(1)
في ارتجافة تلك النجوم التي أفِل قمرها، وهدوء البحر الذي بدا يلعق اصدافه والفنارات المتوهجة بأضواء شاحبة، وفي هذا الليل الذي يبدو نصفه كحيوان مطعون يقعى كئيباً على الساحل يداعب فقمة تغتسل بالزبد والرمل ، ما كان للصحاري وجغرافياتها أن تتظلم من ذلك السكون المتوحش في عراءها السحيق، ولا من رمالها ورياحها الهوجاء التي تمحو آثار الازمنة الغابرة في قرارات حلكتها السوداوية وحيث البلاد محقونة بهرمونات الابادة والكآبة والقتل يوم أن أرضعوها حليب ابل السفاحين منذ هولاكو المغولي مروراً بمعركة واترلو التي خسرها القصير المكير نابليون ثم منقيا الى جزيرة سانت هيلانة ، وها هوذا يأتي زمان على بنو البشر ، فيه تتوسد الليالي على مضاجع المساءات وتتلو سورٌ من آيات الحزن والنحيب ،أمهاتٍ يبكين فلذات أكبادهن، عاشقةٌ تنتحب على رصيف وعيها بالحبيب الذي لن يأتي أبداً ،أب يقاتل في لا وعيه كاظماً حزنه وهو يبدي قوته الهشة جداً ولو رأيته لرأيت محزوناً يتيماً، ليالي مترعاتٌ بكل ماهو كئيبٌ وهكذا يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ونظل نجتر حين تضاء سنوات الطفولة الان ونستعيد الاحساس بأننا أدنى الهالكون اليوم أو غداً ، وسنقول في امكنة ينفسح فضاؤها بالاخضرار ولمعة الينابيع (الله أو الرب أو يهوه) وسنهلوس بالهيروغليفية كأنّ بنا مسُّ، وما سيروى سيقبع في ارخبيلات من الذاكرة التي نمت عليها الطحالب وفي انتظار اي شموس من كوكب لايوجد لتدلق ضؤها الشحيح لتجف الطحالب.
(2)
و في شبه الظلمات ،بالقرب من حزمة ضوء القمر الذي انسكب على النافذة ،في تلك الحواف المحايدة مابين الضوء والظلمة في عرائي المتوحش أتلصص على المدينة ، ساكباً في جوفي قنينة من الخمر أو السم، وحيث دخان التبغ يتلوى في هواء الالهة الرطب المشبع بالامطار ويعبر فراغات - هي في جوف الذاكرة الملعونة بتفاحة المعرفة وفحيح ثعابينها ، ممداً هكذا مثل روح بلا أمل لاعنا كل التفاؤل وموقنا ان الهلاك هو الرحمة ، عارياّ وحافياً الا من أناي العليا أتلو موبقات الحضارة اللاانسانية ،الاسلحة الفتاكة ، الهندسة الوراثية ، التلاعب بالجينوم ، رجال الدين الحمقى الذين حولو الرب الى سلع ، الكلاب الوالغة في حيض ذاتها ، الخراء المنتج في اكاديميات الفساد المعاصرة ، الانسان الادنى ، أعطال الدين ،الهة الحروب ، مصاصي الدماء ، نزيف النيل ، حيضان العمر ، بكاء الله من نافذة الطبيعة ، احتباس ضمير البشر ، الجنس التاسع .... سارقي الثورات ، اولاد الزواني ، الانتهازيين ،إلهنا أنحن أولادك الحرام ؟ أنحن فتات موائد السفاد والكلاب؟ كيف ضاجعنا المساء الذي لم يأت بعد ؟ أنحن السفلة الذين ولدنا في ازمنة نهاية الجنس اللابشري؟ في أي كواكب ابليسية قذفت بنا في هذه الاصقاع النائية والبيداء المتوحشة الامنك؟.. هل كنت أجدف ،أم أنني اهرطق على ضوء النجيمات المتواطئة مع هذه الليالي الهالكة والحالكة.
(3)
والفجوات التي فتحتها الاسئلة تخلقت في ازمنة ما داخل رحم الغيب وفي المساءات او النهارات لايهم ،فالمدينة عاهرة تتلوى تحت انتصابات عديدة ، ومابين فخذيها الشبقيين جدارٌ كتيم لاينفذ منه شئ ، وكل العابرون الوالغون في ظلالها يبغون غيم تنسحب منه الارض، يبغون خدش جدار التاريخ ، التارخ الوعر والعكِرُ، وهذا الجدار كونٌ خاص من حقب سرمدية ومسافات ضوئية من النهب والاستلاب والاغتصاب والدم ، إنها تواريخ العبودية والتوق الى الحرية تواريخ من المجاذر والعساكر واللاشئ ، وهذه الفسيفساء من البلاد المنشقة على نفسها بلاد ذاكرتها الجمعية لم تبارح تواريخ صحراء الجاهلية في قرونها السحيقة وظلماتها ، مدنٌ تعيش في الزمن القبلي والطائفي والعشائري ، تاريخها متأصل في الدم والموروث الجمعي ، الرب فيها رجل كرشه متدلية متخمة باموال الباطل ،خارج لتوه من خيمة على أطراف تلك النجوع والوهاد ، ذقنه كالمكنسة يحتكر الحقيقة المطلقة ، ويوزع صكوك الغفران مفاخذاً أحلامنا التي لم تبلغ الحلم بعد! والبشر منقسمون على أنفسهم كل يوم كالاميبا اما في الاهواء الخاصة او رياح النفع الذاتي....أزمنة الخنوع والقهر والاستبداد وخيبات الاحزاب والدولة الامنية، ونحن ضائعون ومطاردون في غابات الوحوش الكاسرة . وها نحن نبحر في مياه ضحلة على مراكب من جريد النخل المتيبس باتجاه جزيرة محفوفة بالضباب واللاأمل يحكمها العماليق، نروم النجاة من وحشة البحر واسماك القرش وروائح الدم والامطار الملحية ،والشفاه التي تردد هللويا او أمين خصيت أو أقصيت من مسرح اللا معقول .. سحقاً لها ولهم ولنا .
(4)
هذه حقب الفوضى والغربة ، ولربما زمن الجنون ، زمن سوف يتجرع فيه جيلي وهو يتلصص قارئاً انثربولوجيا مدن قاحلة -خمور من الانتحار على حقول ذاته اليابسة ، وفي ظلمة هذه الليلة ، سوف أرقص كعاشق على ضفاف النيل فالس المساءات الحزينة ، والكمنجات التي تصهل اوتارها ولا تعرف اهو صهيل الحب ام الحرب سوف تصمت على وقع الحوافر وسيوف سيدنا الكلبي، والان فقط ساشرب كأسي الثالثة وسادخن بمرارة وسالعن المدن مرتّلا صلاتي في الجحيم واضعا حدوداً للتوق البشري ،هو ذا الليل ضمير مستتر وسوف أطويه في ملفات ارشيفي السري وسوف أنشد في غربتي محدقاً في نسيج العنكبوت الذي يعتلي سقف غرفتي التي ربما تنوح الان ( ما معنى الخمر باكواب من فضة ؟مامعنى ان تعبد رباً وثناً ؟ان تشرب خمراً ...لبناً وتجاسد الحور العين،سيّان عندي مادام الشعر تحرر من القوافي،سيّان عندي مادام القمر يدثرني، يتأملني شبحاً... رجساً...نجساً، ملاكا ً طاهرا) وقالت زجاجة الخمر وهي تتجشأ اخر كاس دلقته في جوفها :
عشرة اعوام من الانبهار وتقديس الذات
والافق اخضر... ما تغيّرنا
تغير فينا نبض اشتهاء الفصول
واذدهرت مواسم فجيعتنا
تغيّر مذاق قهوتنا وما عدنا نكترث
للاشياء ..للرب.. للروح والحزن
ومتى يحيض النهر ويفنى الجسد
سيان عندي مادمنا عبر خط الشّيب في عز الشباب
ومددنا الموائد للعمر
ومارسنا العهر والتزندق والانفعال جهرا وتملقنا الكلمة.
في ارتجافة تلك النجوم التي أفِل قمرها، وهدوء البحر الذي بدا يلعق اصدافه والفنارات المتوهجة بأضواء شاحبة، وفي هذا الليل الذي يبدو نصفه كحيوان مطعون يقعى كئيباً على الساحل يداعب فقمة تغتسل بالزبد والرمل ، ما كان للصحاري وجغرافياتها أن تتظلم من ذلك السكون المتوحش في عراءها السحيق، ولا من رمالها ورياحها الهوجاء التي تمحو آثار الازمنة الغابرة في قرارات حلكتها السوداوية وحيث البلاد محقونة بهرمونات الابادة والكآبة والقتل يوم أن أرضعوها حليب ابل السفاحين منذ هولاكو المغولي مروراً بمعركة واترلو التي خسرها القصير المكير نابليون ثم منقيا الى جزيرة سانت هيلانة ، وها هوذا يأتي زمان على بنو البشر ، فيه تتوسد الليالي على مضاجع المساءات وتتلو سورٌ من آيات الحزن والنحيب ،أمهاتٍ يبكين فلذات أكبادهن، عاشقةٌ تنتحب على رصيف وعيها بالحبيب الذي لن يأتي أبداً ،أب يقاتل في لا وعيه كاظماً حزنه وهو يبدي قوته الهشة جداً ولو رأيته لرأيت محزوناً يتيماً، ليالي مترعاتٌ بكل ماهو كئيبٌ وهكذا يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ونظل نجتر حين تضاء سنوات الطفولة الان ونستعيد الاحساس بأننا أدنى الهالكون اليوم أو غداً ، وسنقول في امكنة ينفسح فضاؤها بالاخضرار ولمعة الينابيع (الله أو الرب أو يهوه) وسنهلوس بالهيروغليفية كأنّ بنا مسُّ، وما سيروى سيقبع في ارخبيلات من الذاكرة التي نمت عليها الطحالب وفي انتظار اي شموس من كوكب لايوجد لتدلق ضؤها الشحيح لتجف الطحالب.
(2)
و في شبه الظلمات ،بالقرب من حزمة ضوء القمر الذي انسكب على النافذة ،في تلك الحواف المحايدة مابين الضوء والظلمة في عرائي المتوحش أتلصص على المدينة ، ساكباً في جوفي قنينة من الخمر أو السم، وحيث دخان التبغ يتلوى في هواء الالهة الرطب المشبع بالامطار ويعبر فراغات - هي في جوف الذاكرة الملعونة بتفاحة المعرفة وفحيح ثعابينها ، ممداً هكذا مثل روح بلا أمل لاعنا كل التفاؤل وموقنا ان الهلاك هو الرحمة ، عارياّ وحافياً الا من أناي العليا أتلو موبقات الحضارة اللاانسانية ،الاسلحة الفتاكة ، الهندسة الوراثية ، التلاعب بالجينوم ، رجال الدين الحمقى الذين حولو الرب الى سلع ، الكلاب الوالغة في حيض ذاتها ، الخراء المنتج في اكاديميات الفساد المعاصرة ، الانسان الادنى ، أعطال الدين ،الهة الحروب ، مصاصي الدماء ، نزيف النيل ، حيضان العمر ، بكاء الله من نافذة الطبيعة ، احتباس ضمير البشر ، الجنس التاسع .... سارقي الثورات ، اولاد الزواني ، الانتهازيين ،إلهنا أنحن أولادك الحرام ؟ أنحن فتات موائد السفاد والكلاب؟ كيف ضاجعنا المساء الذي لم يأت بعد ؟ أنحن السفلة الذين ولدنا في ازمنة نهاية الجنس اللابشري؟ في أي كواكب ابليسية قذفت بنا في هذه الاصقاع النائية والبيداء المتوحشة الامنك؟.. هل كنت أجدف ،أم أنني اهرطق على ضوء النجيمات المتواطئة مع هذه الليالي الهالكة والحالكة.
(3)
والفجوات التي فتحتها الاسئلة تخلقت في ازمنة ما داخل رحم الغيب وفي المساءات او النهارات لايهم ،فالمدينة عاهرة تتلوى تحت انتصابات عديدة ، ومابين فخذيها الشبقيين جدارٌ كتيم لاينفذ منه شئ ، وكل العابرون الوالغون في ظلالها يبغون غيم تنسحب منه الارض، يبغون خدش جدار التاريخ ، التارخ الوعر والعكِرُ، وهذا الجدار كونٌ خاص من حقب سرمدية ومسافات ضوئية من النهب والاستلاب والاغتصاب والدم ، إنها تواريخ العبودية والتوق الى الحرية تواريخ من المجاذر والعساكر واللاشئ ، وهذه الفسيفساء من البلاد المنشقة على نفسها بلاد ذاكرتها الجمعية لم تبارح تواريخ صحراء الجاهلية في قرونها السحيقة وظلماتها ، مدنٌ تعيش في الزمن القبلي والطائفي والعشائري ، تاريخها متأصل في الدم والموروث الجمعي ، الرب فيها رجل كرشه متدلية متخمة باموال الباطل ،خارج لتوه من خيمة على أطراف تلك النجوع والوهاد ، ذقنه كالمكنسة يحتكر الحقيقة المطلقة ، ويوزع صكوك الغفران مفاخذاً أحلامنا التي لم تبلغ الحلم بعد! والبشر منقسمون على أنفسهم كل يوم كالاميبا اما في الاهواء الخاصة او رياح النفع الذاتي....أزمنة الخنوع والقهر والاستبداد وخيبات الاحزاب والدولة الامنية، ونحن ضائعون ومطاردون في غابات الوحوش الكاسرة . وها نحن نبحر في مياه ضحلة على مراكب من جريد النخل المتيبس باتجاه جزيرة محفوفة بالضباب واللاأمل يحكمها العماليق، نروم النجاة من وحشة البحر واسماك القرش وروائح الدم والامطار الملحية ،والشفاه التي تردد هللويا او أمين خصيت أو أقصيت من مسرح اللا معقول .. سحقاً لها ولهم ولنا .
(4)
هذه حقب الفوضى والغربة ، ولربما زمن الجنون ، زمن سوف يتجرع فيه جيلي وهو يتلصص قارئاً انثربولوجيا مدن قاحلة -خمور من الانتحار على حقول ذاته اليابسة ، وفي ظلمة هذه الليلة ، سوف أرقص كعاشق على ضفاف النيل فالس المساءات الحزينة ، والكمنجات التي تصهل اوتارها ولا تعرف اهو صهيل الحب ام الحرب سوف تصمت على وقع الحوافر وسيوف سيدنا الكلبي، والان فقط ساشرب كأسي الثالثة وسادخن بمرارة وسالعن المدن مرتّلا صلاتي في الجحيم واضعا حدوداً للتوق البشري ،هو ذا الليل ضمير مستتر وسوف أطويه في ملفات ارشيفي السري وسوف أنشد في غربتي محدقاً في نسيج العنكبوت الذي يعتلي سقف غرفتي التي ربما تنوح الان ( ما معنى الخمر باكواب من فضة ؟مامعنى ان تعبد رباً وثناً ؟ان تشرب خمراً ...لبناً وتجاسد الحور العين،سيّان عندي مادام الشعر تحرر من القوافي،سيّان عندي مادام القمر يدثرني، يتأملني شبحاً... رجساً...نجساً، ملاكا ً طاهرا) وقالت زجاجة الخمر وهي تتجشأ اخر كاس دلقته في جوفها :
عشرة اعوام من الانبهار وتقديس الذات
والافق اخضر... ما تغيّرنا
تغير فينا نبض اشتهاء الفصول
واذدهرت مواسم فجيعتنا
تغيّر مذاق قهوتنا وما عدنا نكترث
للاشياء ..للرب.. للروح والحزن
ومتى يحيض النهر ويفنى الجسد
سيان عندي مادمنا عبر خط الشّيب في عز الشباب
ومددنا الموائد للعمر
ومارسنا العهر والتزندق والانفعال جهرا وتملقنا الكلمة.