وأنا أتقاطر من معصمي
عندئذٍ
استدرجتُ يدي بعيداً عَنْ حاجتي
ولاطفتُ جوعاً راحَ يشتمُني
على مقربةٍ مِنْ فمي
ويغزلُ مِنْ زُرقتي سماءً تتوشّحُ بسقفٍ وشيك
وقَدْ
يسألُ عمّنْ كان أكثرَ انغماسا ـ في العازةِ ـ مني لُيدْلي:
أنَّهُ نسجَ من الكفنِ وطناً ريشاً
وأثـَّثـَهُ بأشباحٍ وناي
فداهمتِ الأقفاصُ نحرَ البلابل
وطوّقتْ لحنَ عرائِها
لذا:
رأيتُني كفّاً
أقصى ما في فمِها الكفافُ
أقسى ما في دمعِها سنبلةٌ تقترفُ: البلادَ البلاد
فتنتكسُ أناملُها ـ يوم ذاك ـ وتتهدّجُ بي:
امضِ…
أيُّها الأعزلُ مُنْهدماً مثلومَ الفضاءِ مفكّكاً
وتكاثرْ ـ متى شئتَ ـ مُتّسقاً مع شظفٍ أبهى
أوْ…
منهوشاً – بما يُقال – أنَّها كلابُ الغريم
ترتجلُ طيفَك وتراقصُ أخلاّءَكَ الحزانى
لتـَهذي
وتَهْذي
إنَّ كلَّ شيءٍ لزجٌ في ذخيرةِ الخيال:
سماؤُكَ مُذْ أتلفتْ أثداءَها بأرضٍ مُفعمة النسور
نسوُركَ إذْ روّضتْ جوعَها بتحليقٍ طاعنِ الخطوط
دعاؤُك لمَّا تُغْرقُهُ المنائرُ في فتنةِ التوكّلِ
على مُدُنٍ ترتاب بأنهارها وتتّهم الأسماكَ بالجنوح
وماؤُها لَمْ يزلْ يدعكُ رذاذَ الغرقى بالساحل
تاركاً المراكبَ تتلو عُزلةَ نحّاتٍ ممعنٍ في الشبيه
وشبيهاتٌ يَرْثينَ تمثالاً يعملُ في سلك الشُهداء
بينما
انشطار أيتامه
يتقاطرُ
مِنْ
مِعصمي
ويتهامسُ مثل أصدقاءٍ معصوبينَ بناجٍ وحيد
مشدودينَ بجنودٍ مَرُّوا ثقالاً في مرايا زوجاتهم
تسرّبوا خفافاً في ساعاتٍ تصحو لتشكو:
أبه
يا أبه
الليلةَ ـ كما في الليالي القادمات ـ
سويّتُ من هلالِ حلمِك منجلاً وقطفتُ كابوسي
ومن أنوارِهِ..
هيّأتُ وسادةً وخبّأتُ فيها سِدرةَ العصافير
فتوسّدتُ هالةَ رأسك
وطرتُ بين أقمارِ يديك
ثُمَّ
انزلقتُ مع الريش واعترضت نفسي:
يا.. تسقطين
يا.. تسقط .. ين
يا.. فوضى الـ (متى؟ هات!)
يا.. هامةَ الأمسِ النازلِ من أُبطِ الموتِ طريّاً
يا.. أسئلةَ المعلمِ الأبكمِ المُنْفلت في مسدس
– يا ولد
أوجدْ جدولَ الضرب
أوْ
جدْ
دولاً…
فشيّعتُني نحو رمسي
وأعادني:
– أوجدْ دولاً لا تدلُّ عليك
فرسمتُني في سُحْنةِ جنّازٍ أناخَ قبري
لوّحتُ له:
أنا مَنْ قادَ صراطَهَ نحو شعيرٍ يسعلُ بالجراد
فتشابكتُ مع قنّاصٍ ينبشُ في الطين عنّي
وتماثلتُ لغبارٍ لدودٍ يتآكلُ في المحن
إتّسعتُ
لأبناءٍ يأتزرون أُمّاً شديدةَ التُهم
وبشجرٍ خُلّبٍ
وأوراقٍ ملبّدةٍ بالمحنّطينَ إستنْجدتُ
وتعلّقتُ
بقيامةِ جرحاي المعلّقينَ بالدبابيسِ
الدبابيسِ
التّي
تنزلقُ في معصمِ الفراغِ
فيتقاطرونَ
يتقاطرُ.. ونَ
يتقا
طرُ
وْ
نَ..
وقد.. يلتفتونَ نحو وحشتي
فأتعثّرُ
بجُثّتي
وأمضي !!
وهو يرمم العطل
هكذا..
ونحنُ نضحكُ فـي العُتْمة
نُذْبَحُ
كعودِ ثقابٍ ضرير
ما الّذي تبقّى في العُلبةِ.. إذن ؟!
ثَمَّةَ..
نداءٌ مُوحشٌ يسمِّمُهُ الموتى
وأَسىً يعضُّ رخاوةَ الدُّخان
ثـَمَّة..
سيِّدٌ غضُّ يتأبَّطُ عبداً
ويشقُّ الغابةَ مستعجلاً
نعرفُهُ..
ولا ننكرُ عبداً يـحمل شمعتَهُ ليلاً
ويـحلمُ بـمصباحِ الأسود
ثـمَّة..
أرملةٌ صمّاءُ
تقاسمُ الريحَ سَّلتَها
تطلقُ سراحَ نصالها
وترمّمُ عطلاً مكرّراً..
يُدعى:
حيـاة
قبرُها أضيقُ منْ حربٍ تخترعُ الأسف
جنّتُها أوسعُ من لبوة غاب
يداها ذبابٌ في نسغِ القتيل
وإتكاؤُها مسلّحٌ بكَ.. بي.
فَمنْ يرثي كلينا ؟!.
الأيدي أبردُ من شجرٍ تغضَّنَ بموقدِ النسيان
الورقُ ساحةُ أيتامٍ يتمغنطونَ بالبياضِ ويهبطون
أمّا القلمُ فيملأُ عينيه حبراً ويبصقُ:
كُنَّا كُنَّا كُنَّا كُنَّا.. كُنَّا كُنَّا
هلْ سبقَ وإنْ مُتْنا بعد مهرجٍ متسكّعٍ فينا ؟!
فلماذا تتقافزُ المراوحُ في الرأس
وتسهو الوسادةُ عن بترِ رؤاه ؟!
وعلى ماذا نبرّر موتَنا العالي
بأنَّ الناسَ سطوحٌ مؤجّرةٌ للحبال
وتباغتُنا المزاريبُ
من ثوبٍ مبلّل ؟!
وحتّى
متى
ننحرُ أرثَ (المتى) للغياب..
ونبكي ؟!.
أصغر من خوذة محتل
قبل الدخول إلى الأمل:
كَمْ مِنْ إناءٍ نتعرّى على أُبّوةِ دمِهِ
لنلمَّ سنونواتِ المقتولينَ في مراثي مؤذّنِ المجزرة
وكَمْ مِنْ فائضِ المسبيّن، انكسار الأُسارى، سَنَنْسجُ
قصبةً للمقابر، يمامةً للأهوار، وأمْنيةً للمفقودين مراراً
فلَمْ يَعُدْ في عتباتِ الجبالِ شهقةً لشقائقنا
وفي حنـّاءِ نسائِنا؛ سَرْجاً للريبةِ وعراقاً للانشقاق
أمّا خرائطُ مهرّجينا، سرّةُ أحذيةِ العسكرِ المخدوعين
لَمْ تلبّي صيحةَ حُرّةٍ في حرّ الدمع
وفي سَجْنٍ مؤبَّدٍ لطين الفراتِ في صرختِهِ:
– فكَمْ مِنْ صلاةٍ سنصلّيها لكلَّ أُولئكَ.. أو.. هؤلاءِ ؟!!
ألم الدخول إلى خوذةِ القصيدة
حينَ اشتعلتْ بغدادُ بنرجسِ دمعتِها
وانشغلتْ بنسج الحبرِ تحت الحريقِ
مؤطّرةً بالخُوذِ الـ.. تعّبد الطريق
حينها.. تعثرنا بنا
فانهمرت جنائزُ الطُغاةِ تحت ظلِّنا
هكذا
تسلّلنا مِنْ الطائرات خلف جُثّتنا
وصرخْنا:
تمزّقَ قميصُ البلادِ، بواسقُ العبادِ
ورفرفتْ تحت جنحِ الصواريخ رؤانا
دخلتْ أسرابُهم إذاً
وسقطَتِ الذبائحُ في سجلات الحدودِ
تناثرتِ المدُنُ كحمامٍ باغتَهُ قِطافُ
نوح ٍيزدهر غريماً في الهديل:
– توقّفوا..
يا أبناءَ النخلِ الذي في خدِّهِ خالُ العقوق
تلك مدائنكم، تستيقظُ من أجراسِ سوادِها
في آخرِ العُشْبِ توقِدُ شحوبَ الثُريّا بزهرةٍ
وتلمُّ انقراض التربّصِ في كآبةِ تأريخِها
بملثمينَ بمنائرَ شتّى
براكبي دبّابات ترتدي الأديرة
ترسمُ شوارعَها طوفاناً للأسلاكِ
وبُرْعماً للعوارضِ الشائكة…
تستعرضُ مفاتنَ الغُزاةِ في المقصلةِ
مِقصلةٌ ترتطمُ بصوتِها:
– يا زهرةَ الرُمّان والأمكنة
حُنّي على بغدادَ المُحزنَةْ
بيقطةِ نسيانِ الأزمنةْ
يا حسرةَ عاشوراءِ الغيمةِ والمنائرِ
مُنّى على القطعانِ
بسكيّنِ تذكارٍ لنسيانٍ أخير …
…….. لقطة………
يا زهرةَ القفصِ المفصولِ الرأسِ
يا تعاويذَ النسيانِ في نسيانِ تاسوعِها
غرباءَ كُنّا تحت شمعِ سرَّها
وحشتُنا وشيكةٌ في وَجْنةِ المقبرةِ
عُزّلٌ ـ كُنّا ـ كحيرةِ آسٍ وأسىً مقيمٍ نرتديه
أجسادُنا
سجادةٌ لأقدامِ الثغورِ نخلعُها
ونشعلُ في نحلها عسلاً حرّقتْهُ إبرُ العابرين
نشتعلُ:
– يا أنيسَ وحدتِنا
أزلْ وحشتَنا
إنّا مريدوك
أوصالُنا مخطوطاتٌ تنطفيءُ
وثاقُنا رمادٌ يستنجدُ بك
بنا:
– انفتحي يا مرايا الخوفِ
وانكسري يا مظلاّتٍ في الوجوه.
حياتُنا مواجهاتُ بين ربيعٍ قانٍ وخريفٍ لقيط
قيامتُنا انبطاح لحروبٍ تندّي الفُراتَ بطوفانِ النياشين
انفتحي يا شظايا حفلتِنا
ويا متاحفَ النَخْلِ احتفلي بحريقنا
وغنّي يا خرائب بأصابعِ نعيبِنا
لمّا إزرورقت بمثلثاتٍ ومربعاتٍ
ودوائرَ تدور بالمنتخِبين !!
وانتشي يا غيبوبةَ أقفاصِنا
ببُرهةَ السُلْطةِ في إختطافِنا
وبحُفْرَ الحفاةِ في طُغاتِنا
آهٍ..
