نأتي إلى هذه الدنيا بأحلام كبيرة، نسير نحوها بخطى تحمل كل الفرح. قد نتعثر، نسقط، يعترض طريقنا الوهن، لكن نعود من جديد بعزيمة أكبر، وأحلام أجمل. نتخلى في كل مرة عن شيء جميل فينا، نهدم قاعدة أو نُسقط جدارا كان في البدء يحمينا. قد نغرد خارج السرب فقط لأننا رأيناه حلا أقرب لوصولنا الهدف. نتجاهل مبدءا أو نغيّر آخر. تنكسر فينا أشياء جميلة، ترميمها يستغرق وقتا، وقد يستغرق عمرا، لذلك...نتنازل عنها ونمشي حافيين على ما تبقى من انكسارها رغم أنه يدمينا.
تتضاءل فينا مشاعر صادقة بفعل الخيبات، فنصر على المضي. تنكسر أشياء وأشياء وتتغير. لكن المحزن في كل هذا أن تتغير ...إلى الأسوأ...طيبة قلوبنا...لأنها إن قست فلن يصبح لحلمها بعد ذلك أيّ معنى، حتى وإن تحقق الحلم.
هذا ما كانت منال مؤمنة به قبل أن تراه ذات صدفة بالحافلة، لتغير حروفها، تغير مسارها، ويكون هو، وحده قدرها. تقتلها منشوراته التي تتنفس حزنها، فترحل معها بعيدا جدا، حيث لا أحد سيقول لها: " كفي عن الحلم... ليس لك".
نطق أحد المسافرين: "وصلنا".
ها قد انتهت مسافة المئة كيلومتر. أشجار المدينة تسابق وجع احتمال فراقهما في أي لحظة تشيع حبهما، التفتتْ كطفل يتيم تعانق وداعه. كان يعبث بهاتفه، لم تكن تبحث عن شيء محدد. أخفت عينيها عنه كي لا تراه يودعها. وهربت مرة أخرى لقدرها. قدرها الذي ما كان سوى طريق طويلة، قطعها جبل عنتر وهو يطل على المدينة في شموخ.
نظرت إليه تنتظر منه موعدا، أو وعدا، هو نفسه، صديق الصدفة التي جمعتهما ذات تعليق بمنشور أحد الأصدقاء، منذ ذلك اليوم بدأت حكايتهما على مرأى ذلك الفضاء الأزرق. كان منشغلا عنها بجمع محفظته السوداء قبل أن ينزل، تاركا حروفها ضائعة في ذلك الفضاء الذي ملأه نزول الركاب بكسل، بعد يوم حافل بالأحداث.
لا تعرف كم بقيت من الوقت تراقبه وهو يذهب، لم يلتفت، لم ترتبك خطواته. كان القابض بأدب ينبهها:
-"أختي، أتحتاجين شيئا أو تنتظرين أحدا؟".
أومأت برأسها نافية وبهدوء نزلت. كان لابد لها أن تعرف نهاية هذه الطريق. رجل متزوج وله أسرة أخرى حتى وإن تشكّى من عدم راحته بها. ما كانت لتعني له أكثر من رحلة... رحلة حرف... رحلة بحث عن الذات التي نفقدها أحيانا بسبب تهور فنحاول استرجاعها بعد فوات الأوان. ولا يغفر الحب تلك الخطيئة مهما كان بريئا. حب للحروف التي تجعلنا لا نفرق بين رجل من ورق أحببناه داخل رواياتنا التي نسجناها وحب يمشي كما البقية على الأرض.
حيّت حارس المحطة وهي تدخل بوابتها كالعادة، كان خلفها قدر آخر ينتظرها. كان الواقع بكل قساوته ومرارته ينتظر عودتها إليه. بالنهاية هي حياتنا كلها أقدار...
تتضاءل فينا مشاعر صادقة بفعل الخيبات، فنصر على المضي. تنكسر أشياء وأشياء وتتغير. لكن المحزن في كل هذا أن تتغير ...إلى الأسوأ...طيبة قلوبنا...لأنها إن قست فلن يصبح لحلمها بعد ذلك أيّ معنى، حتى وإن تحقق الحلم.
هذا ما كانت منال مؤمنة به قبل أن تراه ذات صدفة بالحافلة، لتغير حروفها، تغير مسارها، ويكون هو، وحده قدرها. تقتلها منشوراته التي تتنفس حزنها، فترحل معها بعيدا جدا، حيث لا أحد سيقول لها: " كفي عن الحلم... ليس لك".
نطق أحد المسافرين: "وصلنا".
ها قد انتهت مسافة المئة كيلومتر. أشجار المدينة تسابق وجع احتمال فراقهما في أي لحظة تشيع حبهما، التفتتْ كطفل يتيم تعانق وداعه. كان يعبث بهاتفه، لم تكن تبحث عن شيء محدد. أخفت عينيها عنه كي لا تراه يودعها. وهربت مرة أخرى لقدرها. قدرها الذي ما كان سوى طريق طويلة، قطعها جبل عنتر وهو يطل على المدينة في شموخ.
نظرت إليه تنتظر منه موعدا، أو وعدا، هو نفسه، صديق الصدفة التي جمعتهما ذات تعليق بمنشور أحد الأصدقاء، منذ ذلك اليوم بدأت حكايتهما على مرأى ذلك الفضاء الأزرق. كان منشغلا عنها بجمع محفظته السوداء قبل أن ينزل، تاركا حروفها ضائعة في ذلك الفضاء الذي ملأه نزول الركاب بكسل، بعد يوم حافل بالأحداث.
لا تعرف كم بقيت من الوقت تراقبه وهو يذهب، لم يلتفت، لم ترتبك خطواته. كان القابض بأدب ينبهها:
-"أختي، أتحتاجين شيئا أو تنتظرين أحدا؟".
أومأت برأسها نافية وبهدوء نزلت. كان لابد لها أن تعرف نهاية هذه الطريق. رجل متزوج وله أسرة أخرى حتى وإن تشكّى من عدم راحته بها. ما كانت لتعني له أكثر من رحلة... رحلة حرف... رحلة بحث عن الذات التي نفقدها أحيانا بسبب تهور فنحاول استرجاعها بعد فوات الأوان. ولا يغفر الحب تلك الخطيئة مهما كان بريئا. حب للحروف التي تجعلنا لا نفرق بين رجل من ورق أحببناه داخل رواياتنا التي نسجناها وحب يمشي كما البقية على الأرض.
حيّت حارس المحطة وهي تدخل بوابتها كالعادة، كان خلفها قدر آخر ينتظرها. كان الواقع بكل قساوته ومرارته ينتظر عودتها إليه. بالنهاية هي حياتنا كلها أقدار...