د. عادل الأسطة - مظفر النواب ودمشق

في الكتابة عن صورة المدينة في شعر أي شاعر لا بد من دراسة قصائده دراسة تعاقبية ولا بد من معرفة خلفيته الاجتماعية والسياسية أيضا ، ودون ذلك لا يستطيع المرء فهم الصورة المتعددة الوجوه للمدينة الواحدة في أشعاره .
ماذا لو قاربنا صورة دمشق في أشعار مظفر النواب على سبيل المثال ؟
في " وتريات ليلية " يتساءل الشاعر :
" ماذا يدعى أن تتقنع بالدين وجوه التجار الأمويين ؟ "
وفي قصيدة " تل الزعتر " يكتب :
" ديوث الشام وهدهده "
وفي القصيدة نفسها يتساءل :
" ماذا يطبخ تجار الشام على نار جهنم ؟ "
وفي " عن السلطنة المتوكلية والدراويش ودخول الفرس " يقول :
" أتيت الشام
أحمل قرص بغداد السبية
بين أيدي الفرس والغلمان
مجروحا على فرس من النسب
قصدت المسجد الأموي
لم أعثر على أحد من العرب
فقلت أرى يزيد
لعله ندم على قتل الحسين
وجدته ثملا
وجيش الروم في حلب
......
......
"
وفي " باللون الرمادي " يرى دمشق جنة مر فيها الله :
" يا جنة مر فيها الله ذات ضحى لعل فيها نواسيا على قدحي
فحار زيتونها ما بين خضرته وخضرة الليل والكاسات والملح "
وثمة قصائد ذكرت فيها العواصم التي تحاصر الثورة الفلسطينية ، ومنها طبعا دمشق ، ذكرا سلبيا في المطلق .
هذه الصور المتعددة للمدينة الواحدة تتطلب تفسيرا ، وهو ممكن جدا .
أعتقد أن التقصي وقراءة الحوارات التي أجريت مع الشاعر والإصغاء إلى المقابلات التي حوور فيها تضيء الموضوع جيدا .
اليوم عقب الدكتور عبد المجيد سويلم Abdel Majeed Sweilem
على مقالي عن مدن مظفر النواب وكتب أنه يعتقد أن بحار البحارين في قصيدة " بحار البحارين " هو الدكتور جورج حبش ، وهذا ما لم يخطر ببالي من قبل ، وكان لزاما علي أن أعيد قراءة القصيدة ثانية لأرى ، ولقد قرأتها ورأيت ما رأيته من قبل وهو أن بحار البحارين هو مظفر النواب نفسه ومن يتشابه من الثوريين في تجربته مع تجربة النواب ، وهذا الرأي خلصت إليه في ١٩٩٩ في كتابي " الصوت والصدى : مظفر النواب وحضوره في الأرض المحتلة "
١ شباط ٢٠٢١ .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى