لا أحد في المنطقة بأسرها سمى مولودا باسم " بوزيد" و السبب الانطباعات و الأفكار التي صارت ملتصقة بهذا الإسم الذي صار مرادفا لاسم " باخوس" عند اليونانيين. أي آله الخمر.
لم يعرف بوزيد بمواقف سياسية مناوئة لتوجهات السلطة و آن كان قد تعاطف بشكل صامت مع المعتقلين السياسيين الذن كان يتم تداول أخبارهم من حين لآخر. و يشفق عليهم مما كان سيواجهونه في السجون التي يعرف جيدا أسلوب التعامل داخلها. ووضعه كخمار القرية كان يقتضي ألا تكون له خصومات. و أن يجامل رجال السلطة الذين لا يشك الكثيرون في كون بعضهم كانوا يستفيدون من خدماته و إن كان بوزيد لم يفصح أبدا عن ذلك. لكنه لم يتحول إلى مخبر كما هو حال الكثير من المقاتلين القدامى. و القضية الوحيدة التي قدم فيها ما لديه من معلومات كانت قضية سرقة أحد الدكاكين التي تمت من طرف شخص غريب كان قد وفد إلى القرية بصفة " كشاف متجول". و قد فعل ذلك دفعا للشبهات عنه باعتباره يسكن قريبا من ذلك المتجر. و دفاعا عن زبنائه حتى لا تعتبر السلطة أن العملية قد لا ينفذها سوى شخص مخمور.
لكن متاعبه مع أذيال السلطة لم تتوقف يوما. سلوكه الغريزي تجاه ( البركاكة) يفيد أنه عانى منهم الكثير. و لذلك كان سلاحه هو الرصد المضاد لحركاتهم . خصوصا و ان دكانه الذي كان في الوقت نفسه مسكنه، كانت كاميرا بشرية ثابتة قبالته تشتغل في كل الأوقات. و كان أحيانا وهو يفرغ في جوفه كأسا و ينظر عبر فتحة ضيقة من الستار الذي يغطي المدخل سائلا نديمه: هل سمعت عن حكاية لشخص يبيع البصل في منتصف الليل؟
و الحقيقة أن الهوس الذي عاشه بوزيد كان له ما يبرره. فأي نزاع أو فوضى نشبت في مكان ما و كان احد إطرافها سكير، فذاك كا يعني أن بوزيد في طريقه للسجن بعد أن يخلى سبيل المخمور. و السلطة سنت هذا التعامل بمنطق اجتثاث المشكلة من أصلها. و أي سكير اشتم فيه رائحة الخمر و صرح أنه حصل على الخمر من بوزيد كان يعني أن بوزيد سبعتقل. و قد حدث مرة في أحد الأعراس أن قام شخص بإفساد الحفل نتيجة سلوك متهور. و حين اعتقل و تلمس الخروج من ورطته، أشهر ورقة بوزيد. و لسوء حظه أن بوزيد كان وقتها يقضي عقوبة حبسية.
مشاكل بوزيد تفاقمت بعد رحيل وحدة المخزن المتنقل العاشر من غفساي إلى " عين اشكاك" في منتصف السبعينات. و تغيرت بفعل ذلك معطيات كثيرة في القرية. و كان بوزيد من جملة من تضرروا من ذلك الوصع. و من ثم اضطر للتخلي عن احد اهم قواعد سلامته و هي الا يبيع الخمر لأي كان ، خصوصا أولئك الذين لا يستطيعون ضبط سلوكهم بعد احتساء الخمر. و بالتالي ارتفعت وتيرة دخوله و خروجه من السجن. و لتخفيف وقع الحدة التي صار يحياها، حول بيته الواقع في حي " ارشادة" آلى حانة صغيرة يستقبل فيها عينة خاصة من السكارى. و كانت وجبة العشاء من ضمن الخدمات التي يقدمها مع ثمن ملائم. و قد اجتهد كثيرا في ترويج هذه الخدمة في جلساته و احاديثه. و لم يتوقف عن تسويق حديث " القن" أو " الأن" كما يتلفظ به. و في إحدى المرات، و عندما وصلت الجلسة إلى نهايتها و قام الزبناء ليغادروا، طلب منهم الانتظار لحظة ليريهم رأس " القن" الذي كان وجبة عشائهم ليكشف لهم على رأس جرو صغير.
لم يعرف بوزيد بمواقف سياسية مناوئة لتوجهات السلطة و آن كان قد تعاطف بشكل صامت مع المعتقلين السياسيين الذن كان يتم تداول أخبارهم من حين لآخر. و يشفق عليهم مما كان سيواجهونه في السجون التي يعرف جيدا أسلوب التعامل داخلها. ووضعه كخمار القرية كان يقتضي ألا تكون له خصومات. و أن يجامل رجال السلطة الذين لا يشك الكثيرون في كون بعضهم كانوا يستفيدون من خدماته و إن كان بوزيد لم يفصح أبدا عن ذلك. لكنه لم يتحول إلى مخبر كما هو حال الكثير من المقاتلين القدامى. و القضية الوحيدة التي قدم فيها ما لديه من معلومات كانت قضية سرقة أحد الدكاكين التي تمت من طرف شخص غريب كان قد وفد إلى القرية بصفة " كشاف متجول". و قد فعل ذلك دفعا للشبهات عنه باعتباره يسكن قريبا من ذلك المتجر. و دفاعا عن زبنائه حتى لا تعتبر السلطة أن العملية قد لا ينفذها سوى شخص مخمور.
لكن متاعبه مع أذيال السلطة لم تتوقف يوما. سلوكه الغريزي تجاه ( البركاكة) يفيد أنه عانى منهم الكثير. و لذلك كان سلاحه هو الرصد المضاد لحركاتهم . خصوصا و ان دكانه الذي كان في الوقت نفسه مسكنه، كانت كاميرا بشرية ثابتة قبالته تشتغل في كل الأوقات. و كان أحيانا وهو يفرغ في جوفه كأسا و ينظر عبر فتحة ضيقة من الستار الذي يغطي المدخل سائلا نديمه: هل سمعت عن حكاية لشخص يبيع البصل في منتصف الليل؟
و الحقيقة أن الهوس الذي عاشه بوزيد كان له ما يبرره. فأي نزاع أو فوضى نشبت في مكان ما و كان احد إطرافها سكير، فذاك كا يعني أن بوزيد في طريقه للسجن بعد أن يخلى سبيل المخمور. و السلطة سنت هذا التعامل بمنطق اجتثاث المشكلة من أصلها. و أي سكير اشتم فيه رائحة الخمر و صرح أنه حصل على الخمر من بوزيد كان يعني أن بوزيد سبعتقل. و قد حدث مرة في أحد الأعراس أن قام شخص بإفساد الحفل نتيجة سلوك متهور. و حين اعتقل و تلمس الخروج من ورطته، أشهر ورقة بوزيد. و لسوء حظه أن بوزيد كان وقتها يقضي عقوبة حبسية.
مشاكل بوزيد تفاقمت بعد رحيل وحدة المخزن المتنقل العاشر من غفساي إلى " عين اشكاك" في منتصف السبعينات. و تغيرت بفعل ذلك معطيات كثيرة في القرية. و كان بوزيد من جملة من تضرروا من ذلك الوصع. و من ثم اضطر للتخلي عن احد اهم قواعد سلامته و هي الا يبيع الخمر لأي كان ، خصوصا أولئك الذين لا يستطيعون ضبط سلوكهم بعد احتساء الخمر. و بالتالي ارتفعت وتيرة دخوله و خروجه من السجن. و لتخفيف وقع الحدة التي صار يحياها، حول بيته الواقع في حي " ارشادة" آلى حانة صغيرة يستقبل فيها عينة خاصة من السكارى. و كانت وجبة العشاء من ضمن الخدمات التي يقدمها مع ثمن ملائم. و قد اجتهد كثيرا في ترويج هذه الخدمة في جلساته و احاديثه. و لم يتوقف عن تسويق حديث " القن" أو " الأن" كما يتلفظ به. و في إحدى المرات، و عندما وصلت الجلسة إلى نهايتها و قام الزبناء ليغادروا، طلب منهم الانتظار لحظة ليريهم رأس " القن" الذي كان وجبة عشائهم ليكشف لهم على رأس جرو صغير.