شيء.
على الوسادة البيضاء رأسٌ مُلقى إلى الخلف ذو عينين مفترستين وشريطٌ حادٌ شهيٌّ من الأسنان... هذا يذكرني بشيء خفّاق شهي بحيث حتى الآن لا أستطيع القول أي شعور كان شعوري ذاك... لكني اعتصرتها...اعتصرتها حتى صرختْ من الألم.

دمشق 29/آب/2010


5

وفجأة يدٌ حول عنقي وشفتان في شفتيَّ، أما ما جرى بعد ذلك فلا أستطيع وصفه إلا على وجهِ التقريب. أضحتْ الأرضُ زجاجية.... لا أدري .... لا أدري كيف تملّصت مني، سندتْ ظهرها إلى باب الخزانة، فرأيتُ وجهي يبكي بين فخذيها.

دمشق 29/آب/2010


6

نضجَ ذاك الشيء. كنتُ أتوغَّلُ عبر العينين شيئاً فشيئاً إلى الداخل ... أعمق ...أعمق، كان الصمت مطبقاً إلا هناك... كان الماء ينسكب في المغسلة قطرة قطرة. حدث زلزال لنصف ساعة وأخيراً رجة ناعمة... وأخيراً قالتْ عبر الفتحتين الخجولتين.

دمشق 29/آب/2010


7

فتحتْ باب الخزانة الذي ثبتُّ به المرآة فاندسستُ كلّي في الشّقّ الأبيض الضيق
بينما تعقد أزرار قميصها.
ها هي القدم العارية الآن، المروحة الوردية للأصابع خرجت إلى الهواء... لم أكن أجرؤ على النَّظر، تبعتها صاغراً وأنا ألوّح بيدين زائدتين غريبتين.

دمشق 29/آب/2011


8

كانت السَّماء مشرعةَ الأبواب، النافذةُ مغلقةٌ بنجمتين وقمر، لم أكد أدري بنفسي... حريريةٌ وتندلع، أنفاسها تشطر الليل كبرتقالة بينما عصفوري البريّ يحلّق في وكرها الضئيل بفرح.

دمشق 26/ أيلول/2010



.
 
أعلى