أما أول الشاعرين ابن ميمون فهو ابن الفراء الأخفش أصله من القبذاق من قلعة بني سعيد ،عاش في قرطبة وفيها تأدب،ثم عاد إلى غرناطة ،وبها اعتكف على مدح وزيرها اليهودي وهو القائل :"
صابـح مـحياه تلـق النجـح في الأمل
وانظـر بنـاديـه حـسن الشمس في الحمل
مـاإن يلاقي خليل فـيه مـن خــلـل
وكـلما حـال صـرف الـدهتـر لـم يـحــل
وفيه أيضا يقول :
إذا مـدحت فلا تمـدح سواه ففـي يمناه بـحر مـحـيط للـعـفاة زخـــر
يصغي إلى المدح من جود ومن أدب كمشتكي الجدب قدأصغى لصوب مطر(1)
ويذكر له المقري في النفح قصة وفائه لابن النغريلة حتى بعد وفاته، وذلك عند قدومه ليمدح ابن المعتصم بن صمادح صاحب المرية، فسعى للوشاية به واش لديه إذ حذره من الاستماع إليه بقوله :"ياسيدي لاتقرب هذا اللعين فإنه قال في اليهودي :
ولـكن عندي للوفـاء شـريعة
تـركت بها الإسلام يبكي على الكفـر
فقال رفيع الدولة : "هذا والله هو الحر الذي ينبغي أن يصطنع، فلولا وفاؤه ما بكى كافرا بعد موته، وقد وجدنا في أصحابنا من لايرعى مسلما في حياته"(2) .
أما المنفتل فهوأحمد بن عبد العزيز بن خيرة القرطبي (3) سماه ابن ظافر في بدائع البدائه أحمد بن الشقاق، وبهذا الإسم أورد له المقري في النفح (4) شعرا في وصف العنب (5) .
أورد له ابن بسام قطعتين شعريتين في وصف إسماعيل بن يوسف بن النغريلة، الأولى ضمن رسالة زاوج فيها بين النظم والنثر، والثانية قصيدة مدحية طويلة أورد منها مقطوعات .
في القطعة الأولى ركز الشاعر على وصف الممدوح بأوصاف منها أنه جامع للفضائل والفواضل ورفيعهم، مشرف لزمانه، موفر الأمن والأمان لكل من يقصده، حائز للعلا والمكارم، من شيمه الحياء والكرم والجود (6)
قــرن الفضــائل والفــواضل
فشأى الأواخــر والأوائـــل
سقطـوا برفعـــة فضـــــلـه
كالشــمس في شـرف المناقل
هــذا ابن يـوسف الـــــذي
ورث الفـضائـل عـن فواضـل
شــرف الزمـان بمــثلــــــه
شرف الأســنـة بالــعوامــــل
مــن لــم يــلذ بجــنابـــــه
لم يــأمــن الـدهـر المخاتـــل
تـقـلد سيـف العــــــــلا
والـمكـرمــات لــه حمـائل
__________________________________________________
1) المغرب 2 ص183
2) النفح 3 ص388
3) الذخيرة م1 ق2 ص754.
4) النفح 3 ص264.
5) الخبر أورده ابن بسام في الذخيرة ص757 .
6) المصدر نفسه ص762 .
إلى أن يقول :
سكن الندى فــي كفــه
سكـنى الـرواجب في الأنامل
وجرى الحـيـاء بــوجـهـه
جـري الفـرنـد علـى المنـاصل
القصيدة الثانية قصيدة مطولة بدأها بمطلع غزلي، تحدث فيه عن رحيل حبيبته وظعنها، وكنى عنها بالجؤذر واصفا جمالها ولباسها وحليها، ويصف حاله وهو يبكي لفراقها طاويا كبده الحرى بكف ومكفكفا دمعه بالأخرى في جوف ليل بهيم، كل هذا لينتقل إلى الممدوح ويتخلص إلى مدح إسماعيل :
لقد طال هذا الليل فالدهـر بعضه
ولـم أر لـيلا قـبلـه شاكـل الـدهـرا
وما اكتحلت عيني بمثل ابن يوسف
ولسـت أحاشي الشمس من ذا ولا البدرا
ويحذف ابن بسام ما قاله الشاعر في وصف ابن يوسف، لينتقل إلى ذكر أبيات في مدح أهله ووصفهم ونعتهم ببدور وغيوت وكهوف أذلة حياء، وأعزة سطوة وجاه، أهل جود وكرم، حتى إن نداهم فتق ألسنة الشعراء بمدحهم :
بدور ولـكـنا أمنا سرارهـا
بـحـور ولـكن لا نرى دونها بـرا
غيوث إذا ما المحل شب ببلدة
كهوف إذا جاءت بنا أرضه كبرى
يخالون من فرط الحياء أذلة
وترتج أحـشاء الملـوك لـهم ذعـرا
ومن لم يكن للنظم والنثر محسنا
فإن نداهم علم النظم والنثر (1 ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) الذخيرة ق1م2ص764
ونجد هنا أيضا ابن بسام يحذف عددا من الأبيات الشعرية لما فيها من الغلو في المدح، ويكتفي بإيراد بعضها الآخر في مدح إسماعيل وألإ شارة إلى بني اليهود وإلى أنبيائهم، موسى وأخيه هارون، فأصلهم مشهور معروف، مهما قيل عنهم فلن يبلغ العشر مما يجب أن يقال فيهم، وآياتهم في الأرض ظاهرة متميزة، ونعمهم على الناس لاتعد ولاتتوقف :
ومن يك موسى منهـم ثم صنوه
فقل فيهـم ما شئت لن تبلغ العشرا
فكم لهم في الأرض من آية ترى
وكم لهـم في الناس من نعمة تترى
أما الممدوح فهو الذي جمع شمل المجد، وأطلق شخص الجود بعد أن كان أسيرا حتى فضل كرام الناس في الشرق والغرب :
أجامع شمل المجد وهومـشـتــت
ومطلق شخص الجود وهو من الأسرى
فضلت كرام الناس شرقا ومغربا
كـما فـضل الـعـقـيان بالـخطـر
وجعل تقبيل أنامله نوعا من الهـدى، واستعار لذلك بعض الطقوس الدينية الإسلامية فجعل تقبيل كفه كاستلام الركن من الكعبة المشرفة
ولوفرقـوا بـين الضـلالـة والهـدى
لما قبلوا إلا أناملـــك العشـرا
ولاسـتلموا كفيك كالركـن زلفة
فيــمناك لليمنى ويسراك لليسرى
ويبالغ في المدح لدرجة قصوى في قوله :
وقد فزت في الدنيا ونلت بك المنى
وأطمع أن ألقى بك الفوز في الأخرى
أدين بدين السبت جهرا لديكـم
وإن كنت في قومي أدن به سرا
وقد كان موسى خـائفا مترقبا
فقيرا وأمنت المخافة والفقرا
أما علاقة الشاعر بالمحبوب فاخترنا لها نموذجا جميلا متفردا، جمع فيه الحب بين شاعر عربي مسلم وصبية رومية مسيحية راهبة، هام بها عمره وملأ بذكرها شعره"ذهبت بلبه كل مذهب، وركب إليها أصعب مركب، فصرف نحوها وجه رضاه، وحكمها في رأيه وهواه، وكان يسميها نويرة كما فعله الشعراء الظرفاء قديما في الكناية عمن أحبوه، وتغيير اسم من علقوه "(1) .
شاعرنا هذا هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان القيسي المشهور بابن الحداد"المستولي على الآماد، المجلي في حلبات الأفذاذ والأفراد"(2) . أصله من وادي آش واستوطن ألمرية، وعاش فيها أكثر عمره مختصا بمدح المعتصم محمد بن معن بن صمادح ثم حدث بينهما جفاء سار إلى سرقسطة سنة 461هـ، وعاش في ظل المقتدر بن هود، ثم صلحت حاله مع ابن صمادح فعاد إلى ألمرية وأقام بها حتى توفي في حدود سنة 480هـ.(3) .
جمع ابن الحداد إلى الشاعرية علوما أخرى كالفلسفة، وعلم التاريخ والأنساب، وعلم العروض (4) . قال عنه ابن بسام " كان أبو عبد الله هذا شمس ظهيرة، وبحر خبر وسيرة، وديوان تعاليم مشهورة، وضح في طريق المعارف وضوح الصبح المتهلل، وضرب فيها بقدح ابن مقبل، إلى أصالة مقطع، وأصالة منزع، ترى العلم ينم عن أشعاره، ويتبين في منازعه وآثاره".
وتشاء الأقدار أن يقع هذا الرجل في حب رومية نصرانية راهبة ملكت عليه نفسه وعقله :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) الذخيرة م1ق2ص693.
2) المغرب2ص143.
3) التكملة1ص322
4) من مؤلفاته :"المستنبط في علم اـلعاريض المهملة عند العرب "و"قيد الأوابدوصيد الشوارد"و"الإمتعاض للخليل ".
*******
وفي شرعة التثليث فرد محاسن
تنزل شرع الحب من طرفه وحيا
وأذهل نفسي في هوى عيسوية
بها ضلت النفس الحنيفية الـهديا
وبات الشاعر يكتوي بنار الحب، من يرى ظاهره يبدو له الحلم والفهم، ومن يغوص في حناياه يبدو له الجنون، يحاول إخفاءه عن العيون، لكن الصب تفضحه عيونه :
رويـدك أيـها الدمع الهتون
فـدون عـيان مـن أهوى عيون
يظن بظـاهري حلم وفهم
ودخـلة بـاطني فيـه جـنـــــون
إلى كم أستسر بما الاقـــي
ومـاأخفيه من شوقي يبيـــــن
نويرة بي نويرة لا سواهــا
ولا شك فقد وضح اليقيــــن
لقد عشق الشاعر جمال هذه الراهبة في طباق لطيف بين : المسيحية والحنيفية، وبين وحد وثنى، ووصف خمارها الأسود وقد جمع لونه القاتم بين بياض الوجه، وكنى عنه بالبدر، وبين سواد الشعر وكنى عنه بالليل، وألف بين العقد المادي "للزنار" والعقد المعنوي "لصبابته" :
وبين المسيحيات لي سامرية
بعيد على الصب الحنيفي أن تدنو
مـثـلـثة قـد وحـد الله حسنها
فثني في قلب بها الوجد والحزن
وطي الخمار الجون حسن كأنما
تجمـع فـيه البدر والليل والجـــن
وفي معقد الزنارعقد صبابتي
فمن تحته دعص ومن فوقه غصن
ومن جنون الشاعر بها أن أصبح ملازما للكنائس مولعا بالرهبان والأديرة مشاركا لهم في أعيادهم ومناسباتهم الدينية، حريصا على حضورها عله يغنم منها بنظرة
عـساك بـحق عـيساك
مريحة قلـبي الشاكـي
فإن الحـب قــد ولا
ك إحـيائي وإهــلاكي
وأولــعني بصلبـان
ورهـبان ونســــــاك
ولم آتـي الكنائس عن
هـوى فيهن لــــولاك
ومن ولعه بها أن أصبح يوجه مطيته دوما صوب حماها ومعقلها في الكنيسة :
وعرجـا يافتيي عـامر
بالـفتيـات العيسـويات
فإن بي للروم رومية
تكنس ما بين الكنيسات
أهيم بها والهوى ضلة
بين صوامـيع وبيعــــات
ومن ألطف ما قال فيها يصف أحد أعياد الفصح، وقد اجتمع الرهبان في الكنيسة للصلاة، وأسقفهم واقف التف حوله القسيسون وقد أحنوا رؤوسهم في إخبات وإنصات :
وأفصح وحدي يوم فصح لهـم
بين الأريطى والدويحــات
وقد أتو منـه إلى مـــــــوعد
واجتمعوا فيه لمـــــــقات
بموقف بين يدي أسقــــــف
ممسك مصبـاح ومنسـاة
وكل قــس مظهر للتقى
بآي إنصـات وإخبــات
ويصف الراهبات بمسوحهن والأناجيل في أيديهن في تلاوة صحف منها بأعذب الأصوات وأحسن الألحان
وأي امرئ سالم من هــوى
وقد رأى تلك الظبــيات
فمن خدود قمــــــريات
على قــدود غــصنيات
وقد تلوا صحف أناجيلهم
بحسن ألحان وأصـــوات
ويصف حبيبته تقف بينهن -وقد حجبن الوجوه بالألثمة، وهو لايفتأ يختلس النظر إليها بالتحية وهي غافلة عنه، لاهية عن رد تحيته :
والشمس شمس الحسن من بينهم
تحت غمامات اللثــامات
وناظري مختلس لمحهـــــــا
ولمـحـها يـضرم لــوعـاتي
وبات الشاعر يتلذذ بالحديث عنها، وإشهار حبه لها :
حديثك ما أحلى فزيدي وحدثي
عن الرشإ الفرد الجمال المثلث
ولا تسأمي ذكراه فالذكر مؤنسي
وإن بعث الأشواق من كل مبعث
ولما صارحها وأقسمت بالإنجيل إنه لكاذب، قرر أن يذهب إلى القسيس ليقص عليه قصته، فدينهم دين التسامح ونبيهم عيسى لم يأت بدين قسوة وإنما بدين عطف ورقة على هذا المضنى المعذب الذي فقد صبره .
أحقا وقد صرحت مابي أنه
تبسـم كاللاهي بنا المتعـبث
وأقسم بالإنجيل إني لا مائن
وناهيك دمعي من محق محنث
ولابد من قصي على القس قصتي
عساه مغيث المدنف المتغوث
فلم يأتهم عيسى بدين قساوة
فيقسو على مضنى ويلهو بمكرث
وسيصبح حديته مشاعا بين الناس يستحضره ويغنيه المتآنسون متى كانوا في مجالس أنس، بين روضة وكأس :
سيصبح سري كالصباح مشهرا
ويمسي حديثي عرضة المتحدث
ويغري بذكري بين كأس وروضة
وينشد شعري بين مثنى ومثلث
ولعل الشاعر كان ينظر بعين بعيدة لهذه الأشعار التي خلدت هذا الحب العفيف على مر الزمن، وقف عليه الدارسون في حقب مختلفة وحتى القرن الحالي، السنة الثانية بعد الألفين الميلادية .
قراءة جديدة في تراجم ولادة
يهدف هذا العرض إلى لفت أنظار الباحث في التراث الأندلسي إلى أمور أساسية يجب مراعاتها والانتباه إليها في أي عمل سواء قصد منه التحقيق للنصوص والأعلام أو القيام بدراسة ما . فإلى جانب جمع المادة، والرجوع إلى المصادر والمضان والأخبار هناك جانب آخر يتجلى في قراءتها وتمحيصها واستعمال العقل والمنطق في قبولها أو رفضها، وهذا الأمر هو الذي لفت انتباهي إلى إعادة قراءة جديدة في ترجمة شاعرة الأندلس ولادة .
هي إذن محاولة خجولة لرد الاعتبار لعدة أشياء :
1) لامرأة عربية وأميرة أموية وأديبة أندلسية أصابها من الحيف والظلم ما أصابها ورافقها عبر العصور .
2) لزمرة من أدباء وعلماء ووزراء أندلسيين اتهموا - وبطريقة غير مباشرة- بالتصابي وبالتهافت على الملذات وبضياع الهيبة .
3) للأندلس التي رفع فيها علم الإسلام لقرون طويلة، وخلفت تراثا حضاريا أضاء أوروبا ونشر إشعاعه شرقا وغربا .
ستكون إذن إعادة قراءة في التراجم التي اهتمت بالموضوع لوضع اليد على موضع الخلل وتصويبه . ونبدأ بالنص الأول من كتاب : " تاريخ الأدب العربي في الأندلس" ( ) يقول : "وكان لولادة بنت المستكفي ـ الخليفة الأموي ـ شهرة عظيمة في قرطبة لجمالها وعلمها وأدبها، فوقع ابن زيدون في شركها، ووقعت في شركه، واشتمل كل منهما على صاحبه، حتى حُسِدَ عليها، وحَسَدَها الناس عليه، وكان من بين هؤلاء الحساد الوزير أبو عامر ابن عبدوس، وهو كبير الحول والطول، فتقرب إلى ولادة حتى أمالها إليه، واغتصبها من صديقها، وكانت ولادة ملت صداقة ابن زيدون، واتهمته بعدم الإخلاص لها، كما اتهمها بذلك أيضا، فهبت عاطفة من الجفاء بينهما شتتت من شملهما، وحالت بين قلبيهما لذلك، فـغلب ابن عبدوس ابن زيدون على أمره واستولى على قلب ولادة، ثم حدث أن رجعت لابن زيدون، فكتب على لسانها لابن عبدوس رسالته الهزلية، ثم استأثر بها ثانية، ابن عبدوس فكانت هذه الحال سبب اضطراب في حياة ابن زيدون العقلية والسياسية، وهكذا كانت حال الوزراء وأرباب الدولة وعقول الأدباء وأصحاب الأقلام والمفكرين، وهذه الحادثة من أكبر الحوادث في حياة ابن زيدون"( )
في النص عبارات تحط من قيمة المتحدث عنهم إذ استعمل جملة "وقع ابن زيدون في شركها" فصور المرأة الأميرة الأديبة كصائدة لا شغل لها ولا مشغلة إلا نصب الحبائل والمصائد لاصطياد الرجال، وكذلك جملة "ووقعت في شركه" وكأن علاقة الرجل بالمرأة لم تكن تحمل في ثناياها أي معان أخلاقية سامية . ثم في حديثه عن ابن عبدوس وصفه بكبير الحول والطول وأضعا خطا تحت هذه الصفة، فهو يريد لاشك أن يصور مكانته كوزير في دولة قرطبة، وما كان لمنصبه من الحول والطول، ومع ذلك يصفه بقوله : "تقرب إلى ولادة حتى أمالها إليه واغتصبها من صديقها" . وأضع خطا تحت اغتصبها . ثم صور الصراع بين الرجلين –وكل منهما كان وزيرا- صراعا عاطفيا حول امرأة تعطي قلبها بسهولة ويسر وتوزع عواطفها يمينا وشمالا، وتتقلب في حبها متنقلة من شخص لآخر، وقال في وصفها أيضا :
"ثم حدث أن رجعت لابن زيدون ثم استأثر بها ثانية ابن عبدوس : "فكانت هذه الحال سبب اضطراب في حياة ابن زيدون العقلية والسياسية ". ولم يكتف بهذا القدر بل حكم حكما مطلقا على "حال الوزراء وأرباب الدولة وعقول الأدباء وأصحاب الأقلام والمفكرين" أن كانت هذه حالهم . ويظهر أن كثيرا من الدارسين استمرأوا هذه القصة فكتبوا على نفس الوتيرة .
ـــــــــ
صابـح مـحياه تلـق النجـح في الأمل
وانظـر بنـاديـه حـسن الشمس في الحمل
مـاإن يلاقي خليل فـيه مـن خــلـل
وكـلما حـال صـرف الـدهتـر لـم يـحــل
وفيه أيضا يقول :
إذا مـدحت فلا تمـدح سواه ففـي يمناه بـحر مـحـيط للـعـفاة زخـــر
يصغي إلى المدح من جود ومن أدب كمشتكي الجدب قدأصغى لصوب مطر(1)
ويذكر له المقري في النفح قصة وفائه لابن النغريلة حتى بعد وفاته، وذلك عند قدومه ليمدح ابن المعتصم بن صمادح صاحب المرية، فسعى للوشاية به واش لديه إذ حذره من الاستماع إليه بقوله :"ياسيدي لاتقرب هذا اللعين فإنه قال في اليهودي :
ولـكن عندي للوفـاء شـريعة
تـركت بها الإسلام يبكي على الكفـر
فقال رفيع الدولة : "هذا والله هو الحر الذي ينبغي أن يصطنع، فلولا وفاؤه ما بكى كافرا بعد موته، وقد وجدنا في أصحابنا من لايرعى مسلما في حياته"(2) .
أما المنفتل فهوأحمد بن عبد العزيز بن خيرة القرطبي (3) سماه ابن ظافر في بدائع البدائه أحمد بن الشقاق، وبهذا الإسم أورد له المقري في النفح (4) شعرا في وصف العنب (5) .
أورد له ابن بسام قطعتين شعريتين في وصف إسماعيل بن يوسف بن النغريلة، الأولى ضمن رسالة زاوج فيها بين النظم والنثر، والثانية قصيدة مدحية طويلة أورد منها مقطوعات .
في القطعة الأولى ركز الشاعر على وصف الممدوح بأوصاف منها أنه جامع للفضائل والفواضل ورفيعهم، مشرف لزمانه، موفر الأمن والأمان لكل من يقصده، حائز للعلا والمكارم، من شيمه الحياء والكرم والجود (6)
قــرن الفضــائل والفــواضل
فشأى الأواخــر والأوائـــل
سقطـوا برفعـــة فضـــــلـه
كالشــمس في شـرف المناقل
هــذا ابن يـوسف الـــــذي
ورث الفـضائـل عـن فواضـل
شــرف الزمـان بمــثلــــــه
شرف الأســنـة بالــعوامــــل
مــن لــم يــلذ بجــنابـــــه
لم يــأمــن الـدهـر المخاتـــل
تـقـلد سيـف العــــــــلا
والـمكـرمــات لــه حمـائل
__________________________________________________
1) المغرب 2 ص183
2) النفح 3 ص388
3) الذخيرة م1 ق2 ص754.
4) النفح 3 ص264.
5) الخبر أورده ابن بسام في الذخيرة ص757 .
6) المصدر نفسه ص762 .
إلى أن يقول :
سكن الندى فــي كفــه
سكـنى الـرواجب في الأنامل
وجرى الحـيـاء بــوجـهـه
جـري الفـرنـد علـى المنـاصل
القصيدة الثانية قصيدة مطولة بدأها بمطلع غزلي، تحدث فيه عن رحيل حبيبته وظعنها، وكنى عنها بالجؤذر واصفا جمالها ولباسها وحليها، ويصف حاله وهو يبكي لفراقها طاويا كبده الحرى بكف ومكفكفا دمعه بالأخرى في جوف ليل بهيم، كل هذا لينتقل إلى الممدوح ويتخلص إلى مدح إسماعيل :
لقد طال هذا الليل فالدهـر بعضه
ولـم أر لـيلا قـبلـه شاكـل الـدهـرا
وما اكتحلت عيني بمثل ابن يوسف
ولسـت أحاشي الشمس من ذا ولا البدرا
ويحذف ابن بسام ما قاله الشاعر في وصف ابن يوسف، لينتقل إلى ذكر أبيات في مدح أهله ووصفهم ونعتهم ببدور وغيوت وكهوف أذلة حياء، وأعزة سطوة وجاه، أهل جود وكرم، حتى إن نداهم فتق ألسنة الشعراء بمدحهم :
بدور ولـكـنا أمنا سرارهـا
بـحـور ولـكن لا نرى دونها بـرا
غيوث إذا ما المحل شب ببلدة
كهوف إذا جاءت بنا أرضه كبرى
يخالون من فرط الحياء أذلة
وترتج أحـشاء الملـوك لـهم ذعـرا
ومن لم يكن للنظم والنثر محسنا
فإن نداهم علم النظم والنثر (1 ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) الذخيرة ق1م2ص764
ونجد هنا أيضا ابن بسام يحذف عددا من الأبيات الشعرية لما فيها من الغلو في المدح، ويكتفي بإيراد بعضها الآخر في مدح إسماعيل وألإ شارة إلى بني اليهود وإلى أنبيائهم، موسى وأخيه هارون، فأصلهم مشهور معروف، مهما قيل عنهم فلن يبلغ العشر مما يجب أن يقال فيهم، وآياتهم في الأرض ظاهرة متميزة، ونعمهم على الناس لاتعد ولاتتوقف :
ومن يك موسى منهـم ثم صنوه
فقل فيهـم ما شئت لن تبلغ العشرا
فكم لهم في الأرض من آية ترى
وكم لهـم في الناس من نعمة تترى
أما الممدوح فهو الذي جمع شمل المجد، وأطلق شخص الجود بعد أن كان أسيرا حتى فضل كرام الناس في الشرق والغرب :
أجامع شمل المجد وهومـشـتــت
ومطلق شخص الجود وهو من الأسرى
فضلت كرام الناس شرقا ومغربا
كـما فـضل الـعـقـيان بالـخطـر
وجعل تقبيل أنامله نوعا من الهـدى، واستعار لذلك بعض الطقوس الدينية الإسلامية فجعل تقبيل كفه كاستلام الركن من الكعبة المشرفة
ولوفرقـوا بـين الضـلالـة والهـدى
لما قبلوا إلا أناملـــك العشـرا
ولاسـتلموا كفيك كالركـن زلفة
فيــمناك لليمنى ويسراك لليسرى
ويبالغ في المدح لدرجة قصوى في قوله :
وقد فزت في الدنيا ونلت بك المنى
وأطمع أن ألقى بك الفوز في الأخرى
أدين بدين السبت جهرا لديكـم
وإن كنت في قومي أدن به سرا
وقد كان موسى خـائفا مترقبا
فقيرا وأمنت المخافة والفقرا
أما علاقة الشاعر بالمحبوب فاخترنا لها نموذجا جميلا متفردا، جمع فيه الحب بين شاعر عربي مسلم وصبية رومية مسيحية راهبة، هام بها عمره وملأ بذكرها شعره"ذهبت بلبه كل مذهب، وركب إليها أصعب مركب، فصرف نحوها وجه رضاه، وحكمها في رأيه وهواه، وكان يسميها نويرة كما فعله الشعراء الظرفاء قديما في الكناية عمن أحبوه، وتغيير اسم من علقوه "(1) .
شاعرنا هذا هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان القيسي المشهور بابن الحداد"المستولي على الآماد، المجلي في حلبات الأفذاذ والأفراد"(2) . أصله من وادي آش واستوطن ألمرية، وعاش فيها أكثر عمره مختصا بمدح المعتصم محمد بن معن بن صمادح ثم حدث بينهما جفاء سار إلى سرقسطة سنة 461هـ، وعاش في ظل المقتدر بن هود، ثم صلحت حاله مع ابن صمادح فعاد إلى ألمرية وأقام بها حتى توفي في حدود سنة 480هـ.(3) .
جمع ابن الحداد إلى الشاعرية علوما أخرى كالفلسفة، وعلم التاريخ والأنساب، وعلم العروض (4) . قال عنه ابن بسام " كان أبو عبد الله هذا شمس ظهيرة، وبحر خبر وسيرة، وديوان تعاليم مشهورة، وضح في طريق المعارف وضوح الصبح المتهلل، وضرب فيها بقدح ابن مقبل، إلى أصالة مقطع، وأصالة منزع، ترى العلم ينم عن أشعاره، ويتبين في منازعه وآثاره".
وتشاء الأقدار أن يقع هذا الرجل في حب رومية نصرانية راهبة ملكت عليه نفسه وعقله :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) الذخيرة م1ق2ص693.
2) المغرب2ص143.
3) التكملة1ص322
4) من مؤلفاته :"المستنبط في علم اـلعاريض المهملة عند العرب "و"قيد الأوابدوصيد الشوارد"و"الإمتعاض للخليل ".
*******
وفي شرعة التثليث فرد محاسن
تنزل شرع الحب من طرفه وحيا
وأذهل نفسي في هوى عيسوية
بها ضلت النفس الحنيفية الـهديا
وبات الشاعر يكتوي بنار الحب، من يرى ظاهره يبدو له الحلم والفهم، ومن يغوص في حناياه يبدو له الجنون، يحاول إخفاءه عن العيون، لكن الصب تفضحه عيونه :
رويـدك أيـها الدمع الهتون
فـدون عـيان مـن أهوى عيون
يظن بظـاهري حلم وفهم
ودخـلة بـاطني فيـه جـنـــــون
إلى كم أستسر بما الاقـــي
ومـاأخفيه من شوقي يبيـــــن
نويرة بي نويرة لا سواهــا
ولا شك فقد وضح اليقيــــن
لقد عشق الشاعر جمال هذه الراهبة في طباق لطيف بين : المسيحية والحنيفية، وبين وحد وثنى، ووصف خمارها الأسود وقد جمع لونه القاتم بين بياض الوجه، وكنى عنه بالبدر، وبين سواد الشعر وكنى عنه بالليل، وألف بين العقد المادي "للزنار" والعقد المعنوي "لصبابته" :
وبين المسيحيات لي سامرية
بعيد على الصب الحنيفي أن تدنو
مـثـلـثة قـد وحـد الله حسنها
فثني في قلب بها الوجد والحزن
وطي الخمار الجون حسن كأنما
تجمـع فـيه البدر والليل والجـــن
وفي معقد الزنارعقد صبابتي
فمن تحته دعص ومن فوقه غصن
ومن جنون الشاعر بها أن أصبح ملازما للكنائس مولعا بالرهبان والأديرة مشاركا لهم في أعيادهم ومناسباتهم الدينية، حريصا على حضورها عله يغنم منها بنظرة
عـساك بـحق عـيساك
مريحة قلـبي الشاكـي
فإن الحـب قــد ولا
ك إحـيائي وإهــلاكي
وأولــعني بصلبـان
ورهـبان ونســــــاك
ولم آتـي الكنائس عن
هـوى فيهن لــــولاك
ومن ولعه بها أن أصبح يوجه مطيته دوما صوب حماها ومعقلها في الكنيسة :
وعرجـا يافتيي عـامر
بالـفتيـات العيسـويات
فإن بي للروم رومية
تكنس ما بين الكنيسات
أهيم بها والهوى ضلة
بين صوامـيع وبيعــــات
ومن ألطف ما قال فيها يصف أحد أعياد الفصح، وقد اجتمع الرهبان في الكنيسة للصلاة، وأسقفهم واقف التف حوله القسيسون وقد أحنوا رؤوسهم في إخبات وإنصات :
وأفصح وحدي يوم فصح لهـم
بين الأريطى والدويحــات
وقد أتو منـه إلى مـــــــوعد
واجتمعوا فيه لمـــــــقات
بموقف بين يدي أسقــــــف
ممسك مصبـاح ومنسـاة
وكل قــس مظهر للتقى
بآي إنصـات وإخبــات
ويصف الراهبات بمسوحهن والأناجيل في أيديهن في تلاوة صحف منها بأعذب الأصوات وأحسن الألحان
وأي امرئ سالم من هــوى
وقد رأى تلك الظبــيات
فمن خدود قمــــــريات
على قــدود غــصنيات
وقد تلوا صحف أناجيلهم
بحسن ألحان وأصـــوات
ويصف حبيبته تقف بينهن -وقد حجبن الوجوه بالألثمة، وهو لايفتأ يختلس النظر إليها بالتحية وهي غافلة عنه، لاهية عن رد تحيته :
والشمس شمس الحسن من بينهم
تحت غمامات اللثــامات
وناظري مختلس لمحهـــــــا
ولمـحـها يـضرم لــوعـاتي
وبات الشاعر يتلذذ بالحديث عنها، وإشهار حبه لها :
حديثك ما أحلى فزيدي وحدثي
عن الرشإ الفرد الجمال المثلث
ولا تسأمي ذكراه فالذكر مؤنسي
وإن بعث الأشواق من كل مبعث
ولما صارحها وأقسمت بالإنجيل إنه لكاذب، قرر أن يذهب إلى القسيس ليقص عليه قصته، فدينهم دين التسامح ونبيهم عيسى لم يأت بدين قسوة وإنما بدين عطف ورقة على هذا المضنى المعذب الذي فقد صبره .
أحقا وقد صرحت مابي أنه
تبسـم كاللاهي بنا المتعـبث
وأقسم بالإنجيل إني لا مائن
وناهيك دمعي من محق محنث
ولابد من قصي على القس قصتي
عساه مغيث المدنف المتغوث
فلم يأتهم عيسى بدين قساوة
فيقسو على مضنى ويلهو بمكرث
وسيصبح حديته مشاعا بين الناس يستحضره ويغنيه المتآنسون متى كانوا في مجالس أنس، بين روضة وكأس :
سيصبح سري كالصباح مشهرا
ويمسي حديثي عرضة المتحدث
ويغري بذكري بين كأس وروضة
وينشد شعري بين مثنى ومثلث
ولعل الشاعر كان ينظر بعين بعيدة لهذه الأشعار التي خلدت هذا الحب العفيف على مر الزمن، وقف عليه الدارسون في حقب مختلفة وحتى القرن الحالي، السنة الثانية بعد الألفين الميلادية .
