ابراهيم منصور هو أولاً أقدم أصدقائي وأحبّهم الى قلبي. عرفته منذ كنا طلاباً في السنة الجامعية الأولى. كنت أدرس أنا في كلية الآداب وكان يدرس هو في كلية الحقوق. ومنذ تلك السنوات البعيدة لم تنقطع صلتي به حتى في فترة وجودي في الخارج انتهز فرصة سفره وزارني مرتين في جنيف. وفي مطلع الشباب كنا لا نكف عن الجدل والنقاش مع صديقنا المشترك غالب هلسا. وكان منصور ماركسياً متحمساً ويعتبرني رجعياً متخلفاً، وعلى رغم ذلك لم تتأثر صداقتنا أبداً، لأنه كان دائماً يملك القدرة على الاستماع وتقبل الاختلاف حتى لو تظاهر بالعكس. ويعرف الناس عنه جانبه الضاحك الذي لازمه حتى النهاية. ولكنْ، قليلون جداً الذين يعرفون جانبه الحزين الذي كان ايضاً ملازماً له. وأود ان أثكر انه كثيراً ما غاب عني في السجون والمعتقلات. وأذكر انه حين خرج من السجن في احدى المرات كان فقد اسنانه، فقال لصديقنا توفيق عبدالرحمن: "فقدت اسناني من اجل مصر". وفي مرة ثانية قال لي ان الرواية التي كان يكتبها صودرت ضمن ما صودر حين دهمته الشرطة لاعتقاله. وربما يكون ذلك ضمن الاسباب التي جعلته يتردد في كتابة أعمال أدبية بعد قصصه الاولى. وللأسف قرأت مرة ان ابراهيم منصور هو "حارس جيل الستينات" الذي ننتمي اليه. والحقيقة غير ذلك، فهو حارس لكل اجيال الادب التي عاصرها حتى نهاية عمره. ويكفي ما رأيته في جنازته من شباب مبدعين جاءوا لوداعه لأنه كان يمثل لنا ولهم بؤرة اشعاع ثقافي في كل المعاني. فهو منشط ثقافي من الدرجة الاولى.
المصدر:
كتاب يرسمون له صورة عن قرب . ابراهيم منصور الكاتب الراحل قاد جيل الستينات في مصر
المصدر:
كتاب يرسمون له صورة عن قرب . ابراهيم منصور الكاتب الراحل قاد جيل الستينات في مصر