لقدْ.. تسلّلت ثعالبُ الغزاةِ إلى البلادِ
وعادتْ بناتُ آوى من تخثّرها..
تخطُّ خطوطَ موائدها:
– آهٍ..
فالوليمةُ الآن.. جاهزةٌ للاحتلال !!
وهي تعد العماء
أتسلّلُ
مِنْ ينابيعِ دمعتِك اليُمنى
فيباغتُني خريرُ الشمال
ألوذُ قَطاةً بين أوديةِ خدّيك
وأتمادى في الرفيف
أينَ الجبال؟!
أينَ الجبال؟!
ها
أنا
أسقطْتُ منْ جيمها ريشةً
وتأرجحْتُ بحبالِ بسمتِك الضريرة
وتدحْرجتُ كآخرِ خرزةٍ يرقّطُها الدعاءُ بغيْبتـي
بينما
كُنْتِ تَعدّينَ العماءَ لرحلتـي
وتُجلسينَ الأبناء على ناصية الدمعة
سوطاً.. إثرَ سوط
وتوعدينَهُمْ:
كُلوا من تينة اليدين
عسلاً وبلاداً
كونوا في غابة التسبيح
جوزاً ومهابة
وعنباً يُضيءُ داليةَ التيهِ في دمي
لكنّنا.. يا أمّي تُهنا
فانهمرت منْ مخلب الصبر
مصقولةً بالفقدِ
تتبعُكِ:
خطىً تمشِّط شيب الغُزاة
أعينٌ تنسكبُ مِثلَ السنابك والجيوش
وأيادٍ
بلا.. وادٍ
تشهقُ
وتغرقُ
بتلكَ البلاد
عندئذٍ
استدرجتُ يدي بعيداً عَنْ حاجتي
ولاطفتُ جوعاً راحَ يشتمُني
على مقربةٍ مِنْ فمي
ويغزلُ مِنْ زُرقتي سماءً تتوشّحُ بسقفٍ وشيك
وقَدْ
يسألُ عمّنْ كان أكثرَ انغماسا ـ في العازةِ ـ مني لُيدْلي:
أنَّهُ نسجَ من الكفنِ وطناً ريشاً
وأثـَّثـَهُ بأشباحٍ وناي
فداهمتِ الأقفاصُ نحرَ البلابل
وطوّقتْ لحنَ عرائِها
لذا:
رأيتُني كفّاً
أقصى ما في فمِها الكفافُ
أقسى ما في دمعِها سنبلةٌ تقترفُ: البلادَ البلاد
فتنتكسُ أناملُها ـ يوم ذاك ـ وتتهدّجُ بي:
امضِ…
أيُّها الأعزلُ مُنْهدماً مثلومَ الفضاءِ مفكّكاً
وتكاثرْ ـ متى شئتَ ـ مُتّسقاً مع شظفٍ أبهى
أوْ…
منهوشاً – بما يُقال – أنَّها كلابُ الغريم
ترتجلُ طيفَك وتراقصُ أخلاّءَكَ الحزانى
لتـَهذي
وتَهْذي
إنَّ كلَّ شيءٍ لزجٌ في ذخيرةِ الخيال:
سماؤُكَ مُذْ أتلفتْ أثداءَها بأرضٍ مُفعمة النسور
نسوُركَ إذْ روّضتْ جوعَها بتحليقٍ طاعنِ الخطوط
دعاؤُك لمَّا تُغْرقُهُ المنائرُ في فتنةِ التوكّلِ
على مُدُنٍ ترتاب بأنهارها وتتّهم الأسماكَ بالجنوح
وماؤُها لَمْ يزلْ يدعكُ رذاذَ الغرقى بالساحل
تاركاً المراكبَ تتلو عُزلةَ نحّاتٍ ممعنٍ في الشبيه
وشبيهاتٌ يَرْثينَ تمثالاً يعملُ في سلك الشُهداء
بينما
انشطار أيتامه
يتقاطرُ
مِنْ
مِعصمي
ويتهامسُ مثل أصدقاءٍ معصوبينَ بناجٍ وحيد
مشدودينَ بجنودٍ مَرُّوا ثقالاً في مرايا زوجاتهم
تسرّبوا خفافاً في ساعاتٍ تصحو لتشكو:
أبه
يا أبه
الليلةَ ـ كما في الليالي القادمات ـ
سويّتُ من هلالِ حلمِك منجلاً وقطفتُ كابوسي
ومن أنوارِهِ..
هيّأتُ وسادةً وخبّأتُ فيها سِدرةَ العصافير
فتوسّدتُ هالةَ رأسك
وطرتُ بين أقمارِ يديك
ثُمَّ
انزلقتُ مع الريش واعترضت نفسي:
يا.. تسقطين
يا.. تسقط .. ين
يا.. فوضى الـ (متى؟ هات!)
يا.. هامةَ الأمسِ النازلِ من أُبطِ الموتِ طريّاً
يا.. أسئلةَ المعلمِ الأبكمِ المُنْفلت في مسدس
– يا ولد
أوجدْ جدولَ الضرب
أوْ
جدْ
دولاً…
فشيّعتُني نحو رمسي
وأعادني:
– أوجدْ دولاً لا تدلُّ عليك
فرسمتُني في سُحْنةِ جنّازٍ أناخَ قبري
لوّحتُ له:
أنا مَنْ قادَ صراطَهَ نحو شعيرٍ يسعلُ بالجراد
فتشابكتُ مع قنّاصٍ ينبشُ في الطين عنّي
وتماثلتُ لغبارٍ لدودٍ يتآكلُ في المحن
إتّسعتُ
لأبناءٍ يأتزرون أُمّاً شديدةَ التُهم
وبشجرٍ خُلّبٍ
وأوراقٍ ملبّدةٍ بالمحنّطينَ إستنْجدتُ
وتعلّقتُ
بقيامةِ جرحاي المعلّقينَ بالدبابيسِ
الدبابيسِ
التّي
تنزلقُ في معصمِ الفراغِ
فيتقاطرونَ
يتقاطرُ.. ونَ
يتقا
طرُ
وْ
نَ..
وقد.. يلتفتونَ نحو وحشتي
فأتعثّرُ
بجُثّتي
وأمضي !!
وهو يرمم العطل
هكذا..
ونحنُ نضحكُ فـي العُتْمة
نُذْبَحُ
كعودِ ثقابٍ ضرير
ما الّذي تبقّى في العُلبةِ.. إذن ؟!
ثَمَّةَ..
نداءٌ مُوحشٌ يسمِّمُهُ الموتى
وأَسىً يعضُّ رخاوةَ الدُّخان
ثـَمَّة..
سيِّدٌ غضُّ يتأبَّطُ عبداً
ويشقُّ الغابةَ مستعجلاً
نعرفُهُ..
ولا ننكرُ عبداً يـحمل شمعتَهُ ليلاً
ويـحلمُ بـمصباحِ الأسود
ثـمَّة..
أرملةٌ صمّاءُ
تقاسمُ الريحَ سَّلتَها
تطلقُ سراحَ نصالها
وترمّمُ عطلاً مكرّراً..
يُدعى:
حيـاة
قبرُها أضيقُ منْ حربٍ تخترعُ الأسف
جنّتُها أوسعُ من لبوة غاب
يداها ذبابٌ في نسغِ القتيل
وإتكاؤُها مسلّحٌ بكَ.. بي.
فَمنْ يرثي كلينا ؟!.
الأيدي أبردُ من شجرٍ تغضَّنَ بموقدِ النسيان
الورقُ ساحةُ أيتامٍ يتمغنطونَ بالبياضِ ويهبطون
أمّا القلمُ فيملأُ عينيه حبراً ويبصقُ:
كُنَّا كُنَّا كُنَّا كُنَّا.. كُنَّا كُنَّا
هلْ سبقَ وإنْ مُتْنا بعد مهرجٍ متسكّعٍ فينا ؟!
فلماذا تتقافزُ المراوحُ في الرأس
وتسهو الوسادةُ عن بترِ رؤاه ؟!
وعلى ماذا نبرّر موتَنا العالي
بأنَّ الناسَ سطوحٌ مؤجّرةٌ للحبال
وتباغتُنا المزاريبُ
من ثوبٍ مبلّل ؟!
وحتّى
متى
ننحرُ أرثَ (المتى) للغياب..
ونبكي ؟!.
أصغر من خوذة محتل
قبل الدخول إلى الأمل:
كَمْ مِنْ إناءٍ نتعرّى على أُبّوةِ دمِهِ
لنلمَّ سنونواتِ المقتولينَ في مراثي مؤذّنِ المجزرة
وكَمْ مِنْ فائضِ المسبيّن، انكسار الأُسارى، سَنَنْسجُ
قصبةً للمقابر، يمامةً للأهوار، وأمْنيةً للمفقودين مراراً
فلَمْ يَعُدْ في عتباتِ الجبالِ شهقةً لشقائقنا
وفي حنـّاءِ نسائِنا؛ سَرْجاً للريبةِ وعراقاً للانشقاق
أمّا خرائطُ مهرّجينا، سرّةُ أحذيةِ العسكرِ المخدوعين
لَمْ تلبّي صيحةَ حُرّةٍ في حرّ الدمع
وفي سَجْنٍ مؤبَّدٍ لطين الفراتِ في صرختِهِ:
– فكَمْ مِنْ صلاةٍ سنصلّيها لكلَّ أُولئكَ.. أو.. هؤلاءِ ؟!!
ألم الدخول إلى خوذةِ القصيدة
حينَ اشتعلتْ بغدادُ بنرجسِ دمعتِها
وانشغلتْ بنسج الحبرِ تحت الحريقِ
مؤطّرةً بالخُوذِ الـ.. تعّبد الطريق
حينها.. تعثرنا بنا
فانهمرت جنائزُ الطُغاةِ تحت ظلِّنا
هكذا
تسلّلنا مِنْ الطائرات خلف جُثّتنا
وصرخْنا:
تمزّقَ قميصُ البلادِ، بواسقُ العبادِ
ورفرفتْ تحت جنحِ الصواريخ رؤانا
دخلتْ أسرابُهم إذاً
وسقطَتِ الذبائحُ في سجلات الحدودِ
تناثرتِ المدُنُ كحمامٍ باغتَهُ قِطافُ
نوح ٍيزدهر غريماً في الهديل:
– توقّفوا..
يا أبناءَ النخلِ الذي في خدِّهِ خالُ العقوق
تلك مدائنكم، تستيقظُ من أجراسِ سوادِها
في آخرِ العُشْبِ توقِدُ شحوبَ الثُريّا بزهرةٍ
وتلمُّ انقراض التربّصِ في كآبةِ تأريخِها
بملثمينَ بمنائرَ شتّى
براكبي دبّابات ترتدي الأديرة
ترسمُ شوارعَها طوفاناً للأسلاكِ
وبُرْعماً للعوارضِ الشائكة…
تستعرضُ مفاتنَ الغُزاةِ في المقصلةِ
مِقصلةٌ ترتطمُ بصوتِها:
– يا زهرةَ الرُمّان والأمكنة
حُنّي على بغدادَ المُحزنَةْ
بيقطةِ نسيانِ الأزمنةْ
يا حسرةَ عاشوراءِ الغيمةِ والمنائرِ
مُنّى على القطعانِ
بسكيّنِ تذكارٍ لنسيانٍ أخير …
…….. لقطة………
يا زهرةَ القفصِ المفصولِ الرأسِ
يا تعاويذَ النسيانِ في نسيانِ تاسوعِها
غرباءَ كُنّا تحت شمعِ سرَّها
وحشتُنا وشيكةٌ في وَجْنةِ المقبرةِ
عُزّلٌ ـ كُنّا ـ كحيرةِ آسٍ وأسىً مقيمٍ نرتديه
أجسادُنا
سجادةٌ لأقدامِ الثغورِ نخلعُها
ونشعلُ في نحلها عسلاً حرّقتْهُ إبرُ العابرين
نشتعلُ:
– يا أنيسَ وحدتِنا
أزلْ وحشتَنا
إنّا مريدوك
أوصالُنا مخطوطاتٌ تنطفيءُ
وثاقُنا رمادٌ يستنجدُ بك
بنا:
– انفتحي يا مرايا الخوفِ
وانكسري يا مظلاّتٍ في الوجوه.
حياتُنا مواجهاتُ بين ربيعٍ قانٍ وخريفٍ لقيط
قيامتُنا انبطاح لحروبٍ تندّي الفُراتَ بطوفانِ النياشين
انفتحي يا شظايا حفلتِنا
ويا متاحفَ النَخْلِ احتفلي بحريقنا
وغنّي يا خرائب بأصابعِ نعيبِنا
لمّا إزرورقت بمثلثاتٍ ومربعاتٍ
ودوائرَ تدور بالمنتخِبين !!
وانتشي يا غيبوبةَ أقفاصِنا
ببُرهةَ السُلْطةِ في إختطافِنا
وبحُفْرَ الحفاةِ في طُغاتِنا
آهٍ..
لقدْ.. تسلّلت ثعالبُ الغزاةِ إلى البلادِ
وعادتْ بناتُ آوى من تخثّرها..
تخطُّ خطوطَ موائدها:
– آهٍ..
فالوليمةُ الآن.. جاهزةٌ للاحتلال !!
وهي تعد العماء
أتسلّلُ
مِنْ ينابيعِ دمعتِك اليُمنى
فيباغتُني خريرُ الشمال
ألوذُ قَطاةً بين أوديةِ خدّيك
وأتمادى في الرفيف
أينَ الجبال؟!
أينَ الجبال؟!
ها
أنا
أسقطْتُ منْ جيمها ريشةً
وتأرجحْتُ بحبالِ بسمتِك الضريرة
وتدحْرجتُ كآخرِ خرزةٍ يرقّطُها الدعاءُ بغيْبتـي
بينما
كُنْتِ تَعدّينَ العماءَ لرحلتـي
وتُجلسينَ الأبناء على ناصية الدمعة
سوطاً.. إثرَ سوط
وتوعدينَهُمْ:
كُلوا من تينة اليدين
عسلاً وبلاداً
كونوا في غابة التسبيح
جوزاً ومهابة
وعنباً يُضيءُ داليةَ التيهِ في دمي
لكنّنا.. يا أمّي تُهنا
فانهمرت منْ مخلب الصبر
مصقولةً بالفقدِ
تتبعُكِ:
خطىً تمشِّط شيب الغُزاة
أعينٌ تنسكبُ مِثلَ السنابك والجيوش
وأيادٍ
بلا.. وادٍ
تشهقُ
وتغرقُ
بتلكَ البلاد
في ذكرى رحيل الشاعر الشهيد "رعد مطشّر" .. سيرة وقصائد - الناقد العراقي
سيرة الشهيد : • من مواليد بغداد، عام 1963. • أغتيل في حادث مؤسف بتاريخ 10/5/2007 على أيدي جماعة مسلحة مجهولة الهوية إثر العنف الذي اجتاح العراق بعد الاحتلال. • بكالوريوس آداب، ترجمة انكليزي، جامعة بغداد، 1984-1985. • حاصل على [26] جائزة في الشعر والقصة والمسرح والصحافة. • رئيس...
www.alnaked-aliraqi.net