اختبرني المدير وألحقني بالابتدائي الأول ثم بالابتدائي الثاني في السنة نفسها
بعد اشتغال والدي في البلدية، ابتداء من صيف 1958 انفتحت أبواب الفرج في وجهنا، عادت والدتي وإخوتي إلى البيضاء، واكترينا بيتا مستقلا. وفي بداية الموسم الدراسي التحقت بمساعدة أحد أقربائنا بمدرسة حرة، تدعى “مدرسة المجد”، قريبة من أسواق القريعة، كان يديرها عضو في حزب الشورى والاستقلال، يسمى حمزة الأمين، اختبرني المدير مباشرة في مكتبه، وألحقني بالابتدائي الأول، وبعد نهاية الثلاثي الأول، تم إلحاقي بالابتدائي الثاني في السنة نفسها.
وهكذا وبقدرة قادر، ومقابل ثمانية دراهم شهريا، وجدتني أتجاوز أقراني من أولاد عائلتي الذين اتبعوا السلم الدراسي في المدرسة العمومية، درجة درجة، واتسعت الشقة بيننا بعد إضافة قسم الملاحظة إلى الطور الإعدادي، ومروري إلى هذا الطور قبل إضافة القسم المذكور.
لكن هذه المكاسب التعليمية، التي حققتها لم تكن تخفي جانبا سلبيا، فكان له تأثير هام في حياتي، ويتعلق الأمر بضعف ومحدودية زادي من اللغة الفرنسية. وبعد تحقيق الانتقال إلى قسم الباكلوريا، السنة السادسة ثانوي يومئذ، فرضت علي الخدمة العسكرية الإجبارية، والتحقت بأول فوج يؤدي هذه الخدمة في يوليوز 1966، وعلى الرغم من التحاقي المتأخر بالثانوية في يناير 1968، وبعد إنهاء تلك الخدمة، فقد فزت بالباكلوريا وكنت من أوائل أقراني من أولاد العائلة في تحقيق هذا الفوز، وبذلك عادت أبواب الفرج لتفتح في وجهي من جديد.
لم يكن سهلا علي أن أسمع أن الكثيرين من زملائي نجحوا في نيل الباكلوريا سنة 1967، والتحقوا بعد ذلك بمختلف الكليات والمعاهد والمدارس العليا، وأنا انتقل من ثكنة إلى أخرى، وحاولت قبل ذلك أن استدرك الأمر، وأتقدم لامتحان الباكلوريا بصورة مستقلة، وراسلت في الموضوع مصالح القيادة العليا للجيش، وكانت العاقبة غير حسنة، بعد أن عوقبت ببضعة أيام في “الكاشو” لأني راسلت القيادة مباشرة دون مراعاة التسلسل الإداري.
ورغم أن رغبتي في الترشح المستقل لامتحان الباكلوريا في 1967، لم تتحقق، فقد واصلت خلال عدة فترات من الخدمة العسكرية الاهتمام بالمقرر الدراسي، وركزت، خصوصا، على مقرر الفلسفة، الذي كان متاحا للجميع بفضل الأساتذة عابد الجابري وأحمد سطاتي ومصطفى العمري، وقد ساعدني ذلك كثيرا عند عودتي إلى الثانوية، ومكنني من الحصول على تنقيط جيد في فروض الفلسفة التي كان أغلب الزملاء لا يحصلون على المعدل فيها.
بعد الباكلوريا.. التحقت بالمدرسة العليا للأستاذة وكلية الآداب بفاس، قسم الآداب العربي، وكانت فترة السنوات الأربع التي قضيتها في فاس من أزهى فترات عمري على الإطلاق، فقد كان وضعي المادي مريحا يسمح لي بمساعدة أسرتي وتلبية متطلبات العيش واقتناء الكتب التي كانت المكتبات تزخر بها، خاصة منها منشورات “دار الطليعة” ودار دمشق”، والمجلات الفكرية والأدبية وداوين الشعر الحديث.
وكانت الدراسة ميسرة، وكان يكفيني شهر واحد لتحضير الامتحان السنوي، اما معظم الوقت فقد كنت أخصصه للقراءات الفكرية ولعدد من المهام النضالية، إضافة إلى كرة القدم وكثير من المرح.
جريدة الصباح - غشت 2019
بعد اشتغال والدي في البلدية، ابتداء من صيف 1958 انفتحت أبواب الفرج في وجهنا، عادت والدتي وإخوتي إلى البيضاء، واكترينا بيتا مستقلا. وفي بداية الموسم الدراسي التحقت بمساعدة أحد أقربائنا بمدرسة حرة، تدعى “مدرسة المجد”، قريبة من أسواق القريعة، كان يديرها عضو في حزب الشورى والاستقلال، يسمى حمزة الأمين، اختبرني المدير مباشرة في مكتبه، وألحقني بالابتدائي الأول، وبعد نهاية الثلاثي الأول، تم إلحاقي بالابتدائي الثاني في السنة نفسها.
وهكذا وبقدرة قادر، ومقابل ثمانية دراهم شهريا، وجدتني أتجاوز أقراني من أولاد عائلتي الذين اتبعوا السلم الدراسي في المدرسة العمومية، درجة درجة، واتسعت الشقة بيننا بعد إضافة قسم الملاحظة إلى الطور الإعدادي، ومروري إلى هذا الطور قبل إضافة القسم المذكور.
لكن هذه المكاسب التعليمية، التي حققتها لم تكن تخفي جانبا سلبيا، فكان له تأثير هام في حياتي، ويتعلق الأمر بضعف ومحدودية زادي من اللغة الفرنسية. وبعد تحقيق الانتقال إلى قسم الباكلوريا، السنة السادسة ثانوي يومئذ، فرضت علي الخدمة العسكرية الإجبارية، والتحقت بأول فوج يؤدي هذه الخدمة في يوليوز 1966، وعلى الرغم من التحاقي المتأخر بالثانوية في يناير 1968، وبعد إنهاء تلك الخدمة، فقد فزت بالباكلوريا وكنت من أوائل أقراني من أولاد العائلة في تحقيق هذا الفوز، وبذلك عادت أبواب الفرج لتفتح في وجهي من جديد.
لم يكن سهلا علي أن أسمع أن الكثيرين من زملائي نجحوا في نيل الباكلوريا سنة 1967، والتحقوا بعد ذلك بمختلف الكليات والمعاهد والمدارس العليا، وأنا انتقل من ثكنة إلى أخرى، وحاولت قبل ذلك أن استدرك الأمر، وأتقدم لامتحان الباكلوريا بصورة مستقلة، وراسلت في الموضوع مصالح القيادة العليا للجيش، وكانت العاقبة غير حسنة، بعد أن عوقبت ببضعة أيام في “الكاشو” لأني راسلت القيادة مباشرة دون مراعاة التسلسل الإداري.
ورغم أن رغبتي في الترشح المستقل لامتحان الباكلوريا في 1967، لم تتحقق، فقد واصلت خلال عدة فترات من الخدمة العسكرية الاهتمام بالمقرر الدراسي، وركزت، خصوصا، على مقرر الفلسفة، الذي كان متاحا للجميع بفضل الأساتذة عابد الجابري وأحمد سطاتي ومصطفى العمري، وقد ساعدني ذلك كثيرا عند عودتي إلى الثانوية، ومكنني من الحصول على تنقيط جيد في فروض الفلسفة التي كان أغلب الزملاء لا يحصلون على المعدل فيها.
بعد الباكلوريا.. التحقت بالمدرسة العليا للأستاذة وكلية الآداب بفاس، قسم الآداب العربي، وكانت فترة السنوات الأربع التي قضيتها في فاس من أزهى فترات عمري على الإطلاق، فقد كان وضعي المادي مريحا يسمح لي بمساعدة أسرتي وتلبية متطلبات العيش واقتناء الكتب التي كانت المكتبات تزخر بها، خاصة منها منشورات “دار الطليعة” ودار دمشق”، والمجلات الفكرية والأدبية وداوين الشعر الحديث.
وكانت الدراسة ميسرة، وكان يكفيني شهر واحد لتحضير الامتحان السنوي، اما معظم الوقت فقد كنت أخصصه للقراءات الفكرية ولعدد من المهام النضالية، إضافة إلى كرة القدم وكثير من المرح.
جريدة الصباح - غشت 2019