أمام الطالب ، مرت عربة بسرعة ، لكنه استطاع أن يلمح داخلها وجها أنثويا جميلا. في اليوم الموالي و في نفس الوقت ، عبرت مرة أخرى أمامه ،فألقى نظرة واضحة على الوجه بين الثنايا السوداء للحجاب. تساءل الطالب عمن تكون. انتظر اليوم التالي ، راصدا على حافة الرصيف ، وشاهد العربة تتقدم و حصانها يركض ، وفي هذه المرة كان بإمكانه رؤية المرأة بشكل أفضل بعينيها الصافيتين الكبيرتين التي نظرت إليه.
كل يوم كان الطالب ينتظر العربة ، مفتونًا وفريسة للأمل: في كل مرة تبدو المرأة أكثر جمالا. ومن عمق العربة ابتسمت له فارتعش فرائصه شغفا ففقد كل شيء أهميته ، دروسه و أساتذته: كان ينتظر فقط ذلك الوقت الذي تعبر فيه العربة من باب منزله. وفي النهاية رأى ما أثلج صدره: حيته المرأة بحركة من يدها التي ظهرت لبرهة مع فم مبتسم، فتبع السيارة راكضا بأقصى سرعة ، يطاردها عبر الشوارع والساحات ، دون أن يرفع بصره عن الصندوق المتذبذب الذي اختفى عند المنعرج ثم عاد للظهور عند عبور الجسر. أمضى وقتا طويلا ، فأحيانا كان يشعر بتعب شديد ، و أخرى بروح عالية و هو يخطط للحديث الذي سيعقده معها. وبدا له أنه يمر عبر نفس الأماكن ، ونفس الطرق و هي ضبابية، مشمسة أو ممطرة ، ليلا أو نهارا ، لكنه ظل عنيدًا ، متأكدا من الوصول إليها، غير مكترث بالشتاء أو الصيف.
بعد رحلة طويلة لا نهاية لها ، في حي بعيد ، توقفت السيارة أخيرًا واقترب بخطوات مترددة ومتعبة ، رغم أنه كان يتكئ على عصا. بجهد فتح الباب وداخلها لم يكن هناك أحد.
رأى فقط على المقعد المطاطي وردة حمراء ، رطبة و طازجة. أخذها بيده واستنشق الرائحة الضعيفة للوهم الذي لم يتحقق .
* من كتابه : "أسرار الليالي والأيام" مدريد Alfaguara، 1992 ، الصفحة . 122-121
كل يوم كان الطالب ينتظر العربة ، مفتونًا وفريسة للأمل: في كل مرة تبدو المرأة أكثر جمالا. ومن عمق العربة ابتسمت له فارتعش فرائصه شغفا ففقد كل شيء أهميته ، دروسه و أساتذته: كان ينتظر فقط ذلك الوقت الذي تعبر فيه العربة من باب منزله. وفي النهاية رأى ما أثلج صدره: حيته المرأة بحركة من يدها التي ظهرت لبرهة مع فم مبتسم، فتبع السيارة راكضا بأقصى سرعة ، يطاردها عبر الشوارع والساحات ، دون أن يرفع بصره عن الصندوق المتذبذب الذي اختفى عند المنعرج ثم عاد للظهور عند عبور الجسر. أمضى وقتا طويلا ، فأحيانا كان يشعر بتعب شديد ، و أخرى بروح عالية و هو يخطط للحديث الذي سيعقده معها. وبدا له أنه يمر عبر نفس الأماكن ، ونفس الطرق و هي ضبابية، مشمسة أو ممطرة ، ليلا أو نهارا ، لكنه ظل عنيدًا ، متأكدا من الوصول إليها، غير مكترث بالشتاء أو الصيف.
بعد رحلة طويلة لا نهاية لها ، في حي بعيد ، توقفت السيارة أخيرًا واقترب بخطوات مترددة ومتعبة ، رغم أنه كان يتكئ على عصا. بجهد فتح الباب وداخلها لم يكن هناك أحد.
رأى فقط على المقعد المطاطي وردة حمراء ، رطبة و طازجة. أخذها بيده واستنشق الرائحة الضعيفة للوهم الذي لم يتحقق .
* من كتابه : "أسرار الليالي والأيام" مدريد Alfaguara، 1992 ، الصفحة . 122-121