سعد محمود شبيب - قصيدة كلب الست ونجم ، وأشياء أخر !!))

في عام 1968 ، وقعت بمصر ما عرفت بحادثة (كلب الست)، والست هي سيدة الغناء العربي "أم كلثوم" ، وخلاصة الواقعة أنّ عاملا مسكينا اسمه "إسماعيل" يعيش في حي مصري أفقر من حواري زيمبابوي ، أحبّ يوما أن يتجول في منطقة الزمالك الراقية وسط القاهرة ، وبينما كان يسير فرحا في طرقاتها وهو في غاية الدهشة ، هجم عليه كلبٌ شرس متوحش يدعى (فوكس) وقام بغرز اسنانه في قدمه بعد أن مزق قميصه الأوحد ، وظل المسكين يقاومه بصعوبة تامة حتى انقذه المارة من براثنه ، ثم كانت المفارقة أن الضحية وحين تقدم ببلاغ ضد ذوي الوحش (فوكس) ، أمر وكيل النيابة وبعد أن علم بأنه كلب أم كلثوم ، بحبس اسماعيل ثلاثة أيام لحين التأكد من صحة وسلامة الكلب !!
وعندما سمع شاعر الفقراء ، اليساري ، الجريْ "أحمد فؤاد نجم" بالواقعة ، ثارت ثائرته واشتد غضبه على السيدة وكلبها وعلى الحكومة والبوليس والنيابة ، فأنشد قصيدة هجائية مهولة نصرة للضحية جاء فيها :
انت فين والكلب فين
انت كده يا اسماعين
طب دا كلب الست يبني
وانت تطلع ابن مين !!
هيّص يكلب الست هيّص
لك مكانه في النفوس
دنت كلب الست يعني
تفدي ذيلك ألفِ عروس
والشاويش قعد يغنّي
لك مجامله في البوليس
بكرة تتألف وزارة
ويعملوك انت الرئيس !!
وقد جرت هذه القصيدة كالنار في الهشيم ، واشتهرت وسارت على كل لسان , فحفظها الصغير قبل الكبير والأعمى قبل البصير ، مما أثار غضب "أم كلثوم" على الشاعر وتوعدته بالويل والثبور وعظائم الأمور.. ولما كان الشاعر "نجم" من روّاد المعتقلات وممن ألفتْ سحنةُ وجهه سجون مصر كلّها وبعض سجون الدول المجاورة ، فقد قرر ومن باب التحدي ، الاتصال بكوكب الشرق بعدما حصل على رقمها من صديق عمره الملحن "سيد مكاوي" ، ودار بينهما الحوار التالي :
- لو أمكن ، عاوز أكلم السيدة أم كلثوم .
- نعم ، انا أم كلثوم ، مين معايا ؟
- أنا الشاعر أحمد فؤاد نجم ، أي خدمة ؟؟
- الشاعر نجم ؟ استنّى لحظة ، تكون انت صاحب قصيدة الكلب ؟؟ مش كده ؟
- أيوه أنا ، بلحمو وعظمو ، مقولتيليش أي خدمة ؟
- خدمة؟؟ خدمة بعينك ، أما واحد بكح بجد ، ده انا والله هخرب بيتك , واخليك تنام في الشارع .
-طب الحمد لله يا ست الكل ، ألف حمد وشكر ليك يارب ..
-آمنت بالله وله الحمد والشكر ، بس انت مالك كده هتطير من الفرح؟؟
- مهو أنا يا ست أصلا مليش بيت ، وأنام في الشارع !!!
ومن الحوادث العجيبة شبه المماثلة ، تلك التي شهدها صاحب هذه السطور عن موظفة عينتْ في مركزنا عام (2000) وتدعى "نجوى" ، وكانت ذات صوت كسير مثل صوت "شادية" في فيلم (نحن لا نزرع الشوك) ، تسير محدودبة الظهر رغم كونها في ريعان الشباب ، تغشي عينيها سحابة داكنة من حزن عميق ، تحمل شهادة غريبة تشبه شهادة (دبلوم التلحين تحت المياه ) لعادل امام في مسرحية الزعيم ، حتى اننا احترنا في تنسيبها الى أية شعبة نظرا لكونها ذات تخصص عجيب لا يناسب أيّ وظيفة في الوجود، فتم تنسيبها ومن باب المساعدة مع فتاتين طيبتين في حجرة هادئة معزولة خاصة بهنّ ، هي شعبة التخطيط والمتابعة .
ومع الأيام ، كشفتِ الاختُ "نجوى" عن كونها تمتهن الخياطة بمهارة مطلقة ، وأنها تطلب نصف الأجر المعتاد للعمل وذلك لعسر حالها ، فكان ذلك مبعث فرح للموظفات ، لوجود خيّاطة مهذبة ودود وسطهنّ ، وصارت تتسلم القماش منهن وتحدد لكل واحدة موعدا لتسليمها العمل بعد انجازه .
غير أنّ الأيام مرت دون أن تتسلم أيّ من الزميلات شيئا ، ثم ومع طول التسويف والمماطلة ، اكتشف الجميع أن الاخت الخياطة كانت تتبع طريقة في التعامل لا تخطر على بال ابليس نفسه ، اذ تتسلم القماش من الموظفة آلاء لتبيعه لأسماء ، ومن هناء لتبيعه لهيفاء ، ومن وداد لتقبض ثمنه من ميعاد ، أي أنها أستاذة في النصب والاحتيال ، وتحمل شهادة الدبلوم في السرقة وكذلك الدكتوراه الفخرية في الاستغفال مع مرتبة الدجل ، فاشتعلت حرب البسوس وعلا الصراخ والهيجان من كل جانب ، وكاد الأمر أن يتحول الى معركة حقيقية ، لولا أن قام الاستاذ الوقور "عاصم" مدير المركز بتهدئة الوضع ، ومحاولة حلّ المسألة ودّيا بعيدا عن التحقيقات الرسمية وحفاظا على سمعة الدائرة ، فاستدعاها ودخلت منكسرة على طريقة فاتن حمامة في فيلم (دعاء الكروان) ، وكانت تستمع الى نصائحه مثل أية بنت مطيعة خجول..
لكنه وما ان دخل في موضوع قماش الموظفات حتى انقلبت صاحبتنا الى "نادية الجندي" في فيلم (وكالة البلح)، فنبتت لها أنياب طويلة ، وتغيرت ملامح وجهها الى وحش كاسر ، ثم صرخت فيه بأعلى صوتها : ((حوش حوش وشوووووباش ، أنا نجوة الله والأجر على الله ، انا برّاويه ومحدش قدر علي.. )) !!
ثم اعتلت الكرسي على طريقة الشاعر الجاهلي "عمر بن كلثوم" وصارت تلعن الكون والدنيا والدينار والقدر ، وتتهم "عاصم " بأنه يحشر نفسه في قضايا تخص النساء وأنه لمّح لها بطلب رشوة ، وهي لم تسرق ولم تتسلم من امرأة شيئا ، ومن ادّعت عليها فيجب أن تقدم الدليل وأن تجلب شاهدين بالعدل ، ثم هتفتْ بحياة القيادة الحكيمة والبعث الصامد ، منددة بالحصار الجائر وقوى الاستكبار العالمي ، وخرجتْ من حجرته رافعة شارة النصر طالبة النقل الى دائرة أخرى، فتمتْ الموافقة فورا ، وانقطعتْ أخبارها عنا تماما ..
غير أن الأمر لم ينته الى هذا الحد ، اذ صُعقنا بها جميعا عقب السقوط وهي ترشّح نفسها للانتخابات تحت اسم "الدكتورة نجوى" ، عن حزب الخياطين الحمر التابع لكتلة (حائكون)، واستمرتْ دعايتها الانتخابية مدة طويلة ، غير أن الحظ لم يحالفها في الفوز بالانتخابات ، فكافأها حزبها بمنصب معاون مديرعام ، شغلته عشرين عاما من السعادة المطعّمة بالاختلاسات العميقة ، والنابعة من قلب لصة مبدعة تسرق باحساس صادق ومشاعر جياشة !
وفي عام 2001 ، فوجئ العراقيون بخبر عن أحد أساتذة جامعة بغداد يعلن عن فوزه بجائزة نوبل للسلام في علم الاجتماع ، وحين هبّ الوطن هبة رجل واحد يهنئ الدكتور على أعظم جائزة دولية يمكن أن يحصل عليها عالِم من العراق ، وتمّ احضار الذبائح والنذور للقيام باحتفالات كبرى لهذا الحدث العظيم ، حتى اكتشف الجميع أن لا وجود لاسم الرجل ضمن لائحة الفائزين بالجائزة، ولا وجود للعراق بين البلدان التي حظيتْ بهذا الشرف ، والأدهى من ذلك أن لا وجود أصلا لجائزة نوبل في علم الاجتماع ، فقامت معارك صحفية مهولة بين الطرفين، انتهت باختفاء الدكتور المدعي فوزه بالجائزة ، والذي ظهر بدوره بعد السقوط ليعلن أنّ الامبريالية العالمية قد حجبتْ عنه الجائزة ، رغم تأكيده حينها أنّ من منحته الجائزة هي أمريكا ، قلب الامبريالية العالمية !!
وخلاف هذا الادّعاء الكاذب ، فقد ظهر في السبعينيات طفل عراقي موهوب، حيّر العالم كله لفرط عبقريته واعجازه في عالم الرياضيات ، وكان اسمه "عادل شعلان" ، الطفل الذي استضافه المرحوم "كامل الدباغ" وكان يحلّ المسائل الرياضية بأسرع من أي حاسوب ، فيعطيك حاصل ضرب عدد بالملايين مع عدد بالملايين ، ويستخرج الجذر التربيعي والتكعيبي لأي عدد خلال ثانية واحدة ، وبلغ به الحال الى جمع أرقام عشر سيارات تمر قربه بالتتابع ، دون استخدام ورقة وقلم، وكأنّ عقله يلتقط صورة للرقم ويجمعه مع الاخر ثم يعطيك النتيجة دون أي تفكير مسبق !
وحين لم يحالف الحظ صاحبنا "شعلان" في الامتحانات النهائية ، وكانت درجاته كاملة في الدروس العلمية ، مع درجات أقل في دروس الأحياء واللغة العربية ، فقد قُبل في كلية الزراعة رغم رغبته العارمة في اتمام دراسته في مجالات الرياضيات والهندسة ، لتبتدئ مأساته مع تخصص لم يفكر به يوما .
كانت لـ"شعلان" نظريات عن المسافات بين النجوم والكم وسرعة الضوء ، وقد فشلت جميع محاولاته للسفر وعرض نظرياته على وكالة ناسا الفضائية التي كانت وبكل تأكيد ستصنع منه "أحمد زويل" آخر ، والأدهى من ذلك أنه مع التخرج قد زجّ به في حرب ايران ،ووقع في الأسر لسنوات طوال ، وحين عاد كان مجرد حطام وقد انهكه جحيم الحرب وتبعات الحياة ومكابدات المعيشة الصعبة ، ليموت كمدا وحزنا عام 2014 وهو لم يزل في عنفوان عطائه ، وليخسر العراق نابغة كانت سترفع اسمه عاليا في المحافل الدولية، ولربما حصل على جائزة نوبل حقيقية بدلا عن نوبل علم الاجتماع التي لم يسمع بها المرحوم نوبل نفسه !!
على أن هذه الأعاجيب كلها ، لا يمكن لها ألا أن تقف عاجزة أمام معجزة عراقية فذة اسمها "مشعان الجبوري" ، فالرجل كان صجفيا مواليا لصدام، انشق عنه دون سابق انذار ، ثم دخل مع الأمريكان وكان يطالب الأمريكان عبر صحيفته كل يوم باعدام صدام ، وحين أعدم صدام انقلب على الأمريكان وصار يمجّد بصدام ، ثم هرب بعدما اختلس من حزينة الدولة ما يغطي رواتب جميع الموظفين ، وافتتح قناة ارهابية يستضيف فيها عتاة القتلة والمجرمين ، مخصّصا برامج شهيرة تحمل عناوين :
( لقاء مع سفاح ) ، ( أثر الكباب في تغذية ونمو الارهاب ) وبرنامج ( كيف تتعلم التفخيخ خلال سبعة أيام دون معلم ) ، مع أغنية من تأليفه يقول مطلعها ( أنا ذبّاح، وابويه ذبّاح، وجدي وجد جدي ذباح) ، وبذا فلم يدع ذرة من شك في كونه الذراع الأيمن للمجرم الكبير "أيمن الظواهري"، والعمود الفقري لـ"أبي مصعب الزرقاوي" ..
غير أن شعب العراق كله فوجئ بعودة هذا المدان الى العراق ، وتعيينه عضوا في مجلس النواب دون أن يخوض الانتخابات ، ورئيسا للجنة النزاهة في المجلس ليكشف فساد الفاسدين ، ليس ليقدمهم للقضاء ، بل ليتقاضى منهم رشاوى كي لا يقدمهم للقضاء ، كما صرح على الملأ في أول تصريح من نوعه في تأريخ الساسة والدول والشعوب ، بتلقيه مبلغ خمسة ملايين دولار كي يغلق ملفا لقضية اختلاس من أموال الجياع بالمليارات ، لكنه عاد ورشح نفسه للانتخابات رافعا من جديد شعار محاربة الفاسدين ، وهي وقاحة غير مسبوقة منذ هبوط سيدنا آدم ، حتى قيام يوم الدين !!




*************************







كلب الست
ف الزمالك من سنين
و ف حمى النيل القديم
قصر من عصر اليمن
ملك واحدة من الحريم
صيتها أكتر م الأدان
يسمعوه المسلمين
و التتر
و التركمان
و الهنود
و المنبودين
ست فاقت ع الرجال
ف المقام و الاحترام
صيت و شهرة
و تل مال
يعني في غاية التمام
قصره يعني هي كلمة
ليها كلمة ف الحكومة
بس ربك لجل حكمة
قام حرمها م الأمومة
و الأمومة طبع ثابت
جوه حوا من زمان
تعمل ايه الست
جابت فوكس رومي و له وان
فوكس دا عقبال إملتك
عنده دستية خدامين
يعني مش موجود ف عيلتك
شخص زيه يا اسماعين
و اسماعين دا يبقى واحد
م الجماعة الغلبانين
اللي داخو ف المعاهد
و المدارس من سنين
حب يعمل واد فكاكه
و يمشي حبه ف الزمالك
و القيامة و الفتاكة
يرموا طبعا ع المهالك
غم سمعه من قيامته
حب يعمل فيها فله
بعد ما ألوط بيجامته
اشترى حتة مجله
قول مش بيقراف حكاية
من حكايات الغرام
و اندماجه ف القرايه
خلا مشيه مش تمام
ع اليمين يحدف بعيد
خطوتين
و تروح شمال
لمحه فوكس من الحديد
قال دا صيد
سهل و حلال
هب نط ف كرشه دوغري
جاب بيجامته لحد ديلها
اسماعين بدال ما يجري
قال يا رجلي
رجلي مالها
بص شاف الدم سايح
من عاليها و من واطيها
و ياللي جاري
و ياللي رايح
المجلة مش لاقيها
حبه و تلمو الظنايا
اللي هما البوابين
و الهكايه و الروايه
قال لهم دا كلب مين ؟
كلب مين
ما كلب مينشي
سمعه لبخ حبتين
قال له واحد فيهم امشي
اللي جابك انده مين
قال دا شارع يا مواشي
للجميع
راكب و ماشي
كلمة من دا
و كلمة من دا
ظاطو و انقلبت فضيحة
قول نهايته و القصد من دا
اسماعين شرب الطريحة
راحو اسم الشرطة جمعا
و النيابة كفيلة بيهم
و اترموا ف الحجر طبعا
لما ييجي الدور عليهم
شاف بلاوي ما تنحكيش
م الهفايا المحبوسين
قال يا عالم
يا شاويش
يا نيابة .. يا مسؤلين
خلصوه بعد المناهدة
جثه
من جحر الديابه
هي يمكن ساعة واحدة
كان ف مكتب النيابة
قال له ـ مالك يا اسماعين
قال له ـ زي البمب مالي
قال له ـ عضك فوكس فين
قال له ـ سيبني أروح لحالي
انت شوف سي فوكس يمكن
خد تسمم غصب عني
الوكيل قال برضه ممكن
و الشاويش قعد يغني
هييص يا كلب الست هيص
لك مجامك ف البوليس
بكرة تتولف وزارة
للكلاب
ياخدوك رئيس
انت توى ف النيابة
تسعمية من الغلابة
طب يا ريت يا فوكس كنا
و لا تربطنا الجرابة
انت فين و الكلب فين
انت كده يا اسماعين
طب دا كلب الست يا ابني
و انت تطلع ابن مين
بشرى لصاحب الديول
ولــللي له أربع رجول
بشرى لسيادنا البهايم
من جمايس أوعجول
اللي صاحبه يا جماعة
له أغاني ف الاذاعة
راح يدوس فوق الغلابة
و النيابة
بالتباعة
هيص يا كلب الست هيص
هيص يا كلب الست هيص
أعلى