” يا خالق الوجود .. أنا قلبي كاتم سرّو
ما لقيت دارك المعنى .. وعليهو أبرّو
قصبة منصح الوادي ..المخضّر درّو
قعدت، قلبي تطوي .. وكل ساعة تَفرّو ”
” عوض الكريم أبو سن ( الحاردلو)”
ما بين ( الساقية ) و( ممشى الحزن):
ما بين أكتوبر 1998م وهو تاريخ نشر مقال لي عنونته ب( رغم كل شيء .. ساقية الدوش لسه مدورة) الذي حظيت بأن يشغل مساحة لا بأس بها بالصفحة الأخيرة لصحيفة ( الرأي الآخر) التي كانت تصدر في الخرطوم، حاولت بذلك المقال ان اعزي نفسي برحيل الأديب عمر الدوش، وما بين مذكرة فيسبوكية ( إن جاز التعبير) بتاريخ 28 اكتوبر 2009م، عنونتها ( أراك تجمل ممشى الحزن) حاولت ان اذكر نفسي في الذكرى الحادية عشر لرحيله. بأن هنالك شاعر عظيم مثل (نزار قباني) أو ( غارسيا لوركا) أو ( خليل فرح) ، تشير شهادة ميلاده أن اسمه عمر الطيب، وانه رحل كما رحل أولئك الرائعين مخلفاً مثلهم فجوة هائلة في جسد الأبداع أو على حد عنوان رواية الأديبة ( ملكة الدار محمد عبد الله ) مخلفاً ( الفراغ العريض) رحل عن السودان قبل ان يرحل معظم السودان نفسه ليصير سودانيين ( إن جاز التعبير)..
ما بين اكتوبر 1998م واكتوبر 2009م مرت كثير من المياه تحت الكباري السودانية .. وتفاقمت احزاننا لتصبح سيرة أسيانة ( على حد تعبير الأديب علي المك في إحدى قصصه القصيرة) فكان لابد من إتكاءة ألملم فيها اطراف هذه الأفكار لأصوغها من جديد في حديثٍ مطول يشعرني أن الحزن قد يكون جميلاً .. جميلاً رغم قدمه .. الم يقل عمر الدوش:
” ولا .. الحزن القديم .. إنتي
ولا .. لون الفرح .. إنتي
ولا الدرب المشيت بيهو وغلبني اقيف وما بنتي ”
هذه المرة – كيما أغالب نوبة حزنٍ طارئة – لن الوذ بشعر عمر الدوش – في اصدارته الأولى بعنوان: (الساقية) الصادر عن (دار شهدي للكتاب التقدمي) في ثمانينيات القرن الماضي أو إعادة نشره في العقد الأول من هذه الألفية عبر ( دار عزة ) بعنوان( ليل المغنين ) بعد تضمينه المسرحية الشعرية ( ضل الضحى) -. أود هذه المرة أن احكي عن عمر الدوش من خلال ادبه فلم أحظى بالتعرف عليه عن قرب، فقد رحل قبل أن ترحل خطواتي إليه.
عن ( زول ) يسمى عمر الدوش:
عمر الطيب الدوش .. القادم من الشمالية .. المستقر بأمدرمان .. الدارس بالمعهد والذي أكمل دراساته العليا بإحدى جامعات جمهورية تشيكوسلوفاكيا (سابقاً).. مر على أديم الأرض عبر كل تلك البلاد ولم يطرأ أي تغيير على سحنته السودانية الاصيلة فدواخله هي هي لم تتغير .. وكأني بمحمد الحسن سالم حميد قد وصفه في رائعة الأخير ( طيبة):
” لا غيرت وراك الجته
لا بدلت ملامح صوتي ”
ها هو ذا عمر قد أزال ( بلم ) قلمه ضارباً عرض الحائط بالمثل الشعبي الذي يخبرنا صراحةً أن ( القلم ما بزيل بلم). عاد لبلاده بعد سنين طوال وفي معيته إجازة الدكتوارة – من تشيكوسلوفاكيا- ايضاً متخصصاً في مسرح الشاعر الألماني ( بيرتولد بيرخت).. ومتأبطاً عدداً غير قليل من القصائد العامية والنقد المسرحي والمسرحيات الشعرية
(بيبلوغرافي) مقتضب:
تذكر (مدونة البوابة) أن شاعرنا عمر الدوش سليل اسرة العميد: الدوش، والأخير هو صاحب مدراس العميد الدوش بامدرمان من مواليد مدينة شندي بالعام 1948م. وانه قد تخرج من المعهد العالي للموسيقى والمسرح للعام 1973م ( حالياً تسمى كلية الموسيقى والدراما التابعة لجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا). لينال بعد أعوام دراسات عليا في الـمسرح بأكاديمية براتسلافا للفنون..حاصلاً على شهادة الماجستير في الفنون الـمسرحية والاخراج(14يونيو..1983). ولم تذكر مدونة البوابة أن أديبنا عمر الدوش قد حصل على إجازة الدكتورة عبر أطروحته حول مسرح بيرتولد بيرخت وقد تحصلت على هذه المعلومة من الغلاف الخلفي لديوانه الأول(الساقية). امتهن مهنة التعليم سالكاً درب جده، حيث عمل معلما بـمدارس الدوش ومحاضرا بالـمعهد العالي للموسيقي والـمسرح. تزوج أديبنا الراحل من الممثلة الاستاذة سعاد محمد الحسن وله بنتان
إتكاءة على (ضل الضحى):
لنتفيئ ظل الضحى والخرطوم يسيل عرقها هذه الأيام من حر صيف مايو، مصغين لعمر الدوش وهو يرتجل مسرحية الشعرية ( ضل الضحى ) والتي تغنى الفنان عبد الكريم الكابلي ببعض أبياتها
” دقت الدلوكة
قلنا الدنيا .. مازالت ….بخير
أهو .. ناس تعرس و…تنبسط
تككت سروالي الطويل
سويتو رقعات في الوسط ”
ورغم مسحة الحزن في شعر الدوش لكنه لا يخلو من سخرية محببة ففي (ضل الضحى) يخاطب سعاد حينما تفاجأ بوجودها على الطريق
” هـ – يي يا سعاد ..
علي ود سكينة .. وكلتي في خشمو الرماد
علي ود سكينة .. ومات أسى
وأنا بت بلاك ملعون ابوي لو كنت ارضى أعرسا ”
عدل عبد الكريم الكابلي في النص ( وأنا بت بلاك ملعون هواي لو كنت أرضى أعرسا ..) كي يتسنى لألبوم ( سعاد) ان يرى النور بسوق الكاسيت الخرطومية .
وفي نفس المسرحية الشعرية – ولأجدني مغالياً إن وصفتها بالملحمة الشعرية – يحدثنا عن صالح ود قنعنا (الخضرجي)
” تميل يا (صالح) .. الأيام
ولا عاشرت هدماً .. زين
ولا حتيت تراب ..السوق
تفضل
تفضل يا .. خفيف الضل
ورش جرجيرك ..البايت
وعد ليمونك الفضل
وكوم حزنك الباير ”
والطريف في الامر ان جميع شخصيات القرية – أو (الحلة) على حسب دارجية أواسط السودان – : الواردة في النص الشعري ( ظل الضحى) وهم: (علي ود سكينة) ، ( طه المدرس ود خدوم )، (صالح ود قنعنا ) الخضرجي ( نسبت اسمائهم لامهاتهن) كما جرت العادة عندنا في كثير من مناطق السودان، ما عدا (العمدة: جابر ود خف الفيل) لما للعمدة من هيبة ورهبة في قلوب رعاياه من ابناء قبيلته أو مجتمعه المحلي بقرى وحواضر معظم مناطق السودان.
المهم في الأمر أن جميع الشخصيات تعشق (سعاد) .. العمدة يجعل من (صالح ود قنعنا) سفير نوايا حسنة لسعاد – ولاستعير عنوان أغنية الفنان ابو عركي البخيت نجد أن صالح ود قنعنا هو (مرسال الشوق) لسعاد. ويهيئ العمدة مواطنه الخضرجي لهذه المهمة بتعليمات غاية في الصرامة
” اوعى تفرح
اوعى تزعل
واقصر إيدك في سلام
خلي نظرك يكون كفيف
ومشيك يكون
ناعم .. مغربل
ولما تطلع ليك سعاد
زي حلم في توب رهيف
اديها ضهرك يا …. مغفل ”
العمدة يطلب المستحيل بعينه من ( صالح ود قنعنا) الهائم على وجه الأرض بعشق سعاد.. العمدة يريد ان ( يبرمج ) .. صالح ود قنعنا .. ورغم ذلك لم تلقي سعاد بالاً للعمدة جابر رغم جبروته وسلطته أو لصالح الخضرجي بطيبه قلبه وتصالحه مع الدنيا ..ولم تعر الأفندي ( طه المدرس) بالاً … رغم أنه جسور لا يخاف في الحق لومه لائم فقد تصارع مع السلطة في شخص العمدة جابر ود خف الفيل
” قت ليهو يا عمده اختشي
مسئولك الزاير الكبير
ياريتو بس لو شاف سعاد
كان رسم للعفه
أوصافا وتقاطيعا ومقاسا
كان دخل للحله من بابا وشبابيكا وأساسا
كان اتولد بره المتاجره ”
