عبد الجبار الجبوري - السمفونيةُ الأخيرةُ لعاشقةِ البَّحر.. شعر

الفارعةُ، ما الفارعةُ، وما أدراكَ ما الفارعةُ، هي نجمةٌ ساطعةْ، وغيمةٌ ضائعةْ، كنتُ إنتظرتُها تجيئُني على صهوةِ الظلام، لتُضيءَ لي هذا الظلامْ، قلتُ لها، تَعالي، جَفّتْ دُميعاتُ الأسى في غربتي ، وما طلَّ الغمام، كانت نجومُ الليلِ كلَّها في راحتي، تُباهلُ القَمر، وكنتُ أرقبُ الرّياح تجري، كما تشتهي، سفنُ الغرام، كانت فتاةُ الليِلِ تنأى، وكنتُ أنأى، وما دَنا الغَضا ، بَكى الغَضا، حين دَنا الغَضا، وكنتُ أظنُّ أنَّ الغضى ليس دانيا، تراءتْ لي خيلُ الغضى، وخيامُ البَّدو تنأى، وليلُ الموجِ كئيب، ها هي خيلُ الرَّدى، تخبُّ رَملَ الغَضا الى الغضى، ولكنْ بنو شيبان مضوا، وطالتِ الرِّقابُ ركابّيا، قلتُ ، ماتَ الغضا، مُذْ لوَّحَ البَحرُ لها، وجَفِلتْ خيلُ الفُراتِ، كانتِ الرّيحُ تطَوي الفَضا، وكنتُ أرى البحر مثلَ اللظّى ، غارقٌ في دمَي، مّرتْ سّنةٌ ، والناسُ قد تغيِّرتْ وأنتِ أنتِ ، ما تغيّر إحمرّارُ وجنتيكِ، ولا أحمرارُ شفتيكِ ، ولا إسودادُ عينيكِ، ولا فراعةُ قامتيكِ، وطغيانُ نهديكِ، ولا حزنُ ضحكتيكِ الراكضتّين وراء سراب القمر، لا برأ الليل من سَقامِه، ولا طابَ بعدكِ وقتُ السحَّر، لا ولا تركَ القَطا طِيبُ المَنام، فالليالي كلّها ، مُزعجات سويعاتها، كمْ أُعللُّ الحَرفَ ، وأهدهدُ الطِفلَ الذي، يغفو على زنّدِ القصيدة، لم يقلْ لي ودَاعاً ، ذاكَ الذي يرقدُ فوق غيمةٍ بعيدةٍ بأعلى السَّحابْ، لا ولمْ يهَيُلُ على دَمي وجعَ التُرابْ، مرّتْ سنةٌ ، والعذابُ هو العذابْ، لا قالَ هذاالطفلُ للحزنِ كفى، ولاماتَ في عَينيَّ ظلُّ السرّابْ….

7آذار 2020

أعلى