« من ذا الذي سيولي عنايته لقولٍ جديد، قول لم يُنقل؟ ليس المهم أن نقول، وإنما أن نكرّر القول، وفي هذا التكرار، أن نقوله مرة أخرى أوّلَ مرة».
م.بلانشو، الحوار اللامتناهي
«حينئذ سيكون الأصل هو هذا الذي لا ينفك يعود، سيكون هو التكرار الذي يتجه نحوه الفكر، وعودة ذاك الذي ما فتئ يبدأ، واقتراب نور ما انفكّ يضيء».
م. فوكو، الكلمات والأشياء.
هذا العنوان شطر من بيت لزهير بن أبي سلمى يقول فيه:
ما أرانا نقولُ إلا رَجِيعًا = ومُعادًا من قولِنا مكْرُورا
وفي رواية أخرى:
ما أرانا نقولُ إلا مُعارًا = أو مُعادًا من قولِنا مكْرُورا
نجد هذا المعنى للتكرار مُكرّرا في ثقافتنا منذ بداياتها. كتب عبد الفتاح كيليطو في الكتابة والتناسخ: «عند بداية الشعر هناك اهتمام بالتكرار والتقليد. في فجر التاريخ العربي نلفي رجوعًا إلى فجرٍ سابق، إلى أصلٍ وأساس، فجرٌ مضى وامّحى ولم يخلّف إلاّ بعض الآثار…الظاهر أن الشعراء الأقدمين لم يأتوا على قول كل شيء، وأنهم تركوا بعض البقايا». يتساءل كيليطو بعد ذلك: «ولكن، ما قيمة الكلام الذي لا يقلّد ويردّد؟ ألا يولّد الاختراعُ، الذي لا ينطوي على أيّ قدر من التقليد، سوى غريب الكلام؟». وبعد أن يورد إشارة ابن رشيق للمقولة التي ينسبها لعلي بن أبي طالب: «لولا أن الكلام يُعاد لنفد»، يعلّق كيليطو: «لا وجود للكلام إلاّ في تكراره وتقليده واجتراره. لكيلا يجفّ النبع، ينبغي أن يسيل.. الكلام الذي لا يجترّ نفسه يكون عرضة للفقر والجمود فيفنى جوعًا وهجرانًا. التقليد راعي حياة الكلام وجوهره. كلما أعدنا الكلام وردّدناه نما وازدهر. التقليد الذي يقتل الكلام هو الذي يبعثه ويحييه. في البدء كان التكرار».
كنت في إحدى المناسبات قد أخذت على عبد الفتاح استعماله للكلمتين «تقليد» و«تكرار» على سبيل الترادف، فردّ عليّ قائلًا: «مع الأسف لا يوجد مقابل عربي للكلمة الفرنسية Tradition. فهذه كلمة محايدة أو شبه محايدة، بينما كلمة تقليد تؤدي، على الأقل في بداية الأمر، معنى سلبيًا». لذا فإن لم يكن لنا بدّ من تأكيد ما يذهب إليه صاحب الكتابة والتناسخ هنا، فإننا نظلّ نتشبث ببعض التحفّظ في شأن ذلك الاستعمال، وبمشروعية التساؤل عما إذا كان كل تقليدٍ تكرارًا بالفعل؟
قبل أن نحاول الإجابة عن هذا التساؤل، لابد أن نؤكد مع كيليطو على أهمية التقليد وكونه «راعي حياة الكلام»، ولربما «راعي حياة الفكر». هذا على الأقل ما تسلّم به الفلسفة المعاصرة، ابتداء من هيجل. فهي تقوم على فكرة أساس فحواها «أن ما يواجهنا اليوم إنما هو قديمٌ مُخبّأ في التاريخ». هذه مسلمة نكاد نعثر عليها عند أغلب المفكرين المعاصرين. فمعظمهم يفترض، سواء أعبّر عن ذلك بصريح العبارة أم اكتفى بالإيماء إليه، أن ما يحدث في الحاضر، وما يصدمنا بـ«جدّته»، إنما هو في الحقيقة اتصال بشيءٍ قديم جدّا كان خفيًّا. ولعل ذلك ما يفسر الأهمية الكبرى التي تعطى للزمان التاريخي في الفكر المعاصر، ليس في شكله «التاريخاني» فحسب، وإنما حتى عند أكثر الفلاسفة بعدًا عنه ابتداء من نيتشه إلى دريدا مرورا بهايدغر وفرويد وألتوسير وفوكو.
إلا أن القول بـ «أن ما يواجهنا اليوم إنما هو قديمٌ مُخبّأ في التاريخ» لا يعني على الإطلاق دوام الأمور على حالها وعودة المطابق. ذلك أن العودة التي يفترضها هؤلاء لا تتم في هدنة مع نفسها أو مع ماضيها، وإنما تتحقق عبر سلسلة من الانفجارات. أو لنقل بالأحرى إنها عودة تترتب عنها سلسلة من الانفجارات. هذا ما يؤكده جاك دريدا، على سبيل المثال، عندما يقول: «وقعت مؤخرًا في عشق العبارة الفرنسية التي لا أعتقد أن بإمكانها أن تُنقل إلى لغات أخرى، وهي عبارة: une fois pour toutes . تدل هذه العبارة، بكيفية شديدة الاختصار، على الحدث المتفرد غير القابل للرجوع القهقرى لما لا يحدث إلا مرة واحدة، ولما لن يتكرر بالتالي، إلا أنها تفتح في الوقت ذاته الآفاق لكل البدائل والكنايات التي من شأنها أن تجر الحدث خارجًا. فسواء شئنا أم أبينا، فإن اللامتوقع لا بد وأن ينبثق من خلال تعدد التكرارات. من شأن كل هذا أن يقضي على التقابل المبسّط بين التقليد والتجدّد، بين الذّاكرة والمستقبل، بين الإصلاح والثّورة». لذا يستخلص صاحب «مفهوم» المباينة différance: «أعتقد أن علينا أن نحتفظ بتوكيدين متناقضين في الوقت ذاته: إذ نؤكد على وجود الانفجارات من جهة، ومن جهة أخرى نؤكد على أن هذه الانفجارات تولّد الفجوات أو الأخطاء التي يمكن أن يظهر فيها كل الأرشيف المنسيّ والخفيّ، وأنها تتكرر وتتواصل عبر التاريخ».
يميّز دريدا هنا بين مجرد الإعادة، التي تفصل فصلًا مطلقًا بين الذاكرة والمستقبل، وبين التكرار، الذي «يجرّ الحدث خارجًا»، فيحدث شرخًا في الكائن ويدخل الزمان في تحديده، لا لحصره، وإنما لجعله معلقًا في حركة إرجاء دائم، بحيث «يدّخر» نفسه. وربما لم يكن اقتراح دريدا لإعادة النظر في كتابة اللفظ الفرنسي Différence، وتعويض الحرف e بالحرف a إلا سعيًا وراء إبراز المفعول الذي يولّده الاختلاف على التقليد كي يجعله تكرارًا.
علينا إذاً أن نميز بين مجرد العَوْد وبين الجِدّة والتكرار، وذلك بإبراز الرباط الذي يشدّ الاختلاف إلى الإرجاء الزمني والابتعاد والفجوة والشرخ والتجدّد. وهذا ما يجعلنا نقترح نقل لفظ Différance إلى اللغة العربية بلفظ «المباينة» الذي يحيل إلى البون والبينية والتباين في الوقت ذاته. هذه «المباينة» هي بالضبط ما يسمح للكائن بأن يبتعد عن ذاته، أو لنقل بالأولى، بألا «يحضر» إلا مبتعدًا عن ذاته. إنها ما يجعل حركة الدلالة غير ممكنة اللهم إذا كان كل عنصر«حاضر» متعلقًا بشيء آخر غيره، محتفظًا بأثر العنصر السابق، فاتحًا صدره لأثر علاقته بالعنصر الآتي. فإذا أقحمنا الاختلاف بهذا المعنى داخل الهوية «تكون هناك مسافة تفصل الحاضر عما ليس هو لكي يكون هو ذاتَه».
هذا بالضبط ما يمكّن اللاّمتوقع من أن ينبثق من خلال تعدّد التكرارات. على هذا النحو لن يعود بالإمكان التمييز بين العود والتكرار بالقول إن «العود ضرورة والتكرار فائض»، وإنما بالذهاب حتى القول مع دريدا: « إن العود ليس إلا ضرورة، أما التكرار ففيه فائض، فيه كل الفائض».
يطابق التقليد بين الوجود والحضور فيقتل الاختلاف، ويجمّد الكائن، ويبلّد الفكر، ويقمع الخيال، ويكلّس اللغة، ويخشّب الكلام فيكرّس التطابق، أما التكرار فبما أنه «يجرّ الحدث خارجًا» ويفتحه على الممكن، ويخرجه عن ذاته ويحدث فيه شرخًا وجرحًا، فهو ليس عودة المطابق، ليس مجرد تقليد، مادام يحيد بالمكرّر نحو منحى آخر، نحو «آخر»، فيجره نحو ما يخالفه ويباينه. حتى إننا يمكن أن نذهب إلى القول إنه إن كان بالإمكان الحديث هنا عن هوية للكائن فبفضل التكرار.
التكرار إذاً هو ما يحرّر من التطابق، وهو ما يقحم الزمان «داخل» الكائن، وما يحدث فيه شرخًا. إنه ما يسبب «جرح الكائن»، وما يكمن وراء ديناميكية خلق الهوية المنفتحة. هو إذاً حركة «المباينة» التي تحدد الهوية كانتقالٍ ملتوٍ من مخالف لآخر، فتجعل التجديد ينبثق من عمق التقليد، وتردّ إلى التقليد غناه وثراءه، فتسمح لنا بأن نردد القول و« نقوله مرة أخرى أوّلَ مرة» حتى يغدو «المُعاد من قولنا مكْرُورًا» كما قال زهير.
م.بلانشو، الحوار اللامتناهي
«حينئذ سيكون الأصل هو هذا الذي لا ينفك يعود، سيكون هو التكرار الذي يتجه نحوه الفكر، وعودة ذاك الذي ما فتئ يبدأ، واقتراب نور ما انفكّ يضيء».
م. فوكو، الكلمات والأشياء.
هذا العنوان شطر من بيت لزهير بن أبي سلمى يقول فيه:
ما أرانا نقولُ إلا رَجِيعًا = ومُعادًا من قولِنا مكْرُورا
وفي رواية أخرى:
ما أرانا نقولُ إلا مُعارًا = أو مُعادًا من قولِنا مكْرُورا
نجد هذا المعنى للتكرار مُكرّرا في ثقافتنا منذ بداياتها. كتب عبد الفتاح كيليطو في الكتابة والتناسخ: «عند بداية الشعر هناك اهتمام بالتكرار والتقليد. في فجر التاريخ العربي نلفي رجوعًا إلى فجرٍ سابق، إلى أصلٍ وأساس، فجرٌ مضى وامّحى ولم يخلّف إلاّ بعض الآثار…الظاهر أن الشعراء الأقدمين لم يأتوا على قول كل شيء، وأنهم تركوا بعض البقايا». يتساءل كيليطو بعد ذلك: «ولكن، ما قيمة الكلام الذي لا يقلّد ويردّد؟ ألا يولّد الاختراعُ، الذي لا ينطوي على أيّ قدر من التقليد، سوى غريب الكلام؟». وبعد أن يورد إشارة ابن رشيق للمقولة التي ينسبها لعلي بن أبي طالب: «لولا أن الكلام يُعاد لنفد»، يعلّق كيليطو: «لا وجود للكلام إلاّ في تكراره وتقليده واجتراره. لكيلا يجفّ النبع، ينبغي أن يسيل.. الكلام الذي لا يجترّ نفسه يكون عرضة للفقر والجمود فيفنى جوعًا وهجرانًا. التقليد راعي حياة الكلام وجوهره. كلما أعدنا الكلام وردّدناه نما وازدهر. التقليد الذي يقتل الكلام هو الذي يبعثه ويحييه. في البدء كان التكرار».
كنت في إحدى المناسبات قد أخذت على عبد الفتاح استعماله للكلمتين «تقليد» و«تكرار» على سبيل الترادف، فردّ عليّ قائلًا: «مع الأسف لا يوجد مقابل عربي للكلمة الفرنسية Tradition. فهذه كلمة محايدة أو شبه محايدة، بينما كلمة تقليد تؤدي، على الأقل في بداية الأمر، معنى سلبيًا». لذا فإن لم يكن لنا بدّ من تأكيد ما يذهب إليه صاحب الكتابة والتناسخ هنا، فإننا نظلّ نتشبث ببعض التحفّظ في شأن ذلك الاستعمال، وبمشروعية التساؤل عما إذا كان كل تقليدٍ تكرارًا بالفعل؟
قبل أن نحاول الإجابة عن هذا التساؤل، لابد أن نؤكد مع كيليطو على أهمية التقليد وكونه «راعي حياة الكلام»، ولربما «راعي حياة الفكر». هذا على الأقل ما تسلّم به الفلسفة المعاصرة، ابتداء من هيجل. فهي تقوم على فكرة أساس فحواها «أن ما يواجهنا اليوم إنما هو قديمٌ مُخبّأ في التاريخ». هذه مسلمة نكاد نعثر عليها عند أغلب المفكرين المعاصرين. فمعظمهم يفترض، سواء أعبّر عن ذلك بصريح العبارة أم اكتفى بالإيماء إليه، أن ما يحدث في الحاضر، وما يصدمنا بـ«جدّته»، إنما هو في الحقيقة اتصال بشيءٍ قديم جدّا كان خفيًّا. ولعل ذلك ما يفسر الأهمية الكبرى التي تعطى للزمان التاريخي في الفكر المعاصر، ليس في شكله «التاريخاني» فحسب، وإنما حتى عند أكثر الفلاسفة بعدًا عنه ابتداء من نيتشه إلى دريدا مرورا بهايدغر وفرويد وألتوسير وفوكو.
إلا أن القول بـ «أن ما يواجهنا اليوم إنما هو قديمٌ مُخبّأ في التاريخ» لا يعني على الإطلاق دوام الأمور على حالها وعودة المطابق. ذلك أن العودة التي يفترضها هؤلاء لا تتم في هدنة مع نفسها أو مع ماضيها، وإنما تتحقق عبر سلسلة من الانفجارات. أو لنقل بالأحرى إنها عودة تترتب عنها سلسلة من الانفجارات. هذا ما يؤكده جاك دريدا، على سبيل المثال، عندما يقول: «وقعت مؤخرًا في عشق العبارة الفرنسية التي لا أعتقد أن بإمكانها أن تُنقل إلى لغات أخرى، وهي عبارة: une fois pour toutes . تدل هذه العبارة، بكيفية شديدة الاختصار، على الحدث المتفرد غير القابل للرجوع القهقرى لما لا يحدث إلا مرة واحدة، ولما لن يتكرر بالتالي، إلا أنها تفتح في الوقت ذاته الآفاق لكل البدائل والكنايات التي من شأنها أن تجر الحدث خارجًا. فسواء شئنا أم أبينا، فإن اللامتوقع لا بد وأن ينبثق من خلال تعدد التكرارات. من شأن كل هذا أن يقضي على التقابل المبسّط بين التقليد والتجدّد، بين الذّاكرة والمستقبل، بين الإصلاح والثّورة». لذا يستخلص صاحب «مفهوم» المباينة différance: «أعتقد أن علينا أن نحتفظ بتوكيدين متناقضين في الوقت ذاته: إذ نؤكد على وجود الانفجارات من جهة، ومن جهة أخرى نؤكد على أن هذه الانفجارات تولّد الفجوات أو الأخطاء التي يمكن أن يظهر فيها كل الأرشيف المنسيّ والخفيّ، وأنها تتكرر وتتواصل عبر التاريخ».
يميّز دريدا هنا بين مجرد الإعادة، التي تفصل فصلًا مطلقًا بين الذاكرة والمستقبل، وبين التكرار، الذي «يجرّ الحدث خارجًا»، فيحدث شرخًا في الكائن ويدخل الزمان في تحديده، لا لحصره، وإنما لجعله معلقًا في حركة إرجاء دائم، بحيث «يدّخر» نفسه. وربما لم يكن اقتراح دريدا لإعادة النظر في كتابة اللفظ الفرنسي Différence، وتعويض الحرف e بالحرف a إلا سعيًا وراء إبراز المفعول الذي يولّده الاختلاف على التقليد كي يجعله تكرارًا.
علينا إذاً أن نميز بين مجرد العَوْد وبين الجِدّة والتكرار، وذلك بإبراز الرباط الذي يشدّ الاختلاف إلى الإرجاء الزمني والابتعاد والفجوة والشرخ والتجدّد. وهذا ما يجعلنا نقترح نقل لفظ Différance إلى اللغة العربية بلفظ «المباينة» الذي يحيل إلى البون والبينية والتباين في الوقت ذاته. هذه «المباينة» هي بالضبط ما يسمح للكائن بأن يبتعد عن ذاته، أو لنقل بالأولى، بألا «يحضر» إلا مبتعدًا عن ذاته. إنها ما يجعل حركة الدلالة غير ممكنة اللهم إذا كان كل عنصر«حاضر» متعلقًا بشيء آخر غيره، محتفظًا بأثر العنصر السابق، فاتحًا صدره لأثر علاقته بالعنصر الآتي. فإذا أقحمنا الاختلاف بهذا المعنى داخل الهوية «تكون هناك مسافة تفصل الحاضر عما ليس هو لكي يكون هو ذاتَه».
هذا بالضبط ما يمكّن اللاّمتوقع من أن ينبثق من خلال تعدّد التكرارات. على هذا النحو لن يعود بالإمكان التمييز بين العود والتكرار بالقول إن «العود ضرورة والتكرار فائض»، وإنما بالذهاب حتى القول مع دريدا: « إن العود ليس إلا ضرورة، أما التكرار ففيه فائض، فيه كل الفائض».
يطابق التقليد بين الوجود والحضور فيقتل الاختلاف، ويجمّد الكائن، ويبلّد الفكر، ويقمع الخيال، ويكلّس اللغة، ويخشّب الكلام فيكرّس التطابق، أما التكرار فبما أنه «يجرّ الحدث خارجًا» ويفتحه على الممكن، ويخرجه عن ذاته ويحدث فيه شرخًا وجرحًا، فهو ليس عودة المطابق، ليس مجرد تقليد، مادام يحيد بالمكرّر نحو منحى آخر، نحو «آخر»، فيجره نحو ما يخالفه ويباينه. حتى إننا يمكن أن نذهب إلى القول إنه إن كان بالإمكان الحديث هنا عن هوية للكائن فبفضل التكرار.
التكرار إذاً هو ما يحرّر من التطابق، وهو ما يقحم الزمان «داخل» الكائن، وما يحدث فيه شرخًا. إنه ما يسبب «جرح الكائن»، وما يكمن وراء ديناميكية خلق الهوية المنفتحة. هو إذاً حركة «المباينة» التي تحدد الهوية كانتقالٍ ملتوٍ من مخالف لآخر، فتجعل التجديد ينبثق من عمق التقليد، وتردّ إلى التقليد غناه وثراءه، فتسمح لنا بأن نردد القول و« نقوله مرة أخرى أوّلَ مرة» حتى يغدو «المُعاد من قولنا مكْرُورًا» كما قال زهير.