كتب – جعفر الديري
قالت المؤلفة الموسيقية السورية المقيمة في فرنسا د.غيث جاسر: إن المرأة في روايات الكتاب الفرنسيين، ما بين الحربين العالميتين، كانت مجرد أداة تتعرض للنقد الشديد حينما تحاول الإفلات من قبضة السيطرة عليها، لافتة إلى أنه في تلك الروايات من النادر أن يكون هناك حوار بين المرأة والرجل.
جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقتها د.جاسر مساء السبت 20 مايو / أيار 2006 في بيت عبدالله الزايد لتراث البحرين الصحافي في محافظة المحرق، بعنوان (الشخصيات ما بين الأسطورة والحقيقة - دراسة للشخصيات النسائية في الروايات الفرنسية والعربية المعاصرة).
وقالت د.جاسر الحاصلة على الدكتوراه في الأدب الفرنسي: نحيت هذا المنحى في دراستي نتيجة لاقتناعي بأن الرواية أقدر على سبر الأغوار أكثر من علم الاجتماع فهو علم على أهميته علم ناشف - إن صح التعبير- فهو يذكر مثلا أن هذا البلد به عدد من النساء وعدد من الرجال، وصحيح أن الحركات النسائية بحاجة الى علم اجتماع ولكن الأدب والسيرة قادران على اعطائك فكرة عن كل شيء. فالعمل مثلاً على القصة الفرنسية يكشف عن الكثير من نقاط التلاقي ونقاط التنافر في علاقة الرجل بالمرأة.
وتساءلت د.جاسر: لماذا اخترت القصة الفرنسية ولم أختر القصة العربية؟ وأجيب على ذلك بأن القصة العربية لم تتطور كما تطورت القصة الفرنسية فالقصة العربية لم تتطور إلا إبان عصر النهضة بينما القصة الفرنسية شهدت تطورا كبيرا في هذا الباب منذ فترات طويلة. والحقيقة أن القصة عمل يمتاز بمزايا كثيرة فالقصة عمل روائي فبامكان الكاتب من خلال القصة أن يتصور ما يشاء ويرسم الشخصيات التي هي انعكاس لواقع خيال الكاتب. سواء بالنسبة للرجل أو للمرأة فتتبع مسار الرجل في الرواية واسقاطاته لا ينفصل عن المرأة فالمرأة في كل الحالات ومهما حاولت أن تستقل تظل أسيرة لعلاقة عاطفية.
وأضافت: عمدت إلى تناول مجموعة كبيرة من الروايات لكتاب كبار وروايات أخرى لكتاب دخلوا دائرة النسيان والسبب أنه ما بين الحربين العالميتين بدأت حياة المرأة تظهر على السطح. وهنا كانت المرأة مجرد أداة تتعرض للنقد الشديد حينما تحاول الافلات من قبضة السيطرة عليها. ففي تلك الروايات من النادر أن يكون هناك حوار بين المرأة والرجل. فعندما نأخذ مثالا على ذلك بين الكاتب الاخلاقي وهو المحافظ وبين الليبرالي المتحرر المطالب بالتغيير نجد ان المرأة في كلا الحالين توجه اليها أصابع الاتهام. فهي ان طالبت بالتحرر فستكون مسئولة عن نهاية المجتمعات التقليدية فميلها الى التحرر لا يعفيها من الاتهامات والمطلوب منها هنا الخضوع. وهنا يراها المتحررون عقبة في وجه التطور فعليها ان تقوم بتقليد الرجال في طلب الحرية. فالمرأة في كل الأحوال مخلوق صغير لكنه ذو أخطاء كبيرة.
وتحدثت المحاضرة عن الأسطورة، وأوضحت أن الأسطورة تغري الإنسان لأن الكمال يغريه وفي أسطورة الأنثى نوع من اليأس المحبب. وسنجد أن الكاتب عندما يستخدم الأسطورة انما يستخدمها لمساحة الحرية التي تتيحها له ولكن عندما تناولت هذا الجانب في دراستي وجدت أن الرجل فيها يحب المرأة الأم وليس المرأة الأخرى. وهنا أريد أن أؤكد أن هناك اعتقادا في الغرب أن فكرة الحب للحب جاءت من العرب. بينما أنا شخصيا لا أجد ذلك صحيحا.
وتابعت القول: في رواية بروست الشهيرة "البحث عن الزمن الضائع" وجدت الكثير من العلامات الفارقة بين الرجل والمرأة لأن هذه الرواية نص غريب جدا. فكل التعبيرات التي طرأت في الرواية كانت في الدقة. ووجدت في تلك الأساطير أن التعبيرات التي تسقط على المرأة سيئة دائما. مثل حواء في الكتاب المقدس. كذلك المرأة الطفلة ليست إيجابية فهي مخيفة، كذلك المرأة الحيوان والمرأة النبات كلها ليست ايجابية. وكذلك المرأة الخنثى التي تحظى بأهمية كبيرة في الأدب الفرنسي وفي الغرب عموماً وخصوصاً في القرن التاسع عشر والقرن العشرين.
صحيفة الوسط البحرينية
العدد : 1357 | الأربعاء 24 مايو 2006م الموافق 27 ذي الحجة 1440هـ
قالت المؤلفة الموسيقية السورية المقيمة في فرنسا د.غيث جاسر: إن المرأة في روايات الكتاب الفرنسيين، ما بين الحربين العالميتين، كانت مجرد أداة تتعرض للنقد الشديد حينما تحاول الإفلات من قبضة السيطرة عليها، لافتة إلى أنه في تلك الروايات من النادر أن يكون هناك حوار بين المرأة والرجل.
جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقتها د.جاسر مساء السبت 20 مايو / أيار 2006 في بيت عبدالله الزايد لتراث البحرين الصحافي في محافظة المحرق، بعنوان (الشخصيات ما بين الأسطورة والحقيقة - دراسة للشخصيات النسائية في الروايات الفرنسية والعربية المعاصرة).
وقالت د.جاسر الحاصلة على الدكتوراه في الأدب الفرنسي: نحيت هذا المنحى في دراستي نتيجة لاقتناعي بأن الرواية أقدر على سبر الأغوار أكثر من علم الاجتماع فهو علم على أهميته علم ناشف - إن صح التعبير- فهو يذكر مثلا أن هذا البلد به عدد من النساء وعدد من الرجال، وصحيح أن الحركات النسائية بحاجة الى علم اجتماع ولكن الأدب والسيرة قادران على اعطائك فكرة عن كل شيء. فالعمل مثلاً على القصة الفرنسية يكشف عن الكثير من نقاط التلاقي ونقاط التنافر في علاقة الرجل بالمرأة.
وتساءلت د.جاسر: لماذا اخترت القصة الفرنسية ولم أختر القصة العربية؟ وأجيب على ذلك بأن القصة العربية لم تتطور كما تطورت القصة الفرنسية فالقصة العربية لم تتطور إلا إبان عصر النهضة بينما القصة الفرنسية شهدت تطورا كبيرا في هذا الباب منذ فترات طويلة. والحقيقة أن القصة عمل يمتاز بمزايا كثيرة فالقصة عمل روائي فبامكان الكاتب من خلال القصة أن يتصور ما يشاء ويرسم الشخصيات التي هي انعكاس لواقع خيال الكاتب. سواء بالنسبة للرجل أو للمرأة فتتبع مسار الرجل في الرواية واسقاطاته لا ينفصل عن المرأة فالمرأة في كل الحالات ومهما حاولت أن تستقل تظل أسيرة لعلاقة عاطفية.
وأضافت: عمدت إلى تناول مجموعة كبيرة من الروايات لكتاب كبار وروايات أخرى لكتاب دخلوا دائرة النسيان والسبب أنه ما بين الحربين العالميتين بدأت حياة المرأة تظهر على السطح. وهنا كانت المرأة مجرد أداة تتعرض للنقد الشديد حينما تحاول الافلات من قبضة السيطرة عليها. ففي تلك الروايات من النادر أن يكون هناك حوار بين المرأة والرجل. فعندما نأخذ مثالا على ذلك بين الكاتب الاخلاقي وهو المحافظ وبين الليبرالي المتحرر المطالب بالتغيير نجد ان المرأة في كلا الحالين توجه اليها أصابع الاتهام. فهي ان طالبت بالتحرر فستكون مسئولة عن نهاية المجتمعات التقليدية فميلها الى التحرر لا يعفيها من الاتهامات والمطلوب منها هنا الخضوع. وهنا يراها المتحررون عقبة في وجه التطور فعليها ان تقوم بتقليد الرجال في طلب الحرية. فالمرأة في كل الأحوال مخلوق صغير لكنه ذو أخطاء كبيرة.
وتحدثت المحاضرة عن الأسطورة، وأوضحت أن الأسطورة تغري الإنسان لأن الكمال يغريه وفي أسطورة الأنثى نوع من اليأس المحبب. وسنجد أن الكاتب عندما يستخدم الأسطورة انما يستخدمها لمساحة الحرية التي تتيحها له ولكن عندما تناولت هذا الجانب في دراستي وجدت أن الرجل فيها يحب المرأة الأم وليس المرأة الأخرى. وهنا أريد أن أؤكد أن هناك اعتقادا في الغرب أن فكرة الحب للحب جاءت من العرب. بينما أنا شخصيا لا أجد ذلك صحيحا.
وتابعت القول: في رواية بروست الشهيرة "البحث عن الزمن الضائع" وجدت الكثير من العلامات الفارقة بين الرجل والمرأة لأن هذه الرواية نص غريب جدا. فكل التعبيرات التي طرأت في الرواية كانت في الدقة. ووجدت في تلك الأساطير أن التعبيرات التي تسقط على المرأة سيئة دائما. مثل حواء في الكتاب المقدس. كذلك المرأة الطفلة ليست إيجابية فهي مخيفة، كذلك المرأة الحيوان والمرأة النبات كلها ليست ايجابية. وكذلك المرأة الخنثى التي تحظى بأهمية كبيرة في الأدب الفرنسي وفي الغرب عموماً وخصوصاً في القرن التاسع عشر والقرن العشرين.
صحيفة الوسط البحرينية
العدد : 1357 | الأربعاء 24 مايو 2006م الموافق 27 ذي الحجة 1440هـ