رواية (غافلون) للكاتبة (مريم سامح) الصادرة عن دار كتاب للنشر والتوزيع أتت بعدد ٢٢٣ صفحة من القطع المتوسط، أي ما تصنف رواية متوسطة الحجم ولو أنها بحسب إعتقادي طبعت بخط كبير بدرجة ٢٨. وبحكم أني ليس ناقد مختص وليس لي علاقة كبيرة (بفكرة) النقد الأدبي الأكاديمي وهذا ما يتيح لكم فرصة (نقد النقد)، لكن من باب ذوقي الأدبي الخاص وتجربتي في الكتابة كهواية أو عمل ليس من خلفه مكسب جوهري مادي أمارسه يومياً، أبداء إنطباعي عنها أولاً من إبتداء الغلاف:
الغلاف أتي جميلاً من وجهة نظري بتغطية جانب العين من وجه لوحة الانسان بكلمة (العنوان) مع شريط داكن اللون وهذا ما أعطي ارتباطية مطلقة وليست تقريبية أو نسبية بعنوان العمل (غافلون).
ثانياً: العنوان (غافلون):
العنوان مألوف ككلمة متادولة في لغة الأدب العربي أو في قاموس اللغة العربية، جاذب ومبهم من حيث: عن ماذا هم أو أولئك أو نحن (غافلون) ولماذا (غافلون)!؟ ماهية الأسباب المحيطة!؟
هنا للقارئ فرصة كبيرة للتفكير - فمن حسن أي عمل أدبي أن يجعلك تفكر - التي يصطحبها التشويق أو الجذب لقراءة العمل بصورة ماتعة إذ حافظت الكاتبة على بقاء الابهام إلى حدود صفحات متأخرة من العمل.
ثالثاً (الاهداء): في الحقيقة أكثر ما أعجبني وأدهشني في العمل ككل وهذا ليس من باب المواربة أو المجاملة هو الاهداء، وهو ما سوف أخذ منه بعض الجزئيات التي أثارت إنتباهي «اهدي هذا العالم كله لأمي وليس كتابي فقط..» فالعالم بكامل جماليتهُ ليس فيه أجمل من الأم كم تحدثنا الكاتبة بذلك ويحدثنا ديننا الاسلام الحنيف أيضاً «أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك» الأم قدمت ثلاثة مرات على الأب كم قدمت المرأة في الأسلام على الرجل كذلك وكرمت قبل أن تولد «لله ملك السموات والأرض يهاب لمن يشاء إناثا ولمن يشاء ذكور» إذ نظرنا للأمر بعيننا الثالثة أو بالزاوية الأخرى.
وها هي الكاتبة بنفسها تؤكد لنا عظمة الأم الطاغية على عظمة الأب، والذي بفلسفة مدهشة منها حافظت على عظمته كذلك «كان من الممكن ان أهدي أليك هذا العمل يا أبي ولكن زوجتك هي أمي وأبي..» هي «أمي وأبي»!
أيضاً لا يممكني أن أنسى أو أتجاوز هذه الجملة المهمة التي وردت ضمن الاهداء «...فلولا أختياره لأمي ما كانت الحياة ستكون بهذا الجمال».
رابعاً المقدمة: دعوني أن أكون لا موضوعي قليلاً عند البعض، لكن هذا الحديث مهم سوف أقوله بحكم تجربة الكاتبة القليلة أو هي تجربتها الأولى في الكتابة (كتابة الرواية) وبحكم عامل السن كذلك، فقبل كتابة هذه القراءة النقدية بساعات جمعتني مكالمة مطولة من فرنسا مع المثقف الجميل (يوسف النيل) دارت حول الأدب والثقافة، فأتفقنا سوياً حول أن شخصية الكاتب من الداخل وما يصاحبها من عوامل نفسية ووعي هي ما قد تتجلى لنا بوضوح في عمله الأدبي؛ فواضح هنا منذ البداية (بروز) شخصية الكاتبة (مريم) بأنها إنسانة إنسانية و(سوية) إن لم نقل (ناضجة) - وهذا ليس بالأمر الظاهرة إن كان الفنان داعية للحب والسلام، الفن يجعل منه إنساناً (سوي) - وهي تحدثنا بلسان الراوي الأول (الذاتي) عن مجتمع الأسرة وتربية الأبناء وزرع الحب فيهم وواجبهم علينا وواجبنا نحن عليهم «ليس من المنصف أن نتعامل معهم على أنهم شيء غير قابل للنقاش.. ونأثرهم في حدودنا.. أو حتى نعطيهم حرية دون رقابة.. الوسطية هي الأمثل لنضع لهم حدود السير على نهج الحياة..» صفحة رقم ٥.
أم في جانب آخر من المقدمة يتضح فيه الكشف عن رمزية العنوان كُتِب «وأعلم جيداً أنها المقدمة وأن الكثير منكم سيطوي صفحاتي دون النظر لها.. حتى يدرك ما سيدور ويستشف الأحداث.. لكن لا يبالي حتى في حياته لا يكترث للتفاصيل الواضحة وضوح القمر في عتمة الليل.. فدائماً هم في غفلة عن ما يدور حولهم.. هم الذين أعنيهم في كتابتي هنا فلو كانوا أفاقوا لثانية واحدة لأدركوا أن...
لكن في نهاية المطاف هم غافلون» صفحة رقم ٥ و٦.
هنا واضح جدا ماهية العنوان.. إلى من يرمز؟ فأظن الكاتبة تسرعت في أن لا تعذب قارئها بالإثارة والتشويق.. ولو أنها إجتهدت في أن تضع علامة الترقيم (...) في المؤخرة (لأدركوا أن...) لكن ذلك لم يفي بالغرض إن لم تكن هي مناقضة لفكرة الكاتبة.
خامساً النص: إبتدأت فاتحة الرواية «في زمناً ليس بعيداً عن الكلاسيكية، لكن إختفت فيه «بنسوار يا هانم» بعيداً عن «العندليب» ولكن ما زال الحب بأغانيه في نسخة البكرية..»
«بنسوار يا هانم» عبارة غزلية يستخدمها الشباب لمعاكسة الفتيات، شيعت في زمن الثلاثينيات من القرن العشرين بين المجتمع المصري وهي إشارة للإضمحلال الأخلاقي التي ترغب أن تعكسه لنا الكاتبة.
ثانيا أعتقد بأن الكاتبة نجحت أو أبدعت جداً في أن تصور لنا بفائض من الوصف والدقة شخصيات الرواية في بعدها النفسي (The psychological dimension) والثقافي والاجتماعي والفكري... خصوصا لبطلة الرواية (زهرة) التي وضعت به القارئ أمام شخصية مألوفة قد يلتقي بها يومياً في الحياة الاجتماعية. هذا إن لم تفأجنا الكاتبة في الفصول التالية بدخول بطلات وأبطال أخرين لهم حكاياتهم الخاصة.. لم تصورهم بذات أبعادهم النفسية والثقافية والاجتماعية و... كم هو التصوير عند (زهرة) التي أختفت فجأة عن أعين القارئ ولم تظهر إلا في صفحة رقم (٧٨/٧٩) بأسم (لينا).. لكل ذلك وبكل وضوح لا أعتبر هذا العمل (رواية) بل هو مجموعة (حكايات) حكيت بصوت الراوي العليم وطغى على الحكي فيها (الحوار) بلغة عامية أفقدت كثير من جماليات العمل، فتوظيف العامية على مستوى (الحوار) لم يوظف جيداً ليجعل من العمل واقعاً يذهب بقدمين أو لم يصور الشخصيات بواقعيتها الحقيقية. كذلك من جانب آخر يمكن أن نقول على العمل أنه عمل (مسرحي) أي كأن ما قرأته هو قصة لفلم من السينما (الهندية) وليس رواية أو حكاية، فهناك متداخلات متعددة متنوعة في بناء السرد أعاقت بالعمل لتجعل به القارئ مشتتاً.
اللغة التي حضرت لنا في البداية أو في بداية الستة صفحات الأولى هي أكثر من جيدة، اضافة إلى وجود أخطاء نحوية طفيفة في العمل ككل مثل «المال سيعوضه الأيام والعمل الجاد» صفحة رقم ٢٤. فالصحيح إستخدام (تاء) التأنيث مع الأيام (ستعوضه الأيام...) أو (المال سيعوضه العمل الجاد والأيام).
جانب آخر مهم جدا لا بد أن تنتبه له الكاتبة وهو العجلة أو الانتقال السريع في تماشي السرد مع فكرة الحبكة، فالعلاقة العاطفية التي دارت بين (زهرة) الرقيقة الحساسة بطبيعة فطرتها مع مدير الشركة (حضرته) لا يمكن أن تختصر سريعاً (كحكاية) عادية تحكى على مسرح (دكان) لتصل بهذه السرعة في حدود ستة صفحات للمرحلة الأخرى (مرحلة حمل زهرة) وهي تمثل مرتكزاٌ مهم للعمل! أيضا اللغة واستخدام العامية المصرية في الحوار بينها في هذه الجزئية هي نقيض لبداية ما كتب بلغة جميلة ماتعة تصور قدرات كاتبة متمكنة فذة. وقد أجد من إجتهادي الشخصي المبرر للكاتبة في أنها قد لا تريد أن تكون جريئة للدرجة التي تجعلها تغوص في سرد التفاصيل دقيقة الوصف لمشاهد عاطفية وجنسية تضع بها القارئ بين واقع الحدث بصورته المتكاملة - وهذا ما يعد من هاجس المرأة الشرقية في المجتمع الذكوري الشرقي - لكن على العموم يجب الأخذ: «الاسود يليق بك رواية لإحلام مستغانمي يمكن أن تؤخذ كمرجع للفائدة في كيفية التباطئ في بناء السرد لخلق مشاهد سردية متكاملة».
خاتمة العمل حملت تكرار خطأ آخر هو تقديم نصائح بمباشرة، كمقالة لكاتب اجتماعي. أضف إلى ذلك في مؤخرة العمل تواردت (ههههههه) في الحوار بصورة متكررة مملة ومنفرة، مثل محادثة (واتسبية/واتساب) دارت بين عشيقين.
في آخر الأمر وبالمختصر الرواية إن صنفناها رواية هي رواية اجتماعية قد تتناسب مع أعمار شبابية صغيرة، أم ما كان واضحاً من الرسالة التي تود أن تعكسها لنا الكاتبة هو أن لا تكون الأسر (غافلة) عن رقابة أبناءها وبناتها من مخاطر المخدرات والعلاقات الجنسية الخارجة عن إطار الشرع.. بل أنها تحمل مسؤلية كل إنحراف أخلاقي لتربية الأسرة قبل كل شيء «مسؤلية الأب والأم تجاه الأبناء» تحديداً.
أم إنطباعي العام عن الرواية يجعلني أن أعطيها تقيم ٦ من ١٠. فهذه البداية للكاتبة يجب أن تتقبل النقد وأن يكون النقد حافزاً وخارطة طريق لها لتقديم ما هو أفضل في قادم المواعيد.
تحياتي وكامل التوفيق للكاتبة في مسيرتها الأدبية.
إبراهيم أحمد الإعيسر
٦ مارس ٢٠٢١م
القاهرة
الغلاف أتي جميلاً من وجهة نظري بتغطية جانب العين من وجه لوحة الانسان بكلمة (العنوان) مع شريط داكن اللون وهذا ما أعطي ارتباطية مطلقة وليست تقريبية أو نسبية بعنوان العمل (غافلون).
ثانياً: العنوان (غافلون):
العنوان مألوف ككلمة متادولة في لغة الأدب العربي أو في قاموس اللغة العربية، جاذب ومبهم من حيث: عن ماذا هم أو أولئك أو نحن (غافلون) ولماذا (غافلون)!؟ ماهية الأسباب المحيطة!؟
هنا للقارئ فرصة كبيرة للتفكير - فمن حسن أي عمل أدبي أن يجعلك تفكر - التي يصطحبها التشويق أو الجذب لقراءة العمل بصورة ماتعة إذ حافظت الكاتبة على بقاء الابهام إلى حدود صفحات متأخرة من العمل.
ثالثاً (الاهداء): في الحقيقة أكثر ما أعجبني وأدهشني في العمل ككل وهذا ليس من باب المواربة أو المجاملة هو الاهداء، وهو ما سوف أخذ منه بعض الجزئيات التي أثارت إنتباهي «اهدي هذا العالم كله لأمي وليس كتابي فقط..» فالعالم بكامل جماليتهُ ليس فيه أجمل من الأم كم تحدثنا الكاتبة بذلك ويحدثنا ديننا الاسلام الحنيف أيضاً «أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك» الأم قدمت ثلاثة مرات على الأب كم قدمت المرأة في الأسلام على الرجل كذلك وكرمت قبل أن تولد «لله ملك السموات والأرض يهاب لمن يشاء إناثا ولمن يشاء ذكور» إذ نظرنا للأمر بعيننا الثالثة أو بالزاوية الأخرى.
وها هي الكاتبة بنفسها تؤكد لنا عظمة الأم الطاغية على عظمة الأب، والذي بفلسفة مدهشة منها حافظت على عظمته كذلك «كان من الممكن ان أهدي أليك هذا العمل يا أبي ولكن زوجتك هي أمي وأبي..» هي «أمي وأبي»!
أيضاً لا يممكني أن أنسى أو أتجاوز هذه الجملة المهمة التي وردت ضمن الاهداء «...فلولا أختياره لأمي ما كانت الحياة ستكون بهذا الجمال».
رابعاً المقدمة: دعوني أن أكون لا موضوعي قليلاً عند البعض، لكن هذا الحديث مهم سوف أقوله بحكم تجربة الكاتبة القليلة أو هي تجربتها الأولى في الكتابة (كتابة الرواية) وبحكم عامل السن كذلك، فقبل كتابة هذه القراءة النقدية بساعات جمعتني مكالمة مطولة من فرنسا مع المثقف الجميل (يوسف النيل) دارت حول الأدب والثقافة، فأتفقنا سوياً حول أن شخصية الكاتب من الداخل وما يصاحبها من عوامل نفسية ووعي هي ما قد تتجلى لنا بوضوح في عمله الأدبي؛ فواضح هنا منذ البداية (بروز) شخصية الكاتبة (مريم) بأنها إنسانة إنسانية و(سوية) إن لم نقل (ناضجة) - وهذا ليس بالأمر الظاهرة إن كان الفنان داعية للحب والسلام، الفن يجعل منه إنساناً (سوي) - وهي تحدثنا بلسان الراوي الأول (الذاتي) عن مجتمع الأسرة وتربية الأبناء وزرع الحب فيهم وواجبهم علينا وواجبنا نحن عليهم «ليس من المنصف أن نتعامل معهم على أنهم شيء غير قابل للنقاش.. ونأثرهم في حدودنا.. أو حتى نعطيهم حرية دون رقابة.. الوسطية هي الأمثل لنضع لهم حدود السير على نهج الحياة..» صفحة رقم ٥.
أم في جانب آخر من المقدمة يتضح فيه الكشف عن رمزية العنوان كُتِب «وأعلم جيداً أنها المقدمة وأن الكثير منكم سيطوي صفحاتي دون النظر لها.. حتى يدرك ما سيدور ويستشف الأحداث.. لكن لا يبالي حتى في حياته لا يكترث للتفاصيل الواضحة وضوح القمر في عتمة الليل.. فدائماً هم في غفلة عن ما يدور حولهم.. هم الذين أعنيهم في كتابتي هنا فلو كانوا أفاقوا لثانية واحدة لأدركوا أن...
لكن في نهاية المطاف هم غافلون» صفحة رقم ٥ و٦.
هنا واضح جدا ماهية العنوان.. إلى من يرمز؟ فأظن الكاتبة تسرعت في أن لا تعذب قارئها بالإثارة والتشويق.. ولو أنها إجتهدت في أن تضع علامة الترقيم (...) في المؤخرة (لأدركوا أن...) لكن ذلك لم يفي بالغرض إن لم تكن هي مناقضة لفكرة الكاتبة.
خامساً النص: إبتدأت فاتحة الرواية «في زمناً ليس بعيداً عن الكلاسيكية، لكن إختفت فيه «بنسوار يا هانم» بعيداً عن «العندليب» ولكن ما زال الحب بأغانيه في نسخة البكرية..»
«بنسوار يا هانم» عبارة غزلية يستخدمها الشباب لمعاكسة الفتيات، شيعت في زمن الثلاثينيات من القرن العشرين بين المجتمع المصري وهي إشارة للإضمحلال الأخلاقي التي ترغب أن تعكسه لنا الكاتبة.
ثانيا أعتقد بأن الكاتبة نجحت أو أبدعت جداً في أن تصور لنا بفائض من الوصف والدقة شخصيات الرواية في بعدها النفسي (The psychological dimension) والثقافي والاجتماعي والفكري... خصوصا لبطلة الرواية (زهرة) التي وضعت به القارئ أمام شخصية مألوفة قد يلتقي بها يومياً في الحياة الاجتماعية. هذا إن لم تفأجنا الكاتبة في الفصول التالية بدخول بطلات وأبطال أخرين لهم حكاياتهم الخاصة.. لم تصورهم بذات أبعادهم النفسية والثقافية والاجتماعية و... كم هو التصوير عند (زهرة) التي أختفت فجأة عن أعين القارئ ولم تظهر إلا في صفحة رقم (٧٨/٧٩) بأسم (لينا).. لكل ذلك وبكل وضوح لا أعتبر هذا العمل (رواية) بل هو مجموعة (حكايات) حكيت بصوت الراوي العليم وطغى على الحكي فيها (الحوار) بلغة عامية أفقدت كثير من جماليات العمل، فتوظيف العامية على مستوى (الحوار) لم يوظف جيداً ليجعل من العمل واقعاً يذهب بقدمين أو لم يصور الشخصيات بواقعيتها الحقيقية. كذلك من جانب آخر يمكن أن نقول على العمل أنه عمل (مسرحي) أي كأن ما قرأته هو قصة لفلم من السينما (الهندية) وليس رواية أو حكاية، فهناك متداخلات متعددة متنوعة في بناء السرد أعاقت بالعمل لتجعل به القارئ مشتتاً.
اللغة التي حضرت لنا في البداية أو في بداية الستة صفحات الأولى هي أكثر من جيدة، اضافة إلى وجود أخطاء نحوية طفيفة في العمل ككل مثل «المال سيعوضه الأيام والعمل الجاد» صفحة رقم ٢٤. فالصحيح إستخدام (تاء) التأنيث مع الأيام (ستعوضه الأيام...) أو (المال سيعوضه العمل الجاد والأيام).
جانب آخر مهم جدا لا بد أن تنتبه له الكاتبة وهو العجلة أو الانتقال السريع في تماشي السرد مع فكرة الحبكة، فالعلاقة العاطفية التي دارت بين (زهرة) الرقيقة الحساسة بطبيعة فطرتها مع مدير الشركة (حضرته) لا يمكن أن تختصر سريعاً (كحكاية) عادية تحكى على مسرح (دكان) لتصل بهذه السرعة في حدود ستة صفحات للمرحلة الأخرى (مرحلة حمل زهرة) وهي تمثل مرتكزاٌ مهم للعمل! أيضا اللغة واستخدام العامية المصرية في الحوار بينها في هذه الجزئية هي نقيض لبداية ما كتب بلغة جميلة ماتعة تصور قدرات كاتبة متمكنة فذة. وقد أجد من إجتهادي الشخصي المبرر للكاتبة في أنها قد لا تريد أن تكون جريئة للدرجة التي تجعلها تغوص في سرد التفاصيل دقيقة الوصف لمشاهد عاطفية وجنسية تضع بها القارئ بين واقع الحدث بصورته المتكاملة - وهذا ما يعد من هاجس المرأة الشرقية في المجتمع الذكوري الشرقي - لكن على العموم يجب الأخذ: «الاسود يليق بك رواية لإحلام مستغانمي يمكن أن تؤخذ كمرجع للفائدة في كيفية التباطئ في بناء السرد لخلق مشاهد سردية متكاملة».
خاتمة العمل حملت تكرار خطأ آخر هو تقديم نصائح بمباشرة، كمقالة لكاتب اجتماعي. أضف إلى ذلك في مؤخرة العمل تواردت (ههههههه) في الحوار بصورة متكررة مملة ومنفرة، مثل محادثة (واتسبية/واتساب) دارت بين عشيقين.
في آخر الأمر وبالمختصر الرواية إن صنفناها رواية هي رواية اجتماعية قد تتناسب مع أعمار شبابية صغيرة، أم ما كان واضحاً من الرسالة التي تود أن تعكسها لنا الكاتبة هو أن لا تكون الأسر (غافلة) عن رقابة أبناءها وبناتها من مخاطر المخدرات والعلاقات الجنسية الخارجة عن إطار الشرع.. بل أنها تحمل مسؤلية كل إنحراف أخلاقي لتربية الأسرة قبل كل شيء «مسؤلية الأب والأم تجاه الأبناء» تحديداً.
أم إنطباعي العام عن الرواية يجعلني أن أعطيها تقيم ٦ من ١٠. فهذه البداية للكاتبة يجب أن تتقبل النقد وأن يكون النقد حافزاً وخارطة طريق لها لتقديم ما هو أفضل في قادم المواعيد.
تحياتي وكامل التوفيق للكاتبة في مسيرتها الأدبية.
إبراهيم أحمد الإعيسر
٦ مارس ٢٠٢١م
القاهرة