ظلت صحراء المغرب ثقافة و تراثا ، أرضا وإنسانا ، مجالا بكرا لم تطمثه يد المخرجين السينمائيين إلا غرارا ، بيد أن السنوات الأخيرة التي تبحبحت فيها صحراء المغرب نعمة وضع الحرب أوزارها ، شهدت ميلاد أفلام عديدة عن الصحراء و ثقافتها ، و ليس خافيا أن الدراما المنتجَة على قلة محصولها تنبئ عن قدرة اللسان الحساني على مخاطبة الجمهور ببلاغة ناذرة تفجرها طاقات المبدعين من بني بجَدة هذا اللسان الماهرين في النطق بمفرداته وتراكيبه ، وقد أثارت الدراما المغربية المنتجة باللهجة الحسانية الانتباه إلى ضرورة العناية بصقل ملكة اللسان لدى جمهرة من الممثلين ، " فبقدر ما يكون التكلم بالدارجة (والحسانية) يسيرا ، " بقدر ما تكون قراءتها شاقة مملوءة بالفخاخ " على حد تعبير عبد الفتاح كيليطو[1] ، فنبرة الصوت تحيل على مرجعية المولد ، ولغة الأم ان سلم الإنتاج الدرامي بها تشعر السامع بشيء من " الإحساس بالحميمية والألفة ، وصلة الرحم ، و التعرف والاعتراف "[2]. و قد تجتاحك هذه الأحاسيس مفعمة باللذة والمتعة حين تشاهد الفيلم موضوع هذه الورقة " أربع حجرات " الذي سنسلط عليه أقباسا من الضوء الكاشف ، بينما قد تبعث فيك متابعة فيلم آخر "دموع فريحة" إحساسا بما يسميه كيليطو اللسان المفلوق[3] الذي قلل من جمالية تلقي المشاهد الصحراوي لقصة درامية ماتعة رائعة .
و ليس من قبيل الصدفة أن تكون المرأة في الفيلمين معا مركزاً ، و نسيجُ الأحداث الدرامية المتنامية محيطا ، فالمرأة في المتخيل و الواقع بالصحراء هي الدنيا أو هي عماد الحياة و ركنها الأعظم لدرجة أن الشاعر قال :
اعْلَ لبْن لْبَلْ كُنت طَابْ = واعْلَ مْريُّومَ نَوْمَ
والدنيا كَاعْ ألاَّ شْرَابْ = لَبْنْ لْبَلْ و امْرَيُّومَ .
معناه : على لبن الإبل (النوق) كنت مدمنا (متعودا).... وعلى " مريم " أتردد
و دنياي لا تزيد عن شربة لبن و لقيا مريم .
إن العتبة الأساسية المفضية إلى أحشاء هذا العمل الدرامي الرائق ( فيلم أربع حجرات) هي العنوان ، بيد أنه جاء مخاتلا كأنما يستدرج المشاهد و ينصب له فخ الغواية كي يستمرئ و يستعذب الاستمرار في المشاهدة من أجل معرفة المقصود الذي لا يلمح إليه ولا يصرح به المركب الإضافي " أربع حجرات " ، مع أن المهتم بالموروث السردي و الحكائي الشعبي قد يحس بشيء من الاستئناس والألفة لا الاستيحاش والغربة حين سماعه ، إذ تأتيه راغمة وطوعا أطياف حكايات تنطوي على العدد مثل " حكاية اثلث كلمات " أو حكاية شرتات و الكدحات الثلاثَ....
و المتتبع لأحداث الفيلم يكتشف أن أربع حجرات مقتبسة من رؤيا البطلة التي لاذت بالضريح (سيدي بارا) ، ورأت فيما رأته الولي الصالح وهو يعطيها أحجارا ثلاثة سنعرف لاحقا بعد توالي الأحداث الدرامية أنها من حجر " كَجيّم " ، و يوصيها بما يلزمها فعله كي تكشف غمتها و تحقق بغيتها بالزواج من الغريب الحبيب لا القريب المضمخ بالشيب الذي رام الاقتران بها ، إذ يوصيها الولي في الرؤيا قائلا : " هاذو أربع حجرات ، اثنتين عند انْصيبة الشيخ معلكَات ، وحده في البير الدلال ، و حجرة السعد معاك بكَات ...اللي اجمعهم هو سعدك ، كَُومي حاجتك قضات ". ان هذه المنامة التي صيغت على نحو مسجوع يذكر بكلام السحرة من جهة ، تحيل من جهة أخرى على مرجعية صوفية شعبية احتلت الوجدان الشعبي حينا من الزمن ، إذ أن التوسل بالأولياء والصالحين ليس من اختلاق أذهان العامة كما قد نتخيل بل ترجع أصوله إلى ينابيع من التراث الصوفي الممتد عميقا في التربة المغربية (بلد المائة ألف ولي حسب ما نقله بول باسكون ).
وعلى العموم ، يمكن النظر إلى الفيلم من زاويتين متضايفتين ، أولهما : زاوية الانجاز أي حين يتحول النص إلى منجز درامي ، ثانيهما : زاوية النص بوصفه نسيجا متواشجا من الكلمات والمعاني تؤسس بنى يشكل الخطاب بمعناه البلاغي والتواصلي سداها .
أولا : الفيلم كمنجز درامي
لست من أهل الاختصاص كي ألقي نظرة ناقد فاحصة على الفيلم من الناحية الفنية و التقنية ، لكنني من موقع المشاهد العادي غير الخبير ، أستطيع الإدلاء ببعض الملاحظات التي لا تخرج عن دائرة الانطباعات، ومنها:
إن استغلال تعاقب الليل والنهار في التصوير ، أضفى على الفيلم رونقا فنيا ، فالمشاهد والأحداث التي تجري نهارا ( والنهار بعينيه كما في المثل الشعبي ) ، تم تصويرها في وضحِه وعزه ، مثل مشاهد الصيد و المبارزة ، فقد جرت المصارعة بين الغريمين الذين احتكما إلى القوة العضلية للفوز بالمكافأة (الزواج بالريم ) نهارا دون استيحاء وسائل القضاء على الخصم غير المتولدة من تراث البدو القائم على فكرة إبراز المروءة والشجاعة و وعدم القتل غدرا و غيلة أو رميا بالرصاص على حين غفلة أو غرّة ، أما المشاهد الليلية فجاءت في الفيلم على قدر كبير من العفوية والصفاء و إظهار الطقوس الجميلة التي تطبع ليل الصحراء ، فالإضاءة الخفيفة الممعنة في تلافي إفساد متعة الاصطلاء بالنار التي تضيء فحمة الليل المدلهم ، و القمر الذي يتسلل ضوؤه من بين الغيوم ، تبعث في النفس الشوق إلى ليالي السمر بالبادية ، وتمتع المشاهد بمشهد لا مكان فيه لأضواء الأعمدة المزعجة .
لقد كان المطلع الدرامي شديد الإيحاء ، إذ يخرج الفتى من الخيمة مع رفيقه ويودع أمه التي تقبس قبسة من أثره ، لا تظنوه موسى عليه السلام !، فللأثر دلالة متجذرة في المعتقد الشعبي ، ومن غير المحمود في ثقافتنا الشعبية أن تنادي شخصا قد أدبر ماشيا ، ( لا تعَيْطو ( لا تنادوا ) في أثري !، قالت الحلمة في الحكاية الشعبية ) ، و لموطئ القدم الذي قبضت منه الأم قبضة ثم تلت عليها بعض التعاويذ دلالات في معتقداتنا التي تهجع فيها كثير من بقايا الأساطير والخرافات ، فالمعيان يُصب على أثر أقدامه الماء لتبرد شرارة وشرّ عينيه ، والولد ( لوشاع) سيضرب في الأرض صائدا على جهتين ، صيد الوحيش وصيد الريم ، وفي الحال الثاني يتوجس خيفة من " قفاة الأثر " (ياك ما كَاصْ أثرنا حد ؟) ، وهو يعي المخاطر أو يتحسسها حين يلتمس منذ لحظة الخروج الأولى Exodeمن أمه الدعاء له بالنصر وتلاوة التعاويذ على " أثره" ( حَجْبيِ فْأَثْرِي) ، و أثر الوطء أو موطئ القدم ( الوطية) يحتمل معنى الوطء بالأقدام ( خفف الوطء) كما يحتمل الوطء بمعنى الدخول بالمرأة (مشهد القران ) ،وذاك ما ينتهي به الفيلم ...
ثانيا : النص -/ بلاغة الخطاب و سحر الكلمة .
النص الدرامي أو قصة الفيلم مستوحاة دون مواربة من التراث الصحراوي ، وسواء أكان في الأصل حكاية متخيلة أم واقعة حقيقية ، فان المعول عليه ، انه منبثق من التراث و محيل عليه ، و التراث ليس ماضيا مضى وانتهى بلهُ حاضر مستمر بشكل " يجعل من ثقافة الماضي في وعينا نحن العرب تراثا وليس مجرد ارث ، باعتبار أن الإرث هو ما يرثه الابن عن أبيه بعد أن يموت هذا الأخير ، فهو عنوان على اختفاء الأب وحلول الابن محله ، أما التراث فهو ما يبقى حاضرا في الخلف من السلف أو هو حضور السلف في الخلف ، وذلك ما يجعله ينتمي إلى مجال العقيدة لا إلى مجال الرأي ,,,, " كما قال المرحوم محمد عابد الجابري[4] ، " فحين يهزنا اليوم شعر امرئ القيس أو المتنبي أو أبي تمام ، فليس لأنه ماض عظيم ، ولكن لأنه إبداعيا يمثل لحظة تخترق الأزمنة ، فالإبداع حضور دائم ، وهو بكونه حضورا دائما ، حديث دائم "[5].
والنص يشبه أو يحاكي كثيرا من الحكايات والأقاصيص الشعبية التي " تحمل في ثناياها التحولات الاجتماعية والقيمية التي تشهدها المجتمعات الشفاهية " [6] ، ومن الجائز التقاط التململ والتبرم ابتداء من مصاهرة الغريب ، لكن الدراما تنتهي بهذا التحول القيمي الذي يثبت كسرا لبعض قيم القبيلة بالزواج من شخص لا ينمى إليها ، وتكمن قوة المسار الدرامي في احتفاظه بل تركيزه على ملفوظات تقدح الغريب ولا تمدحه من قبيل : " التراب ألا اللي بغى يدخلها و يمركها ، مانكم جايبين خبرُ " – الريح اللي صاكتك لنا شنهي يكطع بيها " ، بل إنه ينطوي على تناص مع نصوص أخرى تنتمي لأدب الصحراء بمعناه الواسع ، ألم يكتب الروائي الكبير عبد الرحمان منيف في حوار بين إحدى شخصياته مع الغريب عن القبيلة
" ( اليوم الأسود يوم جينا وشفناك = واليوم الأبيض يوم تعطينا قفاك"
وهذا متسق تماما من حيث المعنى مع
" أخبار لمرحب بيهم ,, لوشاع أثرو منين ينبت,,, الريح ال صاكتك لنا شنهي يقطع بيها.....
والنص في هذا المقام لا يخفي تغير القيم الذي نتحسسه من الحوار بين " الراحل " الطامح إلى الاقتران بالريم كي يكمل سنة رجال القبيلة ( مثنى وثلاث) و الفتى وزير "لوشاع " وصاحبه الأثير حين يزجره وينهره قائلا : " انت امللي تتكلم مع حدْ ما هو فقدرك ولا فمكانتك" ؟ .
والنص في مجمله باذخ بسحر الكلمة ، و أقصد بسحر الكلمة قوتها الروحية التي عناها صاحب كتاب اللغة والأسطورة حيث قال : "لقد كان مسارا ارتقائيا طويلا ، كان ينبغي للعقل أن يقطعه ، ويعبر من الاعتقاد بقوة نفسية – سحرية تتشكل في "الكلمة " إلى إدراك قوتها الروحية "[7] ، كما اعني قوة البلاغة التي ينبؤك عنها عدد ترددات الأمثال الحسانية التي أحصيت منها ما يناهز سبعا وثلاثين مثلا سيقت في موردها دون تكلف أو عنت ، فضلا عن الألغاز (الزركات) مثل : الناكة راحت و ذراها اثنتين ، ناهيك عن كم هائل من الرموز التي " تعبر عن التجربة الحميمة كما لو أنها تجربة حسية "[8] .
قال السالك مخاطبا الريم :
" انتِ حدّْ شَرَى لك لبحر ، وعلكَْ عينو فهذب كَاكَة ، و فْكَفُّو نزّل لك محصر ، يكانك لاهي تعطيه الناكة ؟"
قالت الريم مخاطبة لوشاع :
" إل عت ألا عطشان ، اشرب لك من ذي الشكوة "
لوشاع مجيبا : عطشي ألا بصفتو " ،
عطشي له معنى آخر ، عطش الروح أي العشق المحموم.
و تساوقا مع بلاغة الخطاب و وظيفته الشعرية المائزة له في هذا المنجز الدرامي الشائق ، تلوح الصحراء كامرأة مغناج فاتن جميل مبسمها ، ينساب فتونها على ألسن فتيات أوتين من جمالها نصيبا ، تقول إحداهن للأخرى : " منين اعود العام معلوم ، تعود الصحرا ألا منية ... مولانا زين ضحكتها " ...، والصحراء تتلامح أيضا مثل امرأة تثير الوجد ن فينهمر الشعر منسابا مع أغنيات رائعة تقطر مديحا لأرض " تيرس "...، والصحراء قصيدة شعر أو لا تكون ، لا يدع أبناؤها الشعر حتى تدع إبلها الحنين ، فهذا لوشاع الفتى المتيم المولّه يعبر عن عشقه ووجده :
" أنا كاع إل مشيت = حزمي بعد ألا خالكَْ
من حد معلكَْ توشيت = سقمو فيّ مزاركَْ
لقد مثل هذا الغزل العفيف اختراقا لطيفا للطابو الاجتماعي الذي يمنع الاقتراب من نساء القبيلة ، فما بالك بالتغزل بإحداهن من قبل أجنبي غريب عنها ؟
تلك المرأة التي قدحت نار الإبداع في نفس ذاك الفتى ، مسّت الكهل أيضا بشهاب من الكمد و الوجد ،جعله يخرق العرف و يخلق من الصور البلاغية البديعة المفعمَ ب " استعارات تمثيلية جريئة "، " " انت حد شرى لك لبحر ، وعلكَْ عينو فهذب كاكة ، و فكفو نزّل لك محصر ، يكانك لاهي تعطيه الناكة" ، فهي كالتي وصفها الشاعر سعيد بن محمد الخروصي المعروف بالغشري بقوله :
" لها طرف تلوذ به المعاصي = وأعطاف يلوذ بها الوقار "[9]
ثالثا : الدراما و القيم و العادات :
قال المهدي المنجرة: قد يكون بمقدورك تفجير المدن و تخريب المباني لكن لن تستطيع فعل ذلك بالقيم التي هي اصلب العناصر في المكونات الاجتماعية الثقافية في كل المجتمعات "[10] .... ( و)لا اعتقد بوجود ثقافة كونية منسجمة ... ما هو أكثر كونية فيما يخص الثقافة هو التنوع ، و أولا التنوع داخل نفس الثقافة[11]، .. ( و)لا توجد ثقافة بدون قيم ، [12]، والقيم التي يؤصلها ويقدمها الفيلم تتنوع الى قيم قائمة وأخرى مندثرة ، ولو أخذنا " الستر "مثالا ، لوجدنا الفيلم عامرا طافحا باللباس غير المتمفصل الذي يغطي مجمل الجسد ( الدراعة و الملحفة) ، والستر معنى معنوي نلمسه في الحرص على نقاء السمعة وعدم الافتضاح ، وكذا في عدم القبول بمقايضة الديْن الحالّ أجله بالفتاة المطلوبة للزواج ....، أما القيم المندثرة ، فقد نحصي منها الكثير ، لعل أهمها تلك المسلكيات المرتبطة بوظيفة التميمة في الوقاية من الشر ، ووظيفة لخلخال في الزينة و الوشاية بالخصوبة والامتلاء :
" رجراجة الردف لفّاء إذا خطرت = تصبي الحليم برنات ووسواس "
إن " العادات الشعبية ... جزء لا يتجزأ من العمل الفني ، بل إنها تمثل له ما تمثله اللحمة بالنسبة للسداة في النسيج ، ولو جردت العمل الفني من هذه العادات لتداعت أركانه"[13])، والفيلم يعرض بفنية عالية كما هائلا من العادات سواء المرتبطة منها بطقوس الزواج و اختيار الكفء ، " وقد وصل رفض تزويج الفتاة بغير الكفء إلى درجة تشبيه (بعض فتاوى أهل الصحراء ) الوليَّ الذي يزوج ابنته بهذا الصنف من الرجال بقاطع الرحم "[14] .
ان الكلام عن قيم أهل الصحراء وعوائدهم التي عرض الفيلم جانبا كبيرا منها يحتاج إلى شيء من التوسع ، لكن ، حسبي أني آثرت شد الانتباه إلى هذا المنجز الدرامي من اجل التعرف والتعريف ببعض من انطوى عليه من رسائلها موجهة لجمهور الصحراء العريض كي يستبين دور الصورة في الإبلاغ قبل الكلمة .
" فقد اتجهت الى الحديقة الى نفس المكان الذي دفنت فيه السحر لكي تستخرجه من اجل مكان انسب ، ما كادت تبدأ حتى وقف الحارس نفسه وقال :
فلا شدة الا ويرجى لها فرج = ولا كربة الا ولها الف حلال منيف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] أنظر : كيليطو عبد الفتاح " أتكلم جميع اللغات ، لكن بالعربية " ، ترجمة عبد السلام بنعبد العالي ، دار توبقال للنشر ، ط 1 ، 2013.ص 11.
[2] أنظر : كيليطو عبد الفتاح " أتكلم جميع اللغات ، لكن بالعربية " ص 40.
[3] أنظر : كيليطو عبد الفتاح " أتكلم جميع اللغات ، لكن بالعربية "
[4] أنظر : مواقف و اضاءات وشهادات - دار النشر المغربية اديما 2007ص 54-55.
[5] أنظر : أدونيس وآخرون ، البيانات ، البحرين ، أسرة الأدباء والكتاب 1993 ص 22.
[6] .أنظر : عائشة الدرمكي ، سيميائيات النص الشفاهي ، كتاب مجلة نزوى 2013، ص 105
[7] أنظر : أرنست كاسيرر ، اللغة و الأسطورة ، هيئة أبوظبي للتراث و الثقافة ، الامارات ، 2009ص 114
[8] أنظر : عائشة الدرمكي ، سيميائيات النص الشفاهي ، كتاب مجلة نزوى 2013، ص 104
[9] أنظر : هلال الحجري ، حداثة الاسلاف ، اضاءات من الشعر العماني القديم منشورات نزوى 2013 ص 19
[10] أنظر : المهدي المنجرة ، قيمة القيم ، الطبعة الثانية ،مارس 2007 ص 156.
[11] نفسه ص 171.
[12] نفسه ص 173.
[13] الموروث الشعبي في السرد العربي – محمد عبد العزيز العرفج – الرياض 1435ه ص 76
[14] انظر : النوازل الفقهية وقضية زواج المرأة الصحراوية ( بلعمش الغالية-مجالي الساقيةالحمراء واد الذهب في النصف الثاني من ق19 وبداية القرن العشرين الميلادي – منشور ضمن البنيات الاجتماعية و الاقتصادية بالصحراء – تنسيق عبد الكريم مدون ، دار ابي رقراق ، 2011 ص 22 .
* بقلم : د. بوزيد الغلى
( مجلة الرافد، الإمارات، عدد شهر فبراير2015)
و ليس من قبيل الصدفة أن تكون المرأة في الفيلمين معا مركزاً ، و نسيجُ الأحداث الدرامية المتنامية محيطا ، فالمرأة في المتخيل و الواقع بالصحراء هي الدنيا أو هي عماد الحياة و ركنها الأعظم لدرجة أن الشاعر قال :
اعْلَ لبْن لْبَلْ كُنت طَابْ = واعْلَ مْريُّومَ نَوْمَ
والدنيا كَاعْ ألاَّ شْرَابْ = لَبْنْ لْبَلْ و امْرَيُّومَ .
معناه : على لبن الإبل (النوق) كنت مدمنا (متعودا).... وعلى " مريم " أتردد
و دنياي لا تزيد عن شربة لبن و لقيا مريم .
إن العتبة الأساسية المفضية إلى أحشاء هذا العمل الدرامي الرائق ( فيلم أربع حجرات) هي العنوان ، بيد أنه جاء مخاتلا كأنما يستدرج المشاهد و ينصب له فخ الغواية كي يستمرئ و يستعذب الاستمرار في المشاهدة من أجل معرفة المقصود الذي لا يلمح إليه ولا يصرح به المركب الإضافي " أربع حجرات " ، مع أن المهتم بالموروث السردي و الحكائي الشعبي قد يحس بشيء من الاستئناس والألفة لا الاستيحاش والغربة حين سماعه ، إذ تأتيه راغمة وطوعا أطياف حكايات تنطوي على العدد مثل " حكاية اثلث كلمات " أو حكاية شرتات و الكدحات الثلاثَ....
و المتتبع لأحداث الفيلم يكتشف أن أربع حجرات مقتبسة من رؤيا البطلة التي لاذت بالضريح (سيدي بارا) ، ورأت فيما رأته الولي الصالح وهو يعطيها أحجارا ثلاثة سنعرف لاحقا بعد توالي الأحداث الدرامية أنها من حجر " كَجيّم " ، و يوصيها بما يلزمها فعله كي تكشف غمتها و تحقق بغيتها بالزواج من الغريب الحبيب لا القريب المضمخ بالشيب الذي رام الاقتران بها ، إذ يوصيها الولي في الرؤيا قائلا : " هاذو أربع حجرات ، اثنتين عند انْصيبة الشيخ معلكَات ، وحده في البير الدلال ، و حجرة السعد معاك بكَات ...اللي اجمعهم هو سعدك ، كَُومي حاجتك قضات ". ان هذه المنامة التي صيغت على نحو مسجوع يذكر بكلام السحرة من جهة ، تحيل من جهة أخرى على مرجعية صوفية شعبية احتلت الوجدان الشعبي حينا من الزمن ، إذ أن التوسل بالأولياء والصالحين ليس من اختلاق أذهان العامة كما قد نتخيل بل ترجع أصوله إلى ينابيع من التراث الصوفي الممتد عميقا في التربة المغربية (بلد المائة ألف ولي حسب ما نقله بول باسكون ).
وعلى العموم ، يمكن النظر إلى الفيلم من زاويتين متضايفتين ، أولهما : زاوية الانجاز أي حين يتحول النص إلى منجز درامي ، ثانيهما : زاوية النص بوصفه نسيجا متواشجا من الكلمات والمعاني تؤسس بنى يشكل الخطاب بمعناه البلاغي والتواصلي سداها .
أولا : الفيلم كمنجز درامي
لست من أهل الاختصاص كي ألقي نظرة ناقد فاحصة على الفيلم من الناحية الفنية و التقنية ، لكنني من موقع المشاهد العادي غير الخبير ، أستطيع الإدلاء ببعض الملاحظات التي لا تخرج عن دائرة الانطباعات، ومنها:
إن استغلال تعاقب الليل والنهار في التصوير ، أضفى على الفيلم رونقا فنيا ، فالمشاهد والأحداث التي تجري نهارا ( والنهار بعينيه كما في المثل الشعبي ) ، تم تصويرها في وضحِه وعزه ، مثل مشاهد الصيد و المبارزة ، فقد جرت المصارعة بين الغريمين الذين احتكما إلى القوة العضلية للفوز بالمكافأة (الزواج بالريم ) نهارا دون استيحاء وسائل القضاء على الخصم غير المتولدة من تراث البدو القائم على فكرة إبراز المروءة والشجاعة و وعدم القتل غدرا و غيلة أو رميا بالرصاص على حين غفلة أو غرّة ، أما المشاهد الليلية فجاءت في الفيلم على قدر كبير من العفوية والصفاء و إظهار الطقوس الجميلة التي تطبع ليل الصحراء ، فالإضاءة الخفيفة الممعنة في تلافي إفساد متعة الاصطلاء بالنار التي تضيء فحمة الليل المدلهم ، و القمر الذي يتسلل ضوؤه من بين الغيوم ، تبعث في النفس الشوق إلى ليالي السمر بالبادية ، وتمتع المشاهد بمشهد لا مكان فيه لأضواء الأعمدة المزعجة .
لقد كان المطلع الدرامي شديد الإيحاء ، إذ يخرج الفتى من الخيمة مع رفيقه ويودع أمه التي تقبس قبسة من أثره ، لا تظنوه موسى عليه السلام !، فللأثر دلالة متجذرة في المعتقد الشعبي ، ومن غير المحمود في ثقافتنا الشعبية أن تنادي شخصا قد أدبر ماشيا ، ( لا تعَيْطو ( لا تنادوا ) في أثري !، قالت الحلمة في الحكاية الشعبية ) ، و لموطئ القدم الذي قبضت منه الأم قبضة ثم تلت عليها بعض التعاويذ دلالات في معتقداتنا التي تهجع فيها كثير من بقايا الأساطير والخرافات ، فالمعيان يُصب على أثر أقدامه الماء لتبرد شرارة وشرّ عينيه ، والولد ( لوشاع) سيضرب في الأرض صائدا على جهتين ، صيد الوحيش وصيد الريم ، وفي الحال الثاني يتوجس خيفة من " قفاة الأثر " (ياك ما كَاصْ أثرنا حد ؟) ، وهو يعي المخاطر أو يتحسسها حين يلتمس منذ لحظة الخروج الأولى Exodeمن أمه الدعاء له بالنصر وتلاوة التعاويذ على " أثره" ( حَجْبيِ فْأَثْرِي) ، و أثر الوطء أو موطئ القدم ( الوطية) يحتمل معنى الوطء بالأقدام ( خفف الوطء) كما يحتمل الوطء بمعنى الدخول بالمرأة (مشهد القران ) ،وذاك ما ينتهي به الفيلم ...
ثانيا : النص -/ بلاغة الخطاب و سحر الكلمة .
النص الدرامي أو قصة الفيلم مستوحاة دون مواربة من التراث الصحراوي ، وسواء أكان في الأصل حكاية متخيلة أم واقعة حقيقية ، فان المعول عليه ، انه منبثق من التراث و محيل عليه ، و التراث ليس ماضيا مضى وانتهى بلهُ حاضر مستمر بشكل " يجعل من ثقافة الماضي في وعينا نحن العرب تراثا وليس مجرد ارث ، باعتبار أن الإرث هو ما يرثه الابن عن أبيه بعد أن يموت هذا الأخير ، فهو عنوان على اختفاء الأب وحلول الابن محله ، أما التراث فهو ما يبقى حاضرا في الخلف من السلف أو هو حضور السلف في الخلف ، وذلك ما يجعله ينتمي إلى مجال العقيدة لا إلى مجال الرأي ,,,, " كما قال المرحوم محمد عابد الجابري[4] ، " فحين يهزنا اليوم شعر امرئ القيس أو المتنبي أو أبي تمام ، فليس لأنه ماض عظيم ، ولكن لأنه إبداعيا يمثل لحظة تخترق الأزمنة ، فالإبداع حضور دائم ، وهو بكونه حضورا دائما ، حديث دائم "[5].
والنص يشبه أو يحاكي كثيرا من الحكايات والأقاصيص الشعبية التي " تحمل في ثناياها التحولات الاجتماعية والقيمية التي تشهدها المجتمعات الشفاهية " [6] ، ومن الجائز التقاط التململ والتبرم ابتداء من مصاهرة الغريب ، لكن الدراما تنتهي بهذا التحول القيمي الذي يثبت كسرا لبعض قيم القبيلة بالزواج من شخص لا ينمى إليها ، وتكمن قوة المسار الدرامي في احتفاظه بل تركيزه على ملفوظات تقدح الغريب ولا تمدحه من قبيل : " التراب ألا اللي بغى يدخلها و يمركها ، مانكم جايبين خبرُ " – الريح اللي صاكتك لنا شنهي يكطع بيها " ، بل إنه ينطوي على تناص مع نصوص أخرى تنتمي لأدب الصحراء بمعناه الواسع ، ألم يكتب الروائي الكبير عبد الرحمان منيف في حوار بين إحدى شخصياته مع الغريب عن القبيلة
" ( اليوم الأسود يوم جينا وشفناك = واليوم الأبيض يوم تعطينا قفاك"
وهذا متسق تماما من حيث المعنى مع
" أخبار لمرحب بيهم ,, لوشاع أثرو منين ينبت,,, الريح ال صاكتك لنا شنهي يقطع بيها.....
