قد جفاني النوم مبتعدا فتركني وحيدا في ودٍّ مع الليل ، تجاوزت الساعة حتى حانت تلك التي ينشر فيها السكون سلطانه في كل الارجاء ، تسللت من سريري حريصا على ان لا تشعر زوجتي لأخرج الى باحة المنزل الواقع على أطراف بساتين النخيل ليملئ صدري هواء عليل دعتني اليه نسماته عبر نوافذ غرفتي وجلت ببصري على السماء حتى وصل الى قمم اغصان اشجار الصفصاف ثم وقع عليهم ، مجموعة اسراب من الغربان قبعت هناك ، كانت لهالة السكون المحيطة بهم تأثير ممزوج ما بين الرهبة والغموض اضافة الى هيأتهم السوداء التي تزيد من تأثير هذه الهالة وهم معلّقون على قمم اغصان تلك الاشجار فتملكني شعور نحوهم بأنهم مجموعة من الافراد بشخصيات مستقلة تختلف فيما بينها من حيث التركيب والمزاج تماما مثلنا نحن البشر وبنفس هذا الشعور أُدركت انهم ينظرون لي على الرغم من انني لم استطع ان أتبين لبعد المسافة بيننا الا انني تيقنت ذلك عندما لمعت عيونهم على وهج شعاع قمر اخترق خلسةً سماءً ملبدة بالغيوم كانت قد ارسلت أمطارها لتهب بعدها تلك النسمات وتميلهم مع ميل الاغصان التي جثموا فوقها.
في بعض الاحيان تستوقفني لحظات معينة عبر الزمن يلوح فيها تساؤل واحد لا اعثر فيه عن اجابة ، لماذا وما سر هذا العالم الذي يصرّ على ايقاظ الاحلام والخيال في دواخلنا عبر موجوداته وعبر تبدلات الليل والنهار كما يحدث الان وانا اقف قبالة هذه الغربان حيث توقظ في داخلي هذه اللحظات من تأملات فكرية او شعرية ، مجموعة أحاسيس متنوعة منها الجميل ومنا المخيف ومنها الذي ما اعيشه الان وهو الاحساس بالغموض ذلك الاحساس الذي اترجمه الى لغة سردية شعرية استحضرت فيها الكاتب (أدغار الن بو) والذي عكس في قصيدته الشعرية التي حملت عنوان (الغراب) أفكاره حين أقتحم غراب وحدة الشاعر وتأملاته وحزنه على حبيبته (لينور) ، هالني انني الان افعل العكس عندما اقتحمت انا صفاء الغربان التي كانت ترقد في الأعلى ، عندها وفي خضم مجموعة الاسئلة والتأملات كم تمنيت ان اعرف ما جال في دواخل نفوس هذه الغربان عند رؤيتي وهل اثار فيها من شيء جديد وسط لوعة حزنها الاسود السرمدي؟ الا انني لم أكن محظوظا مثل (بو) حينما كان الغراب يجاوبه على توسلاته بكلمة (ليس بعد الآن) فلم أحصل من ندمائي هؤلاء الا الصمت الرهيب.
ها قد لاحت أولى خيوط الفجر وانعكاساتها على الغيوم لتعلن عن بداية نهار مكفهر ربما يحمل المطر من جديد ومع بزوغ هذا الفجر بدأت الغربان بالتحليق تاركة اغصانها التي ستعود اليها مع قدوم الليل ، ثم وكأنه صادر من مكان بعيد اخترق وديان عزلتي وتأملاتي أتاني هاتف من زوجتي بالعودة الى المنزل والنوم ، فلازال الوقت مبكرا جدا على الاستيقاظ.
عمار حميد مهدي- العراق
في بعض الاحيان تستوقفني لحظات معينة عبر الزمن يلوح فيها تساؤل واحد لا اعثر فيه عن اجابة ، لماذا وما سر هذا العالم الذي يصرّ على ايقاظ الاحلام والخيال في دواخلنا عبر موجوداته وعبر تبدلات الليل والنهار كما يحدث الان وانا اقف قبالة هذه الغربان حيث توقظ في داخلي هذه اللحظات من تأملات فكرية او شعرية ، مجموعة أحاسيس متنوعة منها الجميل ومنا المخيف ومنها الذي ما اعيشه الان وهو الاحساس بالغموض ذلك الاحساس الذي اترجمه الى لغة سردية شعرية استحضرت فيها الكاتب (أدغار الن بو) والذي عكس في قصيدته الشعرية التي حملت عنوان (الغراب) أفكاره حين أقتحم غراب وحدة الشاعر وتأملاته وحزنه على حبيبته (لينور) ، هالني انني الان افعل العكس عندما اقتحمت انا صفاء الغربان التي كانت ترقد في الأعلى ، عندها وفي خضم مجموعة الاسئلة والتأملات كم تمنيت ان اعرف ما جال في دواخل نفوس هذه الغربان عند رؤيتي وهل اثار فيها من شيء جديد وسط لوعة حزنها الاسود السرمدي؟ الا انني لم أكن محظوظا مثل (بو) حينما كان الغراب يجاوبه على توسلاته بكلمة (ليس بعد الآن) فلم أحصل من ندمائي هؤلاء الا الصمت الرهيب.
ها قد لاحت أولى خيوط الفجر وانعكاساتها على الغيوم لتعلن عن بداية نهار مكفهر ربما يحمل المطر من جديد ومع بزوغ هذا الفجر بدأت الغربان بالتحليق تاركة اغصانها التي ستعود اليها مع قدوم الليل ، ثم وكأنه صادر من مكان بعيد اخترق وديان عزلتي وتأملاتي أتاني هاتف من زوجتي بالعودة الى المنزل والنوم ، فلازال الوقت مبكرا جدا على الاستيقاظ.
عمار حميد مهدي- العراق