تعالى ولولاتها على سور الليل الأسحم العتيق, وتبلل كل خمس دقائق قطعة القماش وتضعها على رأسه الذي يدور بداخله صراع ضار مع الحمى التي تعالت بتأنٍ عبر مفاصله حتى سكنت دماغه. الأشهر التي تسلقتها الحمى بهدوء كانت تضطرم بسعيرها عند الأم الضعيفة، أحد أشهر التسلق كانت عند محل الذهب لبيع آخر جرامات كانت تتدلى من أذنيها فشد انتباهها ضحكة بلاستيكية من شابة تحضن عضد شاب وسيم, وهو يفرش على صدر غانيته الذهب العال .
انتقدت ثمن قروط أذنيها, وأسبلت خطواتها تقرع باب عيادة طبيب الأطفال؛ لتحمل بجوار ابنها ما يفوق وزنه من عبوات دواء, تحمل ختم "اتحاد الصيادلة العرب" بلون ظاهر, وزهو بالغ.
في شهر التسلق الخامس وضعت أواني الطبخ بين يدي صاحب الصوت الأجش "مالك الحراج" وحتى سلسلة مفاتيح البيت كان سعرها "30 ريالاً" لتعود بمبلغ "700 ريال" وتضعه بين يدي "صندوق الاستعلامات وقطع السندات" الذي هو أجمل تأثيثاً من غرفة الطبيب ليرد عليها الموظف:
• سند المعاينة بألف ريال.
ترفع بصرها إليه, وتكتب أحرف الاستعطاف :
• "لا أملك سوى 700 ريال".
• اذهبي مستشفى حكومي السند بـ "400 ريال" .
تلف قدميها وقلبها بحياء وألم خارجة من باب العيادة إلى المستشفى الحكومي. وعلى بابه يستعجل أملها لحظة الشفاء، تدخل مسرعة من بابه الصدئ, وتصعد الدرج المثلمة وأمامها تقبع غرفة السندات بطلائها الناصع على غير عادة الجدران المجاورة التي تساقط معجونها, وامتلأت بأخاديد محفورة بذكريات الزائرين وهم يقسمون أن يتركوا ذكرى على الأقل عوضاً عن تذاكر المعاينة ورسوم الصيدليات, ذكراهم للأوجاع القادمة ليس إلا .
• لا يهم طلاء الجدار إذا كان بأيديهم طلاء الروح العابثة بها الأمراض . هكذا ترد على طواف عينيها في أروقة المستشفى الحكومي .. السند صار بيديها وبجواره 300ريال المتبقية لها .
دلف الليل على انتظارها في الطابور الطويل أمام غرفة طبيب الأطفال، وفتحت المآذن أبواب الغروب، ففتح الطبيب المناوب باب غرفته يحمل حقيبته, وعينا الأم تنظر إلى الطبيب تستعطفه لأنه صار دورها في الدخول ، فيرد عليها :
• أنا مغلق عيادتي والآن انتهى دوامي .
والأطباء في الغرف المجاورة ينتظرون صلاة الهروب بينما الأم تحمل طفلها تسبح وتدعو لصلاة الشفاء أن يصدح أذانها.
تذكرت الأم أن هناك طبيباً جديداً سكن الحارة بجوار بيتها, فهرعت إلى عيادته؛ لتخونها رجلاها إلى شقة ليست بعيادة الطبيب ، فتقع عيناها على صاحبة الضحكة البلاستيكية في معرض الذهب, وهي تدفع الشاب الوسيم وتمانعه من أن يوقظ عقد اللؤلؤ المسترخي فوق صدرها بأنفاسه الحارة.
تغض الأم بصرها باتجاه طفلها وأزيز صوته, وحركة يديه تدفعان الحمى الضارية, وتتشابكان بخيوط ٍ رمادية تطبق على عينيه...
تجر الأم خطاها حتى تسلك الطريق المؤدية إلى عيادة الطبيب. فأخبرت الاستعلامات أن يخبروا الطبيب أنها جارته أم الطفل السقيم؛ فيرجع إليها الخبر بعد حين أن (الدكتور) ليس موجوداً في العيادة...
على كرسي الانتظار, ترسم خطوات الطبيب, تتابع لتنقذ الطفل, وتنتصر لدفاعه عن أنفاس الحياة, فتقدم خطوات بأربعة أقدام, وعينا صاحبة الضحكة البلاستيكية هلعتان, وأصابعها مخضبة بدماء ما زالت دافئة .
يوضع على فتحة الاستعلامات دفتر الحساب البنكي, فيأخذه موظف الاستعلامات ويدخل غرفة الطبيب, وتحمل الفتاة على سرير متحرك بسرعة فترى الأم الطبيب على كرسيه وكأنه منذ الأزل .
تهرع وتناديه فيغلق شق الباب في وجهها, ويخبرها :
• هذه ستدفع مقابل جراحة لا تتجاوز ربع ساعة (1200 دولار).
حملتها قدماها إلى البيت؛ لتغلق بابه, وهي تقسم أن لا تفتحه إلا ليوم زفافه .
وخرجت صاحبة الضحكة البلاستيكية بغشاء بكارة جديد, وتنتظر موعد عرسها قبل أن ترجع إلى الطبيب وتدفع (1200 دولار) مرة أخرى.
وعلى عتبة الشهر السابع من شهور تسلق الحمى الضارية خلف الباب المغلق كان موعد إزالة خيط البكارة الرابع يومها, لم تدرك الفتاةُ الطبيبَ في العيادة فجاءت بسيارة العرس المحتفية بليلة الزفاف إلى بيت الطبيب في حي الجارة الموصْد بابها. طُرق الباب وهتف أبو العروس :
• العروسة تعاني من حكة في أذنها وتحتاج معاينتك .
لتدخل العيادة, ويطلب الطبيب من الأب أن يجلب الدواء فيما الطبيب ينزع الخيط النائم في البكارة بسلام قبل أن يرجع الأب.
فتضع بين يديه (1200دولار). وتتعهد له أن تجد البديلات عنها كي لا توحشه أوراق (الشيكات).
تخرج العروسة على أضواء الألعاب النارية وأهازيج (المحاجر) إلى سيارة العرس باتجاه بيت العريس.
حينها فُتح باب الأم المغلق تحمل بين ذراعيها جسد طفلها الذي فارقته الروح قبل لحظات, وتعانق عينيها المغرورقتين عينا "صاحبة الضحكة البلاستيكية" تزف إلى السيارة وحولها شياطين حمر تنعق, وتنوح. فتترجل الأم ببطء, تحمل طفلها وحولها الملائكة تحتفي باسمة وهي تحمل مع الأم طفلها إلى سرير عرسه....
انتقدت ثمن قروط أذنيها, وأسبلت خطواتها تقرع باب عيادة طبيب الأطفال؛ لتحمل بجوار ابنها ما يفوق وزنه من عبوات دواء, تحمل ختم "اتحاد الصيادلة العرب" بلون ظاهر, وزهو بالغ.
في شهر التسلق الخامس وضعت أواني الطبخ بين يدي صاحب الصوت الأجش "مالك الحراج" وحتى سلسلة مفاتيح البيت كان سعرها "30 ريالاً" لتعود بمبلغ "700 ريال" وتضعه بين يدي "صندوق الاستعلامات وقطع السندات" الذي هو أجمل تأثيثاً من غرفة الطبيب ليرد عليها الموظف:
• سند المعاينة بألف ريال.
ترفع بصرها إليه, وتكتب أحرف الاستعطاف :
• "لا أملك سوى 700 ريال".
• اذهبي مستشفى حكومي السند بـ "400 ريال" .
تلف قدميها وقلبها بحياء وألم خارجة من باب العيادة إلى المستشفى الحكومي. وعلى بابه يستعجل أملها لحظة الشفاء، تدخل مسرعة من بابه الصدئ, وتصعد الدرج المثلمة وأمامها تقبع غرفة السندات بطلائها الناصع على غير عادة الجدران المجاورة التي تساقط معجونها, وامتلأت بأخاديد محفورة بذكريات الزائرين وهم يقسمون أن يتركوا ذكرى على الأقل عوضاً عن تذاكر المعاينة ورسوم الصيدليات, ذكراهم للأوجاع القادمة ليس إلا .
• لا يهم طلاء الجدار إذا كان بأيديهم طلاء الروح العابثة بها الأمراض . هكذا ترد على طواف عينيها في أروقة المستشفى الحكومي .. السند صار بيديها وبجواره 300ريال المتبقية لها .
دلف الليل على انتظارها في الطابور الطويل أمام غرفة طبيب الأطفال، وفتحت المآذن أبواب الغروب، ففتح الطبيب المناوب باب غرفته يحمل حقيبته, وعينا الأم تنظر إلى الطبيب تستعطفه لأنه صار دورها في الدخول ، فيرد عليها :
• أنا مغلق عيادتي والآن انتهى دوامي .
والأطباء في الغرف المجاورة ينتظرون صلاة الهروب بينما الأم تحمل طفلها تسبح وتدعو لصلاة الشفاء أن يصدح أذانها.
تذكرت الأم أن هناك طبيباً جديداً سكن الحارة بجوار بيتها, فهرعت إلى عيادته؛ لتخونها رجلاها إلى شقة ليست بعيادة الطبيب ، فتقع عيناها على صاحبة الضحكة البلاستيكية في معرض الذهب, وهي تدفع الشاب الوسيم وتمانعه من أن يوقظ عقد اللؤلؤ المسترخي فوق صدرها بأنفاسه الحارة.
تغض الأم بصرها باتجاه طفلها وأزيز صوته, وحركة يديه تدفعان الحمى الضارية, وتتشابكان بخيوط ٍ رمادية تطبق على عينيه...
تجر الأم خطاها حتى تسلك الطريق المؤدية إلى عيادة الطبيب. فأخبرت الاستعلامات أن يخبروا الطبيب أنها جارته أم الطفل السقيم؛ فيرجع إليها الخبر بعد حين أن (الدكتور) ليس موجوداً في العيادة...
على كرسي الانتظار, ترسم خطوات الطبيب, تتابع لتنقذ الطفل, وتنتصر لدفاعه عن أنفاس الحياة, فتقدم خطوات بأربعة أقدام, وعينا صاحبة الضحكة البلاستيكية هلعتان, وأصابعها مخضبة بدماء ما زالت دافئة .
يوضع على فتحة الاستعلامات دفتر الحساب البنكي, فيأخذه موظف الاستعلامات ويدخل غرفة الطبيب, وتحمل الفتاة على سرير متحرك بسرعة فترى الأم الطبيب على كرسيه وكأنه منذ الأزل .
تهرع وتناديه فيغلق شق الباب في وجهها, ويخبرها :
• هذه ستدفع مقابل جراحة لا تتجاوز ربع ساعة (1200 دولار).
حملتها قدماها إلى البيت؛ لتغلق بابه, وهي تقسم أن لا تفتحه إلا ليوم زفافه .
وخرجت صاحبة الضحكة البلاستيكية بغشاء بكارة جديد, وتنتظر موعد عرسها قبل أن ترجع إلى الطبيب وتدفع (1200 دولار) مرة أخرى.
وعلى عتبة الشهر السابع من شهور تسلق الحمى الضارية خلف الباب المغلق كان موعد إزالة خيط البكارة الرابع يومها, لم تدرك الفتاةُ الطبيبَ في العيادة فجاءت بسيارة العرس المحتفية بليلة الزفاف إلى بيت الطبيب في حي الجارة الموصْد بابها. طُرق الباب وهتف أبو العروس :
• العروسة تعاني من حكة في أذنها وتحتاج معاينتك .
لتدخل العيادة, ويطلب الطبيب من الأب أن يجلب الدواء فيما الطبيب ينزع الخيط النائم في البكارة بسلام قبل أن يرجع الأب.
فتضع بين يديه (1200دولار). وتتعهد له أن تجد البديلات عنها كي لا توحشه أوراق (الشيكات).
تخرج العروسة على أضواء الألعاب النارية وأهازيج (المحاجر) إلى سيارة العرس باتجاه بيت العريس.
حينها فُتح باب الأم المغلق تحمل بين ذراعيها جسد طفلها الذي فارقته الروح قبل لحظات, وتعانق عينيها المغرورقتين عينا "صاحبة الضحكة البلاستيكية" تزف إلى السيارة وحولها شياطين حمر تنعق, وتنوح. فتترجل الأم ببطء, تحمل طفلها وحولها الملائكة تحتفي باسمة وهي تحمل مع الأم طفلها إلى سرير عرسه....