تابع الفصل الخامس: الحياة المنزلية
يجهز الطعام بحيث يسهل تناوله بالطريقة السابق وصفها، وهو يتكون في مجموعة من (اليخني): وهو لحم مسلوق وبصل مقطع، أو قليل من البامية أو غيرها من الخضر، و (القاوُرمة): وهو لحم كثير التوابل مع البصل؛ و (ورق محشي): وهو ورق العنب أو الكرنب أو الخس: يحشى بالأرز واللحم المفروم بعد أن يبتلا بالملح والفلفل والبصل وغالباً بالثوم والبقدونس، ويسلق، ومحشي الخيار أو الباذنجان أو القرع الكوسة، و (الكباب): وهو قطع صغيرة من لحم الضأن تشوى على السفود، وبعض الألوان تتألف جميعها أو أغلبها من الخضر مثل: الكرنب والرجلة والإسباناخ والبامية والفول والترمس والحمص والقرع المقسم إلى قطع صغيرة والقلقاس والعدس الخ. ويعد السمك المطبوخ بالزيت كذلك طبقاً مألوفاً، وتطهى أغلب الأطعمة بالسمن لعدم وجود الدهن، وتوضع فيها التوابل بكثرة، ويذوب السمن في الصيف تماماً، ولابد من استعمال اليدين معاً ما يقدم من الطيور. وقد يقوم بهذه العملية حصان معاً كل بيده اليمنى فقط؛ ولكن بعضهم يقوم بذلك وحده بدون مساعدة وبيد واحدة، ولا يقبل بعض العرب لمس الطعام - على أي حال - بيسراهم إلا إذا كانت يمناهم مبتورة. وليس من غير المعتاد أن تقدم الطيور المنزوع عظامها المحشوة بالزيت والفستق والخبز المفتت والبقدونس، أو حمل بأكمله محشواً بالفستق الخ؛ وهنا يسهل نزع اللحم بيد واحدة. وكثيراً ما تخلط الحلوى باللحم مثل: العناب والخوخ والمشمش الخ والسكر مع اليخني؛ وكثيراً ما تقدم مختلف أصناف الحلوى دون مراعاة نظام خاص بالنسبة للأصناف الأخرى. ومن أصناف الحلوى المحبوبة الكنافة: وتصنع من دقيق الق - وهي أدق من الشعرية - وتقلى بالسمن وتحلى بالسكر أو العسل. ولا تخلو المائدة من البطيخ في موسمه: وهو يقطع قبل الأكل وبترك في الهواء ليبرد بالتبخر، ولكن يجب ملاحظته حتى لا ينفث الثعبان سمه فيه، لأن الثعبان - على حد قولهم - يحب البطيخ حباً شديداً، ويشم رائحته على مسافة بعيدة. والبطيخ كثير في مصر كثرة زائدة، وهو غالباً لذيذ الطعم. وآخر طبق يقدم الأرز المفلفل (بيلاف الأتراك) ويوضع عليه الزبد ويبتل بالملح والفلفل، إلا أن كثيراً ما يتبعه - على موائد الأثرياء - (خشاف): يتكون عادة من الماء والزبيب المسلوق فيه ويحلى بالسكر ثم يضاف إليه عند ما يبرد من ماء الورد. وكثيراً ما يحل البطيخ محله.
ويأكل المصريون باعتدال ولكن بسرعة، وحالما ينتهي أحدهم يحمد الله ويقوم دون أن ينتظر الآخرين، فيقدم له الخادم الطست والإبريق ليتسل يديه وفمه بالصابون والماء كما سبق
ولا يشرب المصريون على الأكل غير الماء. وقد يقدم على مائدة الأغنياء (الشربات) التي سأصفها الآن. ولا يشرب العرب على الأكل إلا قليلاً من الماء، أو لا يشربون مطلقاً، وهم على العموم يتناولون جرعة كبيرة بعد الأكل مباشرة. ويمتاز ماء النيل بحلاوة؛ ولكن ماء الآبار، في القاهرة وغيرها، يميل إلى الملوحة. ويشرب الماء إما في أوعية من الفخار أو طاسات من النحاس وأوعية الفخار نوعان: (الدوق) (شكل 39) و (القلة) (شكل40) والأول ذو حلق ضيق، والثانية حلقها واسع. وهما م صلصال ذي مسام يبرد الماء برودة لذيذة بالتبخر. وهما يوضعان لذلك في تيار الهواء. وكثيراً ما يسود داخل الوعاء بدخان الأخشاب الصمغية، ثم يعطر بدخان خشب (القَفَل) والمصطكا. ويستعمل لهذا الغرض وعاء صغير من الفخار يسمى مبخرة (شكل 41) يوضع فيه الفحم اللازم لحرق الخشب والمصطكا، ثم تعلق القلة أو الدورق مقلوباً فوقه. ويشد حول رقبة الدورق خرقة على بعد بوصة من الخلق لمنع السناج أن ينتشر بعيداً على خارج الوعاء. وكثيراً ما يوضع أيضاً قليل من ماء زهر البرتقال فيكسب الماء طعماً لطيفاً. وللأوعية سدادات من الفضة أو النحاس أو القصدير أو الخشب أو أغطية من السعف المجدول. وهي توضع في صينية يسقط فيها الماء الراشح. وكثيراً ما تستعمل الأوعية الصينية (شكل 42) في الشتاء عوضاً عن الفخار حتى لا يبرد الماء برودة شديدة ويبين (الشكل رقم 42) كاستي الشرب الأكثر شيوعاً. وبعض الكاسات ينقش في داخلها آيات قرآنية، ولم أر ذلك كثيراً. ويبسمل الشارب قبل الشرب ويحمد الله بعده، فيقول له من الأصدقاء الحاضرين: هنيئاً، فيرد عليه: هناك الله.
وبالرغم من إشارة قصص ألف ليلة وليلة إلى مائدة المدام فإن المصريون المسلمين في هذا العصر لا يقدمون النبيذ في المجتمعات العامة في أي وقت من الأوقات على العموم. إلا أن الكثيرين لا يمتنعون عادة عن شرب النبيذ مع الأصدقاء المقربين. وحينئذ لا يدخل الخادم غير الندامى أما غيرهم فيقول لهم: إن السيد ليس بالدار أو أنه في الحريم. وهؤلاء يحتسون النبيذ أثناء العشاء وقبله وبعده ويستحق قبل العشاء لأنه على حد قولهم يثير الشهية وقد أخبرني صديق مسلم تاب عن الخمر بعد إدمان (ولا يمكنني أن أتحدث في هذا الموضوع عن تجربة لأنني لم أشرب النبيذ أبداً فلم يدعني مسلم قط إلى ندوة شراب) أن مائدة المدام تتألف من صينية مستديرة أو طبق زجاجي توضع على الكرسي ويصف عليها إبريقان للنبيذ والعنبر أو أكر من إبريق معاً أحياناً وعدة أكواب صغيرة وصحن صغير فيه فاكهة يابسة وطازجة أو مخللات أحياناً، وأخبراً شمعتان وغالباً ياقة زهر تثبت في شمعدان أو توضع على الصينية.
ويصنع المصريون عدة أصناف من (الشربات) وأكثرها شيوعاً الماء المحلى بالسكر فقط ويكون زائد الحلاوة (والليموناتة) أو شراب الليمون نوع آخر، وهناك صنف ثالث أحب إلى النفس وهو شراب البنفسج ويكون بسحق زهر البنفسج ووضعه مع السكر في الماء وتركه على النار حتى يغلي، وهذا الشراب أخضر اللون، وشراب التوت والحميض والزبيب الذي يباع في الشوارع، والعرق سوس والخروب، ويقدم الشراب في أكواب مغطاة تسمى الواحدة على العموم (قلة) (شكل 43) وبعض المألوف من هذه الأكواب يزين بزخارف مذهبة من الزهور وغيرها وهي توضع على صينية مستديرة مغطاة بقطعة من الحرير المطرز أو الجوخ المرصع بالذهب، ويعلق على ذراع الخادم فوطة مستطيلة الشكل عريضة الحاشية المرصعة بالذهب والمطرزة بالحرير الملون، ومن الجلي أنها تقدم لمسح الفم بعد الشراب، ولكنها في الواقع تتخذ للمباهاة أكثر منها للاستعمال يمض المصريون ما بين وجبة المساء وصلاة العشاء في التدخين وشرب القهوة، ويستأذنون لذة التدخين بعد فراغهم من الصلاة. وقد يلعبون الضامة أو الشطرنج أو غير ذلك، أو على الأقل يتسامرون فينقضي الوقت دون أن يشعروا بأدنى ضيق. ويقضي أفراد العائلة المصرية وقتهم عندما تسمح الظروف في حبور وبهجة ولكن في هدوء. وكثيراً ما قوم الرجال بزيارة أصدقائهم ليلاً وقت العشاء أو بعد ذلك، ويستضئيون أثناء خروجهم بمصباح مستدير مموج الجوانب يسمى فانوس، ويصنع من النسيج المشمع المشدود إلى حلقات من السلك بينما أعلاه وأسفله يصنعان من النحاس المبيض. وترى هذا النوع في الشكل رقم 44، وبجانبه النوع الشائع وهو القنديل بغطائه الخشبي العادي الذي يقيه شبه الهواء. وهذا القنديل وعاء زجاجي صغير ذو أنبوبة في قاعة، يدخل فيها ذبالة من القطن تلف على عود من القش. ويصب فيه الماء ثم الزيت وكثيراً ما يعلق القنديل على مدخل المنازل. ويخيم على داخل البيوت أثناء الليل جو قاتم ثقيل. ويكفي لإنارة الأبهاء الواسعة العالية ضوء شمعة أو شمعتين على الأرض أو على كرسي؛ وقد تحاطان بوقاد زجاجي كبير، أو توضحان في مصباح من الزجاج لأن النوافذ من الخشب المشبك. والقليل من المصريين من يسهر أكثر من ثلاث ساعات أو أربع صيفاً بعد غروب الشمس (إذا أن الوقت يحسب عندهم من الغروب) وكثيراً ما يسهرون خمس ساعات أو ستا في الشتاء.
(يتبع)
عدلي طاهر نور
مجلة الرسالة - العدد 441
بتاريخ: 15 - 12 - 1941
يجهز الطعام بحيث يسهل تناوله بالطريقة السابق وصفها، وهو يتكون في مجموعة من (اليخني): وهو لحم مسلوق وبصل مقطع، أو قليل من البامية أو غيرها من الخضر، و (القاوُرمة): وهو لحم كثير التوابل مع البصل؛ و (ورق محشي): وهو ورق العنب أو الكرنب أو الخس: يحشى بالأرز واللحم المفروم بعد أن يبتلا بالملح والفلفل والبصل وغالباً بالثوم والبقدونس، ويسلق، ومحشي الخيار أو الباذنجان أو القرع الكوسة، و (الكباب): وهو قطع صغيرة من لحم الضأن تشوى على السفود، وبعض الألوان تتألف جميعها أو أغلبها من الخضر مثل: الكرنب والرجلة والإسباناخ والبامية والفول والترمس والحمص والقرع المقسم إلى قطع صغيرة والقلقاس والعدس الخ. ويعد السمك المطبوخ بالزيت كذلك طبقاً مألوفاً، وتطهى أغلب الأطعمة بالسمن لعدم وجود الدهن، وتوضع فيها التوابل بكثرة، ويذوب السمن في الصيف تماماً، ولابد من استعمال اليدين معاً ما يقدم من الطيور. وقد يقوم بهذه العملية حصان معاً كل بيده اليمنى فقط؛ ولكن بعضهم يقوم بذلك وحده بدون مساعدة وبيد واحدة، ولا يقبل بعض العرب لمس الطعام - على أي حال - بيسراهم إلا إذا كانت يمناهم مبتورة. وليس من غير المعتاد أن تقدم الطيور المنزوع عظامها المحشوة بالزيت والفستق والخبز المفتت والبقدونس، أو حمل بأكمله محشواً بالفستق الخ؛ وهنا يسهل نزع اللحم بيد واحدة. وكثيراً ما تخلط الحلوى باللحم مثل: العناب والخوخ والمشمش الخ والسكر مع اليخني؛ وكثيراً ما تقدم مختلف أصناف الحلوى دون مراعاة نظام خاص بالنسبة للأصناف الأخرى. ومن أصناف الحلوى المحبوبة الكنافة: وتصنع من دقيق الق - وهي أدق من الشعرية - وتقلى بالسمن وتحلى بالسكر أو العسل. ولا تخلو المائدة من البطيخ في موسمه: وهو يقطع قبل الأكل وبترك في الهواء ليبرد بالتبخر، ولكن يجب ملاحظته حتى لا ينفث الثعبان سمه فيه، لأن الثعبان - على حد قولهم - يحب البطيخ حباً شديداً، ويشم رائحته على مسافة بعيدة. والبطيخ كثير في مصر كثرة زائدة، وهو غالباً لذيذ الطعم. وآخر طبق يقدم الأرز المفلفل (بيلاف الأتراك) ويوضع عليه الزبد ويبتل بالملح والفلفل، إلا أن كثيراً ما يتبعه - على موائد الأثرياء - (خشاف): يتكون عادة من الماء والزبيب المسلوق فيه ويحلى بالسكر ثم يضاف إليه عند ما يبرد من ماء الورد. وكثيراً ما يحل البطيخ محله.
ويأكل المصريون باعتدال ولكن بسرعة، وحالما ينتهي أحدهم يحمد الله ويقوم دون أن ينتظر الآخرين، فيقدم له الخادم الطست والإبريق ليتسل يديه وفمه بالصابون والماء كما سبق
ولا يشرب المصريون على الأكل غير الماء. وقد يقدم على مائدة الأغنياء (الشربات) التي سأصفها الآن. ولا يشرب العرب على الأكل إلا قليلاً من الماء، أو لا يشربون مطلقاً، وهم على العموم يتناولون جرعة كبيرة بعد الأكل مباشرة. ويمتاز ماء النيل بحلاوة؛ ولكن ماء الآبار، في القاهرة وغيرها، يميل إلى الملوحة. ويشرب الماء إما في أوعية من الفخار أو طاسات من النحاس وأوعية الفخار نوعان: (الدوق) (شكل 39) و (القلة) (شكل40) والأول ذو حلق ضيق، والثانية حلقها واسع. وهما م صلصال ذي مسام يبرد الماء برودة لذيذة بالتبخر. وهما يوضعان لذلك في تيار الهواء. وكثيراً ما يسود داخل الوعاء بدخان الأخشاب الصمغية، ثم يعطر بدخان خشب (القَفَل) والمصطكا. ويستعمل لهذا الغرض وعاء صغير من الفخار يسمى مبخرة (شكل 41) يوضع فيه الفحم اللازم لحرق الخشب والمصطكا، ثم تعلق القلة أو الدورق مقلوباً فوقه. ويشد حول رقبة الدورق خرقة على بعد بوصة من الخلق لمنع السناج أن ينتشر بعيداً على خارج الوعاء. وكثيراً ما يوضع أيضاً قليل من ماء زهر البرتقال فيكسب الماء طعماً لطيفاً. وللأوعية سدادات من الفضة أو النحاس أو القصدير أو الخشب أو أغطية من السعف المجدول. وهي توضع في صينية يسقط فيها الماء الراشح. وكثيراً ما تستعمل الأوعية الصينية (شكل 42) في الشتاء عوضاً عن الفخار حتى لا يبرد الماء برودة شديدة ويبين (الشكل رقم 42) كاستي الشرب الأكثر شيوعاً. وبعض الكاسات ينقش في داخلها آيات قرآنية، ولم أر ذلك كثيراً. ويبسمل الشارب قبل الشرب ويحمد الله بعده، فيقول له من الأصدقاء الحاضرين: هنيئاً، فيرد عليه: هناك الله.
وبالرغم من إشارة قصص ألف ليلة وليلة إلى مائدة المدام فإن المصريون المسلمين في هذا العصر لا يقدمون النبيذ في المجتمعات العامة في أي وقت من الأوقات على العموم. إلا أن الكثيرين لا يمتنعون عادة عن شرب النبيذ مع الأصدقاء المقربين. وحينئذ لا يدخل الخادم غير الندامى أما غيرهم فيقول لهم: إن السيد ليس بالدار أو أنه في الحريم. وهؤلاء يحتسون النبيذ أثناء العشاء وقبله وبعده ويستحق قبل العشاء لأنه على حد قولهم يثير الشهية وقد أخبرني صديق مسلم تاب عن الخمر بعد إدمان (ولا يمكنني أن أتحدث في هذا الموضوع عن تجربة لأنني لم أشرب النبيذ أبداً فلم يدعني مسلم قط إلى ندوة شراب) أن مائدة المدام تتألف من صينية مستديرة أو طبق زجاجي توضع على الكرسي ويصف عليها إبريقان للنبيذ والعنبر أو أكر من إبريق معاً أحياناً وعدة أكواب صغيرة وصحن صغير فيه فاكهة يابسة وطازجة أو مخللات أحياناً، وأخبراً شمعتان وغالباً ياقة زهر تثبت في شمعدان أو توضع على الصينية.
ويصنع المصريون عدة أصناف من (الشربات) وأكثرها شيوعاً الماء المحلى بالسكر فقط ويكون زائد الحلاوة (والليموناتة) أو شراب الليمون نوع آخر، وهناك صنف ثالث أحب إلى النفس وهو شراب البنفسج ويكون بسحق زهر البنفسج ووضعه مع السكر في الماء وتركه على النار حتى يغلي، وهذا الشراب أخضر اللون، وشراب التوت والحميض والزبيب الذي يباع في الشوارع، والعرق سوس والخروب، ويقدم الشراب في أكواب مغطاة تسمى الواحدة على العموم (قلة) (شكل 43) وبعض المألوف من هذه الأكواب يزين بزخارف مذهبة من الزهور وغيرها وهي توضع على صينية مستديرة مغطاة بقطعة من الحرير المطرز أو الجوخ المرصع بالذهب، ويعلق على ذراع الخادم فوطة مستطيلة الشكل عريضة الحاشية المرصعة بالذهب والمطرزة بالحرير الملون، ومن الجلي أنها تقدم لمسح الفم بعد الشراب، ولكنها في الواقع تتخذ للمباهاة أكثر منها للاستعمال يمض المصريون ما بين وجبة المساء وصلاة العشاء في التدخين وشرب القهوة، ويستأذنون لذة التدخين بعد فراغهم من الصلاة. وقد يلعبون الضامة أو الشطرنج أو غير ذلك، أو على الأقل يتسامرون فينقضي الوقت دون أن يشعروا بأدنى ضيق. ويقضي أفراد العائلة المصرية وقتهم عندما تسمح الظروف في حبور وبهجة ولكن في هدوء. وكثيراً ما قوم الرجال بزيارة أصدقائهم ليلاً وقت العشاء أو بعد ذلك، ويستضئيون أثناء خروجهم بمصباح مستدير مموج الجوانب يسمى فانوس، ويصنع من النسيج المشمع المشدود إلى حلقات من السلك بينما أعلاه وأسفله يصنعان من النحاس المبيض. وترى هذا النوع في الشكل رقم 44، وبجانبه النوع الشائع وهو القنديل بغطائه الخشبي العادي الذي يقيه شبه الهواء. وهذا القنديل وعاء زجاجي صغير ذو أنبوبة في قاعة، يدخل فيها ذبالة من القطن تلف على عود من القش. ويصب فيه الماء ثم الزيت وكثيراً ما يعلق القنديل على مدخل المنازل. ويخيم على داخل البيوت أثناء الليل جو قاتم ثقيل. ويكفي لإنارة الأبهاء الواسعة العالية ضوء شمعة أو شمعتين على الأرض أو على كرسي؛ وقد تحاطان بوقاد زجاجي كبير، أو توضحان في مصباح من الزجاج لأن النوافذ من الخشب المشبك. والقليل من المصريين من يسهر أكثر من ثلاث ساعات أو أربع صيفاً بعد غروب الشمس (إذا أن الوقت يحسب عندهم من الغروب) وكثيراً ما يسهرون خمس ساعات أو ستا في الشتاء.
(يتبع)
عدلي طاهر نور
مجلة الرسالة - العدد 441
بتاريخ: 15 - 12 - 1941