وليد منير - بعد عشرين عاما

بعد عشرين عاما
وشهرين مكتملين
وبعد محاولتين سياسيتين
وتسع نساء
وآنيتين مهشّمتين على شرف الأصدقاء ،
وستين نافذة في كتاب
وبعد سماء من اللازورد
وسبع حرائق في أوبرا الروح ،
بعد المدى كله ، والندى كله ،
وحدائق بابل ، والكوكبين ،
ورمسيس يونان
والمتنبي ، وزرياب ،
والنفّريّ ، وأمي .
آه … بعد دمي ، والحليب
ونهر النبيذ ، ونهر العسل
آه .. بعد الجرار التي انكسرت
والجرار التي – بعد- لم تنكسر
لم يعد لي سوى ألف شيء
وشيء، ساعدوني على حملها
واتبعوني .
وحين أصير على بعد قوسين منّي
دعوني .
أنا سأرتّب أشياء نفسي بنفسي
نعم …
سأرتبها كيف شئت
على أيّ نحو أشاء
وأجعل منها قصائد
أو تحفا، أو رياشا
فثمّ ثلاثون عاما آخر
وثم بلاد ، وثم نساء ، وثم عروش
وثمّ قمر ، وسأقرأ طاغور ثانية
وسأعشق أفكار بعض البشر
وسأكتب عن أنبياء قدامى
وعن نظريات اندثرت
وعلوم ستأتي
وألهو على رقعة الشطرنج
بهاتين ، ثمّ فراش كثير
وثم زلازل ، ثمّ أغان ، وثم رياح
وليس من العقل أن لا يموت الملوك
وأن لا يسير على قدميه الحجر
لم يعد لي سوى ألف شيء
وشيء …
ان ذلك كاف لأن أبدأ الآن من وردتين
لأن أستعيد صداقة روحي
لأن أتأمل فارس والهند
والقيروان …
وأكتشف العدد الذهبي الذي يستطيع
اختصار حواريّة الكون في ذرّة أو وتر
وسألقى " براهما"
وأصغي الى كلمات " زرادشت " عند الغروب
وآكل في طبق واحد مع أصحاب " بوذا"
وأرقص في مهرجان الغجر
وسأولم للشهداء وليمة عرس قديم
وأدعو الرباعية الوترية
أدعو حديقة " آينشتين"
وسحابة " جويا"
وأدعو الحصاد ، وأدعو الرحى
وأسوّي ملائكة قائمين على باب مملكة
من مطر ، لم يعد لي سوى ألف شيء
وشيء، ساعدوني على حملها
واتبعوني ، أنا سوف أنفخ من روح ربّك
في ميّتات الرسوم
وفي جامدات الصّور … !!

وليد منير


- من ديوان "طعم قديم للحلم"
أعلى