د. عادل الأسطة - الست كورونا : العودة إلى سياسة الإغلاق ( 175 )

كان أمس يوما شتويا بامتياز ، فمنذ ساعات الصباح المبكر هطلت الأمطار وروت الأرض وأشعرتنا بأننا نعيش أجواء الشتاء تماما ، وظل الشعور يلازمني طوال النهار حتى ساعات المساء ثم خش الليل وخششنا إلى بيوتنا نطلب الراحة والدفء ونأكل الكستناء .
أمس ذهبت إلى مكتبة تصوير فلاحظت نوعا من الاكتظاظ وأمام الحاجة نسيت الكورونا وشرطي التباعد الجسدي ووضع الكمامة ولم ألتفت إلى غبائي إلا بعد أن " خشت الجمعة وخش السبت وخش الأحد وانتصف الخميس " .
قلت وأنا في الطريق إلى البيت :
- نظل حريصين ونظل نطلب من الآخرين أن يكونوا حريصين ، ثم في لحظة ....ثم في لحظة نتصرف ناسين كل شيء .
وكثيرون ممن أصيبوا بالفايروس قالوا إنهم كانوا حريصين ولم يعرفوا كيف باغتهم .
أمس بقيت ساعات أقرأ في الأعمال الشعرية الكاملة لمظفر النواب ، فمعبر الكرامة أغلق من جديد لمدة أسبوع ، ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية استجابت لطلب الحكومة الفلسطينية ، وأنا لا أفكرعموما بالسفر ولولا الكورونا لما التفت لإغلاق الجسر .
الآن المعابر كلها مغلقة وصرنا كلنا مثل قطاع غزة محاصرين ويبدو أنها دعوة المظلوم ، فليس بينها وبين الله حجاب . هل هي دعوة الفلسطينيين أم دعوة حفار القبور في قصيدة بدر شاكر السياب ؟ وكنت أشرت إليها قبل أشهر .
أمس تذكرت رواية ( فولتير ) " كنديد " وفلسفة التفاؤل ، وتساءلت إن كان كنديد في تشرده عانى ، من ضمن ما عانى ، من الأوبئة . هل عانى من الطاعون أو الكوليرا أو الملاريا مثلا ونجا ؟ ( وأنا أكتب تذكرت أيضا رواية الكاتب التركي عزيز نيسين " الطريق الوحيد " . كلما خرج من ورطة دخل في أخرى ) .
تنتهي رواية " كنديد " بالأسطر الآتية :
" وما انفك صديقهما ككنبو يقول مع كنديد :
" لا تسير جميع الأمور سيرا حسنا في إلدورادو ، ولكنها لا تسير كلها سيرا سيئا "
والضمير في " صديقهما " يعود إلى كنديد وزوجته زنوئيد ، ويمكن القول إن الأمور أمس ، ومنذ بداية الكورونا أيضا ، لا تسير سيرا حسنا في نابلس وفلسطين والعالم ، ولكنها لا تسير كلها سيرا سيئا .
و " إن كان دين اقطع رطلين " يقول صاحب " جخ بلا مخ " .
لا تذهب إلى الكتابة إلا حين تأتي ، فالإناء لا يفيض إلا إذا امتلأ ، ولهذا كتابة أخرى .
صباح الخير
خربشات


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى