في كلية الآداب بفاس، اندمجت بسهولة وسط الطلبة الاتحاديين، وحضرت عددا من حلقاتهم، وفي إحداها تعرفت على عبد الصمد بلكبير، وانبهرت بالعرض الذي قدمه. وكان زميلي في الثانوية وفي الكلية، ثم بعد ذلك في السكن، لحسن مصطفاوي، يهتم بي ويلازمني، ويطرح معي آراء لم تكن متداولة بعد في الوسط الاتحادي، وتبين لي في ما بعد أن الأمر يتعلق بتيار فكري وسياسي في طريق التبلور.
رافقت مصطفاوي إلى المؤتمر الثالث عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، باعتباري ملاحظا، وقبل نهاية سنة 1970، كنت قد انخرطت في خلية طلابية تابعة لهذا التيار، وانخرطت كذلك في “مجلس المناضلين”، الذي بادر القادة المحليون لهذا التيار إلى تأسيسه كإطار واسع يلتقي فيه هؤلاء الأخيرون بمن يتعاطف معهم ويناصرهم.
وكانت المهام التي نقوم بها تتركز على الحملات الانتخابية المتعلقة بالتعاضدية أو مجلس القاطنين أو مندوبي المؤتمر الوطني، فضلا عن ذلك كنا نقدم عروضا فكرية وسياسية تنتقد الأحزاب التي كنا ننعتها بالإصلاحية، ونعرف بمواصفات البديل “الثوري”، الذي يتطلبه تغيير الأوضاع، إلى جانب هذا وذاك، كنا نتبع العناصر التي تبدو عليها علامات الجدية والنضج والاستعداد من أجل السعي إلى توطيد العلاقات بها، وتعميق النقاش معها تحضيرا لاستقطابها ودمجها في مجلس المناضلين أو خلايا التنظيم السري.
وعلى الرغم من أن هذا المجلس بمن كان يضمه من عناصر تنتمي إلى مختلف جهات البلاد، كان يجسد التجاوز الفعلي للجهوية والإقليمية، فإن حملاتنا الانتخابية والدعائية كانت تعتمد هذا المستوى. وكنت أدعو البيضاويين من زملائي السابقين ومعارفي إلى حلقات خاصة كانت تتسع باستمرار، نظرا للاحترام والتقدير اللذين كانا متبادلين بيننا، ونظرا كذلك لأنني كنت حريصا على مخالطتهم ومعايشتهم، على عكس عدد من المناضلين الذين كانوا يكتفون ببعضهم، ويتأففون من مخالطة جمهور الطلاب.
حضرت المؤتمر الرابع عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب مندوبا، بعد أن فزت في الانتخابات في لائحة “طلبة تقدميون”، وقد اندمجت هذه اللائحة بعد ذلك في إطار “جبهة الطلبة التقدميين”، التي ضمت الطلبة اليساريين المنسحبين من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وحزب التحرر والاشتراكية.
في السنة الرابعة من الكلية، ابتعدت قليلا عن القطاع الطلابي، وأشرفت على خلية سميناها عمالية وما هي بالعمالية، تشكلت من طلبة كانوا معلمين سابقين، وسعت هذه الخلية إلى ربط علاقات ببعض نقابيي الاتحاد المغربي للشغل، وبعض طلبة وخريجي معهد الجلد والنسيج، الذي كان يقع داخل الحرم الجامعي.. وإلى جانب ذلك، حاولت هذه الخلية إنجاز تحقيقات عن بعض المعامل، وتدخلت في بعض الإضرابات لتوجيهها ودعمها بوساطة مناشير، كنا نوزعها في الحي الصناعي عند الفجر، وأتذكر في هذا الباب أن إحدى العاملات رفضت استلام منشوري مخافة أن يكون “سحورا”.
في أواخر يونيو من تلك السنة (1972)، اهتز الحاضرون في المؤتمر الطلابي وهم يسمعون دوي الرصاص قريبا منهم، بعد الهجوم الفاشل الذي شنه الانقلابيون على القصر الملكي. قمت بزيارة عابرة للمؤتمر ثم غادرته وأنا اشعر بشيء من الاستعلاء، لأنني انتميت إلى القطاع العمالي.
قبل وصولي ثانوية “كشكاط” باليوسفية، بعد تخرجي في أكتوبر 1972، ألحقت بالمجلس الاستشاري، وهي هيأة وسيطة قامت مقام هذه الأخيرة، بعد الاعتقالات الواسعة، التي اجتاحت تنظيمات اليسار في السنة سالفة الذكر، واضطر معها جزء هام من القيادة إلى مغادرة البلاد.
كانت اليوسفية تعيش ركودا شاملا، لم تعد معه الحركة العمالية الهادرة غير ذكرى بعيدة، بعد أن تم تخريب التنظيم النقابي وتفكيك مفاصله، حتى رجال التعليم في الابتدائي والثانوي كانوا غير معنيين بالعمل النقابي.
رافقت مصطفاوي إلى المؤتمر الثالث عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، باعتباري ملاحظا، وقبل نهاية سنة 1970، كنت قد انخرطت في خلية طلابية تابعة لهذا التيار، وانخرطت كذلك في “مجلس المناضلين”، الذي بادر القادة المحليون لهذا التيار إلى تأسيسه كإطار واسع يلتقي فيه هؤلاء الأخيرون بمن يتعاطف معهم ويناصرهم.
وكانت المهام التي نقوم بها تتركز على الحملات الانتخابية المتعلقة بالتعاضدية أو مجلس القاطنين أو مندوبي المؤتمر الوطني، فضلا عن ذلك كنا نقدم عروضا فكرية وسياسية تنتقد الأحزاب التي كنا ننعتها بالإصلاحية، ونعرف بمواصفات البديل “الثوري”، الذي يتطلبه تغيير الأوضاع، إلى جانب هذا وذاك، كنا نتبع العناصر التي تبدو عليها علامات الجدية والنضج والاستعداد من أجل السعي إلى توطيد العلاقات بها، وتعميق النقاش معها تحضيرا لاستقطابها ودمجها في مجلس المناضلين أو خلايا التنظيم السري.
وعلى الرغم من أن هذا المجلس بمن كان يضمه من عناصر تنتمي إلى مختلف جهات البلاد، كان يجسد التجاوز الفعلي للجهوية والإقليمية، فإن حملاتنا الانتخابية والدعائية كانت تعتمد هذا المستوى. وكنت أدعو البيضاويين من زملائي السابقين ومعارفي إلى حلقات خاصة كانت تتسع باستمرار، نظرا للاحترام والتقدير اللذين كانا متبادلين بيننا، ونظرا كذلك لأنني كنت حريصا على مخالطتهم ومعايشتهم، على عكس عدد من المناضلين الذين كانوا يكتفون ببعضهم، ويتأففون من مخالطة جمهور الطلاب.
حضرت المؤتمر الرابع عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب مندوبا، بعد أن فزت في الانتخابات في لائحة “طلبة تقدميون”، وقد اندمجت هذه اللائحة بعد ذلك في إطار “جبهة الطلبة التقدميين”، التي ضمت الطلبة اليساريين المنسحبين من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وحزب التحرر والاشتراكية.
في السنة الرابعة من الكلية، ابتعدت قليلا عن القطاع الطلابي، وأشرفت على خلية سميناها عمالية وما هي بالعمالية، تشكلت من طلبة كانوا معلمين سابقين، وسعت هذه الخلية إلى ربط علاقات ببعض نقابيي الاتحاد المغربي للشغل، وبعض طلبة وخريجي معهد الجلد والنسيج، الذي كان يقع داخل الحرم الجامعي.. وإلى جانب ذلك، حاولت هذه الخلية إنجاز تحقيقات عن بعض المعامل، وتدخلت في بعض الإضرابات لتوجيهها ودعمها بوساطة مناشير، كنا نوزعها في الحي الصناعي عند الفجر، وأتذكر في هذا الباب أن إحدى العاملات رفضت استلام منشوري مخافة أن يكون “سحورا”.
في أواخر يونيو من تلك السنة (1972)، اهتز الحاضرون في المؤتمر الطلابي وهم يسمعون دوي الرصاص قريبا منهم، بعد الهجوم الفاشل الذي شنه الانقلابيون على القصر الملكي. قمت بزيارة عابرة للمؤتمر ثم غادرته وأنا اشعر بشيء من الاستعلاء، لأنني انتميت إلى القطاع العمالي.
قبل وصولي ثانوية “كشكاط” باليوسفية، بعد تخرجي في أكتوبر 1972، ألحقت بالمجلس الاستشاري، وهي هيأة وسيطة قامت مقام هذه الأخيرة، بعد الاعتقالات الواسعة، التي اجتاحت تنظيمات اليسار في السنة سالفة الذكر، واضطر معها جزء هام من القيادة إلى مغادرة البلاد.
كانت اليوسفية تعيش ركودا شاملا، لم تعد معه الحركة العمالية الهادرة غير ذكرى بعيدة، بعد أن تم تخريب التنظيم النقابي وتفكيك مفاصله، حتى رجال التعليم في الابتدائي والثانوي كانوا غير معنيين بالعمل النقابي.