وردية الفقير - مناجاة قلب

أقبلت الظلمة الحالكة و غرقت البحيرة في سباتها العميق عدا حفيف الأشجار المحيطة بجنباتها وأصوات حشرات تتخذ من ظلمة الليل نهارا لها كسّرت الصمت الذي جعلته موطنا لي للحظة...
أنهيت تأملاتي في الفراغ اللّامتناهي واستيقظت فيّ مشاعر متضاربة، أفْلتُ تنهيدة وجمعت أشيائي، وأنا أنحني لألتقط فتات البسكويت صادفت صوتا بداخلي يكلمني باستمرار:
ألم تتعب من عاداتك السيئة التي تنم عن فراغ نظامك الداخلي؟ فمرة تصطاد الذباب المتهالك من فرط الحرارة ومرة تداعب مناطق لا يجور العبث بها، ومرة تغوص في منامات لا قعر لها، ومرات تقضم ثمار الندم المستحيلة....
شعرت بموجة من العرق البارد تنسحب بتؤدة من على جبيني و من بين جنبات شاربي الكث باحثة لها عن مخرج من جسد يحمل بلادة التشويش الذهني ...
فعلا الحكايات تبقى عالقة ومندسة داخل تفاصيل الكائن
تساءلت مرات عن ما آل إليه حالي، غريب أنا أينما حللت، يتوسطني صخب الأحلام المشردة، فكم تؤرقني العزلة التي أعيشها... وأبدأ بعدّ عدد المرات التي اجتاحتني كلمات متناقضة تدل على تخبطي في صراع الأيام.
هيأت نفسي للترحال من معاناة فؤاد متصدع ، قررت التفكير بصوت عال لربما أملأ فراغات رهيبة:

ستظل قناعاتي راسخة بأن يومي ليس مثل الأيام السابقة، بأني لن أفوت قطار الثامنة مثل كل يوم، ولن أقضم قطع اللحم المحروق والبطاطس الدسمة الملفوفة بورق الألمنيوم، ولن ولن ولن... و لذلك سأخط بالأحمر الفاقع على أعداد يومية جديدة سأنتظر أخر الأسبوع بشغف علّي أظفر بكأس قهوة على جنبات الشجيرة المنزوية عند باب المنزل، وأخط حروفا مختصرة باللاتينية، أرى فيها ابتسامة الشمس وهي تلوح بيديها مودعة إياي ساخرة من خطي البشع على التراب المختلط بالماء، لكن لا ضير في ذلك فالأشياء الجميلة تبدأ بسخرية، بابتسامة، بكلمة طريفة، تحدث وقعا في يومنا الكئيب...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى