شاعر يتقن التعبير عن قضايا الذات والإنسان ، يتميز شعره بعمق الأفكار وإن عَبَرَ عنها بأسلوب سهل سلس وكلام واضح ، تأثره بالشّعر التقليدي وحفاظه على الوزن و القافية منح شعره الديمومة و البقاء فحين تصفحت ديوانه " ترنيمات قلم رصاص " كنت في حاجة بحثية عن ما يرضي ضائقتي للدراسة ، لكن سرعان ما وجدتني في حالة تأمل وقد أهداني الشّاعر الديوان في ملتقى الربيع العنابي سنة 2017 م .
ولا يخفى ما في شعر مصطفى حمدان من حنين وحب لوطنه فلسطين يكافح بحرفه في الغربة فهو لم ينس وطنه الذي يتغنى به في كل محفل . إن تصدى لوصف مشهد أو معلم شحذ بنات أفكاره وهو القائل في قصيدة ليتني :
ليتني قد عشت في خاطر أحلامك
فكرة
ليتني في بحر أشعارك يا شهقة الأمواج
قطره
ليتني برعم حرف لم يزل في صدرك المكنون
بذره
ليتني يا روضة العناب في بستان أشعارك
زهره
كل حرف جامح ينساب من أتون أشعارك
جمره.......1
الشاعر يستدعي خياله لينقل أوصاف حيّة ناطقة بما فيها من حقائق كقصيدته في رحاب محمد العيد آل خليفة 2 فهو ليس شاعر مرحلة ..بل شاعر قضية شغلته على امتداد عقود من الزمن وما تزال تشكل هاجسا له...شاعر قادم من بلدة العيسوية بفلسطين حيث النسوة يعجن الخبر بملح الشهادة وينضجن الرغيف بجمر الفقد والأسى دون كلل أو ملل ويتجدد الصباح ويولد الأطفال تحت القصف، تقتلع عنوة أشجار الزيتون لتتضاعف فسيلاتها ، من هناك من بعيد تصقل موهبته التي أثمرت فصائدا شعرية تحفظ مع عيون الشعر العمودي المعاصر .يقول أيضا في قصيدة
كتبها لنبع الحنان والدته :
إلى من حطم الأقلام
يا من أحرق الدفتر
سأشهر دائما قلمي
فوجه الحق لن يقهر
لأجل اليوم و الغربان
و الشحرور والقبر
لأجل الغار و الصبار
والزيتون و الزعتر
لأجل عباءة نسجت
من الفحشاء والمنكر
إذا ما استكبروا الحجاج
واستولى على المنبر
ولم يحفظ من القرآن
إلا سورة الكوثر
جاء ديوان " ترنيمات قلم رصاص " في 93 صفحة من الحجم المتوسط به 17 قصيدة شعرية أغلبها شعر عمودي مقفى عن دار ابن الشاطئ / جيجل طبعة 2016 م .
نالت القضية الفلسطينية الحظ الأوفر في الديوان على غرار قصائد : " ثرى القدس " " أهزوجة فلسطينية تراثية " " العيسوية قصة بلد" الأخوة الأعداء " " الأسر الرمز سامر العيساوي " " التهريج " ......
ستحضر الشاعر الكثير من المدن الجزائرية في قصيدته
- المستوى المناصي :
ينبني عنوان الديوان " ترنيمات قلم رصاص "
على صيغة جملة اسمية تتكون من ثلاثة عناصر مبتدأ و الحبر والصفة ، العنوان يثير دهشة القارئ فهو يحمل صيغة استعارة ذات دلالة منطقية القلم لا ترنيمات له إلا إذا فهمنا
إن قلم الشاعر يكتب عن المآسي والأفراح
وهذا ما نلمسه جليا في قصائد الديوان التي هي مرتبطة ارتباطا كبيرا بالماضي بما فيه من ألم وألم مواجع وذكريات جميلة بائدة كقصيدة في رحاب محمد العيد آل خليفة و العيسوية ...
- المستوى المعجمي والدلالي
نجد في ديوان ترنيمات قلم رصاص مجموعة من التيمات والموضوعات، يمكن إجمالها في المواضيع التالية: الزمن(تهريج " في يوم ذكرى النكبة التسعين / من عمر النزوح /نشرة الأخبار " أنت وحدك في زمن العار.......)، والمكان (العيسوية قصة بلد ، عنابة الغالية ، في رحاب محمد العيد آل خليفة ، الحدود، ثرى القدس ، أردن.....) والإنسان (الشاعر " جاءني يحمل أوراقا/ يسميها قصائد/ قال لي هل أنت مقلي ؟ تحسن الشعر وترصيع القلائد /...)، والوطنيات (الأسير الرمز سامر العيساوي" يا أيها الرمز الذي بصموده وكفاحه ضرب المثال لكل من في الأرض " " يا فارس الأقصى الذي بشموخه الجبار مرغ في التراب أنوف أبناء العواهر" فارس بن زرت .....) والاجتماعيات (الأم، الإخوة الأعداء ، الرسالة الأخيرة " أماه عذرا إن وقفت بشرفة البيت العتيق ..هناك تنتظرين نورسك العتيق...).
ويعني هذا أن قصائد الشاعر مصطفى حمدان تغلب عليها الرؤية الوطنية الثورية ونقد للواقع المرير وذكر العديد من الأماكن هناك قصائد كثيرة في تمجيد الوطن فلسطين دون أن ينسى الولاء والعرفان ومدح بعض المدن الجزائرية التي أعجب بجمالها وعمرانها فعدد مناقبها وأشاد بطيبة سكانها ، فالشاعر على قدر كبير من الإخلاص و الوفاء للبلد الذي يعيش فيه كما نجد حرقته على بلده فلسطين ودعوته لضرورة تحريرها ، ما يجب الانتباه لما يحاك ضدها من مؤامرات ...كما لا يخلو الديوان من رؤية ذاتية وجدانية واسترجاعه للذكريات والزمان والمكان و الوطن....يقول في قصيدة " محمّد آل خليفة ..."
محمد العيد عـذرا من قـــوافينا
ما عاد للشعر زهر في روابينا
جف القريض ولا زال الفؤاد ند
جئنا لواديك كي ينساب وادينا
جئنا زرافا و للواد الظليل هوى
الحب زاجرنا و الشوق حادينا
جاء النشامي هنا فرسان بسكرة
من بونة العشق جئنا من فلسطينا
جئناك من تونس الخضراء أغنية
من سوريا الجرح جئنا من قسنطينا
جئتا للوادي الهوى نلقى أحبتنا
الشعر و الشاي و الأوتار تكفينا
أجدادنا الصيد مروا من هنا وبنوا
هذه القباب قلــــــوبا للمحـــبينا
يا حادي العيس أجدادي هنا نزلوا
من جيش عقبة من أرض النبينا
هنا تميــم هنا قيس هنا أســـــد
هنا المحاميد تحيي مجد ماضينا
هنا العروبة في أسمى فضائلها
وقبلة الشعر دوما في كوينينا
حتى النخيل حنا في سعفه فرحا
كأنه قد دنا منا يحيينا
هذا النخيل الذي تمتد قامته
جذوره لم تزل في سفح حطينا
قد فاق كانون نور الشمس فانكشفت
فصغروه ليبقى نورها فينا
نور على نور وكوينين تنشره
علما ودينا وأدبا ويسمينا
جئنا حفاة فقد ثار الحذاء لنا
من حقه اليوم أن تلبسه أيدينا
رامي الحذاء ملاين الأكف رمت
فالحر من دان إنصافا كما دينا
عذرا إذا أبحرت في الجرح قافيتي
وأصبح الحرف في شدقي سكينا
شاء القدير وفي كوينيين تحفتنا
فلتسألــــوه لقاء في فلسطينا
نتطرق لدراسة القصيدة دراسة سيميائية البنية الظاهرية والعميقة و ذلك باختصار وبتلميحات ..لأن هدفنا التعريف بمنتج الشاعر من أجل تسليط الضوء على أشعره أكاديميا وإعلاميا ....
ا - البنية الظاهرية وتندرج تحتها
المستوى الصوتي : اهتم العلماء بهذا المستوى لما له من تأثير كبير على المتلقي ، واهتم أكثر النقد الأدبي بالجناس ...." ........" يقول ابن المعتز
هو أن تجيء الكلمة تجانس أخرى ومجانستها لها أن تشبهها في تألف حروفها " 3
في النص الذي بين أيدينا " في رحاب محمد العيد أل خليفة " يظهر الجناس بشكل ملحوظ .." قوافينا/ بوابينا " " لواديك /وادينا " " رامي/ رمت" " دان / دينا" "
جاءت ترانيم الصوت متناسقة والزفرات والحسرات التي ينفثها على أطلال من رحلوا ..
وهناك الوزن والإيقاع وجاءت القصيدة على بحر البسيط وهو بحر ثنائي التفعيلة نلاحظ في القصيد عروضه مخبونة و ضربه مقطوع " تفعيلاته " متفعلن / فاعلن / مستفعلن / فعلن ** مستفعلن /فعلن مستفعلن/ فاعلْ...
ويبدو تأثر الشاعر بقصيدة ابن زيدون الشهيرة والتي مطلعها:
أضحى التنائي بديل تدانينا// وناب عن طيب لقيانا تجافينا
جاءت قصيدته على نفس بحر ونفس القافية.
المستوى المعجمي : يمكن التطرق إلى هذا المستوى نحويا وأيضا دلاليا من حيث الألفاظ ، فقد تتكرر الكلمات مما يشكل حقولا دلالية كحقل الطبيعة ويتمثل في : " روابينا – زهر- واديك – النخيل- جذوره –سفح – نور الشمس- يسمينا "معجم الكتابة " الشعر – القريض- القوافي- الحرف – آدابا - ....
معجم الأماكن والمدن " بسكرة – بونة – فلسطينا – تونس – سوريا- قسنطينا- القباب- المحاميد- كوينينا- حطينا "
معجم الأسماء " عقبة – تميم- قيس – أسد – الأجداد- النبينا- ....ألخ من الحقول - الشوق و المحبة-
فلكل خطاب شعري معجمه الخاص الشاعر يعدد مناقب وفضائل الأولين
لذلك نجد معجمه بين الرصانة والسهولة .
بالنسبة للألفاظ وظف ما يدل على قبائل عربية كان لها شهرة وصيت " هنا تميم –هنا فيس – عنا أسد – هنا لمحاميد ..."
المستوى التركيبي : ننظر إليه من زاوية التقديم و التأخير والحذف يقول عبد القاهر الجرجاني في التقديم في تقديم الفاعل عن فعله " فإذا قلت عبد الله فقد أشعرت قلبه بذلك أنك أردت الحديث عنه ، فإذا جئت بالحديث فقلت مثلا : قام أو قلت : خرج أو قلت : قدم فقد علم ما جئت به "4
وفي التأخير يقول قدامة بن جعفر " التأخير هو ألا ينتظم للشاعر نسق الكلام على ما ينبغي لمكان العروض فيقدم ويؤخر " 5
تقديم شبه الجملة عن الجملة الاسمية المنسوخة بإن .. والأفعال موزعة بين صيغة الماضي تدل على التأكيد و الثبوت مثل " عاد - جف – مروا – نزلوا - ..... الخ والمضارع يدل على الحدث و الاستمرارية مثل : ينساب – يمتد – تنشره – تلبسه - .... واغلب الأساليب خبرية جاءت ضمن قالب بلاغي استعاري ومجازي ك - . جف القريض - هذا النخيل الذي تمتد قامته -
المستوى الدلالي المعنوي : يتم التفاعل بين النص والمتلقي تتضح الصورة التي أراد الشاعر التعبير عنها بتضافر أدوات اللغة مما يؤدي إلى تقوية عملية الاتصال بين المرسل و المتلقي .. فالشاعر في حالة تحسر على أيام بائدة ...... على ما فات وانقضى من حياة الأولين ... وفي حالة ذكر لمناقب وفضائل ... كلها أصبحت ذكرى .. هل يمكن استرجاع فلسطين ؟
- المستوى العمودي أي البنية العميقة للنص :
بالنسبة للنقاد والقراء يختلف التفسير السيميائي ، حسب " رولان بارت القارئ ليس مستهلك للنص فحسب بل منتج له أيضا " .
فيتم الكشف عن دلالات سياسية و تاريخية و ثقافية فالشاعر يذكر جوانب من الماضي عهد محمد العيد آل خلية ويتعداها لعهود بائدة .. جيش عقبة / تميم / قيس ...
من الصور البيانية التي وظفها الشاعر : الاستعارة في قوله - جف القريض – قبلة الشعر – جرح قافيتي ... ومن التشيبه : وأصبح الحرف في شدقي سكينا - هذه القباب قلــــــوبا للمحـــبينا
المراجع
1 – ديوان ترنيمات قلم رصاص صفحة 52 /53/54 ..
2 – ديوان ترنيمات قلم رصاص ص 62/ 63
4 – دلائل الإعجاز للجرجاني ص 101
5- نفد الشعر لقدامة بن جعفر ص
ولا يخفى ما في شعر مصطفى حمدان من حنين وحب لوطنه فلسطين يكافح بحرفه في الغربة فهو لم ينس وطنه الذي يتغنى به في كل محفل . إن تصدى لوصف مشهد أو معلم شحذ بنات أفكاره وهو القائل في قصيدة ليتني :
ليتني قد عشت في خاطر أحلامك
فكرة
ليتني في بحر أشعارك يا شهقة الأمواج
قطره
ليتني برعم حرف لم يزل في صدرك المكنون
بذره
ليتني يا روضة العناب في بستان أشعارك
زهره
كل حرف جامح ينساب من أتون أشعارك
جمره.......1
الشاعر يستدعي خياله لينقل أوصاف حيّة ناطقة بما فيها من حقائق كقصيدته في رحاب محمد العيد آل خليفة 2 فهو ليس شاعر مرحلة ..بل شاعر قضية شغلته على امتداد عقود من الزمن وما تزال تشكل هاجسا له...شاعر قادم من بلدة العيسوية بفلسطين حيث النسوة يعجن الخبر بملح الشهادة وينضجن الرغيف بجمر الفقد والأسى دون كلل أو ملل ويتجدد الصباح ويولد الأطفال تحت القصف، تقتلع عنوة أشجار الزيتون لتتضاعف فسيلاتها ، من هناك من بعيد تصقل موهبته التي أثمرت فصائدا شعرية تحفظ مع عيون الشعر العمودي المعاصر .يقول أيضا في قصيدة
كتبها لنبع الحنان والدته :
إلى من حطم الأقلام
يا من أحرق الدفتر
سأشهر دائما قلمي
فوجه الحق لن يقهر
لأجل اليوم و الغربان
و الشحرور والقبر
لأجل الغار و الصبار
والزيتون و الزعتر
لأجل عباءة نسجت
من الفحشاء والمنكر
إذا ما استكبروا الحجاج
واستولى على المنبر
ولم يحفظ من القرآن
إلا سورة الكوثر
جاء ديوان " ترنيمات قلم رصاص " في 93 صفحة من الحجم المتوسط به 17 قصيدة شعرية أغلبها شعر عمودي مقفى عن دار ابن الشاطئ / جيجل طبعة 2016 م .
نالت القضية الفلسطينية الحظ الأوفر في الديوان على غرار قصائد : " ثرى القدس " " أهزوجة فلسطينية تراثية " " العيسوية قصة بلد" الأخوة الأعداء " " الأسر الرمز سامر العيساوي " " التهريج " ......
ستحضر الشاعر الكثير من المدن الجزائرية في قصيدته
- المستوى المناصي :
ينبني عنوان الديوان " ترنيمات قلم رصاص "
على صيغة جملة اسمية تتكون من ثلاثة عناصر مبتدأ و الحبر والصفة ، العنوان يثير دهشة القارئ فهو يحمل صيغة استعارة ذات دلالة منطقية القلم لا ترنيمات له إلا إذا فهمنا
إن قلم الشاعر يكتب عن المآسي والأفراح
وهذا ما نلمسه جليا في قصائد الديوان التي هي مرتبطة ارتباطا كبيرا بالماضي بما فيه من ألم وألم مواجع وذكريات جميلة بائدة كقصيدة في رحاب محمد العيد آل خليفة و العيسوية ...
- المستوى المعجمي والدلالي
نجد في ديوان ترنيمات قلم رصاص مجموعة من التيمات والموضوعات، يمكن إجمالها في المواضيع التالية: الزمن(تهريج " في يوم ذكرى النكبة التسعين / من عمر النزوح /نشرة الأخبار " أنت وحدك في زمن العار.......)، والمكان (العيسوية قصة بلد ، عنابة الغالية ، في رحاب محمد العيد آل خليفة ، الحدود، ثرى القدس ، أردن.....) والإنسان (الشاعر " جاءني يحمل أوراقا/ يسميها قصائد/ قال لي هل أنت مقلي ؟ تحسن الشعر وترصيع القلائد /...)، والوطنيات (الأسير الرمز سامر العيساوي" يا أيها الرمز الذي بصموده وكفاحه ضرب المثال لكل من في الأرض " " يا فارس الأقصى الذي بشموخه الجبار مرغ في التراب أنوف أبناء العواهر" فارس بن زرت .....) والاجتماعيات (الأم، الإخوة الأعداء ، الرسالة الأخيرة " أماه عذرا إن وقفت بشرفة البيت العتيق ..هناك تنتظرين نورسك العتيق...).
ويعني هذا أن قصائد الشاعر مصطفى حمدان تغلب عليها الرؤية الوطنية الثورية ونقد للواقع المرير وذكر العديد من الأماكن هناك قصائد كثيرة في تمجيد الوطن فلسطين دون أن ينسى الولاء والعرفان ومدح بعض المدن الجزائرية التي أعجب بجمالها وعمرانها فعدد مناقبها وأشاد بطيبة سكانها ، فالشاعر على قدر كبير من الإخلاص و الوفاء للبلد الذي يعيش فيه كما نجد حرقته على بلده فلسطين ودعوته لضرورة تحريرها ، ما يجب الانتباه لما يحاك ضدها من مؤامرات ...كما لا يخلو الديوان من رؤية ذاتية وجدانية واسترجاعه للذكريات والزمان والمكان و الوطن....يقول في قصيدة " محمّد آل خليفة ..."
محمد العيد عـذرا من قـــوافينا
ما عاد للشعر زهر في روابينا
جف القريض ولا زال الفؤاد ند
جئنا لواديك كي ينساب وادينا
جئنا زرافا و للواد الظليل هوى
الحب زاجرنا و الشوق حادينا
جاء النشامي هنا فرسان بسكرة
من بونة العشق جئنا من فلسطينا
جئناك من تونس الخضراء أغنية
من سوريا الجرح جئنا من قسنطينا
جئتا للوادي الهوى نلقى أحبتنا
الشعر و الشاي و الأوتار تكفينا
أجدادنا الصيد مروا من هنا وبنوا
هذه القباب قلــــــوبا للمحـــبينا
يا حادي العيس أجدادي هنا نزلوا
من جيش عقبة من أرض النبينا
هنا تميــم هنا قيس هنا أســـــد
هنا المحاميد تحيي مجد ماضينا
هنا العروبة في أسمى فضائلها
وقبلة الشعر دوما في كوينينا
حتى النخيل حنا في سعفه فرحا
كأنه قد دنا منا يحيينا
هذا النخيل الذي تمتد قامته
جذوره لم تزل في سفح حطينا
قد فاق كانون نور الشمس فانكشفت
فصغروه ليبقى نورها فينا
نور على نور وكوينين تنشره
علما ودينا وأدبا ويسمينا
جئنا حفاة فقد ثار الحذاء لنا
من حقه اليوم أن تلبسه أيدينا
رامي الحذاء ملاين الأكف رمت
فالحر من دان إنصافا كما دينا
عذرا إذا أبحرت في الجرح قافيتي
وأصبح الحرف في شدقي سكينا
شاء القدير وفي كوينيين تحفتنا
فلتسألــــوه لقاء في فلسطينا
نتطرق لدراسة القصيدة دراسة سيميائية البنية الظاهرية والعميقة و ذلك باختصار وبتلميحات ..لأن هدفنا التعريف بمنتج الشاعر من أجل تسليط الضوء على أشعره أكاديميا وإعلاميا ....
ا - البنية الظاهرية وتندرج تحتها
المستوى الصوتي : اهتم العلماء بهذا المستوى لما له من تأثير كبير على المتلقي ، واهتم أكثر النقد الأدبي بالجناس ...." ........" يقول ابن المعتز
هو أن تجيء الكلمة تجانس أخرى ومجانستها لها أن تشبهها في تألف حروفها " 3
في النص الذي بين أيدينا " في رحاب محمد العيد أل خليفة " يظهر الجناس بشكل ملحوظ .." قوافينا/ بوابينا " " لواديك /وادينا " " رامي/ رمت" " دان / دينا" "
جاءت ترانيم الصوت متناسقة والزفرات والحسرات التي ينفثها على أطلال من رحلوا ..
وهناك الوزن والإيقاع وجاءت القصيدة على بحر البسيط وهو بحر ثنائي التفعيلة نلاحظ في القصيد عروضه مخبونة و ضربه مقطوع " تفعيلاته " متفعلن / فاعلن / مستفعلن / فعلن ** مستفعلن /فعلن مستفعلن/ فاعلْ...
ويبدو تأثر الشاعر بقصيدة ابن زيدون الشهيرة والتي مطلعها:
أضحى التنائي بديل تدانينا// وناب عن طيب لقيانا تجافينا
جاءت قصيدته على نفس بحر ونفس القافية.
المستوى المعجمي : يمكن التطرق إلى هذا المستوى نحويا وأيضا دلاليا من حيث الألفاظ ، فقد تتكرر الكلمات مما يشكل حقولا دلالية كحقل الطبيعة ويتمثل في : " روابينا – زهر- واديك – النخيل- جذوره –سفح – نور الشمس- يسمينا "معجم الكتابة " الشعر – القريض- القوافي- الحرف – آدابا - ....
معجم الأماكن والمدن " بسكرة – بونة – فلسطينا – تونس – سوريا- قسنطينا- القباب- المحاميد- كوينينا- حطينا "
معجم الأسماء " عقبة – تميم- قيس – أسد – الأجداد- النبينا- ....ألخ من الحقول - الشوق و المحبة-
فلكل خطاب شعري معجمه الخاص الشاعر يعدد مناقب وفضائل الأولين
لذلك نجد معجمه بين الرصانة والسهولة .
بالنسبة للألفاظ وظف ما يدل على قبائل عربية كان لها شهرة وصيت " هنا تميم –هنا فيس – عنا أسد – هنا لمحاميد ..."
المستوى التركيبي : ننظر إليه من زاوية التقديم و التأخير والحذف يقول عبد القاهر الجرجاني في التقديم في تقديم الفاعل عن فعله " فإذا قلت عبد الله فقد أشعرت قلبه بذلك أنك أردت الحديث عنه ، فإذا جئت بالحديث فقلت مثلا : قام أو قلت : خرج أو قلت : قدم فقد علم ما جئت به "4
وفي التأخير يقول قدامة بن جعفر " التأخير هو ألا ينتظم للشاعر نسق الكلام على ما ينبغي لمكان العروض فيقدم ويؤخر " 5
تقديم شبه الجملة عن الجملة الاسمية المنسوخة بإن .. والأفعال موزعة بين صيغة الماضي تدل على التأكيد و الثبوت مثل " عاد - جف – مروا – نزلوا - ..... الخ والمضارع يدل على الحدث و الاستمرارية مثل : ينساب – يمتد – تنشره – تلبسه - .... واغلب الأساليب خبرية جاءت ضمن قالب بلاغي استعاري ومجازي ك - . جف القريض - هذا النخيل الذي تمتد قامته -
المستوى الدلالي المعنوي : يتم التفاعل بين النص والمتلقي تتضح الصورة التي أراد الشاعر التعبير عنها بتضافر أدوات اللغة مما يؤدي إلى تقوية عملية الاتصال بين المرسل و المتلقي .. فالشاعر في حالة تحسر على أيام بائدة ...... على ما فات وانقضى من حياة الأولين ... وفي حالة ذكر لمناقب وفضائل ... كلها أصبحت ذكرى .. هل يمكن استرجاع فلسطين ؟
- المستوى العمودي أي البنية العميقة للنص :
بالنسبة للنقاد والقراء يختلف التفسير السيميائي ، حسب " رولان بارت القارئ ليس مستهلك للنص فحسب بل منتج له أيضا " .
فيتم الكشف عن دلالات سياسية و تاريخية و ثقافية فالشاعر يذكر جوانب من الماضي عهد محمد العيد آل خلية ويتعداها لعهود بائدة .. جيش عقبة / تميم / قيس ...
من الصور البيانية التي وظفها الشاعر : الاستعارة في قوله - جف القريض – قبلة الشعر – جرح قافيتي ... ومن التشيبه : وأصبح الحرف في شدقي سكينا - هذه القباب قلــــــوبا للمحـــبينا
المراجع
1 – ديوان ترنيمات قلم رصاص صفحة 52 /53/54 ..
2 – ديوان ترنيمات قلم رصاص ص 62/ 63
4 – دلائل الإعجاز للجرجاني ص 101
5- نفد الشعر لقدامة بن جعفر ص