سؤال تقليدي طالما تكرر، ما الكتابة؟ ولماذا نكتب؟ ولمن نكتب؟ الكتابة ليست بوحاً مريحاً ولا قولاً هادئاً ولا هي تسرية للنفس، إنها تفجر يفيض به الكاتب/الشاعر ليلج الى عقل وفكر الآخر حين يعتمل في صدره أسى على نفسه وعلى غيره، وهكذا فلا ينبغي للكتابة أن تتحول من طقس روحي يمارس الكاتب فيه تجلياته الى رتابة قاتلة مثل فرض مدرسي يؤديه دون تفاعل معها حينها ستفقد الكتابة ألقها وسموها بل وضرورتها أيضاً.
الكتابة رد على استفزاز الواقع، وصفعة لمتجاهلي الفكر في عالم مادي لا روح فيه، إنها محاولة للدفاع عن قناعات تستحق الإشارة عند الكاتب وتافهة لا قيمة لها عند غيره.
الكتابة أسر للحظة من لحظات القارئ الهاربة الى اللاشئ، ومحاولة لاستوقافه ولفت نظره، فاكاتب معني بكل ما هو إنساني. الكتابة نفاذ الى عقل الآخر والجلوس معه ومحاورته ومحاولة للارتقاء بإنسانيته والرغبة بقوده الى مناطق مضيئة ربما لم يصلها من قبل، فالكاتب/الشاعر يحمل سراجه حتى في النهار بحثاً عن الحقيقة إنه ديوجين الذي لم يتعب من البحث.
التنافس بين الكتاب/الشعراء تنافس محموم على عقل وقلب القارئ، يحملون كلماتهم المشذبة ويدورون بها على غيرهم، يقدمونها بأطباق يختارونها بأنفسهم، إنهم يبتكرون مما قيل ليخلقوا شئياً جديداً، وهل الكلام إلا قول معاد ولو لم يكن كذلك لنفد، إنهم يسطرون قناعاتهم الآنية التي لاتصمد دائماً يضعون رؤيتهم للعالم أمام الآخرين، إنهم دائموا الاكتشاف كثيروا التبدل فالعالم كذلك.
الكتاب/الشعراء يستنفرهم النقاد ويحثونهم على الابتكار ويغرونهم بإتيان ما هو جديد، فإذا ما هادنوهم هدأت حدة الابداع وانطفأت شعلة الحكمة، وتسربت - من بين أيديهم - حالة السمو التي يحلقون بها، واستحالوا ندماناً لهم، حينها سيخسر الجميع الناقد والكاتب والقارئ معاًز
الكتابة الابداعية شعراً ونثراً لحظة انفصال تامة عن الواقع، وابتعاد واع عنه، إنه لحظة انصراف تامة الى الذات، فما إن تضع قلمك على الورق حتى تبدأ بالدخول الى عالم غير الذي أنت فيه. إنه اختراق للعادي نحو فضاء المعنى الذي يتحول الى حياة جديدة على شكل سطور. إنه حلم في الواقع يمارسه الكاتب/الشاعر ليصنع أسطورته.
الكاتب/الشاعر يغوص في عالمه ليصنع بابجديته سحره الذي لا يقاوم، وبه يغري العابرين على الاصطفاف معه، وربما رفضه. في هدأة الليل يحضر الكاتب/الشاعر أدواته ويصنع عالمه العجائبي الذي يسطره على شكل نبض جديد للحياة. فحين يختلي بنفسه ويغلق نوافذ روحه ويحكم رتاج نفسه فإنه سيكتشف الآخرين. الكتاب/الشعراء العاديون هم من يكتبون المرئي، أما المبدعون فهم من يرون المخفي.
الدهشة تصنع الألق، وحين يتوقف الكاتب/الشاعر عن الدهشة ويكف عن التعجب فإنه يفقد قدرته على الابداع ، وهو حين يفعل ذلك إنما يمارسها بأمية محببة لأنه يرى ما لا يراه غيره، ويدرك ما يعجز عنه الآخرون. إنه يلتقط ما يغيب عن بال الآخرين وإن رأوه، ويدون ما هو عادي لكنه يرتقي به الى لذة المعرفة.
العقل عند الشاعر ليست هي المعرفة المتراكمة، إنما هو حدس ممزوج بالقناعة التي تنم عن روح مبدعة واثقة، تحاول الالتزام بقواعد اللغة والتمرد عليها في آن. معرفة نمت بالرهافة وثقافة ازدهرت بالتنوع.
لذا نكتب.
د. باسم عبود الياسري
الكتابة رد على استفزاز الواقع، وصفعة لمتجاهلي الفكر في عالم مادي لا روح فيه، إنها محاولة للدفاع عن قناعات تستحق الإشارة عند الكاتب وتافهة لا قيمة لها عند غيره.
الكتابة أسر للحظة من لحظات القارئ الهاربة الى اللاشئ، ومحاولة لاستوقافه ولفت نظره، فاكاتب معني بكل ما هو إنساني. الكتابة نفاذ الى عقل الآخر والجلوس معه ومحاورته ومحاولة للارتقاء بإنسانيته والرغبة بقوده الى مناطق مضيئة ربما لم يصلها من قبل، فالكاتب/الشاعر يحمل سراجه حتى في النهار بحثاً عن الحقيقة إنه ديوجين الذي لم يتعب من البحث.
التنافس بين الكتاب/الشعراء تنافس محموم على عقل وقلب القارئ، يحملون كلماتهم المشذبة ويدورون بها على غيرهم، يقدمونها بأطباق يختارونها بأنفسهم، إنهم يبتكرون مما قيل ليخلقوا شئياً جديداً، وهل الكلام إلا قول معاد ولو لم يكن كذلك لنفد، إنهم يسطرون قناعاتهم الآنية التي لاتصمد دائماً يضعون رؤيتهم للعالم أمام الآخرين، إنهم دائموا الاكتشاف كثيروا التبدل فالعالم كذلك.
الكتاب/الشعراء يستنفرهم النقاد ويحثونهم على الابتكار ويغرونهم بإتيان ما هو جديد، فإذا ما هادنوهم هدأت حدة الابداع وانطفأت شعلة الحكمة، وتسربت - من بين أيديهم - حالة السمو التي يحلقون بها، واستحالوا ندماناً لهم، حينها سيخسر الجميع الناقد والكاتب والقارئ معاًز
الكتابة الابداعية شعراً ونثراً لحظة انفصال تامة عن الواقع، وابتعاد واع عنه، إنه لحظة انصراف تامة الى الذات، فما إن تضع قلمك على الورق حتى تبدأ بالدخول الى عالم غير الذي أنت فيه. إنه اختراق للعادي نحو فضاء المعنى الذي يتحول الى حياة جديدة على شكل سطور. إنه حلم في الواقع يمارسه الكاتب/الشاعر ليصنع أسطورته.
الكاتب/الشاعر يغوص في عالمه ليصنع بابجديته سحره الذي لا يقاوم، وبه يغري العابرين على الاصطفاف معه، وربما رفضه. في هدأة الليل يحضر الكاتب/الشاعر أدواته ويصنع عالمه العجائبي الذي يسطره على شكل نبض جديد للحياة. فحين يختلي بنفسه ويغلق نوافذ روحه ويحكم رتاج نفسه فإنه سيكتشف الآخرين. الكتاب/الشعراء العاديون هم من يكتبون المرئي، أما المبدعون فهم من يرون المخفي.
الدهشة تصنع الألق، وحين يتوقف الكاتب/الشاعر عن الدهشة ويكف عن التعجب فإنه يفقد قدرته على الابداع ، وهو حين يفعل ذلك إنما يمارسها بأمية محببة لأنه يرى ما لا يراه غيره، ويدرك ما يعجز عنه الآخرون. إنه يلتقط ما يغيب عن بال الآخرين وإن رأوه، ويدون ما هو عادي لكنه يرتقي به الى لذة المعرفة.
العقل عند الشاعر ليست هي المعرفة المتراكمة، إنما هو حدس ممزوج بالقناعة التي تنم عن روح مبدعة واثقة، تحاول الالتزام بقواعد اللغة والتمرد عليها في آن. معرفة نمت بالرهافة وثقافة ازدهرت بالتنوع.
لذا نكتب.
د. باسم عبود الياسري