أ. د. عادل الأسطة - يحيى السنوار ٢.. غسان كنفاني ويحيى السنوار

كان أمس يوم حزن آخر يمر على الفلسطينيين ، وليس هذا بمستغرب ، فمن من قراء محمود درويش لا يتذكر ما كتبه عن الحزن الفلسطيني؟
إن لم يقرأ القراء ما كتبه درويش في ديوانه ، فمن المؤكد أنهم قرؤوه من مقالاتي وخربشاتي ، لكثرة استشهادي به.
" من أي عام جاء هذا الحزن ؟
- من سنة فلسطينية لا تنتهي ،
وتشابهت كل الشهور ، تشابه الموتى".
كان الخبر الباعث على الحزن قادما من غزة ، فقد خلف شادي نوفل الذي مات أو قتل أو ... ، خلف ثلاث طفلات صغيرات سيحرمن من حنان الأب ... إلخ .. إلخ ، ولنزار بنات أربعة أولاد منهم طفلة لم يتجاوز عمرها الشهرين . ( لماذا لا تكتفي السلطة أو حماس بسجن معارضيها ؟ لماذا القتل؟)
لم ننته بعد من مضاعفات قتل نزار بنات في الضفة الغربية حتى صرنا نقرأ عن مأساة جديدة في غزة لم تقتصر على شادي وحسب ، فثمة إطلاق نار على محام أيضا.
لا أمن ولا أمان ولا استقرار أيضا . هنا وفي غزة وهناك في المنافي وأيضا في فلسطين المحتلة في العام ١٩٤٨ ، وتعددت الأسباب والقتل بالرصاص واحد . رصاص مافيا ورصاص سياسي وجنازير وعتلات وتعذيب و ... وكان الله في عون الفلسطينيين.
وأنا أقرأ في رواية السيد يحيى السنوار تذكرت غسان كنفاني ، ويوم غد تمر الذكرى التاسعة والأربعون لاغتياله ، فقد فجر الموساد الإسرائيلي سيارته في حي الحازمية في بيروت في صبيحة الثامن من تموز من العام ١٩٧٢ عن عمر يناهز السادسة والثلاثين عاما.
أما لماذا تذكرت غسان وأنا أقرأ السيد السنوار ، فالسبب يعود إلى الكتابة عن العملاء وقتلهم.
أول أمس كتبت أن إبراهيم في رواية السنوار لم يتردد في قتل أخيه حسن ، لأن حسن تعامل مع الاحتلال . لقد أقسم إبراهيم أن يقتله وأبر بقسمه . ما علاقة هذا بغسان كنفاني؟
في العام ١٩٥٧ كتب غسان قصة عنوانها " درب إلى خائن " أتى فيها على قصة لاجيء فلسطيني يعمل في الكويت وأراد التسلل إلى اللد ليقتل أخاه الذي وشى إلى اليهود بأبناء عمه.
كان محمود أراد أن يقتل أخاه وهو في اللد ، ولكنه لم يفعل من أجل أمه ، وعندما ماتت الأم وعرف ، وهو في المنفى ، بالخبر قرر أن يتسلل إلى هناك - أي إلى اللد - ليقتل أخاه الخائن.
لقد فرح محمود لخبر موت الأم أكثر مما حزن . هكذا قال ، فيجب أن يتخلص من عار الخيانة.
هل فعل محمود هذا؟
عندما وصل من العراق إلى الحدود الأردنية أعادته الشرطة من حيث أتى ، والسبب أنه كان أيام " أبو حنيك " - أي كلوب باشا - مشاغبا ، ومن خلف ما مات . فقد ظل اسمه مدرجا في سجلات الحكومات .
" سأتسلل إلى الأردن أولا".
محمود في قصة غسان مثل إبراهيم في رواية السنوار ، و " العرب الطيبون " - حسب عنوان كتاب ( هلل كوهين ) - موجودون باستمرار.
يقال إن السيد يحيى السنوار مصاب بهوس اسمه العملاء ، ولقد صرت مثله مصابا بالهوس ذاته ، فلم أعد أثق بكثيرين . لقد قتل إبراهيم بطل رواية " الشوك والقرنفل " أخاه حسن ، وصفى صديقه فايز . ببساطة إن أقرب المقربين لك قد يخونك ويكون جاسوسا عليك ، إن ليس للاحتلال فللسلطة الوطنية أو لحركة حماس أو لنظام الدولة المجاورة أو لأخيك أو..
عالم مخابراتي بامتياز تفقس فيه " العثة بين الإنسان وثوب النوم وزوجته " والعبارة الأخيرة للشاعر مظفر النواب عافاه الله وشافاه ، فآخر صورة له أظهرته منهكا حتى أن أحد مشاهديها اعترض على إدراجها وطلب من مدرجها أن يدرج للشاعر صورة في عنفوان شبابه تناسب عنفوان شعره ، ووافقته الرأي.
أعتقد أن الكتابة عن رواية يحيى السنوار ضرورة لفهم الرجل ، فكيف لم ينتبه الدارسون إليها؟
هل يعود السبب إلى أنهم لم يروا فيها رواية ذات قيمة فنية أم يعود إلى أنهم لم يقرؤوها أصلا ؟ وأرجح القسم الثاني من السؤال ، فأنا لم أعرف عنها إلا مؤخرا والفضل يعود إلى متابعتي صفحة الشاعر Zakaria Mohammed .
هل ستعيد هذه الكتابة حركة حماس إلى رشدها فتعيد النظر في قرار اتخذته بشطب اسم غسان كنفاني عن المدرسة التي حملت اسمه في غزة؟
زبطها يا أبو إبراهيم وبادر !!
صباح الخير
خربشات
٧ تموز ٢٠٢١



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى