ثم يقول الأستاذ محمد كرد علي: (ولما عزمت هذه الأيمان على طبعه تفضل صديقي الأستاذ عباس العزاوي وأرسل لي نسخة من مخطوطة خزانته من هذا الكتاب معارضة على نسخة أخرى، وبوجود ثلاث نسخ منه سهل الاهتداء إلى أصح روايات المؤلف، فجاءت هذه الطبعة صحيحة على ما يحب المؤتمنون على نصوص القدماء).
حسب الأستاذ أن ظفره بهذه النسخ قد هداه إلى أصح روايات الكتاب، ومكنه من نشره نشراً علمياً صحيحاً يرضي النقاد الأمناء على تراث العرب، وليس ذلك من الحق في شيء، فإنه لم يفطن إلى أصح الروايات إلا قليلاً، وخرج الكتاب من بين يديه مفعماً بالتحريف، مترعاً بالتصحيف، ووقعت في حواشي الكتاب التي صنعها أوهام لغوية غريبة عجيبة ما كنت لأعنى بتبيانها لولا أن الأستاذ رئيس للمجمع العلمي العربي بدمشق وعضو في مجمع فؤاد الأول للغة العربية بالقاهرة.
1 - جاء في ص74 (وماذا يقولون في رجل زنى وهو لا يعلم أن الله حرَّم الزنا؟ وآخر زنى وهو يعلم أن الزنا من الكبائر التي تسخط الرب وتوجب النار؟ أيهم أقرب إلى السلامة وأولى من الله بالعفو؟ أو ليس أهل العلم على أن الذي لا يعلم لا حدَّ عليه من جَلْد وتعزير ولا رجم؟ وأن على الآخر حد البكر إن كان بِكراً، وحدّ المحصن إن كان محصناً؟ فهذه أحكام الدنيا، وأما أحكام الآخرة فلولا كراهة التألي على الله لقلنا في الذي ركب الفاحشة وهو لا يعلم أن الله حرمها، معفو عنه)
وعلق الأستاذ على ذلك بقوله: (التألي: التكبر)!!!
وهذا شرح ينبو عنه الذوق، ولا يسوغ في شرعة العقل والدين. ولا يتصور أن يكون التكبر على الله قد دار بخلد ابن قتيبة أو طاف بفكره عندما كتب هذا الكلام
إن ابن قتيبة لم يقصد بكلمة: (التألي) إلا معناها المشهور، وهو القسم والحكم على الله. جاء في لسان العرب: (وقد تألّيتُ، وائتليت: أقسمت، وفي الحديث: من يتأل على الله يُكْذبْهُ، أي من حكم عليه وحلف، كقولك: والله ليدخلنَّ اللهُ فلاناً النار ويُنجحن اللهُ سعي فلان. وفي الحديث: ويل للمتألّين من أمتي، يعني الذين يحكمون على الله ويقولون: فلان في الجنة وفلان في النار).
وسيرى القارئ بإذن الله من أمثلة هذا الشرح العجيب ما يستنفد عجبه، ويستفرغ دهشته.
2 - ص15 يقول ابن قتيبة في معرض حديثه عن الله وإكرامه لأمة محمد عليه السلام (وأوسع لنا من طيب الرزق، وحرم علينا الخبائث، ولم يجعل في الدين من حرج، ولا خطر بالاستعباد إلا ما جعل منه الخلف الأطيب والبذْلَ الأوفر رحمة منه وبراً ولطفاً وعطفاً).
وليس للبذل هنا أي معنى، والصواب: (والبدَل الأوفر)
3 - ص16 تحدث ابن قتيبة عن اختلاف الناس في الأشربة (. . . حتى يحتاج ابن سيرين مع ثاقب علمه، وبارع فهمه إلى أن يسأل عبيده السلماني عن النبيذ، وحتى يقول له عبيده، وقد لحق خيار الصحابة وعلماءهم ومنهم علي وابن مسعود، اختلف علناً في النبيذ. وفي رواية أخرى آخذت الناس أشربة كثيرة فمالي شراب منذ عشرين سنة إلا من لبن أو ماء أو عسل)
وعلق الأستاذ على ذلك بقوله: (في ع: علينا والغالب أنها علنا)
وقد أخطأ في تصويبه، ولم يدرك أن (اختلف) مبني للمجهول. والصواب: (اختُلِفَ علينا في النبيذ. وفي رواية أخرى: أحدث الناس أشربة كثيرة. . .)
وابن سيرين هو أبو بكر محمد بن سيرين البصري روى عن مولاه أنس بن مالك وزيد بن ثابت وأبي هريرة وعائشة وطائفة من كبار التابعين. قال ابن سعد، وكان ثقة مأموناً عالياً رفيعاً فقيهاً إماما كثير العلم. مات سنة عشر ومائة.
وقد ترجم ابن قتيبة لعبيده السلماني في كتاب المعارف ص188 فقال: (هو عبيده بن قيس السلماني من مراد. قال ابن سيرين. قال عبيده: أسلمت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين فصليت ولم ألق رسول الله. ومات سنة اثنتين وسبعين)
4 - ص17 ذكر ابن قتيبة أنه بين مذاهب الناس في الشراب وحجة كل فريق (لعل الله يهدي به مسترشداً، ويكشف من غمّةً، وينقذ من حيرة، ويعصم شارباً ما دخل على الفاسد من التأويل والضعيف من الحجة. . .).
والصواب (ويعصم شارباً مما أحِلَّ على الفاسد من التأويل والضعيف من الحجة) قال ابن قتيبة في ص36 (. . . وتتابع الناس في الأشربة المسكرة على التأويل. . .)
5 - ص17 يقول ابن قتيبة (قد أجمع الناس على تحريم الخمر بكتاب الله إلا قوماً من مَجَّان أصحاب الكلام وفساقهم لا يعبأ الله بهم. . .)
هكذا ضبط الأستاذ كلمة (مجان) بفتح الميم، والصواب ضمها.
6 - ص18 ذكر ابن قتيبة بعض أقوال هؤلاء المُجَّان ثم عقب عليه بقوله (وليس للشغل بهؤلاء وجه، ولا لتشقيق الكلام بالحجج عليهم معنى؟ إذ كانوا ممن لا يجعل حجة على إجماع، وإذ كان ما ذهبوا إليه لا يختل على عاقل ولا جاهل)
والصواب (لا يُخِيلُ) أي لا يشكل من قولهم: هذا شيء لا يخيل على أحد أي لا يلتبس أو يجوز عليه.
7 - ص21 قال الشاعر:
نبيذ إذا مرَّ الذباب بدَنّه ... تفطَّر أو خر الذباب وقيذا
والصواب (تقطر) بالقاف لا بالفاء، جاء في لسان العرب (طعنه فقطره، أي ألقاه على قطره أي جانبه، فتقطر، أي سقط وقال الليث إذا صرعت الرجل صرعة شديدة قلت: قطرته، وأنشد:
قد علمت سلمى وجاراتها ... ما قطر الفارس إلا أنا
8 - ص21 (وقال آخر:
تركت النبيذ وشراره ... وصرت حديثاً لمن عابه
شراباً يضل سبيل الرشاد ... ويفتح للشر أبوابه
والصواب كما في العقد الفريد 4319 (وصرت خديناً لمن
عابه. شارب يضل. . .)
9 - ص21 (عن عمر بن شيبة بن أبي كبير الأشجعي عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خدر الوجه من النبيذ تتناثر منه الحسنات).
والصواب (عن عمر بن شيبة بن أبي كثير الأشجعي) كما في
الإصابة 3218 - 219 ولسان الميزان 4312 مجمع الزوائد
4230 والجرح والتعديل 3115 من القسم الأول.
والحديث مذكور في الإصابة 3219 وفي لسان الميزان
4482483 وهو حديث منكر.
وشيبة بن أب كثير هذا هو الذي داعب امرأته فماتت من وقع يده عليها في غزوة تبوك. وقد سأل النبي عليه السلام عن ذلك فقال: لا ترثها، كما في الإصابة ومجمع الزوائد من رواية ابنه عمر عنه.
10 - ص22 (وحدثني سبابة، عن عمرو بن حميد، عن كبير بن سُليم قال: حدثني أصحاب أنس عنه أنه كان يشرب النبيذ الصلب الذي كون في الخوابي) والصواب (وحدثني شبابه. . . عن كثير بن سليم).
وهو شبابه بن سوار المتوفى سنة ست ومائتين كما في تهذيب
التهذيب 4300 والمعارف لابن قتيبة ص229 وخلاصة
تذهيب الكمال ص142 وطبقات ابن سعد766
وأما كثير فهو كما جاء في خلاصة تذهيب الكمال 272 (كثير بن سليم الضبي، أبو سلمة المدائني، روى عن أنس. قال أبو حاتم وهو منكر الحديث.
11 - ص22، 23 قال ابن قتيبة: وأما المسكر فإن فريقاً يذهبون إلى أن كل شيء أسكر كثيره كائناً ما كان ولو بلغ فرقاً فقليله كائناً ما كان ولو كان مثقال حبة من خردل حرام. . . عن عائشة رحمة الله عليها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل مسكر حرام. وما أسكر الفرق فالحسوه منه حرام).
شرح الأستاذ كلمة الفرق بقوله (الفرق بكسر الفاء القسم من كل شيء).
والصواب (الفرق بفتح الفاء والراء) قال ابن قتيبة في ص109 من هذا الكتاب (والعوام يقولون الفرق بسكون الراء؛ ويذهبون إلى أنه مائة وعشرون رطلا على ما اصطلحوا عليه في فرق الدوشاب. ومن في وسعه أن يشرب مائة وعشرين رطلا حتى يعلم ما يسكر منه هذا المقدار من الشراب؟ وإنما هو الفرق بنصب الراء، وهو ستة عشر رطلا، قال خداش بن زهير.
يأخذون الأرش من إخوانهم ... فرَق السمن وشاة في الغنم
وللعرب أربعة مكاييل مشهورة. المدَّ. والصاع. والقسط، والفرق، وهو ستة عشر رطلاً، ستة أقساط في قول الناس جميعاً
12 - ص25 قيل للعباس بن مرداس (بعد ما آمن وأسلم: قد كبرت سنك، ودق عظمك، فلو أخذت من هذا النبيذ شيئاً يقويك! فقال: أصبح سيد قومي وأمسي سفيههم! وآليت ألا يدخل رأسي ما يحول بيني وبين عقلي) والصواب: (ورق عظمك. . . سفيههم آليت. . .)
13 - ص27 (ودخل أمية بن خالد بن أسيد على عبد الملك بن مروان وبوجهه آثار فقال: ما هذا؟ فقال: قمت الليل فأصاب الباب وجهي. فقال عبد الملك:
رأتني صريع الخمر يوماً فسؤتها ... وللشاربيها المدمنيها مصارع
فقال أمية: لا آخذني الله بسوء ظنك يا أمير المؤمنين. فقال بل لا آخذني الله بسوء مصرعك).
والصواب: (ودخل أمية بن عبد الله بين خالد بن أسيد).
والقصة موجودة في العقد 4321 ومحاضرات الأدباء 1326
وقد ذكر ابن قتيبة أمية بن عبد الله في عدة مواضع من كتاب
(عيون الأخبار) وقد ورد في الجزء الأول منه ص166 هذا
النص: وقال عبد الملك بن مروان في أمية بن عبد الله بن
خالد:
إذا صوت العصفور طار فؤاده ... وليث حديد الناب عند الثرائد وهو خطأ لأن عبد الملك لم يقل هذا البيت وإنما قاله عمرو بن حرثان. وروى العتبي أن عبد الملك بن مروان قال لأمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد: مالك بعمرو بن حرثان حيث يقول فيك:
إذا هتف العصفور طار فؤاده ... وليث حديد الناب عند الثرائد
فقال يا أمير المؤمنين، وجب عليه حد فأقمته، فقال: هلا درأت عنه بالشبهات؟ فقال: الحد أبين، وكان رغمه علي أهون. فقال عبد الملك: يا بني أمية أحسابكم وأنسابكم لا تعرِّضوها للهجاء. وإياكم وما سار به الشعر، فإنه باق ما بقى الدهر. والله ما يسرني أني هجيت بهذا البيت وأن لي ما طلعت عليه الشمس:
يبيتون في المشتى ملاء بطونهم ... وجاراتهم غرثى يبتنَ خمائصا
وما يبالي من مُدح بهذين البيتين ألا يمدح بغيرهما:
هنالك إن يُستخبلوا المال يُخبلوا ... وإن يسألوا يُعطوا وإن ييسروا يُغلوا
على مكثريهم رزق من يعتريهمُ ... وعند المقلين السامحة والبذل
راجع أخبار أمية بن عبد الله مع أبي فديك الخارجي في
الطبري 7194، 195
14 - ص28 (وكان ابن هرمة الشاعر في شرفه ونسبه وجوده يشرب الخمر بالمدينة ويسكر فلا يزال الشرط وقد أخذوه ورفعوه إلى الوالي في المدينة فحده. . .).
والصواب (فلا يزال الشرط قد أخذوه. . . في المدينة يحده)
15 - ص30 (وحدثني الرياشي عن الأصمعي قال: كان عقيل بن علقمة المري غيوراً. . .)
والصواب (عقيل بن عُلَّفَة). قال البغدادي في خزانة الأدب
2278 (وعقيل بفتح العين، وكسر القاف، وعلفه بضم العين
المهملة وتشديد اللام المفتوحة بعدها فاء، وهو علم منقول من
واحد العلف وهو ثمر الطلع. ونقل الشريف المرتضى في آماليه 240 معنى العلفة عن ابن الأعرابي وأبي سعيد
السكري وكرر ابن قتيبة ذكر عقيل ابن علفة في عيون
الأخبار، وقد ترجم له أبو الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني
ترجمة طويلة
1185 - 93 قال فيها (وعقيل شاعر مجيد مقل، من شعراء
الدولة الأموية. وكان أعرج جافيا شديد الهوج والعجرفية
والبذخ بنسبه في بني مرة، لا يرى له كفؤاً، وكانت قريش
ترغب في مصاهرته، تزوج إليه حلفاؤها وأشرافها).
(يتبع)
السيد أحمد صقر
المدرس بالليسيه الفرنسية بمصر الجديدة
مجلة الرسالة - العدد 830
بتاريخ: 30 - 05 - 1949
حسب الأستاذ أن ظفره بهذه النسخ قد هداه إلى أصح روايات الكتاب، ومكنه من نشره نشراً علمياً صحيحاً يرضي النقاد الأمناء على تراث العرب، وليس ذلك من الحق في شيء، فإنه لم يفطن إلى أصح الروايات إلا قليلاً، وخرج الكتاب من بين يديه مفعماً بالتحريف، مترعاً بالتصحيف، ووقعت في حواشي الكتاب التي صنعها أوهام لغوية غريبة عجيبة ما كنت لأعنى بتبيانها لولا أن الأستاذ رئيس للمجمع العلمي العربي بدمشق وعضو في مجمع فؤاد الأول للغة العربية بالقاهرة.
1 - جاء في ص74 (وماذا يقولون في رجل زنى وهو لا يعلم أن الله حرَّم الزنا؟ وآخر زنى وهو يعلم أن الزنا من الكبائر التي تسخط الرب وتوجب النار؟ أيهم أقرب إلى السلامة وأولى من الله بالعفو؟ أو ليس أهل العلم على أن الذي لا يعلم لا حدَّ عليه من جَلْد وتعزير ولا رجم؟ وأن على الآخر حد البكر إن كان بِكراً، وحدّ المحصن إن كان محصناً؟ فهذه أحكام الدنيا، وأما أحكام الآخرة فلولا كراهة التألي على الله لقلنا في الذي ركب الفاحشة وهو لا يعلم أن الله حرمها، معفو عنه)
وعلق الأستاذ على ذلك بقوله: (التألي: التكبر)!!!
وهذا شرح ينبو عنه الذوق، ولا يسوغ في شرعة العقل والدين. ولا يتصور أن يكون التكبر على الله قد دار بخلد ابن قتيبة أو طاف بفكره عندما كتب هذا الكلام
إن ابن قتيبة لم يقصد بكلمة: (التألي) إلا معناها المشهور، وهو القسم والحكم على الله. جاء في لسان العرب: (وقد تألّيتُ، وائتليت: أقسمت، وفي الحديث: من يتأل على الله يُكْذبْهُ، أي من حكم عليه وحلف، كقولك: والله ليدخلنَّ اللهُ فلاناً النار ويُنجحن اللهُ سعي فلان. وفي الحديث: ويل للمتألّين من أمتي، يعني الذين يحكمون على الله ويقولون: فلان في الجنة وفلان في النار).
وسيرى القارئ بإذن الله من أمثلة هذا الشرح العجيب ما يستنفد عجبه، ويستفرغ دهشته.
2 - ص15 يقول ابن قتيبة في معرض حديثه عن الله وإكرامه لأمة محمد عليه السلام (وأوسع لنا من طيب الرزق، وحرم علينا الخبائث، ولم يجعل في الدين من حرج، ولا خطر بالاستعباد إلا ما جعل منه الخلف الأطيب والبذْلَ الأوفر رحمة منه وبراً ولطفاً وعطفاً).
وليس للبذل هنا أي معنى، والصواب: (والبدَل الأوفر)
3 - ص16 تحدث ابن قتيبة عن اختلاف الناس في الأشربة (. . . حتى يحتاج ابن سيرين مع ثاقب علمه، وبارع فهمه إلى أن يسأل عبيده السلماني عن النبيذ، وحتى يقول له عبيده، وقد لحق خيار الصحابة وعلماءهم ومنهم علي وابن مسعود، اختلف علناً في النبيذ. وفي رواية أخرى آخذت الناس أشربة كثيرة فمالي شراب منذ عشرين سنة إلا من لبن أو ماء أو عسل)
وعلق الأستاذ على ذلك بقوله: (في ع: علينا والغالب أنها علنا)
وقد أخطأ في تصويبه، ولم يدرك أن (اختلف) مبني للمجهول. والصواب: (اختُلِفَ علينا في النبيذ. وفي رواية أخرى: أحدث الناس أشربة كثيرة. . .)
وابن سيرين هو أبو بكر محمد بن سيرين البصري روى عن مولاه أنس بن مالك وزيد بن ثابت وأبي هريرة وعائشة وطائفة من كبار التابعين. قال ابن سعد، وكان ثقة مأموناً عالياً رفيعاً فقيهاً إماما كثير العلم. مات سنة عشر ومائة.
وقد ترجم ابن قتيبة لعبيده السلماني في كتاب المعارف ص188 فقال: (هو عبيده بن قيس السلماني من مراد. قال ابن سيرين. قال عبيده: أسلمت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين فصليت ولم ألق رسول الله. ومات سنة اثنتين وسبعين)
4 - ص17 ذكر ابن قتيبة أنه بين مذاهب الناس في الشراب وحجة كل فريق (لعل الله يهدي به مسترشداً، ويكشف من غمّةً، وينقذ من حيرة، ويعصم شارباً ما دخل على الفاسد من التأويل والضعيف من الحجة. . .).
والصواب (ويعصم شارباً مما أحِلَّ على الفاسد من التأويل والضعيف من الحجة) قال ابن قتيبة في ص36 (. . . وتتابع الناس في الأشربة المسكرة على التأويل. . .)
5 - ص17 يقول ابن قتيبة (قد أجمع الناس على تحريم الخمر بكتاب الله إلا قوماً من مَجَّان أصحاب الكلام وفساقهم لا يعبأ الله بهم. . .)
هكذا ضبط الأستاذ كلمة (مجان) بفتح الميم، والصواب ضمها.
6 - ص18 ذكر ابن قتيبة بعض أقوال هؤلاء المُجَّان ثم عقب عليه بقوله (وليس للشغل بهؤلاء وجه، ولا لتشقيق الكلام بالحجج عليهم معنى؟ إذ كانوا ممن لا يجعل حجة على إجماع، وإذ كان ما ذهبوا إليه لا يختل على عاقل ولا جاهل)
والصواب (لا يُخِيلُ) أي لا يشكل من قولهم: هذا شيء لا يخيل على أحد أي لا يلتبس أو يجوز عليه.
7 - ص21 قال الشاعر:
نبيذ إذا مرَّ الذباب بدَنّه ... تفطَّر أو خر الذباب وقيذا
والصواب (تقطر) بالقاف لا بالفاء، جاء في لسان العرب (طعنه فقطره، أي ألقاه على قطره أي جانبه، فتقطر، أي سقط وقال الليث إذا صرعت الرجل صرعة شديدة قلت: قطرته، وأنشد:
قد علمت سلمى وجاراتها ... ما قطر الفارس إلا أنا
8 - ص21 (وقال آخر:
تركت النبيذ وشراره ... وصرت حديثاً لمن عابه
شراباً يضل سبيل الرشاد ... ويفتح للشر أبوابه
والصواب كما في العقد الفريد 4319 (وصرت خديناً لمن
عابه. شارب يضل. . .)
9 - ص21 (عن عمر بن شيبة بن أبي كبير الأشجعي عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خدر الوجه من النبيذ تتناثر منه الحسنات).
والصواب (عن عمر بن شيبة بن أبي كثير الأشجعي) كما في
الإصابة 3218 - 219 ولسان الميزان 4312 مجمع الزوائد
4230 والجرح والتعديل 3115 من القسم الأول.
والحديث مذكور في الإصابة 3219 وفي لسان الميزان
4482483 وهو حديث منكر.
وشيبة بن أب كثير هذا هو الذي داعب امرأته فماتت من وقع يده عليها في غزوة تبوك. وقد سأل النبي عليه السلام عن ذلك فقال: لا ترثها، كما في الإصابة ومجمع الزوائد من رواية ابنه عمر عنه.
10 - ص22 (وحدثني سبابة، عن عمرو بن حميد، عن كبير بن سُليم قال: حدثني أصحاب أنس عنه أنه كان يشرب النبيذ الصلب الذي كون في الخوابي) والصواب (وحدثني شبابه. . . عن كثير بن سليم).
وهو شبابه بن سوار المتوفى سنة ست ومائتين كما في تهذيب
التهذيب 4300 والمعارف لابن قتيبة ص229 وخلاصة
تذهيب الكمال ص142 وطبقات ابن سعد766
وأما كثير فهو كما جاء في خلاصة تذهيب الكمال 272 (كثير بن سليم الضبي، أبو سلمة المدائني، روى عن أنس. قال أبو حاتم وهو منكر الحديث.
11 - ص22، 23 قال ابن قتيبة: وأما المسكر فإن فريقاً يذهبون إلى أن كل شيء أسكر كثيره كائناً ما كان ولو بلغ فرقاً فقليله كائناً ما كان ولو كان مثقال حبة من خردل حرام. . . عن عائشة رحمة الله عليها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل مسكر حرام. وما أسكر الفرق فالحسوه منه حرام).
شرح الأستاذ كلمة الفرق بقوله (الفرق بكسر الفاء القسم من كل شيء).
والصواب (الفرق بفتح الفاء والراء) قال ابن قتيبة في ص109 من هذا الكتاب (والعوام يقولون الفرق بسكون الراء؛ ويذهبون إلى أنه مائة وعشرون رطلا على ما اصطلحوا عليه في فرق الدوشاب. ومن في وسعه أن يشرب مائة وعشرين رطلا حتى يعلم ما يسكر منه هذا المقدار من الشراب؟ وإنما هو الفرق بنصب الراء، وهو ستة عشر رطلا، قال خداش بن زهير.
يأخذون الأرش من إخوانهم ... فرَق السمن وشاة في الغنم
وللعرب أربعة مكاييل مشهورة. المدَّ. والصاع. والقسط، والفرق، وهو ستة عشر رطلاً، ستة أقساط في قول الناس جميعاً
12 - ص25 قيل للعباس بن مرداس (بعد ما آمن وأسلم: قد كبرت سنك، ودق عظمك، فلو أخذت من هذا النبيذ شيئاً يقويك! فقال: أصبح سيد قومي وأمسي سفيههم! وآليت ألا يدخل رأسي ما يحول بيني وبين عقلي) والصواب: (ورق عظمك. . . سفيههم آليت. . .)
13 - ص27 (ودخل أمية بن خالد بن أسيد على عبد الملك بن مروان وبوجهه آثار فقال: ما هذا؟ فقال: قمت الليل فأصاب الباب وجهي. فقال عبد الملك:
رأتني صريع الخمر يوماً فسؤتها ... وللشاربيها المدمنيها مصارع
فقال أمية: لا آخذني الله بسوء ظنك يا أمير المؤمنين. فقال بل لا آخذني الله بسوء مصرعك).
والصواب: (ودخل أمية بن عبد الله بين خالد بن أسيد).
والقصة موجودة في العقد 4321 ومحاضرات الأدباء 1326
وقد ذكر ابن قتيبة أمية بن عبد الله في عدة مواضع من كتاب
(عيون الأخبار) وقد ورد في الجزء الأول منه ص166 هذا
النص: وقال عبد الملك بن مروان في أمية بن عبد الله بن
خالد:
إذا صوت العصفور طار فؤاده ... وليث حديد الناب عند الثرائد وهو خطأ لأن عبد الملك لم يقل هذا البيت وإنما قاله عمرو بن حرثان. وروى العتبي أن عبد الملك بن مروان قال لأمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد: مالك بعمرو بن حرثان حيث يقول فيك:
إذا هتف العصفور طار فؤاده ... وليث حديد الناب عند الثرائد
فقال يا أمير المؤمنين، وجب عليه حد فأقمته، فقال: هلا درأت عنه بالشبهات؟ فقال: الحد أبين، وكان رغمه علي أهون. فقال عبد الملك: يا بني أمية أحسابكم وأنسابكم لا تعرِّضوها للهجاء. وإياكم وما سار به الشعر، فإنه باق ما بقى الدهر. والله ما يسرني أني هجيت بهذا البيت وأن لي ما طلعت عليه الشمس:
يبيتون في المشتى ملاء بطونهم ... وجاراتهم غرثى يبتنَ خمائصا
وما يبالي من مُدح بهذين البيتين ألا يمدح بغيرهما:
هنالك إن يُستخبلوا المال يُخبلوا ... وإن يسألوا يُعطوا وإن ييسروا يُغلوا
على مكثريهم رزق من يعتريهمُ ... وعند المقلين السامحة والبذل
راجع أخبار أمية بن عبد الله مع أبي فديك الخارجي في
الطبري 7194، 195
14 - ص28 (وكان ابن هرمة الشاعر في شرفه ونسبه وجوده يشرب الخمر بالمدينة ويسكر فلا يزال الشرط وقد أخذوه ورفعوه إلى الوالي في المدينة فحده. . .).
والصواب (فلا يزال الشرط قد أخذوه. . . في المدينة يحده)
15 - ص30 (وحدثني الرياشي عن الأصمعي قال: كان عقيل بن علقمة المري غيوراً. . .)
والصواب (عقيل بن عُلَّفَة). قال البغدادي في خزانة الأدب
2278 (وعقيل بفتح العين، وكسر القاف، وعلفه بضم العين
المهملة وتشديد اللام المفتوحة بعدها فاء، وهو علم منقول من
واحد العلف وهو ثمر الطلع. ونقل الشريف المرتضى في آماليه 240 معنى العلفة عن ابن الأعرابي وأبي سعيد
السكري وكرر ابن قتيبة ذكر عقيل ابن علفة في عيون
الأخبار، وقد ترجم له أبو الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني
ترجمة طويلة
1185 - 93 قال فيها (وعقيل شاعر مجيد مقل، من شعراء
الدولة الأموية. وكان أعرج جافيا شديد الهوج والعجرفية
والبذخ بنسبه في بني مرة، لا يرى له كفؤاً، وكانت قريش
ترغب في مصاهرته، تزوج إليه حلفاؤها وأشرافها).
(يتبع)
السيد أحمد صقر
المدرس بالليسيه الفرنسية بمصر الجديدة
مجلة الرسالة - العدد 830
بتاريخ: 30 - 05 - 1949