( أواصل)
ما لقيت دارك المعنى .. وعليهو أبرّو
قصبة منصح الوادي ..المخضّر درّو
قعدت، قلبي تطوي .. وكل ساعة تَفرّو ”
” عوض الكريم أبو سن ( الحاردلو)”
ما بين ( الساقية ) و( ممشى الحزن):
ما بين أكتوبر 1998م وهو تاريخ نشر مقال لي عنونته ب( رغم كل شيء .. ساقية الدوش لسه مدورة) الذي حظيت بأن يشغل مساحة لا بأس بها بالصفحة الأخيرة لصحيفة ( الرأي الآخر) التي كانت تصدر في الخرطوم، حاولت بذلك المقال ان اعزي نفسي برحيل الأديب عمر الدوش، وما بين مذكرة فيسبوكية ( إن جاز التعبير) بتاريخ 28 اكتوبر 2009م، عنونتها ( أراك تجمل ممشى الحزن) حاولت ان اذكر نفسي في الذكرى الحادية عشر لرحيله. بأن هنالك شاعر عظيم مثل (نزار قباني) أو ( غارسيا لوركا) أو ( خليل فرح) ، تشير شهادة ميلاده أن اسمه عمر الطيب، وانه رحل كما رحل أولئك الرائعين مخلفاً مثلهم فجوة هائلة في جسد الأبداع أو على حد عنوان رواية الأديبة ( ملكة الدار محمد عبد الله ) مخلفاً ( الفراغ العريض) رحل عن السودان قبل ان يرحل معظم السودان نفسه ليصير سودانيين ( إن جاز التعبير)..
ما بين اكتوبر 1998م واكتوبر 2009م مرت كثير من المياه تحت الكباري السودانية .. وتفاقمت احزاننا لتصبح سيرة أسيانة ( على حد تعبير الأديب علي المك في إحدى قصصه القصيرة) فكان لابد من إتكاءة ألملم فيها اطراف هذه الأفكار لأصوغها من جديد في حديثٍ مطول يشعرني أن الحزن قد يكون جميلاً .. جميلاً رغم قدمه .. الم يقل عمر الدوش:
” ولا .. الحزن القديم .. إنتي
ولا .. لون الفرح .. إنتي
ولا الدرب المشيت بيهو وغلبني اقيف وما بنتي ”
هذه المرة – كيما أغالب نوبة حزنٍ طارئة – لن الوذ بشعر عمر الدوش – في اصدارته الأولى بعنوان: (الساقية) الصادر عن (دار شهدي للكتاب التقدمي) في ثمانينيات القرن الماضي أو إعادة نشره في العقد الأول من هذه الألفية عبر ( دار عزة ) بعنوان( ليل المغنين ) بعد تضمينه المسرحية الشعرية ( ضل الضحى) -. أود هذه المرة أن احكي عن عمر الدوش من خلال ادبه فلم أحظى بالتعرف عليه عن قرب، فقد رحل قبل أن ترحل خطواتي إليه.
عن ( زول ) يسمى عمر الدوش:
عمر الطيب الدوش .. القادم من الشمالية .. المستقر بأمدرمان .. الدارس بالمعهد والذي أكمل دراساته العليا بإحدى جامعات جمهورية تشيكوسلوفاكيا (سابقاً).. مر على أديم الأرض عبر كل تلك البلاد ولم يطرأ أي تغيير على سحنته السودانية الاصيلة فدواخله هي هي لم تتغير .. وكأني بمحمد الحسن سالم حميد قد وصفه في رائعة الأخير ( طيبة):
” لا غيرت وراك الجته
لا بدلت ملامح صوتي ”
ها هو ذا عمر قد أزال ( بلم ) قلمه ضارباً عرض الحائط بالمثل الشعبي الذي يخبرنا صراحةً أن ( القلم ما بزيل بلم). عاد لبلاده بعد سنين طوال وفي معيته إجازة الدكتوارة – من تشيكوسلوفاكيا- ايضاً متخصصاً في مسرح الشاعر الألماني ( بيرتولد بيرخت).. ومتأبطاً عدداً غير قليل من القصائد العامية والنقد المسرحي والمسرحيات الشعرية
(بيبلوغرافي) مقتضب:
تذكر (مدونة البوابة) أن شاعرنا عمر الدوش سليل اسرة العميد: الدوش، والأخير هو صاحب مدراس العميد الدوش بامدرمان من مواليد مدينة شندي بالعام 1948م. وانه قد تخرج من المعهد العالي للموسيقى والمسرح للعام 1973م ( حالياً تسمى كلية الموسيقى والدراما التابعة لجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا). لينال بعد أعوام دراسات عليا في الـمسرح بأكاديمية براتسلافا للفنون..حاصلاً على شهادة الماجستير في الفنون الـمسرحية والاخراج(14يونيو..1983). ولم تذكر مدونة البوابة أن أديبنا عمر الدوش قد حصل على إجازة الدكتورة عبر أطروحته حول مسرح بيرتولد بيرخت وقد تحصلت على هذه المعلومة من الغلاف الخلفي لديوانه الأول(الساقية). امتهن مهنة التعليم سالكاً درب جده، حيث عمل معلما بـمدارس الدوش ومحاضرا بالـمعهد العالي للموسيقي والـمسرح. تزوج أديبنا الراحل من الممثلة الاستاذة سعاد محمد الحسن وله بنتان
إتكاءة على (ضل الضحى):
لنتفيئ ظل الضحى والخرطوم يسيل عرقها هذه الأيام من حر صيف مايو، مصغين لعمر الدوش وهو يرتجل مسرحية الشعرية ( ضل الضحى ) والتي تغنى الفنان عبد الكريم الكابلي ببعض أبياتها
” دقت الدلوكة
قلنا الدنيا .. مازالت ….بخير
أهو .. ناس تعرس و…تنبسط
تككت سروالي الطويل
سويتو رقعات في الوسط ”
ورغم مسحة الحزن في شعر الدوش لكنه لا يخلو من سخرية محببة ففي (ضل الضحى) يخاطب سعاد حينما تفاجأ بوجودها على الطريق
” هـ – يي يا سعاد ..
علي ود سكينة .. وكلتي في خشمو الرماد
علي ود سكينة .. ومات أسى
وأنا بت بلاك ملعون ابوي لو كنت ارضى أعرسا ”
عدل عبد الكريم الكابلي في النص ( وأنا بت بلاك ملعون هواي لو كنت أرضى أعرسا ..) كي يتسنى لألبوم ( سعاد) ان يرى النور بسوق الكاسيت الخرطومية .
وفي نفس المسرحية الشعرية – ولأجدني مغالياً إن وصفتها بالملحمة الشعرية – يحدثنا عن صالح ود قنعنا (الخضرجي)
” تميل يا (صالح) .. الأيام
ولا عاشرت هدماً .. زين
ولا حتيت تراب ..السوق
تفضل
تفضل يا .. خفيف الضل
ورش جرجيرك ..البايت
وعد ليمونك الفضل
وكوم حزنك الباير ”
والطريف في الامر ان جميع شخصيات القرية – أو (الحلة) على حسب دارجية أواسط السودان – : الواردة في النص الشعري ( ظل الضحى) وهم: (علي ود سكينة) ، ( طه المدرس ود خدوم )، (صالح ود قنعنا ) الخضرجي ( نسبت اسمائهم لامهاتهن) كما جرت العادة عندنا في كثير من مناطق السودان، ما عدا (العمدة: جابر ود خف الفيل) لما للعمدة من هيبة ورهبة في قلوب رعاياه من ابناء قبيلته أو مجتمعه المحلي بقرى وحواضر معظم مناطق السودان.
المهم في الأمر أن جميع الشخصيات تعشق (سعاد) .. العمدة يجعل من (صالح ود قنعنا) سفير نوايا حسنة لسعاد – ولاستعير عنوان أغنية الفنان ابو عركي البخيت نجد أن صالح ود قنعنا هو (مرسال الشوق) لسعاد. ويهيئ العمدة مواطنه الخضرجي لهذه المهمة بتعليمات غاية في الصرامة
” اوعى تفرح
اوعى تزعل
واقصر إيدك في سلام
خلي نظرك يكون كفيف
ومشيك يكون
ناعم .. مغربل
ولما تطلع ليك سعاد
زي حلم في توب رهيف
اديها ضهرك يا …. مغفل ”
العمدة يطلب المستحيل بعينه من ( صالح ود قنعنا) الهائم على وجه الأرض بعشق سعاد.. العمدة يريد ان ( يبرمج ) .. صالح ود قنعنا .. ورغم ذلك لم تلقي سعاد بالاً للعمدة جابر رغم جبروته وسلطته أو لصالح الخضرجي بطيبه قلبه وتصالحه مع الدنيا ..ولم تعر الأفندي ( طه المدرس) بالاً … رغم أنه جسور لا يخاف في الحق لومه لائم فقد تصارع مع السلطة في شخص العمدة جابر ود خف الفيل
” قت ليهو يا عمده اختشي
مسئولك الزاير الكبير
ياريتو بس لو شاف سعاد
كان رسم للعفه
أوصافا وتقاطيعا ومقاسا
كان دخل للحله من بابا وشبابيكا وأساسا
كان اتولد بره المتاجره ”
( أواصل)