قابلته في سوق مكة، كان مشغولاً بتسلم بضاعة حملتها إحدى قوافله، وكانت تبحث عن ثوب من الحرير الدمشقي، طافت على كل التجار فلم تجد بغيتها، قالوا لها مثل هذه البضاعة النادرة لا توجد إلا عند تاجر واحد فقط هو هشام بن المغيرة، وعندما أقبلت عليه تأملها مبهوراً، كانت أجمل امرأة رآها في حياته، لم يكن رجلا محروماً، بل كان يعاني تخمة نسائية، بيوته المتعددة مليئة بزوجات وإماء وجوار ومحظيات وسبايا، لكنها فاقتهن جميعاً، سألته عن الثوب الذي تبتغيه، عرض أمامها كل ما جلبه في رحلته الأخيرة إلى الشام، حرائر ناعمة كالشوق، زاهية الألوان كقوس قزح، اختارت أكثر مما كانت تريد، سألته عن ثمنها فقال:
- هى لك بلا مقابل، على أن تذكري لي اسمك وقبيلتك.
قالت له أن اسمها ضباعة بنت عامر، وأنها من بني قشير، ولكن الزمن كان تأخر على هذا التعارف، فقد كانت بالفعل زوجة لعبدالله بن جدعان.
بعد أن انصرفت لم يستطع أن ينساها،ظل يقلب في الحرائر ساهما، وعندما عاد للبيت، عاف كل نسائه، هي أيضاً لم تنسه، حين ارتدت الثوب ولمس الحرير لحمها، أحست أنها يديه، تنساب على تضاريس جسدها في خفية وسرية، أحس زوجها بشرودها، قال متهكما:
- قالوا إنك كنت في السوق، وقضيت وقتاً طويلاً وأنت تحدثين هشام بن المغيرة، كان عليك أن تحذري منه.. ألا تعرفين أنه زير نساء.
ولم ترد عليه، كان الثوب الحريرى مازال يضمها.
بدأ المغيرة يطوف في حيها، تحول إلى فتى صغير ذهب العشق بعقله فأخذ يتعثر وسط المضارب، لم يدر أن عيني الزوج تراقبه في غيرة وتحفز بالرغم من أنه لا يستطيع أن يفعل له شيئاً، فقبيلته من بني المخزوم أقوى من أن يعاديها أحد، وعرف المغيرة الكثير عن زوجها، أكبر منها سنا بسنوات، صبارة عقيم، بخيل في ماله ومنيه، تزوج قبلها عشرات المرات دون أن ينجب شيئا، لا غرس ولا ظل، كل النساء اللاتي عاشرهن، ذوين من شدة الجفاف، أرسل المغيرة إليها قائلا:
- لماذا تضيعين عمرك مع هذا الشيخ العقيم؟ اطلبي منه أن يطلقك.
وكأن هذه الفكرة كانت غائبة عن ذهنها، وهي مستسلمة له كل هذه الأعوام، واجهته للمرة الأولى وطلبت منه أن يطلقها ولكن الشيخ رفض، لاحقته، سوف تطلب الخلع منه أمام الجميع،ولكنه قال لها بمكر العواجيز:
- أطلقك على أن تعطيني عهداً أمام أهلك وشيوخ القبيلة، آلا يتزوجك هشام بن المغيرة من بعدى.
ورفضت أن تعطي أي عهد على نفسها، كانت تريد طلاقاً غير مشروط، وأن تتزوج ما تريد من الرجال وعلى رأسهم هشام بن المغيرة، ساقت أهلها، وأصحابها، ومنعته من أن يلمس جسدها، ولم يكن يحلو لها الصراخ في وجهه إلا في منتصف الليل، عندما يسمعها كل النيام، وأخيراً هتف الشيخ بها:
- إذا أردت الطلاق والزواج به، فعليك أن تطوفي عارية حول البيت الحرام، وتنسجي للبيت ثوباً يبلغ طوله المسافة بين جبلي مكة، وأن تنحرى مائة من الأبل.
كانت شروطاً قاسية، ولكنه أصم أذنيه عن كل التوسلات، لم يدع لها طريقاً آخر للخلاص، أرسلت إلى هشام بن المغيرة تسأله ماذا تفعل وكيف تفي بمثل هذه الشروط؟
كان هو يتحرق شوقاً للحصول عليها، ولا يأبه بأي شرط يحول دون ذلك، كان على استعداد لفعل المستحيل، أرسل إليها قائلاً:
- ما أيسر ما سألك، ما أوهن شروطه، فلا يسوؤك ما طلب، أنا أكثر قريش مالاً، ونسائي أمهر نساء قريش في الحياكة، وأنت أجمل نساء الأرض فلا بأس عليك.
وافقت ضباعة زوجها على شروطه، أن تنحر الإبل، وأن تغزل ثوباً بطول المسافة بين جبال مكة ومنى وأن تطوف حول البيت عارية.
بدأت بأسهلها، نحر بن المغيرة مائة ناقة في ساحة الكعبة وتركها مشاعاً يأكل منها الناس والطيور الجارحة والحيوانات الجائعة، ثم جمع نساءه وأمرهن أن يغزلن ثوباً للبيت الحرام بطول المسافة بين جبل مكة ومنى، وسهرت النسوة الليالي الطوال يوالين غزلا يضيف زوجة أخرى لهن، نسي بن المغيرة قوافله وتجارته وأخذ يحمل للنسوة كميات هائلة من الأقمشة والخيوط، حتى لا يتوقفن دقيقة واحدة، وتم صنع أطول ثوب شهدته مكة، وبقي الشرط الأخير.. وعلى "ضباعة" أن تقوم به بمفردها، تتجرد من ثيابها وتطوف عارية حول البيت.
وبذل ابن المغيرة المستحيل ليبعد الجميع عن ساحة البيت الحرام وانتظرا طويلاً معا حتى تأخر الليل، وهجع الجميع، خلعت ضباعة ثيابها وبدأت تطوف حول البيت والقمر يلقي جسدها تألقاً يجعله بجمال غريب، كأن الحياة على وشك أن تدب في التماثيل الحجرية التي تحيط بالكعبة، تكاد أن تنزع نفسها من قواعدها الحجرية، وحف الهواء بجسدها مكونا دوامات من الرغبة رحلت لكل البيوت والخيام الصامتة، وأتمت ضباعة الدورات السبع، وظل المكان بعد انصرافها مفعما بنوع من البهجة.
تمت الأمور بعد ذلك بسرعة ويسر، ولم يملك ابن جدعان إلا أن يطلقها، ولم يعد هناك ما يمنع بن المغيرة من الزواج بها، تم الأمر المستحيل وامتلك أجمل النساء.
ولكنه لم يكن وحده هو الذي امتلكها، كان الجميع يشاركونه فيها، لا يتحدثون عن شيء إلا هي، في كل جلسة سمر، وسط الصفقات والمساومات في السوق، أثناء التسكع واختلاس النظرات،كانوا يتحدثون عن «ضباعة» وعن روعة جسدها، وكل واحد منهم رأى جزءا منها، يحفظ تفاصيله ويصفه بدقة متناهية، وعندما يجتمعون سوياً يضمون هذه الأجزاء عبر مخيلة الرواة و التفاصيل، ليكونا منها جسداً عاماً، له عمومية الآبار والجبال، كان بن المغيرة يحسب أنه قد تزوج امرأة ولكنه اكتشف أنه تزوج حلما جماعيا لقبيلة بأسرها، لم يعد يستطيع أن يجلس معها في الفراش دون أن يرى عيونهم جميعا وهي تترقب ما يفعله، عندما كانت تخلع ثيابها وتجلس أمامه كان يعلم أن الجميع يرونها معه، كان يراجع التفاصيل فيدهش كيف رأوا كل هذا تحت ضوء القمر؟
فقد كل شيء طعمه، وأدرك سبب شروط الزوج العجوز ومغزى انتقامه، لقد أراد ألا تكون بعده لرجل واحد، ولكن لكل الرجال، حولها إلى حلم لا يستطيع رجل بمفرده أن يمتلكه، واضطر ابن المغيرة لأن يطلقها هو أيضاً ولكن بلا شروط هذه المرة.
****************
قالوا له في سخرية ممتزجة بالأسى:
- يا خارجة.. لقد طلقت أمك للمرة العشرين فاذهب وعد بها إلى قومك، وكفى ما لاكته العرب من سيرتها.
ركب «خارجة» ناقته وسار عبر الصحراء، إلى مضارب بني بكر حيث سكنت أمه مع آخر الأزواج. عشرون زواجاً وطلاقاً جربتها أمه، لم يشهد عشرة منها، لأنها حدثت قبل أن يولد، وخمسة منها حدثت وهو مازال طفلا لا يعي ماذا يعني تغير وجوه الرجال الذين يطأون فراشها، وأحس فقط بالإهانة والمرارة التي ولدتها الزيجات الخمس الأخيرة، كانت الأم «عمرة بنت سعيد»، أسرع امرأة تتزوج، وأسرعهن إلى الطلاق أيضا، ورغم ذلك لم ينضب معينها من الرجال أبدا، كان الرجل يأتيها راكبا ناقته، متلمسا طريقه إليها ويقول لها مترددا وهو مازال فوق الناقة: خطب، فتقول له بسرعة: نكح، يقول: انزل، فتقول: أنخ.
تزوجت الكثيرين حتى أنها لم تكن تدعهم يذكرون قائمة أنسابهم إلى آخرها، في هذه الصحراء القاحلة لم يكن ينبت بشكل جيد سوى الرجال، يخورون على فراشها كالإبل الشاردة، ويبقونها ساهرة طوال الليل، لكل واحد منهم مذاق مختلف، ولا يغني أيا منهم عن القبول بآخر، ملأوا بطنها بأولاد وأنساب مختلفة، الديل والليث والحارث وبني خزاعة وعبد مناة، لم تكن بطنها تعرف الكلل، ولم تترك لولدها «خارجة» - الوحيد الذي ظل يتبعها - إلا مزيدا من المرارة والحنق، في كل مكان يذهب إليه كان يفاجأ بواحد من أزواجها السابقين، رجال لم يرهم من قبل حدثوها عن تفاصيلها اللعينة معهم، قال له أحدهم: إنها ترضي الرجل بكثرة الضوضاء التي تصدر عنها، وقال ثان: إنها رطبة في أشد الأيام جفافا، وأكد ثالث: إنها تبتكر من الأوضاع ما لم تعهده العرب من قبل، كلهم كانوا يسعون إليها بجوع وحماس لم يخفف منه تقدمها في السن، كأنها نوع من التحدي، عليهم أن يخوضوه ليؤكدوا رجولتهم، بل إن بعضهم وسطه للزواج بها مرة أخرى، وبالرغم من أنها كانت تقبل الجميع فلم تكرر الرجل.
عندما وصل إلى ديار «بني بكر» أخذوا يتغامزون ويتهامسون وهم يشيرون إليه، لم يبال آخر الأزواج حتى بمقابلته، دلوه فقط على مكانها في خيمة بعيدة عن الحي، كان تعيسا بوجود هذه المرأة في حياته، يتمنى أن يمتلك تلك اللامبالاة التي يحس بها بقية أخوته حيالها، وجدها راقدة داخل الخيمة مشعثة الشعر ممزقة الثياب، تحملت مهانة الزواج المتأخر، انحنى عليها وهو يحاول أن يساعدها على النهوض تأوهت رفعت عينيها إليه وقالت في حزن:
- يالضعة الرجال يا ولدى، يقسون علي بأيديهم، ويبخلون بما ميزهم الله به.
فهم ماذا تعني، فأوشك أن يبكى، هتف بها متمنياً:
- ليتها تكون المرة الأخيرة يا أمي.
كان من الواضح أن جسدها قد أهين لدرجة لا تسمح لها بالتفكير في الزواج ثانية، وهو أفضل ما في هذا الوضع التعس، رفعها بين ذراعيه وأجلسها فوق الجمل، قاده بعيدا، لم يرد أن يمكث في بني بكر لحظة زائدة، وأخذ الجمل يخب سريعا، لا يتوقف للراحة، ومر يومان من السير المتواصل، وفجأة هتفت الأم به:
- توقف يا ولدى.
التفت إليها مندهشاً، كانت تتطلع شاخصة إلى حافة الأفق وهى تقول:
- انظر هذا القادم من بعيد، رجل يسعى خلفنا، هذا خاطب لي بلا شك، أتراه يمهلني حتى أنزل من على بعيري؟
شق ابنها ثوبه من شدة الغيظ، دفعها من فوق الجمل وهو يهتف:
- انتظريه وحدك إذن.
تركها وسط الصحراء ومضى، لم تبال به، كانت تنتظر الزوج الواحد والعشرين ليأخذ بيدها، كان يقترب ببطء، وقبل أن يصل سمعت صوت لهاثه وشمت رائحته، فركت عينيها لتتأكد من طلعته، لم يكن خاطباً، كان ذئباً جائعاً.
***************
عندما أراد ابن عتيق أن يتزوج من عفراء لم يشك أحد في قبيلة طيء في أنها سوف ترفضه فورياً، لم يكن إلا شاعرا صعلوكا لا يملك إلا ناقة وحيدة وخيمة نائية ومرعى يابساً والعديد من القصائد التي لا ثمن لها، أما عفراء بنت قسامة فقد كانت تملك كل شيء تقريباً، الحسب والنسب، وثروة أبيها الضخمة، وقوافله التي لا تكف عن الترحال، ولكن هذا كله لم يكن يمثل شيئا مقارنة بجمالها الأخاذ، كل ما يمكن أن يقال إنه كان جمالا مكتملا كأن كل قطعة من جسدها قد خلقت بمفردها وقدت بعناية ثم جمعت معا في دقة وإحكام.
وعندما رآها ابن عتيق للمرة الأولى بجانب إحدى عيون الماء ظل يهذي وقد طارت منه الكلمات وتكسرت القوافي، لم تكن هناك كلمات يمكن أن ترتقي لمستوى جمالها، لم يكن هناك شيء في الصحراء في هذه الصحراء الرتيبة كمثل تفردها.
وعندما عزم على التقدم للزواج منها نصحه أصدقاؤه قائلين: أنها كنجوم الليل المضيئة، عليه أن يكتفي فقط بالتطلع إليها، وعندما أصر أخذوا يسخرون من ذلك الصعلوك يحلم بامتلاك النجوم، ولكن حالته كانت تدهور، أصبح عاجزاً عن اليقظة والنوم، قرر أن يذهب إلى أبيها بمفرده وليكن ما يكون.
استقبله أبوها بدهشة واستمع إليه بغرابة، ولم يبد أنه استمع إلى أي كلمة حاول أن يزين بها نفسه، ولكنه قال له فجأة:
- قد زوجتك إياها، فلا تبرح مكانك.
واندفع خارجا من الخيمة، وسمع ابن العتيق كلمات وغمغمات تتناهى من الخيمة الأخرى، أخذ يفكر في كلمات الأب، أهو رفض حسبه لشدة لهفته قبولا، كان الأمر أجمل من أن يكون حقيقة، ولكن الأب عاد مسرعا وهو يقول باللهفة نفسها.
- العروس قد قبلت الزواج بك، وهى تقول لك أيضاً لا تبرح مكانك.. سوف تدخل إليها الليلة.
وقبل أن يفيق من صدمته، جاء الشهود، ودقت الدفوف، وأعلن الخبر في أرجاء القبيلة، وعقد العقد وزفت العروس، فبدأ الشك يلعب في صدر ابن عتيق، ظل واجما طوال الاحتفال الذي أعد على عجل، يتلقى التهاني ونظرات الحسد بذهن شارد، وعندما أصبح وحده أخيرا مع عروسه كان متأكداً أن هناك شيئا ما غير صحيح.
كان أول شيء أصر عليه هو أن تتم المضاجعة الأولى بينهما في النور، لن يسمح بوجود أي ظلام يمكن أن يقوده إلى الخديعة، ولكنها لم تكن في حاجة إلى ذلك، كان جسدها يتألق بضوء خفي يشع منه ويترك ذراته معلقة في الهواء، كان كنزا حيا تخفي الثياب أجمل ما فيه، عذراء حقيقية، دماؤها قانية ولمساتها حيية، ولهفتها صادقة، مرت عليه سبعة أيام كاملة وهو معها داخل الخيمة نفسها، وهو يراقبها بعيون مفتوحة، دون أن يكتشف فيها عيبا واحدا، تركها قليلا وسعى إلى أقرب أصحابه، تحدث معه عن انشغاله بهذا الكمال البشرى الذي لا يشوبه نقصان، وأنه لا من شائبة ما، شيء لا يعرفه جعلتهم يوافقون عليه بهذه السهولة، قال صديقه:
- ربما لأنها أجمل بكثير مما ينبغي.
هل يمكن أن يكون هذا عيباً؟
ببطء شديد استطاع أن يعي ماذا يعنى أن يكون الجمال الفائق عيبا، في أي مكان تذهب إليه «عفراء» لم تكن هناك امرأة تجرؤ على الاقتراب منها، أو الوقوف بجانبها، كن جميعا يعرفن أن المقارنة ستكون صارخة، وأن جمالها يمكن أن يزرى بجمال أي امرأة أخرى، أي زهرة، أي ظبية، أي نجمة متألقة، كان بهاؤها لا يحتمل، وكمالها عصي عن الاحتمال، كانت تجلس دوماً وحولها فراغ قاحل وتحول هذا الخوف من الاقتراب منها إلى نبذ مستمر، اكتشف أيضا أن هناك اسما سريا يطلقه الجميع عليها ويتبادلونه حولها، «الجرباء» تلك الناقة التي تتحاشاها بقية النوق، كان التشبيه دقيقا وقاسيا ولكنه حقيقي.
حتى ابن عتيق أحس بوطأة هذا الجمال الطاغي، رغم أنها كانت تهبه ذات نفسها دون تحفظ أو تكبر، رغما عنه بدأ يتأملها وهى تتحرك في المنزل ويقارنها بنفسه، إذا ما جمعتهما مرآة واحدة أو انعكس وجهاهما على صفحة الماء أو جلسا في الفراش بجانب بعضهما البعض، كان يحس أنه مجرد قرد قبيح ابتلاه الله وجعله قيما على أجمل زهور الأرض، وفي الأسواق عندما يسيران معا، وتلتفت الأنظار إليهما، كان يدرك أنهم يجرون المقارنة بين وجهها الصبوح ولحيته المغبرة، بين ملامحها التامة التناسق، وانفه المفلطحة، كانوا جميعاً يسلخون جلده في صمت.
بدأ يغضب دون سبب ويثور بلا مناسبة، كف عن قول الشعر وتفرغ للإساءة إليها، وهي هادئة كغدير صاف لا تتعكر ولا تغضب منه، كانت تشفق، ليس عليه وحده، ولكن على ذلك العالم القبيح الذي يحيط بها؛ والذي حاولت أن تعطيه بعضا من ذات جمالها، ولكن القبح كان أكثر من أن يقاوم، وأخيراً انهارت مقاومة ابن عتيق، هتف بها في مرارة:
- يجب أن نفترق، لا أستطيع أن أواصل التحديق في ضوء الشمس طوال الوقت، يجب أن أغمض عيني قليلا.. ربما أرتاح وأنساك.
وطلقها ابن عتيق ورحل بعيدا وظلت أجمل نساء الصحراء وحيدة، كأنها ناقة جرباء يتحاشاها الجميع.
- - - - - - - - - -
د. محمد المنسي قنديل
نُشرت بمجلة العربي الكويتية
- هى لك بلا مقابل، على أن تذكري لي اسمك وقبيلتك.
قالت له أن اسمها ضباعة بنت عامر، وأنها من بني قشير، ولكن الزمن كان تأخر على هذا التعارف، فقد كانت بالفعل زوجة لعبدالله بن جدعان.
بعد أن انصرفت لم يستطع أن ينساها،ظل يقلب في الحرائر ساهما، وعندما عاد للبيت، عاف كل نسائه، هي أيضاً لم تنسه، حين ارتدت الثوب ولمس الحرير لحمها، أحست أنها يديه، تنساب على تضاريس جسدها في خفية وسرية، أحس زوجها بشرودها، قال متهكما:
- قالوا إنك كنت في السوق، وقضيت وقتاً طويلاً وأنت تحدثين هشام بن المغيرة، كان عليك أن تحذري منه.. ألا تعرفين أنه زير نساء.
ولم ترد عليه، كان الثوب الحريرى مازال يضمها.
بدأ المغيرة يطوف في حيها، تحول إلى فتى صغير ذهب العشق بعقله فأخذ يتعثر وسط المضارب، لم يدر أن عيني الزوج تراقبه في غيرة وتحفز بالرغم من أنه لا يستطيع أن يفعل له شيئاً، فقبيلته من بني المخزوم أقوى من أن يعاديها أحد، وعرف المغيرة الكثير عن زوجها، أكبر منها سنا بسنوات، صبارة عقيم، بخيل في ماله ومنيه، تزوج قبلها عشرات المرات دون أن ينجب شيئا، لا غرس ولا ظل، كل النساء اللاتي عاشرهن، ذوين من شدة الجفاف، أرسل المغيرة إليها قائلا:
- لماذا تضيعين عمرك مع هذا الشيخ العقيم؟ اطلبي منه أن يطلقك.
وكأن هذه الفكرة كانت غائبة عن ذهنها، وهي مستسلمة له كل هذه الأعوام، واجهته للمرة الأولى وطلبت منه أن يطلقها ولكن الشيخ رفض، لاحقته، سوف تطلب الخلع منه أمام الجميع،ولكنه قال لها بمكر العواجيز:
- أطلقك على أن تعطيني عهداً أمام أهلك وشيوخ القبيلة، آلا يتزوجك هشام بن المغيرة من بعدى.
ورفضت أن تعطي أي عهد على نفسها، كانت تريد طلاقاً غير مشروط، وأن تتزوج ما تريد من الرجال وعلى رأسهم هشام بن المغيرة، ساقت أهلها، وأصحابها، ومنعته من أن يلمس جسدها، ولم يكن يحلو لها الصراخ في وجهه إلا في منتصف الليل، عندما يسمعها كل النيام، وأخيراً هتف الشيخ بها:
- إذا أردت الطلاق والزواج به، فعليك أن تطوفي عارية حول البيت الحرام، وتنسجي للبيت ثوباً يبلغ طوله المسافة بين جبلي مكة، وأن تنحرى مائة من الأبل.
كانت شروطاً قاسية، ولكنه أصم أذنيه عن كل التوسلات، لم يدع لها طريقاً آخر للخلاص، أرسلت إلى هشام بن المغيرة تسأله ماذا تفعل وكيف تفي بمثل هذه الشروط؟
كان هو يتحرق شوقاً للحصول عليها، ولا يأبه بأي شرط يحول دون ذلك، كان على استعداد لفعل المستحيل، أرسل إليها قائلاً:
- ما أيسر ما سألك، ما أوهن شروطه، فلا يسوؤك ما طلب، أنا أكثر قريش مالاً، ونسائي أمهر نساء قريش في الحياكة، وأنت أجمل نساء الأرض فلا بأس عليك.
وافقت ضباعة زوجها على شروطه، أن تنحر الإبل، وأن تغزل ثوباً بطول المسافة بين جبال مكة ومنى وأن تطوف حول البيت عارية.
بدأت بأسهلها، نحر بن المغيرة مائة ناقة في ساحة الكعبة وتركها مشاعاً يأكل منها الناس والطيور الجارحة والحيوانات الجائعة، ثم جمع نساءه وأمرهن أن يغزلن ثوباً للبيت الحرام بطول المسافة بين جبل مكة ومنى، وسهرت النسوة الليالي الطوال يوالين غزلا يضيف زوجة أخرى لهن، نسي بن المغيرة قوافله وتجارته وأخذ يحمل للنسوة كميات هائلة من الأقمشة والخيوط، حتى لا يتوقفن دقيقة واحدة، وتم صنع أطول ثوب شهدته مكة، وبقي الشرط الأخير.. وعلى "ضباعة" أن تقوم به بمفردها، تتجرد من ثيابها وتطوف عارية حول البيت.
وبذل ابن المغيرة المستحيل ليبعد الجميع عن ساحة البيت الحرام وانتظرا طويلاً معا حتى تأخر الليل، وهجع الجميع، خلعت ضباعة ثيابها وبدأت تطوف حول البيت والقمر يلقي جسدها تألقاً يجعله بجمال غريب، كأن الحياة على وشك أن تدب في التماثيل الحجرية التي تحيط بالكعبة، تكاد أن تنزع نفسها من قواعدها الحجرية، وحف الهواء بجسدها مكونا دوامات من الرغبة رحلت لكل البيوت والخيام الصامتة، وأتمت ضباعة الدورات السبع، وظل المكان بعد انصرافها مفعما بنوع من البهجة.
تمت الأمور بعد ذلك بسرعة ويسر، ولم يملك ابن جدعان إلا أن يطلقها، ولم يعد هناك ما يمنع بن المغيرة من الزواج بها، تم الأمر المستحيل وامتلك أجمل النساء.
ولكنه لم يكن وحده هو الذي امتلكها، كان الجميع يشاركونه فيها، لا يتحدثون عن شيء إلا هي، في كل جلسة سمر، وسط الصفقات والمساومات في السوق، أثناء التسكع واختلاس النظرات،كانوا يتحدثون عن «ضباعة» وعن روعة جسدها، وكل واحد منهم رأى جزءا منها، يحفظ تفاصيله ويصفه بدقة متناهية، وعندما يجتمعون سوياً يضمون هذه الأجزاء عبر مخيلة الرواة و التفاصيل، ليكونا منها جسداً عاماً، له عمومية الآبار والجبال، كان بن المغيرة يحسب أنه قد تزوج امرأة ولكنه اكتشف أنه تزوج حلما جماعيا لقبيلة بأسرها، لم يعد يستطيع أن يجلس معها في الفراش دون أن يرى عيونهم جميعا وهي تترقب ما يفعله، عندما كانت تخلع ثيابها وتجلس أمامه كان يعلم أن الجميع يرونها معه، كان يراجع التفاصيل فيدهش كيف رأوا كل هذا تحت ضوء القمر؟
فقد كل شيء طعمه، وأدرك سبب شروط الزوج العجوز ومغزى انتقامه، لقد أراد ألا تكون بعده لرجل واحد، ولكن لكل الرجال، حولها إلى حلم لا يستطيع رجل بمفرده أن يمتلكه، واضطر ابن المغيرة لأن يطلقها هو أيضاً ولكن بلا شروط هذه المرة.
****************
قالوا له في سخرية ممتزجة بالأسى:
- يا خارجة.. لقد طلقت أمك للمرة العشرين فاذهب وعد بها إلى قومك، وكفى ما لاكته العرب من سيرتها.
ركب «خارجة» ناقته وسار عبر الصحراء، إلى مضارب بني بكر حيث سكنت أمه مع آخر الأزواج. عشرون زواجاً وطلاقاً جربتها أمه، لم يشهد عشرة منها، لأنها حدثت قبل أن يولد، وخمسة منها حدثت وهو مازال طفلا لا يعي ماذا يعني تغير وجوه الرجال الذين يطأون فراشها، وأحس فقط بالإهانة والمرارة التي ولدتها الزيجات الخمس الأخيرة، كانت الأم «عمرة بنت سعيد»، أسرع امرأة تتزوج، وأسرعهن إلى الطلاق أيضا، ورغم ذلك لم ينضب معينها من الرجال أبدا، كان الرجل يأتيها راكبا ناقته، متلمسا طريقه إليها ويقول لها مترددا وهو مازال فوق الناقة: خطب، فتقول له بسرعة: نكح، يقول: انزل، فتقول: أنخ.
تزوجت الكثيرين حتى أنها لم تكن تدعهم يذكرون قائمة أنسابهم إلى آخرها، في هذه الصحراء القاحلة لم يكن ينبت بشكل جيد سوى الرجال، يخورون على فراشها كالإبل الشاردة، ويبقونها ساهرة طوال الليل، لكل واحد منهم مذاق مختلف، ولا يغني أيا منهم عن القبول بآخر، ملأوا بطنها بأولاد وأنساب مختلفة، الديل والليث والحارث وبني خزاعة وعبد مناة، لم تكن بطنها تعرف الكلل، ولم تترك لولدها «خارجة» - الوحيد الذي ظل يتبعها - إلا مزيدا من المرارة والحنق، في كل مكان يذهب إليه كان يفاجأ بواحد من أزواجها السابقين، رجال لم يرهم من قبل حدثوها عن تفاصيلها اللعينة معهم، قال له أحدهم: إنها ترضي الرجل بكثرة الضوضاء التي تصدر عنها، وقال ثان: إنها رطبة في أشد الأيام جفافا، وأكد ثالث: إنها تبتكر من الأوضاع ما لم تعهده العرب من قبل، كلهم كانوا يسعون إليها بجوع وحماس لم يخفف منه تقدمها في السن، كأنها نوع من التحدي، عليهم أن يخوضوه ليؤكدوا رجولتهم، بل إن بعضهم وسطه للزواج بها مرة أخرى، وبالرغم من أنها كانت تقبل الجميع فلم تكرر الرجل.
عندما وصل إلى ديار «بني بكر» أخذوا يتغامزون ويتهامسون وهم يشيرون إليه، لم يبال آخر الأزواج حتى بمقابلته، دلوه فقط على مكانها في خيمة بعيدة عن الحي، كان تعيسا بوجود هذه المرأة في حياته، يتمنى أن يمتلك تلك اللامبالاة التي يحس بها بقية أخوته حيالها، وجدها راقدة داخل الخيمة مشعثة الشعر ممزقة الثياب، تحملت مهانة الزواج المتأخر، انحنى عليها وهو يحاول أن يساعدها على النهوض تأوهت رفعت عينيها إليه وقالت في حزن:
- يالضعة الرجال يا ولدى، يقسون علي بأيديهم، ويبخلون بما ميزهم الله به.
فهم ماذا تعني، فأوشك أن يبكى، هتف بها متمنياً:
- ليتها تكون المرة الأخيرة يا أمي.
كان من الواضح أن جسدها قد أهين لدرجة لا تسمح لها بالتفكير في الزواج ثانية، وهو أفضل ما في هذا الوضع التعس، رفعها بين ذراعيه وأجلسها فوق الجمل، قاده بعيدا، لم يرد أن يمكث في بني بكر لحظة زائدة، وأخذ الجمل يخب سريعا، لا يتوقف للراحة، ومر يومان من السير المتواصل، وفجأة هتفت الأم به:
- توقف يا ولدى.
التفت إليها مندهشاً، كانت تتطلع شاخصة إلى حافة الأفق وهى تقول:
- انظر هذا القادم من بعيد، رجل يسعى خلفنا، هذا خاطب لي بلا شك، أتراه يمهلني حتى أنزل من على بعيري؟
شق ابنها ثوبه من شدة الغيظ، دفعها من فوق الجمل وهو يهتف:
- انتظريه وحدك إذن.
تركها وسط الصحراء ومضى، لم تبال به، كانت تنتظر الزوج الواحد والعشرين ليأخذ بيدها، كان يقترب ببطء، وقبل أن يصل سمعت صوت لهاثه وشمت رائحته، فركت عينيها لتتأكد من طلعته، لم يكن خاطباً، كان ذئباً جائعاً.
***************
عندما أراد ابن عتيق أن يتزوج من عفراء لم يشك أحد في قبيلة طيء في أنها سوف ترفضه فورياً، لم يكن إلا شاعرا صعلوكا لا يملك إلا ناقة وحيدة وخيمة نائية ومرعى يابساً والعديد من القصائد التي لا ثمن لها، أما عفراء بنت قسامة فقد كانت تملك كل شيء تقريباً، الحسب والنسب، وثروة أبيها الضخمة، وقوافله التي لا تكف عن الترحال، ولكن هذا كله لم يكن يمثل شيئا مقارنة بجمالها الأخاذ، كل ما يمكن أن يقال إنه كان جمالا مكتملا كأن كل قطعة من جسدها قد خلقت بمفردها وقدت بعناية ثم جمعت معا في دقة وإحكام.
وعندما رآها ابن عتيق للمرة الأولى بجانب إحدى عيون الماء ظل يهذي وقد طارت منه الكلمات وتكسرت القوافي، لم تكن هناك كلمات يمكن أن ترتقي لمستوى جمالها، لم يكن هناك شيء في الصحراء في هذه الصحراء الرتيبة كمثل تفردها.
وعندما عزم على التقدم للزواج منها نصحه أصدقاؤه قائلين: أنها كنجوم الليل المضيئة، عليه أن يكتفي فقط بالتطلع إليها، وعندما أصر أخذوا يسخرون من ذلك الصعلوك يحلم بامتلاك النجوم، ولكن حالته كانت تدهور، أصبح عاجزاً عن اليقظة والنوم، قرر أن يذهب إلى أبيها بمفرده وليكن ما يكون.
استقبله أبوها بدهشة واستمع إليه بغرابة، ولم يبد أنه استمع إلى أي كلمة حاول أن يزين بها نفسه، ولكنه قال له فجأة:
- قد زوجتك إياها، فلا تبرح مكانك.
واندفع خارجا من الخيمة، وسمع ابن العتيق كلمات وغمغمات تتناهى من الخيمة الأخرى، أخذ يفكر في كلمات الأب، أهو رفض حسبه لشدة لهفته قبولا، كان الأمر أجمل من أن يكون حقيقة، ولكن الأب عاد مسرعا وهو يقول باللهفة نفسها.
- العروس قد قبلت الزواج بك، وهى تقول لك أيضاً لا تبرح مكانك.. سوف تدخل إليها الليلة.
وقبل أن يفيق من صدمته، جاء الشهود، ودقت الدفوف، وأعلن الخبر في أرجاء القبيلة، وعقد العقد وزفت العروس، فبدأ الشك يلعب في صدر ابن عتيق، ظل واجما طوال الاحتفال الذي أعد على عجل، يتلقى التهاني ونظرات الحسد بذهن شارد، وعندما أصبح وحده أخيرا مع عروسه كان متأكداً أن هناك شيئا ما غير صحيح.
كان أول شيء أصر عليه هو أن تتم المضاجعة الأولى بينهما في النور، لن يسمح بوجود أي ظلام يمكن أن يقوده إلى الخديعة، ولكنها لم تكن في حاجة إلى ذلك، كان جسدها يتألق بضوء خفي يشع منه ويترك ذراته معلقة في الهواء، كان كنزا حيا تخفي الثياب أجمل ما فيه، عذراء حقيقية، دماؤها قانية ولمساتها حيية، ولهفتها صادقة، مرت عليه سبعة أيام كاملة وهو معها داخل الخيمة نفسها، وهو يراقبها بعيون مفتوحة، دون أن يكتشف فيها عيبا واحدا، تركها قليلا وسعى إلى أقرب أصحابه، تحدث معه عن انشغاله بهذا الكمال البشرى الذي لا يشوبه نقصان، وأنه لا من شائبة ما، شيء لا يعرفه جعلتهم يوافقون عليه بهذه السهولة، قال صديقه:
- ربما لأنها أجمل بكثير مما ينبغي.
هل يمكن أن يكون هذا عيباً؟
ببطء شديد استطاع أن يعي ماذا يعنى أن يكون الجمال الفائق عيبا، في أي مكان تذهب إليه «عفراء» لم تكن هناك امرأة تجرؤ على الاقتراب منها، أو الوقوف بجانبها، كن جميعا يعرفن أن المقارنة ستكون صارخة، وأن جمالها يمكن أن يزرى بجمال أي امرأة أخرى، أي زهرة، أي ظبية، أي نجمة متألقة، كان بهاؤها لا يحتمل، وكمالها عصي عن الاحتمال، كانت تجلس دوماً وحولها فراغ قاحل وتحول هذا الخوف من الاقتراب منها إلى نبذ مستمر، اكتشف أيضا أن هناك اسما سريا يطلقه الجميع عليها ويتبادلونه حولها، «الجرباء» تلك الناقة التي تتحاشاها بقية النوق، كان التشبيه دقيقا وقاسيا ولكنه حقيقي.
حتى ابن عتيق أحس بوطأة هذا الجمال الطاغي، رغم أنها كانت تهبه ذات نفسها دون تحفظ أو تكبر، رغما عنه بدأ يتأملها وهى تتحرك في المنزل ويقارنها بنفسه، إذا ما جمعتهما مرآة واحدة أو انعكس وجهاهما على صفحة الماء أو جلسا في الفراش بجانب بعضهما البعض، كان يحس أنه مجرد قرد قبيح ابتلاه الله وجعله قيما على أجمل زهور الأرض، وفي الأسواق عندما يسيران معا، وتلتفت الأنظار إليهما، كان يدرك أنهم يجرون المقارنة بين وجهها الصبوح ولحيته المغبرة، بين ملامحها التامة التناسق، وانفه المفلطحة، كانوا جميعاً يسلخون جلده في صمت.
بدأ يغضب دون سبب ويثور بلا مناسبة، كف عن قول الشعر وتفرغ للإساءة إليها، وهي هادئة كغدير صاف لا تتعكر ولا تغضب منه، كانت تشفق، ليس عليه وحده، ولكن على ذلك العالم القبيح الذي يحيط بها؛ والذي حاولت أن تعطيه بعضا من ذات جمالها، ولكن القبح كان أكثر من أن يقاوم، وأخيراً انهارت مقاومة ابن عتيق، هتف بها في مرارة:
- يجب أن نفترق، لا أستطيع أن أواصل التحديق في ضوء الشمس طوال الوقت، يجب أن أغمض عيني قليلا.. ربما أرتاح وأنساك.
وطلقها ابن عتيق ورحل بعيدا وظلت أجمل نساء الصحراء وحيدة، كأنها ناقة جرباء يتحاشاها الجميع.
- - - - - - - - - -
د. محمد المنسي قنديل
نُشرت بمجلة العربي الكويتية