لا أحد كان يعرف من هو، ولا من أين أتى حتى يتولى طهو خبز ساكنة القرية المنجمية في الفران الوحيد بها ظروف ذاك. تعارف عليه الناس باسم "فْرَنْكْ"، وظل بعض المتطفلين يبحثون عن سبب إلصاق هذا اللقب به، وعن علاقته بتلك القطعة النقدية التي كانت تهدى للأطفال في المناسبات والأعياد ليشتروا بها ما لذ، وطاب من أقراص الحلوى الصغيرة. كل ما استطاعوا استنتاجه هو أن أصل الرجل من سوس، وربما يكون قد وفد ضمن تلك الهجرات الداخلية التي كان يقوم بها أهل المناطق المغربية نحو مدينة جرادة قصد الحصول على عمل بمنجم الفحم الحجري، والذي كان حلم الكثير في الاسقرار والعيش الكريم.
كان يقضي النصف الأول من يومه بين أطباق مصنوعة من الحلفاء، وألواح خشبية مشحونة بأقراص الخبز، وهو وسط حفرة مربعة يسمح عمقها بوقوفه والحركة داخلها، والاختباء يمين أو يسار فوهة الفران التي تلفح نارها وجهه اليابس، وصدره العاري بين الفينة والأخرى. لم يعد يبالي بتلك اللسعات التي كانت تحرق ما تبقى من أنامله بفعل فتات الجمر العالق بأقراص الخبز. حتى أن الدرك الملكي لم يعثر له على بصمات حينما تقدم إليهم بطلب الحصول على البطاقة الوطنية الرمادية، فكان لزاما عليه ألا يغادر المنطقة من دونها، وعليه أن يترك هذه المهنة على الأقل سنة حتى تلتئم أنامله، وتنمو بصماته. كان ينتهي من العمل بعد الزوال دون وقت محدد، فقد يطول هذا الزوال كلما طلب منه أحد الساكنة تزويده بالألواح المعدنية التي كانت تستعمل لطهو الحلويات ذات الأشكال الهلالية والنجمية والقلبية، وعند خلو بناية الفران من الناس والأطباق و الصفائح المعدنية يسمح له آنذاك بإغلاق الفران، ثم يتبخر جسده، ولا أحد يعرف أين كان يقضي بقية يومه إلا من كان محظوظا، وصادفه عند دكانة التبغ التي كانت قريبة جدا من الفران.
ظل الحال هكذا لمدة طويلة تفوق العشرين سنة حتى أعلنت البلاد رسميا أن القطعة النقدية الصغيرة المعتمدة أصبحت السنتيم عوض الفرنك. ومن يومها غاب "فْرَنْكْ" تماما عن الأنظار، ولم يعد له أثر بين أطباق الخبز، فظل لغز خروجه من القرية يشبه تماما لغز دخوله إليها أول مرة.
كان يقضي النصف الأول من يومه بين أطباق مصنوعة من الحلفاء، وألواح خشبية مشحونة بأقراص الخبز، وهو وسط حفرة مربعة يسمح عمقها بوقوفه والحركة داخلها، والاختباء يمين أو يسار فوهة الفران التي تلفح نارها وجهه اليابس، وصدره العاري بين الفينة والأخرى. لم يعد يبالي بتلك اللسعات التي كانت تحرق ما تبقى من أنامله بفعل فتات الجمر العالق بأقراص الخبز. حتى أن الدرك الملكي لم يعثر له على بصمات حينما تقدم إليهم بطلب الحصول على البطاقة الوطنية الرمادية، فكان لزاما عليه ألا يغادر المنطقة من دونها، وعليه أن يترك هذه المهنة على الأقل سنة حتى تلتئم أنامله، وتنمو بصماته. كان ينتهي من العمل بعد الزوال دون وقت محدد، فقد يطول هذا الزوال كلما طلب منه أحد الساكنة تزويده بالألواح المعدنية التي كانت تستعمل لطهو الحلويات ذات الأشكال الهلالية والنجمية والقلبية، وعند خلو بناية الفران من الناس والأطباق و الصفائح المعدنية يسمح له آنذاك بإغلاق الفران، ثم يتبخر جسده، ولا أحد يعرف أين كان يقضي بقية يومه إلا من كان محظوظا، وصادفه عند دكانة التبغ التي كانت قريبة جدا من الفران.
ظل الحال هكذا لمدة طويلة تفوق العشرين سنة حتى أعلنت البلاد رسميا أن القطعة النقدية الصغيرة المعتمدة أصبحت السنتيم عوض الفرنك. ومن يومها غاب "فْرَنْكْ" تماما عن الأنظار، ولم يعد له أثر بين أطباق الخبز، فظل لغز خروجه من القرية يشبه تماما لغز دخوله إليها أول مرة.
Log into Facebook
Log into Facebook to start sharing and connecting with your friends, family, and people you know.
www.facebook.com