ناهد الطحان - لآليء ثلجية.. قصة قصيرة

أصابها الفزع .. فلأول مرة تلمح من خلال المرآة شعيرات الثلج العالقة برأسها.. هل انشطر جبل الثلج المرابض في القطب الشمالي والجنوبي الي بلورات ..

هكذا انتابها ضحك هستيري ليتحول بداخلها الي ضجر .. فكثيرا ماكانت تخشي أن تهاجمها الأمطار والأعاصير وتتجمد من البرودة في الشتاء .. بالأمس قالت الأرصاد أن الشتاء سيكون هو السيد علي كل المواسم والأعياد بعد أن غطي الثلج الكرة الأرضية وامتلأت به الأنوف والأفواه .. وتقول إن علينا جميعا أن نرتحل الي المريخ بعيدا عن التجمد .. هكذا اذن صدقوا

انتفضت مرعوبة .. اذن لن تنضج الثمار الصيفية ابدا ولن يأتي الصيف ليزرع بداخلنا السهرات ولن نرقص طربا في حفلات شارم ومارينا وبهذا ستتقطع بنا السبل ونعود بلا اذرع أو اقدام ؟

شعرت بالأسف هل كان لابد أن أضع خطتي منذ البداية أن استجمع قواي والتقط الثلج من داخل الثقوب وتحت الكراسي والأسرة وفي الأزقة والحواري وفي كل البيوت والمدن وحتي المصابيح البيضاء .. أو ربما اعتلي النجوم الملتهبة علها تذيب البرودة من جسدي المضني بالتجمد .. تكدست الكلمات في فمها ..

لفت انتباهها أن أطفالها يتقاذفون بكرات الثلج غير مبالين .. ماذا عنها ؟؟ .. لماذا تجمدت دون غيرها من الكائنات … لابد أنها عدوي أصابتها عندما لامست الثلج في ثلاجتها وهي تصنع كوبا من العصير في أحد الأيام .. أو ربما حين لامست ألبوم الذكريات في ركنها الخاص وأزاحت عنه الأتربة لتكتشف أنها كومة من ثلج في احدي صور طفولتها الأولي .. لابد أن الموضوع قديم قدم آخر ما كتبت في احدي الجرائد المحلية عام 1995 قبل الزواج .. ماذا لو لم تتجمد منذ ذلك العام .. عاودتها الأفكار .. كان لابد أن ترتحل بعيدا حتي لا تفاجئها الذكريات .. فجأة انتابتها قشعريرة اذ انتزعت طفلتها المرآة من بين يديها ومسحت علي رأسها عدة مرات لتسقط كل اللآليء الثلجية ويسري الدفء في جسدها وفي كل مكان .


ناهد الطحان

أعلى