د. عادل الأسطة - ذاكرة أمس ٢٣ : أهل نابلس يتحدون الفايروس ويعصون الأوامر والمقدسيون غاضبون

في الحادية عشرة صباحا غادرت شرق المدينة إلى غربها . كانت الشوارع شبه خالية ، فلا حركة سيارات ولا ركاب.
وأنا في الحافلة ألقيت نظرة على جانبي الطريق .
في شارع عمان الذي يبدو هادئا ترى بسطات بيع الخضار منتشرة بكثرة ، كما لو أن المحلات التي أغلقت أبوابها انتقلت إلى الشارع .
لم يكن الإغلاق في البلدة القديمة إغلاقا شاملا ، ومع ذلك فلم يكن هناك نشاط وحركة لافتان .
في الصباح أصغي إلى شريط أرسله إلي الدكتور
Safi Ismael Safi
يتحدث فيه المواطن المقدسي أحمد البديري معبرا عن غضبه من قرار السلطة الذي يمنع أهل القدس من دخول الضفة الغربية بسبب الكورونا . كيف يمكن أن يمنع أبناء عاصمة الدولة الفلسطينية من دخول أراضي دولتهم ؟ والكلام كثير ، وأهل القدس يرددون المثل " بين حانة / الاحتلال ومانة / السلطة ضعنا وضاعت لحانا " .
في ساعات الظهيرة أجلس في شقتي أشرب الشاي . صارت الشقة مقهاي .
حين تجولت في الرابعة عصرا ، ذارعا أولا شارع النصر من غربه إلى شرقه ، وثانيا وسط المدينة ، لاحظت أن الإغلاق صار حبرا على ورق أو حروفا في الفيسبوك وصوتا في الإذاعات ( لم تعد عبارة حبرا على ورق مستساغة ، فلا حبر الآن ولا ورق ) . لقد فتحت المحلات كلها تقريبا أبوابها غير منقادة لقرارات المحافظ ونائبته ولجانه ، وثمة أصوات عديدة بدأت ترتفع تتساءل عما قدمته السلطة الفلسطينية منذ مجيئها في المجال الصحي . قبل مجيء السلطة ، كان هناك مشفيان حكوميان ، وظل المشفيان مشفيين ولم يرفدا بثالث ورابع ، مع أن سكان نابلس تضاعفوا مرتين ثلاثة .
هل تحدى المواطنون المحافظ وقراراته أم تحدوا الفايروس أم أنهم ملوا من الجلوس في البيوت وكثرة المشاكل وأوامر النسوة وضجيج الأبناء والأحفاد ؟
في ساعات النهار الطويلة تغدو وسائل التواصل الاجتماعي مخرجا وحلا ، وفيها تقرأ عن أخبار الانتخابات الفلسطينية وكواليسها والإشاعات التي تتداول . هل حقا شتم الرئيس الفلسطيني أعضاء اللجنة المركزية وهدد قسما منهم وقال لأحدهم إن شهادة الدكتوراه الخاصة به مزورة " وأنت اللي شهادتك الدكتوراه مزيفة " ؟ ( بدأت أصوات الاحتجاج على بقاء " أبو مازن " في السلطة ترتفع . من قال إن الفلسطينيين يختلفون عن العرب )
وأنا عائد من مخيم عسكر للاجئين إلى حي المساكن الشعبية الشرقية لاحظت ظاهرة جديدة تقريبا هي انتشار الأكشاك على جانبي الشارع الرئيس ، فالشباب يبحثون عن فرص عمل والأوضاع قاسية وصعبة : كورونا ودولة محتلة منذ تأسيسها صارت ، بفضل الانقسام وانقلاب حماس ، دولتين ، وأوضاع اقتصادية سيئة وبطالة وشباب بلا مستقبل و ... و ... وأنا أمشي وأمشي وأمشي . هل ظل الشاعر الفلسطيني سميح القاسم " منتصب القامة مرفوع الهامة " يمشي ؟
أطرف ما في تلفزيون فلسطين أنه ما زال يبث أغاني الثورة الفلسطينية في زمن فتوتها " طول ما معاي سلاحي وبأيدي رشاشي بدي أظلي ماشي بدي أظلي ماشي " .
ما زبطت مع مدرب اتلاتيكو مدريد ( سيميوني ) فقد هزمه شيلسي الإنجليزي ، ومشى سيميوني وظل ماشيا .
صباح الخير
خربشات
١٨ آذار ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى