عبد الجبار الجبوري - ما ترسمهُ قصائدي على رملِ طفولتها

الخميسُ يوقظنُي من ياقتي ، ويقولُ لي تَعالَ أعلمّكَ لغةَ النسيّان، وأعلمّكَ كيفَ تقبضُ على نجمةِ النسيّان وتمرغ أنف البحر بإصبع الهذيان، وها أنا أرشُّ طريق طلتّها بماء الورد، فتجيؤني في الحلم كل خميس، لترسمَ قصائدي على رملِ طفولتها، وجهاً يحبُّه قَلبي،كيف أُصفّف شَعرصباحَها ، وهي تدلفُ الى بيتِ روحي كعروسٍ، حاملةً بحقيبتِها نجمةَ الليل، وشالَاً أحمر، وقنينةً من عطر إبطيّها، وأصابع لأحمر الشّفاه، تصافحُ يدُها يَدي، وقلبُها قَلبي، وروحُها روحي، وعيونُها عيوني، وشفاهُها شفاهي، في لحظةٍ نصير واحداً، ثم نتشظّى غريبيّن،تتمتم شفتاها بشيءٍ لاأفهمُه، ويتعثّر فَمي بكلامٍ كأنهُ يهذي فَمي، نجلسُ غريبيّن قُدّام البّحر، نلبسُ عُريَّ البحر، وأقمصةَ الليّل،كنتُ أقول لها تغيبينَ كدخان سجائري، وقنينةَ عِطري، وتسافرينَ على غيمةٍ محملةٍ بهمسِ المطر، أنا نايكِ المكسور ،وأنا قمركِ القتيل على باب دمعتك، ( آآ لَوَنْ يِنفتحْ كَلبي جان راويتج عليه شلون تتلجم جراحي، آآ لو موعيب أصيحن جنت أصيحن سامحيني بكل صياحي،سامحيني لا ألمّ الناس بصياحي وشهكَتي وجلمة سامحيني ))، أنا شهقة خنقتها الريحُ ، وإغتالَ دمعتَها الليلُ، وصاحَ في أول الصّباح حَرفي ، ((روحي لاتكَلها شبيج،وإنتَ الماي مكَطوعة مثل خيط السمج روحي)) ، روحي كمثرى تتدّلى من أعلى سماء ، ترفلُ بالحزنِ ، وبالموسيقا ، والشعر، والموت ، على قارعة النسيان، أُقسمُ بقامتكِ المطبوعةِ في قلبي، أقسمُ بعينيكِ اللتين تصمت دونهما الكلمات، أقسمُ بأنوثتكِ الكافرة، أقسمُ بطلّتكِ التي تُشبِهُ وجهَ القمر، أقسم بنهدينك، اليهربانِ من أصابع عَطشي، أقسمُ بزيتونة صدرييّك، وهما يضيئانِ أياميَ المثقلاتِ بالمطر، أحلمُ أنْ أقّبلَ ترابَ نَعليكِ ، أقسمُ بماءِ شفتيكِ ولون دمعتيكِ، أقسمُ بذاك الشال، الذي ظل يُلوّح لي من بعيدٍ هناك ، دون أنْ تراهُ عَيناي، عيَناي المكلومتان بفاتحة الغياب، عيَناي اللتان ترنوان طولَ العمر، بإنتظار طلتك البهية، كلَّ خميسِ، أخبرك ألآن، فالخميسُ ماتَ يومُ الخَميسْ ، هذا ما ترسمه قصائدي على رمل طفولتك ، طفولتك التي تنمو كالعشب على وجع أيامي، وتنأى كالبحر الى سماء أخرى……



الموصل …
18/1/2020



أعلى