د. عادل الأسطة - ذاكرة أمس ١٤ : من استلم البلاد بغير حرب

كانت نابلس أمس مغلقة إغلاقا تاما ، وكان هناك ثمة حواجز منتشرة لتحول دون تنقل السيارات بسهولة .
الجو يقترب من أجواء الربيع على الرغم من لسعة برد في ساعات الصباح وساعات المساء .
حين استبد بي الضجر سألت ابن أخي عن استعداده لأن نتمشى ، وغالبا ما أقترح عليه هذا ، ولا يخلو كلامي من حس دعابة . ابن أخي سمين نوعا ما وأنا أعاني من السكر ، واقتراحي يتضمن اللازمة الآتية التي حفظها عن ظهر قلب :
- أنا أحرق السكر وأنت تحرق الدهن .
ويتقبل ابن أخي الدعابة بابتسامة .
بعد مشي ثلاثة كيلومترات تقريبا صعدنا سيارة لتقلنا إلى غرب المدينة ، فطلب منا السائق أن نتكمم ، وسار في طرق فرعية تجنبا للحواجز وخوفا من أن تخالفه الشرطة .
كل شيء هاديء ، كما لو أن المدينة مثل مقبرة حقا ، وفي ساعات العصر ، في حوار عابر مع صديق أتينا فيه على ما يشاع عن القصد من نشر الفايروس ، قلت :
- تخيل لو قضى الفايروس على خمسة أو ثلاثة مليارات ، تخيل هذه المباني ومباني المدينة كلها وقد مات سكانها ! تخيل الجرذان والفئران تحل محلنا !!
في الصباح كان الصديق
Musaddaq Masri
اقترح علي أن أذهب معه إلى بيارته في الأغوار فننفق النهار فيها ، وسألته إن كان هناك إمكانية للعودة بعد ساعتين ثلاث ، وتم تأجيل الموعد .
هل صرت لا أقوى على قضاء أكثر من ساعتين ثلاث خارج الشقة ؟
يوميا أنفق في المقاهي والشوارع ساعتين ثلاث ساعات ليس أكثر ثم أعود إلى سجني - بيتي ، وللسيدة
Raymonda Hawa Tawil
والدة السيدة سهى عرفات كتاب عنوانه " بيتي سجني " وقد ترجم إلى الألمانية ولم أعثر عليه بالعربية ، وحتى اللحظة لم ينقل كتاب الدكتورة حنان ميخائيل عشراوي إلى العربية ، علما أنه ترجم من الإنجليزية إلى الألمانية تحت عنوان " Ich bin
in Palaestina geboren .
سيداتنا الفلسطينيات يكتبن بالإنجليزية ويهمهن القاريء غير العربي على ما يبدو .
أمس خضت في أمر الترجمة إلى العبرية وكررت الرأي إنها لغة ٢٧ ألف كم مربع - يعني لا في العير ولا في النفير ، وأمس تذكرت بيت الشعر الذي كان أبي يكرره باستمرار :
" من استلم البلاد بغير حرب
هان عليه تسليم البلاد "
والقصة تتلخص في أنني ارمم دار العائلة وأحرص على نظافتها وصيانتها ثم يأتي من يخرب . وغالبا ما أكرر :
" وما ينفع البنيان في غير أهله
إذا كنت تبني وغيرك يهدم "
ولقد بنينا في غزة مطارا وهدمته الطائرات الإسرائيلية .
وأمس كان يوم المرأة العالمي ، وما نفع مثل هذا اليوم والكورونا والتخلف والاحتلال كلها تهدم .
صباح الخير
خربشات
٩ آذار ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى