أمس ظهرا جلست وحيدا في باب الساحة ، و" باب الساحة " عنوان رواية لسحر خليفة صورت الانتفاضة الفلسطينية الأولى . صدرت الرواية في العام ١٩٩٠ ، ولا أعتقد أن أحدا من رواد المكان أو المترددين عليه ، إلا قلة تعد على أصابع اليد ، يذكر الرواية ومؤلفتها ، وحتى أنا نادرا ما أتذكر الكاتبة وروايتها وأنا في المكان .
ثمة مقاعد يجلس عليها الرواد ، وثمة بضع شجرات زرعتها بلدية نابلس قبل بضع سنوات كبرت بسرعة ، فصارت تظلل المقاعد والجالسين عليها فيحلو في الصيف اللاهب الجلوس ، وحسنا فعلت البلدية .
وأنا جالس ، التفت إلى معرض صور أقيم منذ أسبوع ، وما جذب الأنظار أكثر تجمع سبع فتيات تتراوح أعمارهن ما بين العاشرة والرابعة عشرة وتتشابه ملابسهن تقريبا وبأيديهن العلم الفلسطيني ، وبصحبتهن شباب تتراوح أعمارهم ما بين الثلاثين والأربعين يرتدون أيضا ثيابا سودا .
استبد بي فضول المعرفة . هل أسألهن أم أسأل الشباب ؟ وماذا لو أجابوني :
- لماذا تسأل ؟
- هل أنت موظف بلدية مسؤول عن المكان ؟
وتشجعت وسألت أصغرهن إن كن من فلسطين يزرن نابلس بصحبة المرافقين .
الفتاة الصغيرة أجابت أنها نابلسية ، وعندما سألت البقية أجبن بأنهن من مخيم بلاطة ، وهنا أردت أن أعرف إن كن يعرفن مدن الأجداد التي هاجروا منها ، فسألتهن مجددا :
- من أين أنتن من فلسطين ؟
فأجبن :
- من يافا .
والفتاة الصغيرة التي خجلت من تعريف نفسها بأنها من مخيم عادت وتشجعت وقالت إنها من المخيم .
فتيات شابات مثل الورود . فتيات جميلات وأنيقات في ملابس الدبكة واللون الأسود أجمل الألوان ويليق بهن . " الأسود يليق بك " عبارة اختارتها الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي عنوانا لإحدى رواياتها .
تشجعت وسألت الشباب عن مناسبة التجمع والقصد منه ، وعرفت منهم أنهم جميعا من مركز يافا الثقافي في مخيم بلاطة ، وقادنا الحديث إلى المخيم والمركز ونشاطه .
ما إن شغل أحد أعضاء المجموعة الستيريو ، ليصدح الغناء " فلسطيني ... فلسطيني " ، حتى بدأت الفتيات الدبكة وبأيديهن الأعلام يلوحن بها ، وكانت ساعة فرح ابتعدت فيها عن الأجواء الكابوسية التي تحياها فلسطين ، فمن حصار الأقصى والشيخ جراح وحرب غزة إلى مظاهرات قرية بيتا ، فحادثة اغتيال الناشط نزار بنات وتداعياتها ، إلى المسيرات والاحتجاجات في مدن الضفة الغربية . ثمة غم وهم ووجع رأس و " اللي بدو يعرينا إحنا بنعريه " وتشكيل اللجان واعتبار نزار شهيد الكلمة إلى ... إلى ... إلى الطفرة الهندية في الكورونا والحديث عن عودة قريبة إلى سياسة الإغلاق بسبب تزايد عدد الإصابات بالوباء إلى ... .
الخبر المزعج الذي سمعته أمس وقال لي إننا قد ندخل نفقا مظلما هو ما نقل عن والدة الشابة عهد التميمي وموقفها من ابنها الذي يعمل في أجهزة الشرطة الفلسطينية . الأم خيرت ابنها بين الاستقالة من عمله في أجهزة قتل بعض منتسبيها فلسطينيا على خلفية نشاط سياسي أو أن تتبرأ منه . هل وصلنا إلى هذا ؟
قبل عام نشرت في جريدة الأيام الفلسطينية مقالا عنوانه " إعلان براءة " أتيت فيه على قصيدة مظفر النواب " براءة " ، فلا تتفاجأوا إن قرأتم لي يوما كتابة لا أتبرأ فيها من فتيات الدبكة بالتأكيد ، وإنما من ... و البقية في روايتي " الوطن عندما يخون " .
هل صرت أهذي ؟
صباح الخير
خربشات
٢ تموز ٢٠٢١ .
ثمة مقاعد يجلس عليها الرواد ، وثمة بضع شجرات زرعتها بلدية نابلس قبل بضع سنوات كبرت بسرعة ، فصارت تظلل المقاعد والجالسين عليها فيحلو في الصيف اللاهب الجلوس ، وحسنا فعلت البلدية .
وأنا جالس ، التفت إلى معرض صور أقيم منذ أسبوع ، وما جذب الأنظار أكثر تجمع سبع فتيات تتراوح أعمارهن ما بين العاشرة والرابعة عشرة وتتشابه ملابسهن تقريبا وبأيديهن العلم الفلسطيني ، وبصحبتهن شباب تتراوح أعمارهم ما بين الثلاثين والأربعين يرتدون أيضا ثيابا سودا .
استبد بي فضول المعرفة . هل أسألهن أم أسأل الشباب ؟ وماذا لو أجابوني :
- لماذا تسأل ؟
- هل أنت موظف بلدية مسؤول عن المكان ؟
وتشجعت وسألت أصغرهن إن كن من فلسطين يزرن نابلس بصحبة المرافقين .
الفتاة الصغيرة أجابت أنها نابلسية ، وعندما سألت البقية أجبن بأنهن من مخيم بلاطة ، وهنا أردت أن أعرف إن كن يعرفن مدن الأجداد التي هاجروا منها ، فسألتهن مجددا :
- من أين أنتن من فلسطين ؟
فأجبن :
- من يافا .
والفتاة الصغيرة التي خجلت من تعريف نفسها بأنها من مخيم عادت وتشجعت وقالت إنها من المخيم .
فتيات شابات مثل الورود . فتيات جميلات وأنيقات في ملابس الدبكة واللون الأسود أجمل الألوان ويليق بهن . " الأسود يليق بك " عبارة اختارتها الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي عنوانا لإحدى رواياتها .
تشجعت وسألت الشباب عن مناسبة التجمع والقصد منه ، وعرفت منهم أنهم جميعا من مركز يافا الثقافي في مخيم بلاطة ، وقادنا الحديث إلى المخيم والمركز ونشاطه .
ما إن شغل أحد أعضاء المجموعة الستيريو ، ليصدح الغناء " فلسطيني ... فلسطيني " ، حتى بدأت الفتيات الدبكة وبأيديهن الأعلام يلوحن بها ، وكانت ساعة فرح ابتعدت فيها عن الأجواء الكابوسية التي تحياها فلسطين ، فمن حصار الأقصى والشيخ جراح وحرب غزة إلى مظاهرات قرية بيتا ، فحادثة اغتيال الناشط نزار بنات وتداعياتها ، إلى المسيرات والاحتجاجات في مدن الضفة الغربية . ثمة غم وهم ووجع رأس و " اللي بدو يعرينا إحنا بنعريه " وتشكيل اللجان واعتبار نزار شهيد الكلمة إلى ... إلى ... إلى الطفرة الهندية في الكورونا والحديث عن عودة قريبة إلى سياسة الإغلاق بسبب تزايد عدد الإصابات بالوباء إلى ... .
الخبر المزعج الذي سمعته أمس وقال لي إننا قد ندخل نفقا مظلما هو ما نقل عن والدة الشابة عهد التميمي وموقفها من ابنها الذي يعمل في أجهزة الشرطة الفلسطينية . الأم خيرت ابنها بين الاستقالة من عمله في أجهزة قتل بعض منتسبيها فلسطينيا على خلفية نشاط سياسي أو أن تتبرأ منه . هل وصلنا إلى هذا ؟
قبل عام نشرت في جريدة الأيام الفلسطينية مقالا عنوانه " إعلان براءة " أتيت فيه على قصيدة مظفر النواب " براءة " ، فلا تتفاجأوا إن قرأتم لي يوما كتابة لا أتبرأ فيها من فتيات الدبكة بالتأكيد ، وإنما من ... و البقية في روايتي " الوطن عندما يخون " .
هل صرت أهذي ؟
صباح الخير
خربشات
٢ تموز ٢٠٢١ .