بدأ أنور عبد العزيز النشر اول مرة في الصحيفة الموصلية (فتى العراق) حيث نشر اول قصة قصيرة له فيها بعنوان(شروق) في 7نيسان 1958,تبعها بقصة ثانية في ذات الصحيفة تحت عنوان (ورن جرس التلفون) في 19 مايس من نفس العام .
خلال تلك الفترة كانت الصحف الاساسية في بغداد تشجع الشباب والشيوخ على نشر القصص القصيرة ,حيث أفردت جريدة (البلاد) يومين لنشر القصص القصيرة على الصفحة الاخيرة من الجريدة وكذلك فعلت جرائد (الزمان) و(الحرية )و(الشعب ) بنسب ومساحات متفاوتة اضافة الى الصحف المسائية مثل (اليقضة)و(الناس )و(بغداد المساء).
وكان النشر في الصحافة ايامها مجانيا أذ أن القاص لا يتقاضى سوى كلمة (شكرا ) أن أحسن محرر الصفحة الثقافية قولها!
خلال ذلك تحول انور عبد العزيز الجباري للكتابة في الصحف البغدادية حيث نشر قصة( الغرفة الثانية ) في جريدة (الزمان ) في 12 كانون الاول 1958,أتبعهاباقصوصتين في نفس الصحيفة وقبل أن ينشر قصة (هناك في القرية ) في المجلة الاسبوعية اليسارية (14 تموز) بعنوان (هناك في القرية) في عدد 14 كانون ثاني 1960, على وفق فهرست الاستاذ الدكتور عبد الاله احمد(فهرست القصة العراقية) .
عند نشره مجموعته القصصيةالاولى عام 1970( الوجه الضائع) كان أنور قد أنتظر طويلا قبيل أن تساعده وزارة الاعلام على تعضيد المجموعة ماديا, ولم يختر القاص من منشوراته السابقة سوى قصة (أكاد أختنق ) التي اسماها في المجموعة (الاختناق ) .
حوت المجموعة احدى عشرة قصة قصيرة تضمنت عنوانات ثمان من قصصها كلمة واحدة وهن : المرفأ- الاتهام – الهروب –الخطوبة- الاختناق- الحمائم- التجربة- الوجه .
قصتان فقط حمل عنوانيهما كلمتين هما: الوجه الضائع – الحوض الكبير , وكانت قصة ( الوجه الضائع ) وهي العنوان العام للمجموعة ,واتت القصة الحادية عشرة بعنوان بثلاث كلمات وهي (بائع الساعة العاشرة ) .
في القصة الاخيرة نوع من التلاقح العاطفي بين بائع جوال للخضروات وبين خياطة اربعينية فاتها القطار ,هي ترى فيه أكثر من بائع تسرقه نساء المحلة احيانا وهو يراها معلمة انيقة لاعاملة خياطة تضيع سويعاتها بكد مستمر .. تتوقف الاحداث عند استذكارات ولهى العاطفة فيها مشبوبة للرومانسية الحيية فيها الكثير الذي لايتقدم ويظل مبتور الارادة.
تلاحق قصص ( الوجه الضائع) الهموم الانسانية وتوترات الفرد وسط مجتمعه بلغة لا تسهب بل تقتصد الاداء لتترك للقارئ الجزء غير المدون ليستكمل خلاله اجراءات السرد التالية.
في القصة الاولى ( المرفأ) نجد معلم الطلبة يستعجل انتهاء الدرس الاخير ليخرج شبه متهاو , اعصابه تالفة وقد صمم على الذهاب الى طبيب الاعصاب حريصا الا يراه أحد من معارفه خشية الكلام والاستنتاج المخل, هو يجد في الطبيب مرفأه الامين, لكنه لايدخل غرفته مباشرة ويخضع لفحص الجالسين الى جواره في غرفة الانتظار خصوصا فحص رجل يطيل النظر اليه ويضايقه ,لكن المضايقة الكبرى أتت من قادم يعرفه تماما يجالسه مشيدا بالطبيب دون اهتمام بادعاء انه جاء لعلاج الم في ساقه , الصديق المجالس يؤكد له حاجته للعلاج(انك مريض..عيناك محمرتان..مرض الاعصاب مرسوم على وجهك.. لاتهمل نفسك) وهكذا افتضح سر الراوي العليم الذي كان حريصا على ستره قبيل دخوله غرفة الطبيب , وبذلك اخترق الرغبة في الستر دخول الصديق للاخلال بالمعادلة التي كان يتمناها .
في ( الوجه الضائع)تجربة حياة لمفوض شرطة متقاعدفقد هيبته القديمة وسلطته على الناس وتحول الى متقاعد بسيط يجتر ذكرياته ولا يستطيع حتى امر زوجته المريضة بالمفاصل والنادبة حظها معه و وهو يتعايش معها يوميا بالتفكير بما يملك من بيوت بسيطة يريد توزيعها على اولاده دون أن يفعل حياة بائسة تتكرر فيها صورة الضياع وبؤس الخاتمة بعد حياة مترعة بالعمل الذي ضاع اثره يوم ضاعت الوظيفة وتحول المفوض الى ضياع دائم .
في قصة ( الحوض الكبير ) اقتراب من كازديمو –احدب نوتردام , دون أن تتكرر الشخصية ,فالاحدب الاقرع هنا يشتغل عاملا في ملهى من درجة متدنية وهو يحلم بقضية واحدة تبعد عنه برد الليل والنهار وتخلصه من قروحه واوساخه وهي ان يستحم بماء حمام حارو وما أن يتحرك الاحدب الاقرع الى حمام السوق ويخلع ما ستره حتى يمنع اجتماعيا من مشاركتهم في الحوض الكبير الذي يغتسلون جواره , فيضطر-كما هو واقع حياته اليومية – الى الاعتزال عنهم منصرفا الى حوض صغير يكون ملاذه ,فقد استحم رغم كل الموانع وبداراضيا وفي القلب حسرةالشطب الاجتماعي.بذلك تكون ( الحوض الكبير) قصة ناجحة استطاع القاص خلالها تجسيد ذلك العالم المتوحد الذي اكتنف الاحدب وصارعه محاولا التغلب عليه دون جدوى,لكنه احتال عليه ليصنع عالمه الخاص.,وهو هنايقتفي اثر محاولة المعلم التخلص من المه العصبي باللجوء الى بيت الطب ,رغم خوفه من مراقبة الاخر في ( المرفأ) , أنها معادلة لاتتضح معالمها الا بالتأمل الدقيق , الاحدب في (الحوض الكبير) يريد تجاوز محنته بالانفتاح على الآخر دون جدوى ,والمعلم في ( المرفأ) يريد النجاة اجتماعيا وصحيا من الم.
يرافقه محاولا منع الاخرين من الاسترقاق على حياته وتاريخه الطبي.
في اقصوصة ( الاتهام ) نوع من الدرامية الموباسانية المفتعلة حيث تصدم سيارة رجلا قرويا غريبا وتمزق جزءا من جسده ,ويبدأ التحقيق معه وهو في الشارع حتى يموت .
حدث قد يحدث ولكن تبرير الاداء جاء خاليا فنيا من الاقناع بمهارة ما حصل , فليس كل واقعة تستحق التدوين وليست كل مادةدرامية مدونة تحمل بين طياتها ما يجعلها ناجحة فنيا .
على عكس حدث القصة السابقة فنحن نقف عند حادث دهس آخر في القصة التالية التي حملت عنوان (الهروب ), حيث يدهس الراوي رجلا بدويافي ساقه ,والبدوي غريب عن المدينة فيحمله الى صديق ليداويه لكنه يرفض خائفا فينقله الى ممرض يقرر ان علاجه مجرد أبرة بنصف دينار, هنا يفرح السائق ويهم باعطاء الممرض المبلغ لكن البدوي يطلب منه ذات المبلغ وبلا علاج فيعطيه السائق دينارا كاملا يأخذه البدوي فرحا ويهرب من امامه وهو يضلع .
أن هذا البناء الذي تتوازى فيه الاحداث وتتسارع تتحرك فيهاكلمة القاص متسارعة تنقلنا من نقطة ضوء الى اخرى برشاقة ضاعت في القصة السابقة لنجد البدوي هاربا بديناره وقد احتمل الالم والنقود معا ووتكشف لنا عن ذلك الحرص الغريب على المادة لدى من يحصل عليها بصعوبة .
القصص الباقية , مثل ( الوجه ) لاتكاد تختلف عما سواها الا في التفاصيل ومعظمها كما يبدو تعد اجزاء من رحلة الحياة الاولى للقاص عند تخرجه ,لكن جوا معتما من سوء الالفة مع الحياة وتداعيات حصار نفسي خانق تحيط باجواء القصص التي ضمتها مجـــــموعة القاص المهم انور عبد العزيز الذي ازدادت تجربته لمعانا وصقلا في تجاربه التالية .
خلال تلك الفترة كانت الصحف الاساسية في بغداد تشجع الشباب والشيوخ على نشر القصص القصيرة ,حيث أفردت جريدة (البلاد) يومين لنشر القصص القصيرة على الصفحة الاخيرة من الجريدة وكذلك فعلت جرائد (الزمان) و(الحرية )و(الشعب ) بنسب ومساحات متفاوتة اضافة الى الصحف المسائية مثل (اليقضة)و(الناس )و(بغداد المساء).
وكان النشر في الصحافة ايامها مجانيا أذ أن القاص لا يتقاضى سوى كلمة (شكرا ) أن أحسن محرر الصفحة الثقافية قولها!
خلال ذلك تحول انور عبد العزيز الجباري للكتابة في الصحف البغدادية حيث نشر قصة( الغرفة الثانية ) في جريدة (الزمان ) في 12 كانون الاول 1958,أتبعهاباقصوصتين في نفس الصحيفة وقبل أن ينشر قصة (هناك في القرية ) في المجلة الاسبوعية اليسارية (14 تموز) بعنوان (هناك في القرية) في عدد 14 كانون ثاني 1960, على وفق فهرست الاستاذ الدكتور عبد الاله احمد(فهرست القصة العراقية) .
عند نشره مجموعته القصصيةالاولى عام 1970( الوجه الضائع) كان أنور قد أنتظر طويلا قبيل أن تساعده وزارة الاعلام على تعضيد المجموعة ماديا, ولم يختر القاص من منشوراته السابقة سوى قصة (أكاد أختنق ) التي اسماها في المجموعة (الاختناق ) .
حوت المجموعة احدى عشرة قصة قصيرة تضمنت عنوانات ثمان من قصصها كلمة واحدة وهن : المرفأ- الاتهام – الهروب –الخطوبة- الاختناق- الحمائم- التجربة- الوجه .
قصتان فقط حمل عنوانيهما كلمتين هما: الوجه الضائع – الحوض الكبير , وكانت قصة ( الوجه الضائع ) وهي العنوان العام للمجموعة ,واتت القصة الحادية عشرة بعنوان بثلاث كلمات وهي (بائع الساعة العاشرة ) .
في القصة الاخيرة نوع من التلاقح العاطفي بين بائع جوال للخضروات وبين خياطة اربعينية فاتها القطار ,هي ترى فيه أكثر من بائع تسرقه نساء المحلة احيانا وهو يراها معلمة انيقة لاعاملة خياطة تضيع سويعاتها بكد مستمر .. تتوقف الاحداث عند استذكارات ولهى العاطفة فيها مشبوبة للرومانسية الحيية فيها الكثير الذي لايتقدم ويظل مبتور الارادة.
تلاحق قصص ( الوجه الضائع) الهموم الانسانية وتوترات الفرد وسط مجتمعه بلغة لا تسهب بل تقتصد الاداء لتترك للقارئ الجزء غير المدون ليستكمل خلاله اجراءات السرد التالية.
في القصة الاولى ( المرفأ) نجد معلم الطلبة يستعجل انتهاء الدرس الاخير ليخرج شبه متهاو , اعصابه تالفة وقد صمم على الذهاب الى طبيب الاعصاب حريصا الا يراه أحد من معارفه خشية الكلام والاستنتاج المخل, هو يجد في الطبيب مرفأه الامين, لكنه لايدخل غرفته مباشرة ويخضع لفحص الجالسين الى جواره في غرفة الانتظار خصوصا فحص رجل يطيل النظر اليه ويضايقه ,لكن المضايقة الكبرى أتت من قادم يعرفه تماما يجالسه مشيدا بالطبيب دون اهتمام بادعاء انه جاء لعلاج الم في ساقه , الصديق المجالس يؤكد له حاجته للعلاج(انك مريض..عيناك محمرتان..مرض الاعصاب مرسوم على وجهك.. لاتهمل نفسك) وهكذا افتضح سر الراوي العليم الذي كان حريصا على ستره قبيل دخوله غرفة الطبيب , وبذلك اخترق الرغبة في الستر دخول الصديق للاخلال بالمعادلة التي كان يتمناها .
في ( الوجه الضائع)تجربة حياة لمفوض شرطة متقاعدفقد هيبته القديمة وسلطته على الناس وتحول الى متقاعد بسيط يجتر ذكرياته ولا يستطيع حتى امر زوجته المريضة بالمفاصل والنادبة حظها معه و وهو يتعايش معها يوميا بالتفكير بما يملك من بيوت بسيطة يريد توزيعها على اولاده دون أن يفعل حياة بائسة تتكرر فيها صورة الضياع وبؤس الخاتمة بعد حياة مترعة بالعمل الذي ضاع اثره يوم ضاعت الوظيفة وتحول المفوض الى ضياع دائم .
في قصة ( الحوض الكبير ) اقتراب من كازديمو –احدب نوتردام , دون أن تتكرر الشخصية ,فالاحدب الاقرع هنا يشتغل عاملا في ملهى من درجة متدنية وهو يحلم بقضية واحدة تبعد عنه برد الليل والنهار وتخلصه من قروحه واوساخه وهي ان يستحم بماء حمام حارو وما أن يتحرك الاحدب الاقرع الى حمام السوق ويخلع ما ستره حتى يمنع اجتماعيا من مشاركتهم في الحوض الكبير الذي يغتسلون جواره , فيضطر-كما هو واقع حياته اليومية – الى الاعتزال عنهم منصرفا الى حوض صغير يكون ملاذه ,فقد استحم رغم كل الموانع وبداراضيا وفي القلب حسرةالشطب الاجتماعي.بذلك تكون ( الحوض الكبير) قصة ناجحة استطاع القاص خلالها تجسيد ذلك العالم المتوحد الذي اكتنف الاحدب وصارعه محاولا التغلب عليه دون جدوى,لكنه احتال عليه ليصنع عالمه الخاص.,وهو هنايقتفي اثر محاولة المعلم التخلص من المه العصبي باللجوء الى بيت الطب ,رغم خوفه من مراقبة الاخر في ( المرفأ) , أنها معادلة لاتتضح معالمها الا بالتأمل الدقيق , الاحدب في (الحوض الكبير) يريد تجاوز محنته بالانفتاح على الآخر دون جدوى ,والمعلم في ( المرفأ) يريد النجاة اجتماعيا وصحيا من الم.
يرافقه محاولا منع الاخرين من الاسترقاق على حياته وتاريخه الطبي.
في اقصوصة ( الاتهام ) نوع من الدرامية الموباسانية المفتعلة حيث تصدم سيارة رجلا قرويا غريبا وتمزق جزءا من جسده ,ويبدأ التحقيق معه وهو في الشارع حتى يموت .
حدث قد يحدث ولكن تبرير الاداء جاء خاليا فنيا من الاقناع بمهارة ما حصل , فليس كل واقعة تستحق التدوين وليست كل مادةدرامية مدونة تحمل بين طياتها ما يجعلها ناجحة فنيا .
على عكس حدث القصة السابقة فنحن نقف عند حادث دهس آخر في القصة التالية التي حملت عنوان (الهروب ), حيث يدهس الراوي رجلا بدويافي ساقه ,والبدوي غريب عن المدينة فيحمله الى صديق ليداويه لكنه يرفض خائفا فينقله الى ممرض يقرر ان علاجه مجرد أبرة بنصف دينار, هنا يفرح السائق ويهم باعطاء الممرض المبلغ لكن البدوي يطلب منه ذات المبلغ وبلا علاج فيعطيه السائق دينارا كاملا يأخذه البدوي فرحا ويهرب من امامه وهو يضلع .
أن هذا البناء الذي تتوازى فيه الاحداث وتتسارع تتحرك فيهاكلمة القاص متسارعة تنقلنا من نقطة ضوء الى اخرى برشاقة ضاعت في القصة السابقة لنجد البدوي هاربا بديناره وقد احتمل الالم والنقود معا ووتكشف لنا عن ذلك الحرص الغريب على المادة لدى من يحصل عليها بصعوبة .
القصص الباقية , مثل ( الوجه ) لاتكاد تختلف عما سواها الا في التفاصيل ومعظمها كما يبدو تعد اجزاء من رحلة الحياة الاولى للقاص عند تخرجه ,لكن جوا معتما من سوء الالفة مع الحياة وتداعيات حصار نفسي خانق تحيط باجواء القصص التي ضمتها مجـــــموعة القاص المهم انور عبد العزيز الذي ازدادت تجربته لمعانا وصقلا في تجاربه التالية .