المقدمة
لم يكن ما جاء في هذا البحث إلَّا تجسيداً لتجربة بسيطة في محاولةٍ للبحث عن التصحيف في معجماتنا القديمة وقد ركَّزنا في بحثنا هذا حول تصحيف الكلمات التي تناولها المعجم بالشرح , أمَّا ما كان من تصحيف في أسماء الشعراء أو الرواة والمحدثين أو في أسماء الأماكن وبعض ألفاظ الشواهد , فلم تتناوله هذه الدراسة إذْ إنَّ موضوع البحث أصلاً في تصحيف مواد المعجمات المتناولة في توضيح معناها وشرحه .
ليست مسألة الحكم على كلمة بأنها مصحَّفة مسألة هينة بسيطة , فالأمر يتطلب طول زمن وإدامة نظر ، بمعنى أنْ نعيش مع هذه المعجمات فعلاً , بل حتى مع كتب التراث الأخرى ؛ لذلك لا بُدَّ من قصر البحث على معجمات معدودة للنظر فيها والمقارنة بينها , وكانت هذه المعجمات هي : العين والتهذيب والصحاح ثمَّ لسان العرب وتاج العروس.
وقد تناولت التجربة " لسان العرب " أساساً لدراسة بعض مواده , ثمَّ مقارنتها مع مثيلاتها في بعض المعجمات التي سبقت لسان العرب , ثمَّ التي تلته , لذلك فقد روعيت الفترات الزمنية المتباعدة نسبياً بين هذه المعجمات لتغطي مراحل متنوِّعة في تأليف المعجمات العربية القديمة , فكان :
العين للفراهيدي 175هجري .
والتهذيب للأزهري 370 هجري.
والصحاح للجوهري 397هجري.
ولسان العرب لابن منظور 711 هجري.
وتاج العروس للزبيدي 1205 هجري.
وابتدأت الدراسة بتعريف التصحيف , ثمَّ أوردنا بعض الأمثلة عليه من باب التوضيح والتسلية , إذْ إنَّ هذه التصحيفات نوادر مسلية حقاً.ثمَّ أشرنا إلى بعض أسباب التصحيف , وتنبُّه المتقدمين إليها , وإشارتهم إلى بعض التصحيفات الواردة في المعجمات , وقد حاول بعضهم حل هذه المشكلة وتجنب حدوث التصحيف فيما يكتبون , ومنهم أبو علي القالي في بارعه حيث ضبط كلماته بالعبارة , والفيروز أبادي فعل ذلك أيضاً ولم يهمل علماؤنا المعاصرون مشكلة التصحيف إذْ تناولوها بالبحث والدراسة , وقد أشرنا إلى أمثلة سريعة توضح جانباً منها.
[SIZE=18px]تمهيد[/SIZE]
ظهر التصحيف منذ القدم في لغة العرب , ولعل كتاب ( التنبيه على حدوث التصحيف ) الذي وضعه الحسن الأصفهاني (376) هجري , كان من أوائل الكتب التي عُنيت بهذا الموضوع.
ولم تنج معجماتنا القديمة من مشكلة التصحيف , ولم يُشر قط إلى معجم ٍ خلا منها وإنْ كان هناك تفاوت في حجم هذه المشكلة بين معجم ٍ وآخر.
وها نحن نلمح إشارة إلى إمكانية وجود التصحيف وربما سببه في " لسان العرب " حين يُحدِّثنا ابن منظور في مقدمة اللسان قائلاً : ( وأنا مع ذلك لا أدَّعي فيه دعوى فأقول شافهت أو سمعت أو فعلت أو صنعت أو شدوت أو رحلت أو نقلت عن العرب العرباء أو حملت , وليس لي في هذا الكتاب فضيلة أمتُّ بها , ولا وسيلة أتَمسَّكُ بسببها سوى أنِّي جمعت فيه ما تفرَّق في تلك الكتب من العلوم ) "1"وهذا التصحيف الذي وقع في متون بعض الأحاديث النبوية وكلمات العرب البلغاء , وفي الأشعار القديمة , والأمثال السائرة قد كان سبباًًًً في مجادلات طويلة بين أعظم البلغاء أضاعت من السلف كثيراً من أوقاتهم وعلومهم وأعمارهم , وحالت بينهم وبين الإيغال في ضروب العرفان المفيدة نتيجة لما أحدثه من أوهام وأغلاط أوقعتهم في لبْس ٍ وحيرة.
التَّصْحيف في اللغة مصدر الفعل صَحَّفَ يُصَحِّف , ومعناه : أنْ يُقرأ الشيء بخلاف ما أراد كاتبه , وعلى غير ما اصطلح عليه في تسميته. وقال الخليل: وأصلهأنَّ قوماً كانوا أخذوا العلم عن الصحف من غير أنْ يلقوا به العلماء , فكان يقع فيما يرونه التغيير, فيقال عندها : قد صحَّفوا فيه ؛ أي رووه عن الصحف. "2"
ويقال إنَّ سبب وقوع التصحيف في كتابة العرب هو أنَّ الذي أبدع صور حروفها لم يضعها على حكمة , ولا احتاط لمن يجيء بعده , وذلك أنَّهُ وضع لخمسة أحرف ٍ صورة واحدة , وهي الباء والتاء والثاء والياء والنون , وكان وجه الحكمة فيه أنْ يضع لكل حرف صورة مباينة للأخرى حتى يؤمن عليه التبديل.
أمَّا سبب إحداث النقط للحروف فيردَّه الأصفهاني إلى كثرة التصحيف في قراءة القرآن فيقول : ( فإنَّ المصاحف الخمسة التي استكتبها عثمان رضي الله عنه وفرَّقها على الأمصار غبر الناس يقرأون فيها نيِّفاً وأربعين سنة , وذلك من زمان عثمان إلى أيام عبد الملك , فكثر التصحيف على ألسنتهم ). فلمَّا انتشر التصحيف في العراق فزع الحجاج إلى كتَّابه وسألهم أنْ يضعوا لهذه الحروف المشتبهة علامات , فوضعوا النقط أفراداً وأزواجاً , وخالفوا بين أماكنها , ومع ذلك كان يقع التصحيف . فأحدثوا الإعجام , فكانوا يتبعون ما يكتبون بالنقط مع الإعجام. "3"
ومن أمثلة ما وقع من التصحيف "4":ـ
أنَّ أحدهم قرأ ( والعاديات صُبْحا ) "5" بدلاً من ( ضَبْحا ).
كما قرأ أحدهم ( وفرش مرقوعة ) "6" بدلاً من ( مرفوعة ).
وحكي أنَّ عثمان بن أبي شيبة قرأ : ( جعل السقاية في رجل أخيه ) "7" بدلاً من ( رَحل ).
ومن أمثلة التصحيف في غير القرآن ( ما رواه القاضي أحمد بن كامل , قال : حضرت بعض مشايخ المحدثين من المغفَّلين , فقال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن الله عن رجل . فقلت مَنْ هذا الذي يصلح أنْ يكون شيخ الله ؟ فإذا هو صَحَّفَهُ وإذا هو عَزَّ وَجّل ). "8"
( والاحتراس من التصحيف لا يدرك إلَّا بعلم ٍ غزير , ورواية كثيرة , وفهم كبير , وبمعرفة مقدِّمات الكلام , وما يصلح أنْ يأتي بعدها مما يشاكلها , وما يمتنع وقوعه بعدها. وتمييز هذا مستصعب عسر إلَّا على أهله ). "9"
وفي الجملة فما أحد سلم من التصحيف حتى الأئمة الأعلام , كالخليل بن أحمد , وأبي عمرو بن العلاء , وأبي عثمان الجاحظ... "10"
[SIZE=26px]ثانياً : التصحيف في معجماتنا القديمة[/SIZE]
[SIZE=22px] لعل أول ما يؤخذ على المعجمات العربية التصحيف , ولا يعني ذلك أنْ نُلقي باللائمة فقط على واضعي هذه المعجمات , فصحيحٌ أنَّ بعضهم قد وقع أحياناً في غفلة ٍ أو التباس أو عدم تأنٍّ في الجمع والوضع أو عند النقل من الصحف , ولكن لا يغيب عن أذهاننا ما كان من دور للنُسَّاخ في هذا التصحيف بسبب إهمال الناسخ أو تعبه , أو ربَّما جهله في بعض ما يكتب , ويدعم هذا تلك الفروق بين نسخ المعجم الواحد.
وقد تنبَّه الأوائل إلى مشكلة التصحيف , ومنهم أبو علي القالي إذ ( ضبط ألفاظه في البارع بالعبارة , ولكن العلماء بعده أهملوا هذا الأمر حتى أحياه من جديد الفيروز أبادي في القاموس المحيط ). "11"
وأحياناً كان أصحاب المعجمات أنفسهم يعمدون إلى توضيح ما وقع من تصحيف في المعجمات الأخرى , ومثاله ما ورد في التهذيب فيما أنكره الأزهري على ابن دريد في الجمهرة . قال الأزهري في باب العين والهاء مع الطاء : ( وقال ابن دريد الهطيع : الطريق الواسع . قلت ولم أسمع الهطيع بمعنى الطريق لغيره وهو من مناكيره التي ينفرد بها )."12"[/SIZE]
ومثال آخر ( قال ابن دريد : خالف الخليل الناس في أشياء منها :
قوله "يوم بُغاث" بغين منقوطة , وهذا يوم مشهور من أيام الأوس والخزرج , وهو بُعاث بعين غير منقوطة ). "13"
ولكن لا يُُُُُعقل أنْ يغفل الخليل عن يوم بُعاث , ولعل في الأمر شيئاً قد يعود إلى النُسَّاخ , أو الغفلة , وربما من الليث تلميذ الخليل.
وفي العصر الحديث تناول المختصون المعنيون بأمر المعجمات مشكلة التصحيف , ونَبَّهوا إلى كثير ٍ من التصحيفات التي وردت فيما درسوه من المعجمات , ومثال هذا ما ذُكر في تصحيف الصحاح , ( وفي الصحاح الخَزاء : نبت وهو غلط وتصحيف. والرواية الحَزاء بالحاء المهملة ). "14"
( وفي الصحاح ما أعقله عنك شيئاً , أي دَعْ عنك الشَّك )."15"
ومن تصحيفات القاموس المحيط , ما ورد في مادة (ب ر ق ش) :
( أبو براقش طائر صغير بَرِّي كالقنفذ " ولا شك أنَّ قوله " كالقنفذ " خطأ ظاهر. والصواب " كالقنبر )." 16"
وجاء في القاموس أيضاً "في خور" : ( الخَوْر موضع بأرض نجد من ديار بني كلاب , قال الأودي : الخَوْر : واد ٍ , فصحَّفَ الفيروز أبادي الخور فقال : " الخو رُواد وراء بِرجيل " , وهو تصحيف يضحك الثكلى ). "17"
[SIZE=18px]ثالثاً : وقفة مع لسان العرب[/SIZE]
وكذا لم يسلم لسان العرب من التصحيف , وقد أشير إلى بعض ما ورد فيه من التصحيف قديماً وحديثاً , إلاَّ أنني لن أورد شيئاً منها , بل سأعمد إلى أمثلة خاصة كانت نتيجة النظر والتنقيب في هذا المعجم والتي لن أزعم أنَّها من باب التصحيف تماماً , بل سأقول إنني أحسست بشبهة التصحيف تدور حولها , فليست القضية بسيطة كي نُسرع بالحكم بالتصحيف إذْ الأمر لا يقتصر على النظر في المعجمات فحسب بل يحتاج إلى الغوص في كتب التراث أيضاً.
رعض: -
أهملها معجم العين والتهذيب والصحاح أمَّا في لسان العرب فقال :
رعض "18": انتفض وارتعد.
وجاء أيضاً في لسان العرب :
رعص"19" : الارتعاص : الاضطراب . قال الليث : الرَّعص بمنزلة النَّفض. وفي حديث أبي ذر : خرج بفرس له فتمعَّك ثُمَّ نهض ثُمَّ رعص فسكَّنه . يُريد أنَّه لما قام من مراغه انتفض وارتعد.
وقد أورد ابن منظور حديث أبي ذر هذا في مادة رعض أيضاً وصحَّفه ( ثُمَّ رعض ) ولم يُشر إلى أنَّها لغة.
2- لعض :
أهملها العين وكذا التهذيب والصحاح وفي اللسان قال : لعضه بلسانه إذا تناوله. "20" ولنتأمَّل أولاً هذه الكلمات قبل الحكم على تصحيف "لعض".
جاء في اللسان :
لَعِصَ : نَهِمَ في أكل وشرب"21"
لَعِقَ : لعق الشيء : لحسه. "22"
لَغِفَ : لغف ما في الإناء : لَعِقَه."23"
وتلغفت الشيء : إذا أسرعت أكله بكفك من غير مضغ. "24"
وبعد تأملنا هذه الكلمات ومعانيها ربما لا نبتعد عن الصواب إنْ قُلنا إنَّ ( لعض ) قد تكون مصحَّفة عن ( لعص ) أو ( لعق ).
لعص :-
أهملها العين والصحاح وتاج العروس وذكرها لسان العرب كما مَرَّ سابقاً , وأضاف إليها معنى (العُسْر)."25"
وفي مادة ( لحص ) قال : اللحص : الضَّيق والتلحيص : التَّشديد والضيق. قال الجوهري : لَحاص : اسم الشدة والداهية."26"
وقد يكون هنا أيضاً تصحيف من اللسان حين ذكر معنى (العسر) في مادة (لعص) ملتبساً عليه الأمر في مادة (لحص).
فعص :-
أيضاً أهمله العين والتهذيب والصحاح , وجاء في اللسان :
فعص : الفَعْص: الانفراج . وانْفَعَصْتُ عن الكلام انفرجت."27"
وجاء في اللسان أيضاً:
فلص : الانفلاص : التفلت. وانفلص في الأمر إذا أفلت. "28"
فيص : الفَيْص : بيان الكلام , وفاص لسانه بالكلام وأفاصه : أبانه. قال الليث : يُقال قبضت على ذنب الضب فأفاض من يدي حتى خلص ذنبه وهو حين تنفرج أصابعك عن مَقْبِض ذنبه. "29 "
وفي الصحاح : المفاوصة في الحديث البيان , وهي من فوص."30"
وبعد ما تقدم نشك في أنَّ فعص تخلو من التصحيف.
عفش :-
أهمله العين والصحاح , وجاء في التهذيب :
عَفَش : عفشه : جمعه. "31"
وفي اللسان عفشه : جمعه. "32"
عقش : العَقْش : الجمع. "33"
حفش : الحفش : مصدر قولك حَفَشَ السيل حفشاً إذا جُمِع الماء من كل جانب إلى مستنقع واحد. "34"
وقد يكون في عفش تصحيف أيضاً والله أعلم.
ولعل خلو هذه المواد ـ التي أشير إلى إمكانية وجود التصحيف فيها ـ من الشواهد في لسان العرب يدعِّم الزعم بتصحيفها.
رابعاً : أثر التصحيف في المعجمات
وهكذا بَانَ لنا أنَّ التصحيف مشكلة لها مخاطرها وسلبياتها بغض النظر عن أسباب حدوثها , ( فقد أدَّى إلى حدوث كلمات كثيرة يُصْعَب الإلمام بها. كما أدَّى إلى اضطراب في شرحها. "35" وتغيير أو تكلُّف لا يستساغ في معانيها . وها نحن نواجه كمّاً لا بأس به من كلمات أقحمت في معجماتنا لا تعرفها العربية أصلاً , وبالتالي فقد أدَّى كل هذا إلى إصابة معجماتنا بمرض التضخُّم.
والآن ربَّما جاز لنا أنْ نقول أنَّ هذا التضخم قد توقف عن النمو , لكن لا يعني هذا بأنَّه قد عُولج , إنَّما هي الخطوات الأولى في رحلة الألف ميل.
وبعد :
فليست المعضلة مَنْ يتحدَّث ؟ وإنَّما مَنْ يُنفِّذ , فعنايتنا بمعجماتنا لا تقف عند حَدِّ القول , بل لن تكون عناية إنْ لم يتبعها فعل , إنََ معجماتنا لا تحيا معنا , ولا ندري ما في بطونها , بل يكاد كل ما فيها يبدو لنا غريباً وكأنه لغة قوم قُضي أمرهم ـ وكم أخشى أنْ يُقضى أمرهم ـ أتمنى لو كان معلمنا يتأبط معجمه , وكان تلميذه يميِّز أهميته , حتماً لغدونا في حال أفضل من حالة الغربة التي نعيشها الآن , غربة عن ماضينا , وغربة عن حاضرنا.
**********************************************
الهوامش
لسان العرب , ابن منظور , الجزء الأول , ط1 , ص 8 , دار صادر بيروت .
التنبيه على حدوث التصحيف , الحسن الأصفهاني , ط1 , ص7 , مطبعة المعارف بغداد , 1967م .
المرجع السابق , ص72 .
نفس المرجع السابق , ص37 .
سورة العاديات , آية "1"
سورة الواقعة , آية "33"
سورة , يوسف , آية "70"
شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف , العسكري , ص21 , المجمع اللغوي دمشق .
التنبيه على حدوث التصحيف , مرجع سابق , ص7 .
الجاسوس على القاموس , أحمد فارس الشدياق , ص5 , مطبعة الجوائب , القسطنطينية , 1299 هجري .
المعجم العربي في لبنان , حكمت كشلي , ط1 , ص94 , دار ابن خلدون , 1982م.
تهذيب اللغة , الأزهري , ج1 , ص135 , الدار المصرية للتأليف والنشر, 1964م .
التنبيه على حدوث التصحيف , مرجع سابق , ص132 .
الصحاح ومدارس المعجمات العربية , أحمد عبد الغفور عطار ط2 , ص165 , بيروت 1967م .
نفس المرجع السابق , ص166 .
أغلاط اللغويين الأقدمين , الأب أنستاس ماري الكرملي , ص340 , بغداد , مطبعة الأيتام , 1933م .
الجاسوس على القاموس , مرجع سابق , ص502 .
لسان العرب , مصدر سابق , ج7 , ص155 .
نفس المصدر السابق , ص41 .
المصدر السابق , ص227 .
المصدر السابق , ص88 .
المصدر السابق , ج10 , ص330.
المصدر السابق , ج9 ,ص317 .
نفس المصدر السابق والصفحة .
المصدر السابق , ج7 , ص88 .
المصدر السابق , 86 .
28-29-30 , نفس المصدر السابق ص67 .
31- تهذيب اللغة , مصدر سابق , ج17 , ص270 .
32-33 , لسان العرب , مصدر سابق , ج6 , ص319.
34- نفس المصدر السابق , ص286 .
35- دراسات في القاموس المحيط , محمد مصطفى رضوان,ص329
منشورات الجامعة الليبية .
لم يكن ما جاء في هذا البحث إلَّا تجسيداً لتجربة بسيطة في محاولةٍ للبحث عن التصحيف في معجماتنا القديمة وقد ركَّزنا في بحثنا هذا حول تصحيف الكلمات التي تناولها المعجم بالشرح , أمَّا ما كان من تصحيف في أسماء الشعراء أو الرواة والمحدثين أو في أسماء الأماكن وبعض ألفاظ الشواهد , فلم تتناوله هذه الدراسة إذْ إنَّ موضوع البحث أصلاً في تصحيف مواد المعجمات المتناولة في توضيح معناها وشرحه .
ليست مسألة الحكم على كلمة بأنها مصحَّفة مسألة هينة بسيطة , فالأمر يتطلب طول زمن وإدامة نظر ، بمعنى أنْ نعيش مع هذه المعجمات فعلاً , بل حتى مع كتب التراث الأخرى ؛ لذلك لا بُدَّ من قصر البحث على معجمات معدودة للنظر فيها والمقارنة بينها , وكانت هذه المعجمات هي : العين والتهذيب والصحاح ثمَّ لسان العرب وتاج العروس.
وقد تناولت التجربة " لسان العرب " أساساً لدراسة بعض مواده , ثمَّ مقارنتها مع مثيلاتها في بعض المعجمات التي سبقت لسان العرب , ثمَّ التي تلته , لذلك فقد روعيت الفترات الزمنية المتباعدة نسبياً بين هذه المعجمات لتغطي مراحل متنوِّعة في تأليف المعجمات العربية القديمة , فكان :
العين للفراهيدي 175هجري .
والتهذيب للأزهري 370 هجري.
والصحاح للجوهري 397هجري.
ولسان العرب لابن منظور 711 هجري.
وتاج العروس للزبيدي 1205 هجري.
وابتدأت الدراسة بتعريف التصحيف , ثمَّ أوردنا بعض الأمثلة عليه من باب التوضيح والتسلية , إذْ إنَّ هذه التصحيفات نوادر مسلية حقاً.ثمَّ أشرنا إلى بعض أسباب التصحيف , وتنبُّه المتقدمين إليها , وإشارتهم إلى بعض التصحيفات الواردة في المعجمات , وقد حاول بعضهم حل هذه المشكلة وتجنب حدوث التصحيف فيما يكتبون , ومنهم أبو علي القالي في بارعه حيث ضبط كلماته بالعبارة , والفيروز أبادي فعل ذلك أيضاً ولم يهمل علماؤنا المعاصرون مشكلة التصحيف إذْ تناولوها بالبحث والدراسة , وقد أشرنا إلى أمثلة سريعة توضح جانباً منها.
[SIZE=18px]تمهيد[/SIZE]
ظهر التصحيف منذ القدم في لغة العرب , ولعل كتاب ( التنبيه على حدوث التصحيف ) الذي وضعه الحسن الأصفهاني (376) هجري , كان من أوائل الكتب التي عُنيت بهذا الموضوع.
ولم تنج معجماتنا القديمة من مشكلة التصحيف , ولم يُشر قط إلى معجم ٍ خلا منها وإنْ كان هناك تفاوت في حجم هذه المشكلة بين معجم ٍ وآخر.
وها نحن نلمح إشارة إلى إمكانية وجود التصحيف وربما سببه في " لسان العرب " حين يُحدِّثنا ابن منظور في مقدمة اللسان قائلاً : ( وأنا مع ذلك لا أدَّعي فيه دعوى فأقول شافهت أو سمعت أو فعلت أو صنعت أو شدوت أو رحلت أو نقلت عن العرب العرباء أو حملت , وليس لي في هذا الكتاب فضيلة أمتُّ بها , ولا وسيلة أتَمسَّكُ بسببها سوى أنِّي جمعت فيه ما تفرَّق في تلك الكتب من العلوم ) "1"وهذا التصحيف الذي وقع في متون بعض الأحاديث النبوية وكلمات العرب البلغاء , وفي الأشعار القديمة , والأمثال السائرة قد كان سبباًًًً في مجادلات طويلة بين أعظم البلغاء أضاعت من السلف كثيراً من أوقاتهم وعلومهم وأعمارهم , وحالت بينهم وبين الإيغال في ضروب العرفان المفيدة نتيجة لما أحدثه من أوهام وأغلاط أوقعتهم في لبْس ٍ وحيرة.
أولاً : مفهوم التصحيف
التَّصْحيف في اللغة مصدر الفعل صَحَّفَ يُصَحِّف , ومعناه : أنْ يُقرأ الشيء بخلاف ما أراد كاتبه , وعلى غير ما اصطلح عليه في تسميته. وقال الخليل: وأصلهأنَّ قوماً كانوا أخذوا العلم عن الصحف من غير أنْ يلقوا به العلماء , فكان يقع فيما يرونه التغيير, فيقال عندها : قد صحَّفوا فيه ؛ أي رووه عن الصحف. "2"
ويقال إنَّ سبب وقوع التصحيف في كتابة العرب هو أنَّ الذي أبدع صور حروفها لم يضعها على حكمة , ولا احتاط لمن يجيء بعده , وذلك أنَّهُ وضع لخمسة أحرف ٍ صورة واحدة , وهي الباء والتاء والثاء والياء والنون , وكان وجه الحكمة فيه أنْ يضع لكل حرف صورة مباينة للأخرى حتى يؤمن عليه التبديل.
أمَّا سبب إحداث النقط للحروف فيردَّه الأصفهاني إلى كثرة التصحيف في قراءة القرآن فيقول : ( فإنَّ المصاحف الخمسة التي استكتبها عثمان رضي الله عنه وفرَّقها على الأمصار غبر الناس يقرأون فيها نيِّفاً وأربعين سنة , وذلك من زمان عثمان إلى أيام عبد الملك , فكثر التصحيف على ألسنتهم ). فلمَّا انتشر التصحيف في العراق فزع الحجاج إلى كتَّابه وسألهم أنْ يضعوا لهذه الحروف المشتبهة علامات , فوضعوا النقط أفراداً وأزواجاً , وخالفوا بين أماكنها , ومع ذلك كان يقع التصحيف . فأحدثوا الإعجام , فكانوا يتبعون ما يكتبون بالنقط مع الإعجام. "3"
ومن أمثلة ما وقع من التصحيف "4":ـ
أنَّ أحدهم قرأ ( والعاديات صُبْحا ) "5" بدلاً من ( ضَبْحا ).
كما قرأ أحدهم ( وفرش مرقوعة ) "6" بدلاً من ( مرفوعة ).
وحكي أنَّ عثمان بن أبي شيبة قرأ : ( جعل السقاية في رجل أخيه ) "7" بدلاً من ( رَحل ).
ومن أمثلة التصحيف في غير القرآن ( ما رواه القاضي أحمد بن كامل , قال : حضرت بعض مشايخ المحدثين من المغفَّلين , فقال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن الله عن رجل . فقلت مَنْ هذا الذي يصلح أنْ يكون شيخ الله ؟ فإذا هو صَحَّفَهُ وإذا هو عَزَّ وَجّل ). "8"
( والاحتراس من التصحيف لا يدرك إلَّا بعلم ٍ غزير , ورواية كثيرة , وفهم كبير , وبمعرفة مقدِّمات الكلام , وما يصلح أنْ يأتي بعدها مما يشاكلها , وما يمتنع وقوعه بعدها. وتمييز هذا مستصعب عسر إلَّا على أهله ). "9"
وفي الجملة فما أحد سلم من التصحيف حتى الأئمة الأعلام , كالخليل بن أحمد , وأبي عمرو بن العلاء , وأبي عثمان الجاحظ... "10"
[SIZE=26px]ثانياً : التصحيف في معجماتنا القديمة[/SIZE]
[SIZE=22px] لعل أول ما يؤخذ على المعجمات العربية التصحيف , ولا يعني ذلك أنْ نُلقي باللائمة فقط على واضعي هذه المعجمات , فصحيحٌ أنَّ بعضهم قد وقع أحياناً في غفلة ٍ أو التباس أو عدم تأنٍّ في الجمع والوضع أو عند النقل من الصحف , ولكن لا يغيب عن أذهاننا ما كان من دور للنُسَّاخ في هذا التصحيف بسبب إهمال الناسخ أو تعبه , أو ربَّما جهله في بعض ما يكتب , ويدعم هذا تلك الفروق بين نسخ المعجم الواحد.
وقد تنبَّه الأوائل إلى مشكلة التصحيف , ومنهم أبو علي القالي إذ ( ضبط ألفاظه في البارع بالعبارة , ولكن العلماء بعده أهملوا هذا الأمر حتى أحياه من جديد الفيروز أبادي في القاموس المحيط ). "11"
وأحياناً كان أصحاب المعجمات أنفسهم يعمدون إلى توضيح ما وقع من تصحيف في المعجمات الأخرى , ومثاله ما ورد في التهذيب فيما أنكره الأزهري على ابن دريد في الجمهرة . قال الأزهري في باب العين والهاء مع الطاء : ( وقال ابن دريد الهطيع : الطريق الواسع . قلت ولم أسمع الهطيع بمعنى الطريق لغيره وهو من مناكيره التي ينفرد بها )."12"[/SIZE]
ومثال آخر ( قال ابن دريد : خالف الخليل الناس في أشياء منها :
قوله "يوم بُغاث" بغين منقوطة , وهذا يوم مشهور من أيام الأوس والخزرج , وهو بُعاث بعين غير منقوطة ). "13"
ولكن لا يُُُُُعقل أنْ يغفل الخليل عن يوم بُعاث , ولعل في الأمر شيئاً قد يعود إلى النُسَّاخ , أو الغفلة , وربما من الليث تلميذ الخليل.
وفي العصر الحديث تناول المختصون المعنيون بأمر المعجمات مشكلة التصحيف , ونَبَّهوا إلى كثير ٍ من التصحيفات التي وردت فيما درسوه من المعجمات , ومثال هذا ما ذُكر في تصحيف الصحاح , ( وفي الصحاح الخَزاء : نبت وهو غلط وتصحيف. والرواية الحَزاء بالحاء المهملة ). "14"
( وفي الصحاح ما أعقله عنك شيئاً , أي دَعْ عنك الشَّك )."15"
ومن تصحيفات القاموس المحيط , ما ورد في مادة (ب ر ق ش) :
( أبو براقش طائر صغير بَرِّي كالقنفذ " ولا شك أنَّ قوله " كالقنفذ " خطأ ظاهر. والصواب " كالقنبر )." 16"
وجاء في القاموس أيضاً "في خور" : ( الخَوْر موضع بأرض نجد من ديار بني كلاب , قال الأودي : الخَوْر : واد ٍ , فصحَّفَ الفيروز أبادي الخور فقال : " الخو رُواد وراء بِرجيل " , وهو تصحيف يضحك الثكلى ). "17"
[SIZE=18px]ثالثاً : وقفة مع لسان العرب[/SIZE]
وكذا لم يسلم لسان العرب من التصحيف , وقد أشير إلى بعض ما ورد فيه من التصحيف قديماً وحديثاً , إلاَّ أنني لن أورد شيئاً منها , بل سأعمد إلى أمثلة خاصة كانت نتيجة النظر والتنقيب في هذا المعجم والتي لن أزعم أنَّها من باب التصحيف تماماً , بل سأقول إنني أحسست بشبهة التصحيف تدور حولها , فليست القضية بسيطة كي نُسرع بالحكم بالتصحيف إذْ الأمر لا يقتصر على النظر في المعجمات فحسب بل يحتاج إلى الغوص في كتب التراث أيضاً.
رعض: -
أهملها معجم العين والتهذيب والصحاح أمَّا في لسان العرب فقال :
رعض "18": انتفض وارتعد.
وجاء أيضاً في لسان العرب :
رعص"19" : الارتعاص : الاضطراب . قال الليث : الرَّعص بمنزلة النَّفض. وفي حديث أبي ذر : خرج بفرس له فتمعَّك ثُمَّ نهض ثُمَّ رعص فسكَّنه . يُريد أنَّه لما قام من مراغه انتفض وارتعد.
وقد أورد ابن منظور حديث أبي ذر هذا في مادة رعض أيضاً وصحَّفه ( ثُمَّ رعض ) ولم يُشر إلى أنَّها لغة.
2- لعض :
أهملها العين وكذا التهذيب والصحاح وفي اللسان قال : لعضه بلسانه إذا تناوله. "20" ولنتأمَّل أولاً هذه الكلمات قبل الحكم على تصحيف "لعض".
جاء في اللسان :
لَعِصَ : نَهِمَ في أكل وشرب"21"
لَعِقَ : لعق الشيء : لحسه. "22"
لَغِفَ : لغف ما في الإناء : لَعِقَه."23"
وتلغفت الشيء : إذا أسرعت أكله بكفك من غير مضغ. "24"
وبعد تأملنا هذه الكلمات ومعانيها ربما لا نبتعد عن الصواب إنْ قُلنا إنَّ ( لعض ) قد تكون مصحَّفة عن ( لعص ) أو ( لعق ).
لعص :-
أهملها العين والصحاح وتاج العروس وذكرها لسان العرب كما مَرَّ سابقاً , وأضاف إليها معنى (العُسْر)."25"
وفي مادة ( لحص ) قال : اللحص : الضَّيق والتلحيص : التَّشديد والضيق. قال الجوهري : لَحاص : اسم الشدة والداهية."26"
وقد يكون هنا أيضاً تصحيف من اللسان حين ذكر معنى (العسر) في مادة (لعص) ملتبساً عليه الأمر في مادة (لحص).
فعص :-
أيضاً أهمله العين والتهذيب والصحاح , وجاء في اللسان :
فعص : الفَعْص: الانفراج . وانْفَعَصْتُ عن الكلام انفرجت."27"
وجاء في اللسان أيضاً:
فلص : الانفلاص : التفلت. وانفلص في الأمر إذا أفلت. "28"
فيص : الفَيْص : بيان الكلام , وفاص لسانه بالكلام وأفاصه : أبانه. قال الليث : يُقال قبضت على ذنب الضب فأفاض من يدي حتى خلص ذنبه وهو حين تنفرج أصابعك عن مَقْبِض ذنبه. "29 "
وفي الصحاح : المفاوصة في الحديث البيان , وهي من فوص."30"
وبعد ما تقدم نشك في أنَّ فعص تخلو من التصحيف.
عفش :-
أهمله العين والصحاح , وجاء في التهذيب :
عَفَش : عفشه : جمعه. "31"
وفي اللسان عفشه : جمعه. "32"
عقش : العَقْش : الجمع. "33"
حفش : الحفش : مصدر قولك حَفَشَ السيل حفشاً إذا جُمِع الماء من كل جانب إلى مستنقع واحد. "34"
وقد يكون في عفش تصحيف أيضاً والله أعلم.
ولعل خلو هذه المواد ـ التي أشير إلى إمكانية وجود التصحيف فيها ـ من الشواهد في لسان العرب يدعِّم الزعم بتصحيفها.
رابعاً : أثر التصحيف في المعجمات
وهكذا بَانَ لنا أنَّ التصحيف مشكلة لها مخاطرها وسلبياتها بغض النظر عن أسباب حدوثها , ( فقد أدَّى إلى حدوث كلمات كثيرة يُصْعَب الإلمام بها. كما أدَّى إلى اضطراب في شرحها. "35" وتغيير أو تكلُّف لا يستساغ في معانيها . وها نحن نواجه كمّاً لا بأس به من كلمات أقحمت في معجماتنا لا تعرفها العربية أصلاً , وبالتالي فقد أدَّى كل هذا إلى إصابة معجماتنا بمرض التضخُّم.
والآن ربَّما جاز لنا أنْ نقول أنَّ هذا التضخم قد توقف عن النمو , لكن لا يعني هذا بأنَّه قد عُولج , إنَّما هي الخطوات الأولى في رحلة الألف ميل.
وبعد :
فليست المعضلة مَنْ يتحدَّث ؟ وإنَّما مَنْ يُنفِّذ , فعنايتنا بمعجماتنا لا تقف عند حَدِّ القول , بل لن تكون عناية إنْ لم يتبعها فعل , إنََ معجماتنا لا تحيا معنا , ولا ندري ما في بطونها , بل يكاد كل ما فيها يبدو لنا غريباً وكأنه لغة قوم قُضي أمرهم ـ وكم أخشى أنْ يُقضى أمرهم ـ أتمنى لو كان معلمنا يتأبط معجمه , وكان تلميذه يميِّز أهميته , حتماً لغدونا في حال أفضل من حالة الغربة التي نعيشها الآن , غربة عن ماضينا , وغربة عن حاضرنا.
**********************************************
الهوامش
لسان العرب , ابن منظور , الجزء الأول , ط1 , ص 8 , دار صادر بيروت .
التنبيه على حدوث التصحيف , الحسن الأصفهاني , ط1 , ص7 , مطبعة المعارف بغداد , 1967م .
المرجع السابق , ص72 .
نفس المرجع السابق , ص37 .
سورة العاديات , آية "1"
سورة الواقعة , آية "33"
سورة , يوسف , آية "70"
شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف , العسكري , ص21 , المجمع اللغوي دمشق .
التنبيه على حدوث التصحيف , مرجع سابق , ص7 .
الجاسوس على القاموس , أحمد فارس الشدياق , ص5 , مطبعة الجوائب , القسطنطينية , 1299 هجري .
المعجم العربي في لبنان , حكمت كشلي , ط1 , ص94 , دار ابن خلدون , 1982م.
تهذيب اللغة , الأزهري , ج1 , ص135 , الدار المصرية للتأليف والنشر, 1964م .
التنبيه على حدوث التصحيف , مرجع سابق , ص132 .
الصحاح ومدارس المعجمات العربية , أحمد عبد الغفور عطار ط2 , ص165 , بيروت 1967م .
نفس المرجع السابق , ص166 .
أغلاط اللغويين الأقدمين , الأب أنستاس ماري الكرملي , ص340 , بغداد , مطبعة الأيتام , 1933م .
الجاسوس على القاموس , مرجع سابق , ص502 .
لسان العرب , مصدر سابق , ج7 , ص155 .
نفس المصدر السابق , ص41 .
المصدر السابق , ص227 .
المصدر السابق , ص88 .
المصدر السابق , ج10 , ص330.
المصدر السابق , ج9 ,ص317 .
نفس المصدر السابق والصفحة .
المصدر السابق , ج7 , ص88 .
المصدر السابق , 86 .
28-29-30 , نفس المصدر السابق ص67 .
31- تهذيب اللغة , مصدر سابق , ج17 , ص270 .
32-33 , لسان العرب , مصدر سابق , ج6 , ص319.
34- نفس المصدر السابق , ص286 .
35- دراسات في القاموس المحيط , محمد مصطفى رضوان,ص329
منشورات الجامعة الليبية .
