أ. د. عادل الأسطة - يحيى السنوار -٧- الخطاب الديني يعلو ويطغى: القدس عروس عروبتنا، لا عروس عروبة الحكام العرب

إذا أردنا أن نعرف سبب نجدة يحيى السنوار للقدس والشيخ جراح ، فما علينا إلا أن نبحث عن علاقة بطله إبراهيم بمدينتي القدس والخليل ، منذ كان إبراهيم طالبا في الجامعة الإسلامية في ثمانينيات القرن العشرين .
زار إبراهيم المدينتين في ذلك الوقت ، ورابط فيهما يوم تعرضتا لمضايقات المستوطنين وتعرض الأقصى لاقتحامات عديدة . ويوم فعل ( غولدشتاين ) فعلته الإجرامية في الحرم الإبراهيمي ، فقتل وجرح العشرات وهم يصلون ، قرر إبراهيم الانتقام وبادر .
ثمة ارتباط روحي عميق بالمدينتين تشكل لدى إبراهيم يوم زارهما عمقه تدينه .
في ٥٠ و٦٠ القرن ٢٠ قوي الخطاب القومي واشتد ، ومع هزيمة حزيران ١٩٦٧ تراجع ، وصعد المد الوطني ، ورافق صعود الخطابين ؛ القومي والوطني ، صعود الخطاب اليساري .
في تلك العقود خفت الخطاب الإسلامي وتراجع مع موت حسن البنا وإعدام سيد قطب ، ومع نهاية ٧٠ القرن العشرين وبداية ٨٠ القرن العشرين عاد الخطاب الإسلامي للظهور من خلال الثورة الإيرانية .
إبراهيم تأثر بالخطاب الديني وآمن به واختلف مع ابن عمه محمود الذي كرس الخطاب الوطني من خلال انتمائه إلى حركة فتح وتبنيه طروحاتها ، وهكذا تحاور الخطابان إلى أن سيطرت حماس على غزة وانتصر خطابها هناك على الخطاب الوطني الفتحاوي والخطابين القومي واليساري الضعيفين أصلا .
الصراع ، كما يراه إبراهيم ومن ورائه السنوار ، صراع ديني ، وهكذا يكون اليهود هم الأعداء ، ولا نصغي إلى إبراهيم يميز بين اليهود الصهيونيين واليهود غير الصهيونيين . اليهود يهود ، وحين يقتل المقاومون ثلاثة جنود إسرائيليين من الدروز ، يحزن إبراهيم ، فالدروز عرب وليسوا يهودا .
هذا الخطاب الديني يرى الصراع على القدس صراعا بين ديانتين ، ويعطي المدينة مكانة مقدسة ولا ينظر إليها على أنها حجارة شحيحة الضوء ، كما رآها محمود درويش في قصيدته " القدس " حين كتب :
"- أمن حجر شحيح الضوء تندلع الحروب ؟" .
نظرة إبراهيم إلى القدس تعيدني إلى موقف الشيوعيين منها بعد هزيمة حزيران ١٩٦٧ مباشرة ، فلم يميزوها عن مدن الوطن المحتل الأخرى . لقد رأوا فيها مدينة فلسطينية محتلة مثل باقي المدن الفلسطينية المحتلة ، ورأوا أن الحكام العرب يرونها ناقة يمتطونها من أجل الوصول إلى الخلافة الضائعة . وقد توقفت أمام هذا بالتفصيل وأنا أدرس صورة القدس في الشعر العربي في القرن العشرين ، وصورة القدس في قصة توفيق فياض " أبو جابر الخليلي " .
السنوار يعيد إلى القدس مكانتها الدينية التي وردت في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف ، ولهذا أعطى الأوامر بمناصرة أهل القدس والشيخ جراح ، واقفا - إذا اشتد الحصار - وقفة المعتصم ، لا وقفة الحكام العرب ، كما كتب عنهم مظفر النواب :
" فإذا أجن الليل تطق الأكواب
بأن القدس عروس عروبتنا "
- القدس عروس عروبتكم !
فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها
ووقفتم تسترقون السمع وراء الأبواب لصرخات بكارتها "
والحكاية معروفة ، والسؤال هو :
- ماذا سيقرر السيد يحيى السنوار ، وغزة تعاني وتعاني ، إذا عادت إسرائيل تقتحم الأقصى ؟ هل سيهد المعبد عليه وعلى أعدائه ؟
كان الله في عون أهل غزة وفي عون السيد السنوار ، ونحن نعد العصي ، وأهل غزة يأكلونها .
هل شططت ؟
( هذه كتابة ١٢ تموز ، وقد بدرت في كتابتها لكي أشاهد مباراة انجلترا وإيطاليا )
مساء الخير
خربشات
١١ تموز ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى