(لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي
وَلِلحُبِّ مالَم يَبقَ مِنّي وَما بَقي)
..
بعد قراءة البيت أنت لا تحتاج لأن تُمسك رأسك من التباس المعنى أو غموضه أو صعوبة ألفاظه؛ بالعكس.. كلمات بسيطة تمنح نفسها مباشرة. يحدث هذا مع القراءة الأولى، ومع التكرار ستكتشف أنك تقف في ضباب، وأن المتنبي ليس واحدا عاديا تدخل إليه وتخرج من عنده بسهولة.. ستقرأ من جديد وتقع في ألذ حيرة وأنت تبحث عن تفسير: الرجل يُحب، ويقول لها إن عينيها سبب كل ما شافه ويشوفه قلبه من هَم وسُهد. هل يُهدي ألمه وما يُعانيه لعينيها؟ ما معنى "لعينيكِ"، هلى يعني: من أجل عينيكِ!
طيب: "وللحب ما لم يبق مني وما بقي". هل هو يمنح الحب، أو يهبه كل شيء عنده، ما بقي وما لم يبق.. هل يقصد أن جسمه لم يبق منه شيء من شدة عشقه؟ ما الذي بقي إذن بعد جسده؟ هل حبه نفسه هو الباقي؟
..
وعندما قرأت شرح "أبي العلاء" لهذا البيت بالذات، ضحكتُ من أعماقي. ياااااااه. أبوالعلاء بذات نفسه يشرح البيت وهو لا يستطيع أن يمسك المعنى، ويضطر لأن يقول: وقيل وقيل وقيل.. يعني لا يقين في المعنى!! هو المتنبي دا كان إيه؟ جن في صورة بني آدم؟
يقول "أبوالعلاء": (كل شيء لقي قلبي من ألم الشوق فيما مضى، وفيما يلقاه من بعد فهو بسبب عينيك، ولأجل حسنها.
وقيل: يعني حلال لعينيك ما لقيته وما ألقاه، والمراد جعلت قلبي لعينيك، فكل ما يمر عليه معفو عنه.
وقيل: أراد، ظاهر لعينيك ما يلقاه فؤادي وما لقيته، وكذلك في المصراع الثاني. إني ما لقيت من نحول جسمي، وهزال بدني، وما بقى منه، فهو لأجل حبك، أو هو حلال، أو ظاهر للحب.
وقيل: أراد كأن الحب ملكه يتصرف فيه تصرف الملاّك في الأمْلاك، فأذهب بعض جسمه بالهزال، وأبقى بعضه وقيل: أذهب قوّتي وأبقى جسمي.
وقيل: أراد عمري الذي مضى وبقى. وقيل: أراد بما بقي روحه وبما لم يبق جسمه.)
***
وبالمناسبة، هذه القصيدة الفريدة نفسها بها هذا البيت الرائع: (إِذا ما لَبِستَ الدَهرَ مُستَمتِعاً بِهِ/ تَخَرَّقتَ وَالمَلبوسُ لَم يَتَخَرَّقِ)... وهو بيت محرض على التأمل الطويل: لبستَ الدهر؟ كيف ألبس الدهر؟ هل يمكن تخيل الدهر كأنه جلباب أو قميص ألبسه فوق جسمي، يلازمني ونلهو معا، ونستمتع بكل دقيقة وساعة، أُصاحب زمني كما يقولون، وأعيش في رضا وهنا، ومع الوقت ومرور السنوات أكتشف أن قميصي كما هو لم يتغير.. وهل يتغير الدهر؟ أنا الذي كثرت الخروق في جسدي وأصابتني العلل.
..
في القصيدة أيضا صورة من الصور المتفردة للحظة الفراق والتوديع: (أَدَرنَ عُيوناً حائِراتٍ كَأَنَّها/
مُرَكَّبَةٌ أَحداقُها فَوقَ زِئبَقٍ).
حسام المقدم
وَلِلحُبِّ مالَم يَبقَ مِنّي وَما بَقي)
..
بعد قراءة البيت أنت لا تحتاج لأن تُمسك رأسك من التباس المعنى أو غموضه أو صعوبة ألفاظه؛ بالعكس.. كلمات بسيطة تمنح نفسها مباشرة. يحدث هذا مع القراءة الأولى، ومع التكرار ستكتشف أنك تقف في ضباب، وأن المتنبي ليس واحدا عاديا تدخل إليه وتخرج من عنده بسهولة.. ستقرأ من جديد وتقع في ألذ حيرة وأنت تبحث عن تفسير: الرجل يُحب، ويقول لها إن عينيها سبب كل ما شافه ويشوفه قلبه من هَم وسُهد. هل يُهدي ألمه وما يُعانيه لعينيها؟ ما معنى "لعينيكِ"، هلى يعني: من أجل عينيكِ!
طيب: "وللحب ما لم يبق مني وما بقي". هل هو يمنح الحب، أو يهبه كل شيء عنده، ما بقي وما لم يبق.. هل يقصد أن جسمه لم يبق منه شيء من شدة عشقه؟ ما الذي بقي إذن بعد جسده؟ هل حبه نفسه هو الباقي؟
..
وعندما قرأت شرح "أبي العلاء" لهذا البيت بالذات، ضحكتُ من أعماقي. ياااااااه. أبوالعلاء بذات نفسه يشرح البيت وهو لا يستطيع أن يمسك المعنى، ويضطر لأن يقول: وقيل وقيل وقيل.. يعني لا يقين في المعنى!! هو المتنبي دا كان إيه؟ جن في صورة بني آدم؟
يقول "أبوالعلاء": (كل شيء لقي قلبي من ألم الشوق فيما مضى، وفيما يلقاه من بعد فهو بسبب عينيك، ولأجل حسنها.
وقيل: يعني حلال لعينيك ما لقيته وما ألقاه، والمراد جعلت قلبي لعينيك، فكل ما يمر عليه معفو عنه.
وقيل: أراد، ظاهر لعينيك ما يلقاه فؤادي وما لقيته، وكذلك في المصراع الثاني. إني ما لقيت من نحول جسمي، وهزال بدني، وما بقى منه، فهو لأجل حبك، أو هو حلال، أو ظاهر للحب.
وقيل: أراد كأن الحب ملكه يتصرف فيه تصرف الملاّك في الأمْلاك، فأذهب بعض جسمه بالهزال، وأبقى بعضه وقيل: أذهب قوّتي وأبقى جسمي.
وقيل: أراد عمري الذي مضى وبقى. وقيل: أراد بما بقي روحه وبما لم يبق جسمه.)
***
وبالمناسبة، هذه القصيدة الفريدة نفسها بها هذا البيت الرائع: (إِذا ما لَبِستَ الدَهرَ مُستَمتِعاً بِهِ/ تَخَرَّقتَ وَالمَلبوسُ لَم يَتَخَرَّقِ)... وهو بيت محرض على التأمل الطويل: لبستَ الدهر؟ كيف ألبس الدهر؟ هل يمكن تخيل الدهر كأنه جلباب أو قميص ألبسه فوق جسمي، يلازمني ونلهو معا، ونستمتع بكل دقيقة وساعة، أُصاحب زمني كما يقولون، وأعيش في رضا وهنا، ومع الوقت ومرور السنوات أكتشف أن قميصي كما هو لم يتغير.. وهل يتغير الدهر؟ أنا الذي كثرت الخروق في جسدي وأصابتني العلل.
..
في القصيدة أيضا صورة من الصور المتفردة للحظة الفراق والتوديع: (أَدَرنَ عُيوناً حائِراتٍ كَأَنَّها/
مُرَكَّبَةٌ أَحداقُها فَوقَ زِئبَقٍ).
حسام المقدم
Bei Facebook anmelden
Melde dich bei Facebook an, um dich mit deinen Freunden, deiner Familie und Personen, die du kennst, zu verbinden und Inhalte zu teilen.
www.facebook.com