حيوية غير معتادة تشهدها البناية الضخمة كل أسبوعين. وجوه لا تنتمى لسكّانها لكنها أصبحت مألوفة تدريجيا للحارس. بفراسته أصبح يعرف مقصد " زوّار الأحد"، حتى لو كانوا من الوافدين للمرة الأولى. إنه الطابق التاسع فى تلك العمارة الفخمة بمدينة نصر. ربما لا يتمكن الحارس من إيجاد مبرر منطقى، لهؤلاء الذين يتركون مشاغل حياتهم ليشاركوا فى ندوة، وقد يتعامل معهم ككائنات غريبة على عالمه، لكنها لم تعد تثير دهشته مثل المرات الأولى.
قبل أكثر من عام سمعتُ لأول مرة عن صالون سالمينا الثقافى، عبر مكالمة هاتفية من الأديبة النشيطة رباب فؤاد، التى تُعتبر تِرسا أساسيا من تروس تحريك الصالون، كانت تدعونى لحضور مناقشة إحدى الروايات، اعتذرتُ وقتها لانشغالى وتكرر الاعتذار عدة مرات، حتى قررتُ أن أخوض التجربة تحت وطأة الخجل من الغيابات المتتابعة، وهناك اكتشفتُ أن الملتقى يتسم بجاذبية خاصة، فقد نجح عبر ندواته فى الجمع بين أدباء كبار مثل سلوى بكر وحجاج أدول، مع مبدعين من أجيال تالية، بعضهم يخوضون تجربة الكتابة للمرة الأولى. لم يكن هذا هو السبب الأساسى للجاذبية، لأنه سمة تتميز بها معظم الندوات الدورية، غير أن ما اجتذبنى فعليا كان الحاضرون. معظمهم لم يكونوا معروفين فى الوسط الأدبى، وكثيرون منهم لا يبغون من الأدب سوى القراءة والنقاش، وهى فئة أشعر بالقلق دائما من انقراضها، بعد أن أصبح فعل القراءة قاصرا على من يكتبون!!
كانت زيارتى الأولى لحضور مناقشة رواية" ضد مجهول" للروائى أحمد ربيع، علمتُ خلالها أنه مؤسس الصالون، وقلبه الذى يضخ الدماء فى شرايينه، عادة ما ترتفع دقات هذا القلب قلقا قبل الانطلاق بقليل، ثم تهدأ مع اكتمال المتحدثين الرئيسيين ووصول عدد الضيوف إلى الحد الآمن، بعدها يجلس المهندس ربيع متابعا، حتى يلقى فى النهاية بكلمات، قد تُفجّر الموقف وتثير الاشتباكات، أو تمنح أديبا شابا قُبلة الحياة بعد سيل انتقادات كاد يُغرقه.
داخل هذا الملتقى يلعب غالبية الحاضرين دور البطل لبعض الوقت، فقد ساهم المكان فى إنتاج نقاد جدد لا يجلسون على المنصة، غير أن انطباعاتهم تنم عن قراءات عميقة، وتهرب كلماتهم من فلك المصطلحات الغامضة المعتادة، مما يجعل المبدع يشعر بصدى فورى لكتابته، وهنا يظهر دور الدعاية التى تُعد ملمحا أساسيا للصالون، حيث يسبق كل ندوة مجهود جبار على وسائل التواصل الاجتماعى، لا يقتصر على الترويج للمنصة، بل يمتد ليشمل عددا كبيرا من الجالسين فى القاعة، وهو أمر بالغ الأهمية بشرط ألا يزيد على حده، باستعارة أوصاف دعائية مبالغ فيها، من الساحة الفنية التى ابتدعتها قبل سنوات، وهو ما أصابنى بالدهشة عند متابعة الدعايات الأولى، لكنه لم يلبث أن تراجع بعد أن أدرك القائمون على الندوة أن ضرره أكثر من نفعه.
يضيف صالون سالمينا ينبوعا جديدا للاحتفاء بالأدب، بحيث يصبح الترحيب به فرض عين، لأن أى ملتقى جديد يحمى الساحة الثقافية من تآكل بات يهددها، فى زمن أصبحت التفاهات تفرض نفسها فيه بالقوة الجبرية!!
عن جدار الكاتب على الفيسبوك
قبل أكثر من عام سمعتُ لأول مرة عن صالون سالمينا الثقافى، عبر مكالمة هاتفية من الأديبة النشيطة رباب فؤاد، التى تُعتبر تِرسا أساسيا من تروس تحريك الصالون، كانت تدعونى لحضور مناقشة إحدى الروايات، اعتذرتُ وقتها لانشغالى وتكرر الاعتذار عدة مرات، حتى قررتُ أن أخوض التجربة تحت وطأة الخجل من الغيابات المتتابعة، وهناك اكتشفتُ أن الملتقى يتسم بجاذبية خاصة، فقد نجح عبر ندواته فى الجمع بين أدباء كبار مثل سلوى بكر وحجاج أدول، مع مبدعين من أجيال تالية، بعضهم يخوضون تجربة الكتابة للمرة الأولى. لم يكن هذا هو السبب الأساسى للجاذبية، لأنه سمة تتميز بها معظم الندوات الدورية، غير أن ما اجتذبنى فعليا كان الحاضرون. معظمهم لم يكونوا معروفين فى الوسط الأدبى، وكثيرون منهم لا يبغون من الأدب سوى القراءة والنقاش، وهى فئة أشعر بالقلق دائما من انقراضها، بعد أن أصبح فعل القراءة قاصرا على من يكتبون!!
كانت زيارتى الأولى لحضور مناقشة رواية" ضد مجهول" للروائى أحمد ربيع، علمتُ خلالها أنه مؤسس الصالون، وقلبه الذى يضخ الدماء فى شرايينه، عادة ما ترتفع دقات هذا القلب قلقا قبل الانطلاق بقليل، ثم تهدأ مع اكتمال المتحدثين الرئيسيين ووصول عدد الضيوف إلى الحد الآمن، بعدها يجلس المهندس ربيع متابعا، حتى يلقى فى النهاية بكلمات، قد تُفجّر الموقف وتثير الاشتباكات، أو تمنح أديبا شابا قُبلة الحياة بعد سيل انتقادات كاد يُغرقه.
داخل هذا الملتقى يلعب غالبية الحاضرين دور البطل لبعض الوقت، فقد ساهم المكان فى إنتاج نقاد جدد لا يجلسون على المنصة، غير أن انطباعاتهم تنم عن قراءات عميقة، وتهرب كلماتهم من فلك المصطلحات الغامضة المعتادة، مما يجعل المبدع يشعر بصدى فورى لكتابته، وهنا يظهر دور الدعاية التى تُعد ملمحا أساسيا للصالون، حيث يسبق كل ندوة مجهود جبار على وسائل التواصل الاجتماعى، لا يقتصر على الترويج للمنصة، بل يمتد ليشمل عددا كبيرا من الجالسين فى القاعة، وهو أمر بالغ الأهمية بشرط ألا يزيد على حده، باستعارة أوصاف دعائية مبالغ فيها، من الساحة الفنية التى ابتدعتها قبل سنوات، وهو ما أصابنى بالدهشة عند متابعة الدعايات الأولى، لكنه لم يلبث أن تراجع بعد أن أدرك القائمون على الندوة أن ضرره أكثر من نفعه.
يضيف صالون سالمينا ينبوعا جديدا للاحتفاء بالأدب، بحيث يصبح الترحيب به فرض عين، لأن أى ملتقى جديد يحمى الساحة الثقافية من تآكل بات يهددها، فى زمن أصبحت التفاهات تفرض نفسها فيه بالقوة الجبرية!!
عن جدار الكاتب على الفيسبوك
