لا يمكن الكتابة عن هذا الرجل, دون الإشارة إلي قوة علاقتي به وشموخ إنسانيته, فهو الكاتب الذي قرأت بعض مجموعاته القصصية وأنا في مقتبل حياتي كقارئ, ثم حين كنت جنديا في القوات المسلحة, فأرسلت إليه مقالي من البحر الأحمر, كرئيس تحرير لمجلة السينما والمسرح, فكان أول مقال طويل ينشر لي كاملا في حياتي, وفي أول مرة أنزل فيها إلي القاهرة بعد الانتهاء من الخدمة العسكرية, زرته في مكتبه. ولم أنس قط جملته التشجيعية التي تتبعتني في حياتي: يا ولدي سوف يكون لك شأن عظيم, وهل يمكن للمرء أن ينسي المكالمات الهاتفية الدافئة التي بدأت ذات مساء: اليوم عيد الحب و كل سنة وأنت طيب ولم تنقطع مثل هذه التهاني بالعيد المصري للحب طوال أعوام حياته التالية, ولابد أن تدرك أنه كان يفعل ذلك مع جميع من يعرفهم من الأجيال, إلي أن زرته في بيته في المعادي في هذه المرة يبدو أن ابنته تركته, وخشية عليه أغلقت باب الشقة بالمفتاح حتى لا يتعرض لأي خطر, وصار من الصعب الدخول إلي الشقة, وبدافع الحب والاحترام لأستاذي ومن خلال شراع الباب انحنيت إلي يده أقبلها خاصة أصابعه, وعندما دخلت البيت فيما بعد أدركت السمو الحضاري الذي تتمتع به أسرته.
إنه يوسف جوهر الذي تربينا علي يديه كروائي, وكاتب سيناريو, وكاتب مقال, حالة بالغة الخصوبة منذ الشباب في الأربعينيات, حتى قبيل الوفاة, وحالة من الإخلاص لرفاق حياته, وعلي رأسهم نجيب محفوظ, ثم ثروت أباظة الذي استقال من رئاسة الكتاب تعاطفا معه. اليوم يتم تكريم اسمه ككاتب سينمائي في مهرجان عريق, وأقل ما يمكن أن نفعله هو تحيته لأنه مر بنا, لا يزال يثرينا, ونحن لا نكتب عنه للتكريم بقدر الشعور بالامتنان لما لعبه في حياتنا بقوة ولنبل كبير, في مقابل وغدنة قوبلنا بها من البعض.
يوسف جوهر (1912 ـ 2001) هو المحامي الذي لن يعتزل هذه المهنة وهو يكتب اسمه علي السيناريوهات الأولي له, بعد أن جاء من طنطا للإقامة في القاهرة, وهو يجمع بين كتابة القصة, والسيناريو, والحوار, كما أنه منتج, رصد نقوده لإنتاج فيلم أرضنا الخضراء حول الإصلاح الزراعي عام 1954, وقد اقتبس الكثير من قصص الأفلام الأجنبية, ولم يكن يذكر اسم المصدر, كما يحسب له أنه حول الكثير من النصوص الأدبية المصرية الصعبة إلي أفلام ذات مذاق بالغ الرقي, ومنها دعاء الكروان والحب الضائع عن روايات طه حسين, وارتبط كثيرا بمخرج من طراز بركات.
ليوسف جوهر مسيرة يجب التركيز عليها, وقد تغيرت هذه المسيرة بشكل ملحوظ أثناء حياته, ففي المرحلة الأولي كانت الأفلام التي يقدمها مختلفة إلي حد كبير عن السينما الكوميدية لكل من أبو السعود الإبياري, وبديع خيري, وكان غزير الإنتاج في السينما, ومن مجموعاته سميرة هانم التي نشرت ككتاب في سلسلة كتب للجميع, وفي بداية السبعينيات اتجه لكتابة روايات, وانشغل بمقاله الأسبوعي في جريدة الأهرام, حتي جاءت المرحلة التي بدأ يحول رواياته إلي أفلام يكتبها بنفسه خاصة أمهات في المنفي من إخراج محمد راضي, لكنه لم يهتم بتحويل كل الروايات التي كتبها إلي أفلام, ومنها علي سبيل المثال شخلول وشركاه التي تحولت إلي مسلسل تليفزيوني بما يعني انه كتب كافة أنواع الكتابة من قصة وسيناريو حوار.
بالنظر إلي القائمة المنشورة في الويكيبديا, سوف نكتشف أن القائمة الحقيقية للكاتب أكبر بكثير من العناوين المنشورة, فيوسف جوهر هو أحد كتاب السيناريو الأكثر غزارة في السينما المصرية, وهو أحد الأطول عمرا في ذلك المجال, وقد كتب القصة والسيناريو والحوار, كلا منهم بشكل منفصل, أو الثلاثة مجتمعين, كما كتب أغلب أنواع السينما من الأفلام الغنائية والاستعراضية, والفيلم الكوميدي, والفيلم البوليسي, والرومانسي, وأحد أشهر أفلام الحركة, كما اقتبس الكثير من الروايات المصرية للدكتور طه حسين ونجيب محفوظ, وتوفيق الحكيم, وهم الأسماء الذين كانوا متجاورين في المكاتب فيما بعد, عندما فتحت جريدة الأهرام أبوابها ليكون لهم مكان, ومرتبات في مبني مؤسسة الأهرام, كما أن يوسف جوهر رجع إلي النصوص الأدبية العالمية لتحويلها إلي أفلام, وللأسف فإن عناوين هذه الأعمال علي الشاشة لم تكن المصدر الأساسي إلا في مرات قليلة للغاية مثل فيلم أمير الانتقام المأخوذ عن الكونت دي مونت كريستو, وهو الفيلم الذي كتب حواره يوسف جوهر واجتهد فيه الكاتب لتحويل شخصية البحار (أدمون دانت) إلي فارس صحراوي, فتغيرت آلية الهروب من السجن المتاخم للمياه حين قفز البحار في الماء بعد أن قام الحارس بوضعه في الجوال, أما حسن الهلالي في الفيلم فقد بارز الحراس, وأفلت من السجن بأسلوب مختلف تماما, وقد دأب يوسف جوهر كتابة الحوار في الأربعينيات لفترة غير قصيرة, واستفاد كثيرا من مهنته كمحام, ثم تفرغ لكتابة السيناريوهات, وفي آخر سنوات حياته كان يكتب الفيلم بأكمله, والغريب ان الكاتب لم يقم قط بتحويل إحدى رواياته كي تكون فيلما عدا رواية أمهات في المنفي كما لم يترك رواياته كي يكتبها آخرون كأفلام سينمائية, وفي ذلك غرابة, ولم أشأ أن أسأله عن التفسير, حيث كان منشغلا في الكتابة الموازية مهما كانت, والغريب أنه تفرغ للصحافة في سنواته الأخيرة من خلال اهتمامه بالهم الاجتماعي, وكان عنده المخزون ليكتب أفلامه الأخيرة ومنها, الرجل الثالث والفضيحة, وأغلب الظن أن جوهر لم يكن هو مؤلف فيلم الرجل الثالث لعلي بدرخان, وقد أبدي دهشته عندما أخبرته أن اسمه مطبوع علي الفيلم وابتسم بدون تعليق, وأعتقد أن التفسير وحده يخص المخرج, فقصة الفيلم تنسب إلي ضابط شرطة يدعي محمد عباس, حول تجربة شخصية تخصه في عمله, وكان المخرج عز الدين ذو الفقار قد كتب اسمه كمؤلف مشارك في فيلم الرجل الثاني عام 1959, وأن يوسف جوهر كتب السيناريو والحوار للفيلم الذي يعتبر أايقونة ثمينة في الفيلم البوليسي.
من المهم التعرف علي علاقة يوسف جوهر بزملاء المهنة حين كتب السيناريوهات لأفلامهم. وخاصة توفيق الحكم, والدكتور طه حسين, فقد كتب للحكيم فيلمين هماالرباط المقدس والأيدي الناعمة وكلاهما من إخراج محمود ذو الفقار, فهناك شبه التزام بكتابة الرباط المقدس كما كتبها الحكيم, حول فكرة الأنثى التي تدخل حياة راهب الفكر فتغير له حياته, تماما مثلما حدث للراهب في رواية (تاييس ) لأناطول فرانس, فارتقت المرأة فكريا وإنسانيا من خلال إيمانها بافكاره, أما هو فقد صار متصابيا, وأصبح دنيويا, أما مسرحية الأيدي الناعمة فان التلامس بين المسرحية والفيلم باهت بشكل ملحوظ, ويمكن ألقول إن نجاح مثل هذه الأفلام نابع من قوة الكتابة عند يوسف جوهر أكثر من النص الأدبي عند الحكيم, ومن هنا تأتي عبقرية الكتابة للسينما عند يوسف جوهر.
وبدا ذلك أكثر وضوحا في دعاء الكروان فالنص الأدبي مثل الكثير من نصوص طه حسين القصصية تتكثف الحدوتة في إطار من الإسهاب في الحكي, والرواية تعتمد علي مناجاة الفتاة لطائر الكروان التي تكاد تسمع تغريده ولا تراه وقد قامت آمنة في الرواية بالهرب مع عشيقها إلي العاصمة بعد أن وقعت في حبه,دون أي عقاب سماوي. وبالنسبة لفيلم الحب الضائع لبركات, فان التشابه الوحيد بين العملين هو العنوان, فليست هناك علاقة قط بين الاثنين: الفيلم ـ الرواية, حيث إن الرواية تدور في قرية فرنسية تنطبق عليها سمات الريف الفرنسي التي عاشت فيه بطلة الرواية العزباء, أما الفيلم فيتكلم عن الزوج الحائر عاطفيا بين زوجته وصديقتها الأرملة.
أما نجيب محفوظ فقد كتب له الكاتب سيناريو رواية بين القصرين, وفي البداية كان توفيق صالح مرشحا لإخراج الفيلم, ويبدو أن خلافا حادا حدث بين المخرج حسن الإمام ويوسف جوهر, وقد سمعته يشكو أكثر من مرة أن الإمام حول الفيلم إلي مظاهرة للرقص, لذا فإن جوهر لم يشترك قط في الفيلمين التاليين من الثلاثية, في الكثير من الأحوال كان يوسف جوهر يقوم بمشاركة المخرج كتابة القصة والسيناريو خاصة مع عز الدين ذو الفقار في فيلمين متتاليين متفردين هما طريق الأمل 1958 والرجل الثاني, وقد كتب جوهر حوار الفيلمين وحده, فالعادة أن المخرج يقوم بالاتفاق مع كاتب السيناريو علي صيغة التعامل بينهما, وعلي كل فإننا أمام فيلمين شديدي التباين, وكانت هذه عادة عز الدين ذو الفقار, فالفيلم الأول يدور جزء منه في المحاكم حيث إن الفتاة تنسب إلي نفسها التهمة بدلا من شقيقة حبيبها وأنها هي صاحبة الخطيئة حتي لو أدي ذلك إلي حبسها وانتهاء علاقتها بالحبيب الذي سيدافع عنها, أما فيلم الرجل الثاني فهو أكثر أعمال السينما البوليسية اكتمالا حول رجل العصابة الخفي الذي يدير عمله من خلال الرجل الثاني الذي يبدو ظاهرا أمام الأنظار ولا يعرف هذا الشخص أحد, باعتبار أنه يمتلك نشاطا اجتماعيا في الواجهة, أما عصمت فهو الرجل البالغ المهارة الذي يكتشف حقيقة الضابط الذي اندس بين رجاله بهدف التعرف علي أسراره خاصة اسم الرجل الأول, وقد بدت مهارة السيناريو في شد أنظار وانتباه المتفرج, وتميز المخرج في إدارة الفيلم مثلما أدار الرجل الثاني شبكته الإجرامية.
ارتبط الكاتب بالمخرج بركات في الكثير من أعماله, وعمل في فيلمين غنائيين للمخرج عاطف سالم هما يوم من عمري 1961 وزمان يا حب 1972, وكلاهما من الأفلام الغنائية, وهما مقتبسان من فيلمين أمريكيين مشهورين تم إحداث الكثير من التغيرات عليهما, الفيلم الأول مأخوذ من الفيلم الأمريكي إجازة رومانية لويليام وايلر 1954, وفيه يلتقي صحفي بأميرة في مدينة روما قررت الخروج من روتين القصر لتعيش علي سجيتها يوما كاملا, مع الصحفي الذي التقت به في القصر في اليوم التالي بعد أن عادت إلي مكانتها كأميرة, والطريف أن السينما المصرية قدمت هذا الموضوع في أفلام عديدة منها أجمل أيام حياتي إخراج بركات عام 1972, أما الفيلم الثاني زمان يا حب فهو مأخوذ عن أهلا سبتمبر وهو فيلم شبابي حول الثري الذي عاد إلي قصره فجأة فاكتشف أن حارس القصر العجوز قد حوله إلي منتجع خاص به تأتي ابنة الأخ إليه متصورة أن جدها هو الثري صاحب المكان يوسف جوهر, واحد من أبرز آبائنا الذين عاشوا معنا, وحول لنا هذه الأرض إلي منتجع جميل مليء بالقصص المبهجة, والعاطفية والمشاعر الإنسانية الشجية.
إنه يوسف جوهر الذي تربينا علي يديه كروائي, وكاتب سيناريو, وكاتب مقال, حالة بالغة الخصوبة منذ الشباب في الأربعينيات, حتى قبيل الوفاة, وحالة من الإخلاص لرفاق حياته, وعلي رأسهم نجيب محفوظ, ثم ثروت أباظة الذي استقال من رئاسة الكتاب تعاطفا معه. اليوم يتم تكريم اسمه ككاتب سينمائي في مهرجان عريق, وأقل ما يمكن أن نفعله هو تحيته لأنه مر بنا, لا يزال يثرينا, ونحن لا نكتب عنه للتكريم بقدر الشعور بالامتنان لما لعبه في حياتنا بقوة ولنبل كبير, في مقابل وغدنة قوبلنا بها من البعض.
يوسف جوهر (1912 ـ 2001) هو المحامي الذي لن يعتزل هذه المهنة وهو يكتب اسمه علي السيناريوهات الأولي له, بعد أن جاء من طنطا للإقامة في القاهرة, وهو يجمع بين كتابة القصة, والسيناريو, والحوار, كما أنه منتج, رصد نقوده لإنتاج فيلم أرضنا الخضراء حول الإصلاح الزراعي عام 1954, وقد اقتبس الكثير من قصص الأفلام الأجنبية, ولم يكن يذكر اسم المصدر, كما يحسب له أنه حول الكثير من النصوص الأدبية المصرية الصعبة إلي أفلام ذات مذاق بالغ الرقي, ومنها دعاء الكروان والحب الضائع عن روايات طه حسين, وارتبط كثيرا بمخرج من طراز بركات.
ليوسف جوهر مسيرة يجب التركيز عليها, وقد تغيرت هذه المسيرة بشكل ملحوظ أثناء حياته, ففي المرحلة الأولي كانت الأفلام التي يقدمها مختلفة إلي حد كبير عن السينما الكوميدية لكل من أبو السعود الإبياري, وبديع خيري, وكان غزير الإنتاج في السينما, ومن مجموعاته سميرة هانم التي نشرت ككتاب في سلسلة كتب للجميع, وفي بداية السبعينيات اتجه لكتابة روايات, وانشغل بمقاله الأسبوعي في جريدة الأهرام, حتي جاءت المرحلة التي بدأ يحول رواياته إلي أفلام يكتبها بنفسه خاصة أمهات في المنفي من إخراج محمد راضي, لكنه لم يهتم بتحويل كل الروايات التي كتبها إلي أفلام, ومنها علي سبيل المثال شخلول وشركاه التي تحولت إلي مسلسل تليفزيوني بما يعني انه كتب كافة أنواع الكتابة من قصة وسيناريو حوار.
بالنظر إلي القائمة المنشورة في الويكيبديا, سوف نكتشف أن القائمة الحقيقية للكاتب أكبر بكثير من العناوين المنشورة, فيوسف جوهر هو أحد كتاب السيناريو الأكثر غزارة في السينما المصرية, وهو أحد الأطول عمرا في ذلك المجال, وقد كتب القصة والسيناريو والحوار, كلا منهم بشكل منفصل, أو الثلاثة مجتمعين, كما كتب أغلب أنواع السينما من الأفلام الغنائية والاستعراضية, والفيلم الكوميدي, والفيلم البوليسي, والرومانسي, وأحد أشهر أفلام الحركة, كما اقتبس الكثير من الروايات المصرية للدكتور طه حسين ونجيب محفوظ, وتوفيق الحكيم, وهم الأسماء الذين كانوا متجاورين في المكاتب فيما بعد, عندما فتحت جريدة الأهرام أبوابها ليكون لهم مكان, ومرتبات في مبني مؤسسة الأهرام, كما أن يوسف جوهر رجع إلي النصوص الأدبية العالمية لتحويلها إلي أفلام, وللأسف فإن عناوين هذه الأعمال علي الشاشة لم تكن المصدر الأساسي إلا في مرات قليلة للغاية مثل فيلم أمير الانتقام المأخوذ عن الكونت دي مونت كريستو, وهو الفيلم الذي كتب حواره يوسف جوهر واجتهد فيه الكاتب لتحويل شخصية البحار (أدمون دانت) إلي فارس صحراوي, فتغيرت آلية الهروب من السجن المتاخم للمياه حين قفز البحار في الماء بعد أن قام الحارس بوضعه في الجوال, أما حسن الهلالي في الفيلم فقد بارز الحراس, وأفلت من السجن بأسلوب مختلف تماما, وقد دأب يوسف جوهر كتابة الحوار في الأربعينيات لفترة غير قصيرة, واستفاد كثيرا من مهنته كمحام, ثم تفرغ لكتابة السيناريوهات, وفي آخر سنوات حياته كان يكتب الفيلم بأكمله, والغريب ان الكاتب لم يقم قط بتحويل إحدى رواياته كي تكون فيلما عدا رواية أمهات في المنفي كما لم يترك رواياته كي يكتبها آخرون كأفلام سينمائية, وفي ذلك غرابة, ولم أشأ أن أسأله عن التفسير, حيث كان منشغلا في الكتابة الموازية مهما كانت, والغريب أنه تفرغ للصحافة في سنواته الأخيرة من خلال اهتمامه بالهم الاجتماعي, وكان عنده المخزون ليكتب أفلامه الأخيرة ومنها, الرجل الثالث والفضيحة, وأغلب الظن أن جوهر لم يكن هو مؤلف فيلم الرجل الثالث لعلي بدرخان, وقد أبدي دهشته عندما أخبرته أن اسمه مطبوع علي الفيلم وابتسم بدون تعليق, وأعتقد أن التفسير وحده يخص المخرج, فقصة الفيلم تنسب إلي ضابط شرطة يدعي محمد عباس, حول تجربة شخصية تخصه في عمله, وكان المخرج عز الدين ذو الفقار قد كتب اسمه كمؤلف مشارك في فيلم الرجل الثاني عام 1959, وأن يوسف جوهر كتب السيناريو والحوار للفيلم الذي يعتبر أايقونة ثمينة في الفيلم البوليسي.
من المهم التعرف علي علاقة يوسف جوهر بزملاء المهنة حين كتب السيناريوهات لأفلامهم. وخاصة توفيق الحكم, والدكتور طه حسين, فقد كتب للحكيم فيلمين هماالرباط المقدس والأيدي الناعمة وكلاهما من إخراج محمود ذو الفقار, فهناك شبه التزام بكتابة الرباط المقدس كما كتبها الحكيم, حول فكرة الأنثى التي تدخل حياة راهب الفكر فتغير له حياته, تماما مثلما حدث للراهب في رواية (تاييس ) لأناطول فرانس, فارتقت المرأة فكريا وإنسانيا من خلال إيمانها بافكاره, أما هو فقد صار متصابيا, وأصبح دنيويا, أما مسرحية الأيدي الناعمة فان التلامس بين المسرحية والفيلم باهت بشكل ملحوظ, ويمكن ألقول إن نجاح مثل هذه الأفلام نابع من قوة الكتابة عند يوسف جوهر أكثر من النص الأدبي عند الحكيم, ومن هنا تأتي عبقرية الكتابة للسينما عند يوسف جوهر.
وبدا ذلك أكثر وضوحا في دعاء الكروان فالنص الأدبي مثل الكثير من نصوص طه حسين القصصية تتكثف الحدوتة في إطار من الإسهاب في الحكي, والرواية تعتمد علي مناجاة الفتاة لطائر الكروان التي تكاد تسمع تغريده ولا تراه وقد قامت آمنة في الرواية بالهرب مع عشيقها إلي العاصمة بعد أن وقعت في حبه,دون أي عقاب سماوي. وبالنسبة لفيلم الحب الضائع لبركات, فان التشابه الوحيد بين العملين هو العنوان, فليست هناك علاقة قط بين الاثنين: الفيلم ـ الرواية, حيث إن الرواية تدور في قرية فرنسية تنطبق عليها سمات الريف الفرنسي التي عاشت فيه بطلة الرواية العزباء, أما الفيلم فيتكلم عن الزوج الحائر عاطفيا بين زوجته وصديقتها الأرملة.
أما نجيب محفوظ فقد كتب له الكاتب سيناريو رواية بين القصرين, وفي البداية كان توفيق صالح مرشحا لإخراج الفيلم, ويبدو أن خلافا حادا حدث بين المخرج حسن الإمام ويوسف جوهر, وقد سمعته يشكو أكثر من مرة أن الإمام حول الفيلم إلي مظاهرة للرقص, لذا فإن جوهر لم يشترك قط في الفيلمين التاليين من الثلاثية, في الكثير من الأحوال كان يوسف جوهر يقوم بمشاركة المخرج كتابة القصة والسيناريو خاصة مع عز الدين ذو الفقار في فيلمين متتاليين متفردين هما طريق الأمل 1958 والرجل الثاني, وقد كتب جوهر حوار الفيلمين وحده, فالعادة أن المخرج يقوم بالاتفاق مع كاتب السيناريو علي صيغة التعامل بينهما, وعلي كل فإننا أمام فيلمين شديدي التباين, وكانت هذه عادة عز الدين ذو الفقار, فالفيلم الأول يدور جزء منه في المحاكم حيث إن الفتاة تنسب إلي نفسها التهمة بدلا من شقيقة حبيبها وأنها هي صاحبة الخطيئة حتي لو أدي ذلك إلي حبسها وانتهاء علاقتها بالحبيب الذي سيدافع عنها, أما فيلم الرجل الثاني فهو أكثر أعمال السينما البوليسية اكتمالا حول رجل العصابة الخفي الذي يدير عمله من خلال الرجل الثاني الذي يبدو ظاهرا أمام الأنظار ولا يعرف هذا الشخص أحد, باعتبار أنه يمتلك نشاطا اجتماعيا في الواجهة, أما عصمت فهو الرجل البالغ المهارة الذي يكتشف حقيقة الضابط الذي اندس بين رجاله بهدف التعرف علي أسراره خاصة اسم الرجل الأول, وقد بدت مهارة السيناريو في شد أنظار وانتباه المتفرج, وتميز المخرج في إدارة الفيلم مثلما أدار الرجل الثاني شبكته الإجرامية.
ارتبط الكاتب بالمخرج بركات في الكثير من أعماله, وعمل في فيلمين غنائيين للمخرج عاطف سالم هما يوم من عمري 1961 وزمان يا حب 1972, وكلاهما من الأفلام الغنائية, وهما مقتبسان من فيلمين أمريكيين مشهورين تم إحداث الكثير من التغيرات عليهما, الفيلم الأول مأخوذ من الفيلم الأمريكي إجازة رومانية لويليام وايلر 1954, وفيه يلتقي صحفي بأميرة في مدينة روما قررت الخروج من روتين القصر لتعيش علي سجيتها يوما كاملا, مع الصحفي الذي التقت به في القصر في اليوم التالي بعد أن عادت إلي مكانتها كأميرة, والطريف أن السينما المصرية قدمت هذا الموضوع في أفلام عديدة منها أجمل أيام حياتي إخراج بركات عام 1972, أما الفيلم الثاني زمان يا حب فهو مأخوذ عن أهلا سبتمبر وهو فيلم شبابي حول الثري الذي عاد إلي قصره فجأة فاكتشف أن حارس القصر العجوز قد حوله إلي منتجع خاص به تأتي ابنة الأخ إليه متصورة أن جدها هو الثري صاحب المكان يوسف جوهر, واحد من أبرز آبائنا الذين عاشوا معنا, وحول لنا هذه الأرض إلي منتجع جميل مليء بالقصص المبهجة, والعاطفية والمشاعر الإنسانية الشجية.
يوسف جوهر…. للإبداع أوجه متعددة (ملف خاص)
للذاكرة فحسب كتبها: سيد الوكيل في سنوات صباي كانت اسماء مثل: إحسان عبد القدوس ، ومحمد عبد الحليم عبد الله، وأمين يوسف غراب، وصوفي عبد الله، ويوسف جوهر.. هم الأكثر شهرة لدى جمهور عام من القراء. ومع …
sadazakera.wordpress.com