أمس قرأت على صفحة أحد الأصدقاء الافتراضيين فقرة يشتم فيها أبناء شعبنا ويصفهم بأنهم وصلوا إلى درجة من البلادة لا تتصور ، فهم لم يعودوا ، حين يستشهد فلسطيني ، يحركون ساكنا ، وصاروا يتناقلون الخبر - إن تناقلوه - كما لو أن شيئا لم يحدث .
وأنا فكرت بالأمر .
في الصباح غادرت الحي الذي أقطن فيه إلى وسط المدينة . كان الإغلاق شاملا ، فالمحلات مغلقة وحتى سوق الخضار الشرقي كان شبه مهجور . عربات بيع الخضار قليلة وليس هناك حركة نشطة ، وكانت الفراولة أكثر المعروضات :
- بسبعة شواكل الكيلو .
كان أصحاب العربات ينادون على الفراولة الناضجة ، وكان لونها مثل لون الدم الأحمر القاني .
منذ منتصف النهار شددت الشرطة العسكرية على حركة السيارات ، وحين عدت في الرابعة كانت الشرطة توقف سيارات العمومي وتسأل سواقيها عن سبب تحركهم :
- لماذا تسوق وأنت تعرف أن هناك إغلاقا ؟
والسائق يكاد يحتار ولا يجيب ، لولا أن الشرطي ينقذه :
- أم معك طلب ؟
ويجيب السائق بنعم وهكذا يتركه الشرطي وشأنه . شرطتنا تتسامح مع شعبنا وتيسر له أموره ، ولو حاول شرطي التشديد فإن السائق سيبرز فورا هويته العسكرية لكي لا يخالف من زميله العسكري . هكذا عرفت ولا أقول ( تأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ) .
ما الذي دفع الصديق الافتراضي إلى شتم شعبنا ونعته بالبلادة ؟
أول أمس ، يوم الجمعة ، استشهد المواطن عاطف حنايشة من قرية بيت دجن شرق نابلس ، في أثناء مشاركته في مظاهرة احتجاج ضد الاستيطان . كانت الرصاصة في مكان قاتل وفقد ابن الخامسة والأربعين عاما بلحظة الحياة .
هل نحن حقا وصلنا إلى مرحلة متقدمة من البلادة أم أنه غاب عن ذهن الصديق الافتراضي أن صراعنا الرئيس الآن هو مع الفايروس لا مع الاحتلال ؟
وشر البلية ما يضحك ، فقد عدت بذاكرتي إلى أدبياتنا في سبعينيات القرن العشرين ، وإلى روايتي الكاتبة النابلسية الأردنية سحر خليفة " الصبار " و " عباد الشمس " وتنظيرات أبطالها اليساريين حول التناقض الرئيسي والتناقض الثانوي ، ولطالما كرر هؤلاء مقولة الصراع الرئيسي والصراع الثانوي :
" التناقض الرئيسي في زمن الاحتلال هو مع الاحتلال وأما التناقض الطبقي فهو تناقض ثانوي " .
والآن في زمن الكورونا صار التناقض مع الاحتلال تناقضا ثانويا ، لأن التناقض الرئيس هو مع الكورونا .
هل كان التناقض بين فتح وحماس حقا تناقضا ثانويا وتناقضهما مع الاحتلال تناقضا رئيسيا ؟
صباح الخير
خربشات
٢١ آذار ٢٠٢١
وأنا فكرت بالأمر .
في الصباح غادرت الحي الذي أقطن فيه إلى وسط المدينة . كان الإغلاق شاملا ، فالمحلات مغلقة وحتى سوق الخضار الشرقي كان شبه مهجور . عربات بيع الخضار قليلة وليس هناك حركة نشطة ، وكانت الفراولة أكثر المعروضات :
- بسبعة شواكل الكيلو .
كان أصحاب العربات ينادون على الفراولة الناضجة ، وكان لونها مثل لون الدم الأحمر القاني .
منذ منتصف النهار شددت الشرطة العسكرية على حركة السيارات ، وحين عدت في الرابعة كانت الشرطة توقف سيارات العمومي وتسأل سواقيها عن سبب تحركهم :
- لماذا تسوق وأنت تعرف أن هناك إغلاقا ؟
والسائق يكاد يحتار ولا يجيب ، لولا أن الشرطي ينقذه :
- أم معك طلب ؟
ويجيب السائق بنعم وهكذا يتركه الشرطي وشأنه . شرطتنا تتسامح مع شعبنا وتيسر له أموره ، ولو حاول شرطي التشديد فإن السائق سيبرز فورا هويته العسكرية لكي لا يخالف من زميله العسكري . هكذا عرفت ولا أقول ( تأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ) .
ما الذي دفع الصديق الافتراضي إلى شتم شعبنا ونعته بالبلادة ؟
أول أمس ، يوم الجمعة ، استشهد المواطن عاطف حنايشة من قرية بيت دجن شرق نابلس ، في أثناء مشاركته في مظاهرة احتجاج ضد الاستيطان . كانت الرصاصة في مكان قاتل وفقد ابن الخامسة والأربعين عاما بلحظة الحياة .
هل نحن حقا وصلنا إلى مرحلة متقدمة من البلادة أم أنه غاب عن ذهن الصديق الافتراضي أن صراعنا الرئيس الآن هو مع الفايروس لا مع الاحتلال ؟
وشر البلية ما يضحك ، فقد عدت بذاكرتي إلى أدبياتنا في سبعينيات القرن العشرين ، وإلى روايتي الكاتبة النابلسية الأردنية سحر خليفة " الصبار " و " عباد الشمس " وتنظيرات أبطالها اليساريين حول التناقض الرئيسي والتناقض الثانوي ، ولطالما كرر هؤلاء مقولة الصراع الرئيسي والصراع الثانوي :
" التناقض الرئيسي في زمن الاحتلال هو مع الاحتلال وأما التناقض الطبقي فهو تناقض ثانوي " .
والآن في زمن الكورونا صار التناقض مع الاحتلال تناقضا ثانويا ، لأن التناقض الرئيس هو مع الكورونا .
هل كان التناقض بين فتح وحماس حقا تناقضا ثانويا وتناقضهما مع الاحتلال تناقضا رئيسيا ؟
صباح الخير
خربشات
٢١ آذار ٢٠٢١