قراءة جديدة في تراجم ولادة
يهدف هذا العرض إلى لفت أنظار الباحث في التراث الأندلسي إلى أمور أساسية يجب مراعاتها والانتباه إليها في أي عمل سواء قصد منه التحقيق للنصوص والأعلام أو القيام بدراسة ما . فإلى جانب جمع المادة، والرجوع إلى المصادر والمضان والأخبار هناك جانب آخر يتجلى في قراءتها وتمحيصها واستعمال العقل والمنطق في قبولها أو رفضها، وهذا الأمر هو الذي لفت انتباهي إلى إعادة قراءة جديدة في ترجمة شاعرة الأندلس ولادة .
هي إذن محاولة خجولة لرد الاعتبار لعدة أشياء :
1) لامرأة عربية وأميرة أموية وأديبة أندلسية أصابها من الحيف والظلم ما أصابها ورافقها عبر العصور .
2) لزمرة من أدباء وعلماء ووزراء أندلسيين اتهموا - وبطريقة غير مباشرة- بالتصابي وبالتهافت على الملذات وبضياع الهيبة .
3) للأندلس التي رفع فيها علم الإسلام لقرون طويلة، وخلفت تراثا حضاريا أضاء أوروبا ونشر إشعاعه شرقا وغربا .
ستكون إذن إعادة قراءة في التراجم التي اهتمت بالموضوع لوضع اليد على موضع الخلل وتصويبه . ونبدأ بالنص الأول من كتاب : " تاريخ الأدب العربي في الأندلس" ( ) يقول : "وكان لولادة بنت المستكفي ـ الخليفة الأموي ـ شهرة عظيمة في قرطبة لجمالها وعلمها وأدبها، فوقع ابن زيدون في شركها، ووقعت في شركه، واشتمل كل منهما على صاحبه، حتى حُسِدَ عليها، وحَسَدَها الناس عليه، وكان من بين هؤلاء الحساد الوزير أبو عامر ابن عبدوس، وهو كبير الحول والطول، فتقرب إلى ولادة حتى أمالها إليه، واغتصبها من صديقها، وكانت ولادة ملت صداقة ابن زيدون، واتهمته بعدم الإخلاص لها، كما اتهمها بذلك أيضا، فهبت عاطفة من الجفاء بينهما شتتت من شملهما، وحالت بين قلبيهما لذلك، فـغلب ابن عبدوس ابن زيدون على أمره واستولى على قلب ولادة، ثم حدث أن رجعت لابن زيدون، فكتب على لسانها لابن عبدوس رسالته الهزلية، ثم استأثر بها ثانية، ابن عبدوس فكانت هذه الحال سبب اضطراب في حياة ابن زيدون العقلية والسياسية، وهكذا كانت حال الوزراء وأرباب الدولة وعقول الأدباء وأصحاب الأقلام والمفكرين، وهذه الحادثة من أكبر الحوادث في حياة ابن زيدون"( )
في النص عبارات تحط من قيمة المتحدث عنهم إذ استعمل جملة "وقع ابن زيدون في شركها" فصور المرأة الأميرة الأديبة كصائدة لا شغل لها ولا مشغلة إلا نصب الحبائل والمصائد لاصطياد الرجال، وكذلك جملة "ووقعت في شركه" وكأن علاقة الرجل بالمرأة لم تكن تحمل في ثناياها أي معان أخلاقية سامية . ثم في حديثه عن ابن عبدوس وصفه بكبير الحول والطول وأضعا خطا تحت هذه الصفة، فهو يريد لاشك أن يصور مكانته كوزير في دولة قرطبة، وما كان لمنصبه من الحول والطول، ومع ذلك يصفه بقوله : "تقرب إلى ولادة حتى أمالها إليه واغتصبها من صديقها" . وأضع خطا تحت اغتصبها . ثم صور الصراع بين الرجلين –وكل منهما كان وزيرا- صراعا عاطفيا حول امرأة تعطي قلبها بسهولة ويسر وتوزع عواطفها يمينا وشمالا، وتتقلب في حبها متنقلة من شخص لآخر، وقال في وصفها أيضا :
"ثم حدث أن رجعت لابن زيدون ثم استأثر بها ثانية ابن عبدوس : "فكانت هذه الحال سبب اضطراب في حياة ابن زيدون العقلية والسياسية ". ولم يكتف بهذا القدر بل حكم حكما مطلقا على "حال الوزراء وأرباب الدولة وعقول الأدباء وأصحاب الأقلام والمفكرين" أن كانت هذه حالهم . ويظهر أن كثيرا من الدارسين استمرأوا هذه القصة فكتبوا على نفس الوتيرة .
ـــــــــ