والنص في هذا المقام لا يخفي تغير القيم الذي نتحسسه من الحوار بين " الراحل " الطامح إلى الاقتران بالريم كي يكمل سنة رجال القبيلة ( مثنى وثلاث) و الفتى وزير "لوشاع " وصاحبه الأثير حين يزجره وينهره قائلا : " انت امللي تتكلم مع حدْ ما هو فقدرك ولا فمكانتك" ؟ .
والنص في مجمله باذخ بسحر الكلمة ، و أقصد بسحر الكلمة قوتها الروحية التي عناها صاحب كتاب اللغة والأسطورة حيث قال : "لقد كان مسارا ارتقائيا طويلا ، كان ينبغي للعقل أن يقطعه ، ويعبر من الاعتقاد بقوة نفسية – سحرية تتشكل في "الكلمة " إلى إدراك قوتها الروحية "[7] ، كما اعني قوة البلاغة التي ينبؤك عنها عدد ترددات الأمثال الحسانية التي أحصيت منها ما يناهز سبعا وثلاثين مثلا سيقت في موردها دون تكلف أو عنت ، فضلا عن الألغاز (الزركات) مثل : الناكة راحت و ذراها اثنتين ، ناهيك عن كم هائل من الرموز التي " تعبر عن التجربة الحميمة كما لو أنها تجربة حسية "[8] .
قال السالك مخاطبا الريم :
" انتِ حدّْ شَرَى لك لبحر ، وعلكَْ عينو فهذب كَاكَة ، و فْكَفُّو نزّل لك محصر ، يكانك لاهي تعطيه الناكة ؟"
قالت الريم مخاطبة لوشاع :
" إل عت ألا عطشان ، اشرب لك من ذي الشكوة "
لوشاع مجيبا : عطشي ألا بصفتو " ،
عطشي له معنى آخر ، عطش الروح أي العشق المحموم.
و تساوقا مع بلاغة الخطاب و وظيفته الشعرية المائزة له في هذا المنجز الدرامي الشائق ، تلوح الصحراء كامرأة مغناج فاتن جميل مبسمها ، ينساب فتونها على ألسن فتيات أوتين من جمالها نصيبا ، تقول إحداهن للأخرى : " منين اعود العام معلوم ، تعود الصحرا ألا منية ... مولانا زين ضحكتها " ...، والصحراء تتلامح أيضا مثل امرأة تثير الوجد ن فينهمر الشعر منسابا مع أغنيات رائعة تقطر مديحا لأرض " تيرس "...، والصحراء قصيدة شعر أو لا تكون ، لا يدع أبناؤها الشعر حتى تدع إبلها الحنين ، فهذا لوشاع الفتى المتيم المولّه يعبر عن عشقه ووجده :
" أنا كاع إل مشيت = حزمي بعد ألا خالكَْ
من حد معلكَْ توشيت = سقمو فيّ مزاركَْ
لقد مثل هذا الغزل العفيف اختراقا لطيفا للطابو الاجتماعي الذي يمنع الاقتراب من نساء القبيلة ، فما بالك بالتغزل بإحداهن من قبل أجنبي غريب عنها ؟
تلك المرأة التي قدحت نار الإبداع في نفس ذاك الفتى ، مسّت الكهل أيضا بشهاب من الكمد و الوجد ،جعله يخرق العرف و يخلق من الصور البلاغية البديعة المفعمَ ب " استعارات تمثيلية جريئة "، " " انت حد شرى لك لبحر ، وعلكَْ عينو فهذب كاكة ، و فكفو نزّل لك محصر ، يكانك لاهي تعطيه الناكة" ، فهي كالتي وصفها الشاعر سعيد بن محمد الخروصي المعروف بالغشري بقوله :
" لها طرف تلوذ به المعاصي = وأعطاف يلوذ بها الوقار "[9]
ثالثا : الدراما و القيم و العادات :
قال المهدي المنجرة: قد يكون بمقدورك تفجير المدن و تخريب المباني لكن لن تستطيع فعل ذلك بالقيم التي هي اصلب العناصر في المكونات الاجتماعية الثقافية في كل المجتمعات "[10] .... ( و)لا اعتقد بوجود ثقافة كونية منسجمة ... ما هو أكثر كونية فيما يخص الثقافة هو التنوع ، و أولا التنوع داخل نفس الثقافة[11]، .. ( و)لا توجد ثقافة بدون قيم ، [12]، والقيم التي يؤصلها ويقدمها الفيلم تتنوع الى قيم قائمة وأخرى مندثرة ، ولو أخذنا " الستر "مثالا ، لوجدنا الفيلم عامرا طافحا باللباس غير المتمفصل الذي يغطي مجمل الجسد ( الدراعة و الملحفة) ، والستر معنى معنوي نلمسه في الحرص على نقاء السمعة وعدم الافتضاح ، وكذا في عدم القبول بمقايضة الديْن الحالّ أجله بالفتاة المطلوبة للزواج ....، أما القيم المندثرة ، فقد نحصي منها الكثير ، لعل أهمها تلك المسلكيات المرتبطة بوظيفة التميمة في الوقاية من الشر ، ووظيفة لخلخال في الزينة و الوشاية بالخصوبة والامتلاء :
" رجراجة الردف لفّاء إذا خطرت = تصبي الحليم برنات ووسواس "
إن " العادات الشعبية ... جزء لا يتجزأ من العمل الفني ، بل إنها تمثل له ما تمثله اللحمة بالنسبة للسداة في النسيج ، ولو جردت العمل الفني من هذه العادات لتداعت أركانه"[13])، والفيلم يعرض بفنية عالية كما هائلا من العادات سواء المرتبطة منها بطقوس الزواج و اختيار الكفء ، " وقد وصل رفض تزويج الفتاة بغير الكفء إلى درجة تشبيه (بعض فتاوى أهل الصحراء ) الوليَّ الذي يزوج ابنته بهذا الصنف من الرجال بقاطع الرحم "[14] .
ان الكلام عن قيم أهل الصحراء وعوائدهم التي عرض الفيلم جانبا كبيرا منها يحتاج إلى شيء من التوسع ، لكن ، حسبي أني آثرت شد الانتباه إلى هذا المنجز الدرامي من اجل التعرف والتعريف ببعض من انطوى عليه من رسائلها موجهة لجمهور الصحراء العريض كي يستبين دور الصورة في الإبلاغ قبل الكلمة .
" فقد اتجهت الى الحديقة الى نفس المكان الذي دفنت فيه السحر لكي تستخرجه من اجل مكان انسب ، ما كادت تبدأ حتى وقف الحارس نفسه وقال :
فلا شدة الا ويرجى لها فرج = ولا كربة الا ولها الف حلال منيف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] أنظر : كيليطو عبد الفتاح " أتكلم جميع اللغات ، لكن بالعربية " ، ترجمة عبد السلام بنعبد العالي ، دار توبقال للنشر ، ط 1 ، 2013.ص 11.
[2] أنظر : كيليطو عبد الفتاح " أتكلم جميع اللغات ، لكن بالعربية " ص 40.
[3] أنظر : كيليطو عبد الفتاح " أتكلم جميع اللغات ، لكن بالعربية "
[4] أنظر : مواقف و اضاءات وشهادات - دار النشر المغربية اديما 2007ص 54-55.
[5] أنظر : أدونيس وآخرون ، البيانات ، البحرين ، أسرة الأدباء والكتاب 1993 ص 22.
[6] .أنظر : عائشة الدرمكي ، سيميائيات النص الشفاهي ، كتاب مجلة نزوى 2013، ص 105
[7] أنظر : أرنست كاسيرر ، اللغة و الأسطورة ، هيئة أبوظبي للتراث و الثقافة ، الامارات ، 2009ص 114
[8] أنظر : عائشة الدرمكي ، سيميائيات النص الشفاهي ، كتاب مجلة نزوى 2013، ص 104
[9] أنظر : هلال الحجري ، حداثة الاسلاف ، اضاءات من الشعر العماني القديم منشورات نزوى 2013 ص 19
[10] أنظر : المهدي المنجرة ، قيمة القيم ، الطبعة الثانية ،مارس 2007 ص 156.
[11] نفسه ص 171.
[12] نفسه ص 173.
[13] الموروث الشعبي في السرد العربي – محمد عبد العزيز العرفج – الرياض 1435ه ص 76
[14] انظر : النوازل الفقهية وقضية زواج المرأة الصحراوية ( بلعمش الغالية-مجالي الساقيةالحمراء واد الذهب في النصف الثاني من ق19 وبداية القرن العشرين الميلادي – منشور ضمن البنيات الاجتماعية و الاقتصادية بالصحراء – تنسيق عبد الكريم مدون ، دار ابي رقراق ، 2011 ص 22 .
* بقلم : د. بوزيد الغلى
( مجلة الرافد، الإمارات، عدد شهر فبراير2015)