ما رأيك في نزهة ليست بلطيفة؟
عليك التأهُّب؛ فلن تعود منها مثلما كنت!
وكن نَبِيهًا والتقط ما نُثِر بين الحروف
بِما أنّ حماس البدايات يتملَّكُك فلنقْصِد الصحراء العَتِيقة، سماؤها ذهبية ورِيّاحها مُعَبقة بعطورِ الصندل الهندية، تعْكِسُ أشعةُ شمسِها سَرَابًا بهَيْئَةِ سُلْطانة رَصِينة - وَضَّاحة المُحَيّا - تَدْعُوك لسَّلْطَنَتِها المَخْفِيّة تحت الأرض، حسنًا الأمر يبدو مُغْرٍ لوهلة ولكن لحظة إِيذْعانك لها ستجد نفسك مُختَنِقًا تحت الرمال! دعك من السرابات الرُؤى وأنظر لنباتات الصبار حولك... أشواكها مُرَصّعة بياَقوُتٍ يَأسِر الوِجْدَان، كُلَّمَا بَسَطْتَ يدك نحوها ستحصل على ثَقبٍ في جلدِك وحجرٍ كريم كأَوْسِمة لشجاعتِك مُنْقَطِعة النَّظير! وستشع عيناك لظُفُورِك بالجوهرة وتغدو تَوَّاقًا للمزيد والمزيد إلى أن ينتهي بك الأمر مِثْلي، اِنظرْ إلي... أمتلك في جسدي ما يقارب الثلاثة آلف ثقب ومِثْلها يَاقُوتًا، الأمر مؤذي بقدر ما هو ساحر؛ فحتى الجواهر لا تُخفف من كونك مثقوبًا.
الوِجْهَة الثانية هي البحر الأَثّ، تقول إِحْدى الأَسَاطِير أنه تَفَجَّرَ من حجرٍ أَدْجن نُقِشت فيه أسماء أَسرَى الحروب، تُوازي سطحه سماء ٌزرقاء دَامِسة لم تَشْهد سطوعًا للشمسِ ولا ضياءً للقمرِ، يُخَيَّل لك أنها مِرْآة للبحر من صفائها، أمواجُه عَصِيَّه تأَبَّى حمل أيّ شئ فوقها وتُناهِض كل من يبتغي الغوص داخلها؛ ترْتَاعُ من فكرة أن يَمُس حُورياتها الدَنَس؛ فتلَفِظ بِكُل متطفل للساحل، وتَغْفَلُ عن ما يُخَطِّطن في جَوْفِها... إذ يَجْمَعن حبات اللؤلؤ ليقدِّمنها قُرْبانًا للأرض؛ علَّها تبتلع المياة لباطِنها؛ فيتحرَّرن من قَيْد المَوْج، هُن مؤمنات بقُدرتِهن على العيشِ فوق اليابسة مُوقِنات بأن أقدامهُن ستظهر ما إن يُلامِسن التراب، هل تعلم لماذا سُمِي البحر بالأَثّ؟ لأنه لا ينضُب؛ فدمع أسِيراتِه يُواظِب على سَقَّيه.
اُنْظُرْ لنفسك أنت تتلاشى يا رفيق! حسنًا هذة آخِر محطة لليوم، حَقل الرِّيْحَان... تتربَّع عَرْشه سماءٌ باللونِ البنفسج، تلمع فيها النجوم بعُنْجُهِيَّة في أَوْج عُنْفُوَان الشمس، تحتضِن طياتها من المذنبات ما يكفي لتحقيق أُمنيات كافة سُكان الكون، النسائِم هنا مُحَّمَلة برائحة المِسك العربي الأصيل، التي سرعان ما تمتزج مع أنفاس الرَيَاحين لتُنتِج عِطرًا أَخَّاذًا يُثِير فَرَاش الروح؛ فتتراقص أجْنِحتها بطربٍ كسكيرٍ منتشي، عطرٌ يُناشد عقلك لإيجاد طريقة تُمَكِّنك من البقاء في هذا المكان للأبد، كأن تموت فيه مثلًا! هل سبق ورأيت أرضًا تمنيت لو تَمُوت فيها؟ تُدفن؟ تُنْسى؟ تَنْسى؟.
وداعًا.
#أفنان_إبراهيم
عليك التأهُّب؛ فلن تعود منها مثلما كنت!
وكن نَبِيهًا والتقط ما نُثِر بين الحروف
بِما أنّ حماس البدايات يتملَّكُك فلنقْصِد الصحراء العَتِيقة، سماؤها ذهبية ورِيّاحها مُعَبقة بعطورِ الصندل الهندية، تعْكِسُ أشعةُ شمسِها سَرَابًا بهَيْئَةِ سُلْطانة رَصِينة - وَضَّاحة المُحَيّا - تَدْعُوك لسَّلْطَنَتِها المَخْفِيّة تحت الأرض، حسنًا الأمر يبدو مُغْرٍ لوهلة ولكن لحظة إِيذْعانك لها ستجد نفسك مُختَنِقًا تحت الرمال! دعك من السرابات الرُؤى وأنظر لنباتات الصبار حولك... أشواكها مُرَصّعة بياَقوُتٍ يَأسِر الوِجْدَان، كُلَّمَا بَسَطْتَ يدك نحوها ستحصل على ثَقبٍ في جلدِك وحجرٍ كريم كأَوْسِمة لشجاعتِك مُنْقَطِعة النَّظير! وستشع عيناك لظُفُورِك بالجوهرة وتغدو تَوَّاقًا للمزيد والمزيد إلى أن ينتهي بك الأمر مِثْلي، اِنظرْ إلي... أمتلك في جسدي ما يقارب الثلاثة آلف ثقب ومِثْلها يَاقُوتًا، الأمر مؤذي بقدر ما هو ساحر؛ فحتى الجواهر لا تُخفف من كونك مثقوبًا.
الوِجْهَة الثانية هي البحر الأَثّ، تقول إِحْدى الأَسَاطِير أنه تَفَجَّرَ من حجرٍ أَدْجن نُقِشت فيه أسماء أَسرَى الحروب، تُوازي سطحه سماء ٌزرقاء دَامِسة لم تَشْهد سطوعًا للشمسِ ولا ضياءً للقمرِ، يُخَيَّل لك أنها مِرْآة للبحر من صفائها، أمواجُه عَصِيَّه تأَبَّى حمل أيّ شئ فوقها وتُناهِض كل من يبتغي الغوص داخلها؛ ترْتَاعُ من فكرة أن يَمُس حُورياتها الدَنَس؛ فتلَفِظ بِكُل متطفل للساحل، وتَغْفَلُ عن ما يُخَطِّطن في جَوْفِها... إذ يَجْمَعن حبات اللؤلؤ ليقدِّمنها قُرْبانًا للأرض؛ علَّها تبتلع المياة لباطِنها؛ فيتحرَّرن من قَيْد المَوْج، هُن مؤمنات بقُدرتِهن على العيشِ فوق اليابسة مُوقِنات بأن أقدامهُن ستظهر ما إن يُلامِسن التراب، هل تعلم لماذا سُمِي البحر بالأَثّ؟ لأنه لا ينضُب؛ فدمع أسِيراتِه يُواظِب على سَقَّيه.
اُنْظُرْ لنفسك أنت تتلاشى يا رفيق! حسنًا هذة آخِر محطة لليوم، حَقل الرِّيْحَان... تتربَّع عَرْشه سماءٌ باللونِ البنفسج، تلمع فيها النجوم بعُنْجُهِيَّة في أَوْج عُنْفُوَان الشمس، تحتضِن طياتها من المذنبات ما يكفي لتحقيق أُمنيات كافة سُكان الكون، النسائِم هنا مُحَّمَلة برائحة المِسك العربي الأصيل، التي سرعان ما تمتزج مع أنفاس الرَيَاحين لتُنتِج عِطرًا أَخَّاذًا يُثِير فَرَاش الروح؛ فتتراقص أجْنِحتها بطربٍ كسكيرٍ منتشي، عطرٌ يُناشد عقلك لإيجاد طريقة تُمَكِّنك من البقاء في هذا المكان للأبد، كأن تموت فيه مثلًا! هل سبق ورأيت أرضًا تمنيت لو تَمُوت فيها؟ تُدفن؟ تُنْسى؟ تَنْسى؟.
وداعًا.
#أفنان_إبراهيم