أ. د. عادل الأسطة - يحيى السنوار ٩ أدب المقاومة وأدب الحركة الأسيرة

أين يمكن إدراج رواية " الشوك والقرنفل " في أثناء دراستها ؟
أهي نموذج لأدب السجون أم نموذج لأدب المقاومة ؟ أم هي نموذج لكليهما ، فلا فصل بين أدب السجون الفلسطيني وأدب المقاومة ؟
ما من أسير فلسطيني كتب نصا إلا أتى فيه تقريبا على تجربته في السجن الذي زج به بعد انضوائه تحت لواء فصيل من فصائل المقاومة .
منذ ستينيات القرن العشرين كتب الأدباء عن تجاربهم في السجن ، بل منذ كتب عوض قصيدته الشهيرة على جدران سجن عكا ، فكان من أوائل من دشن هذا النوع من الكتابة بعد اسكندر الخوري البيتجالي في روايته " الحياة بعد الموت " التي صورت في جزء منها السجن في زمن الأتراك العثمانيين .
عوض كتب قصيدته مباشرة قبل أن يشنق . لقد كتبها على جدار سجن عكا الرهيب الذي أعدم لاحقا فيه جمجموم والزير وحجازي وصور إبراهيم طوقان في قصيدته " الثلاثاء الحمراء " قصتهم .
ولم تنقطع الحكاية في الأزمنة اللاحقة ؛ زمن الاحتلال الإسرائيلي وزمن الحكم الأردني وزمن الحكم المصري و ... ولم أقرأ حتى اللحظة نصوصا عن السجن الوطني .
جزء من " الشوك والقرنفل " يصور حياة الأسرى في السجون الإسرائيلية وبخاصة معتقل النقب الذي كان له حضور في أعمال أدبية سابقة منها رواية السجين هشام عبد الرازق " الشمس في معتقل النقب " أو ما شابه ، وقد عالجت موضوعا خطيرا هو التحقيق مع بعض المعتقلين بحجة التعامل مع الاحتلال ، وهذا موضوع قاربه يحيى السنوار في روايته أيضا .
وجزء من " الشوك والقرنفل " يعالج موضوع تجنيد العملاء وظاهرة الإسقاط ، وهذا موضوع خاض فيه بالتفصيل أيضا حسام زهدي شاهين في روايته " زغرودة الفنجان " و هيثم جابر في روايته " الشهيدة " ووليد الهودلي في قصصه " وهكذا أصبح جاسوسا " و ... . وأمر طبيعي أن تتشابه موضوعات كتابات الأسرى وأن تسود روح المقاومة فيها ، وإذا ما سئلنا عن أدب مقاومة في الأدب الفلسطيني بعد أوسلو ، بالمفهوم الكلاسيكي لأدب المقاومة ، فإن ما كتبه الأسرى يعد مثالا بارزا عن وجوده وبكثرة .
في " الشوك والقرنفل " نقرأ ما يشبه الأدب التسجيلي . إن الرواية في جانب كبير منها تبدو رصدا للعمليات المسلحة التي قامت بها الحركة الإسلامية بشقيها ؛ حماس والجهاد الإسلامي ، بل وتبدو تمجيدا لبطولات أبرز رمزها الذين قاوموا من عماد عقل إلى يحيى عياش اللذين يذكران بالاسم ، كما تذكر عملية إبعاد رموز هذه الحركة إلى لبنان ومرج الزهور .
تنتهي الرواية باستشهاد الشخصية الرئيسية فيها وهو إبراهيم الصالح ، إذ تقصف طائرة الأباتشي الإسرائيلية سيارته ، ويشيع جثمانه بجنازة مهيبة يحمل فيها طفلاه السلاح ، وهذا فعل رمزي وإشارة دالة إلى مواصلة النضال حتى يكون هناك حل عادل للقضية الفلسطينية ولمأساة اللاجئين الفلسطينيين في الوطن والمنافي .
أمس وأنا أقرأ في كتاب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ( بنيامين نتنياهو ) " مكان تحت الشمس / مكان بين الأمم " توقفت أمام ما ورد في فصل " حصان طروادة " .
يروي ( نتنياهو ) أنه في الانتفاضة الأولى في أثناء خدمته في مخيم جباليا ، في فترة هدوء نسبي ، تجول في أحد أزقة المخيم فرأى رجلا طاعنا في السن يجلس قرب جدار ، فسأله :
- من أين أنت ؟
- من المجدل ؟
- وأولادك ؟
- من المجدل .
- وأحفادك؟
- من المجدل أيضا .
وهنا تمنى ( نتنياهو ) أن يعم السلام وأن يزور الرجل المجدل وأن يزور ( نتنياهو ) جباليا .
ولكن هذا الكلام لم يرق للاجيء فابتسم ابتسامة تعبر عن عدم الرضا ، إذ إنه يحلم بالعودة إلى المجدل ورحيل ( نتنياهو ) إلى بولندا .
الحكاية طويلة ، والكتابة عن " الشوك والقرنفل " وأبو إبراهيم السنوار قد تطول ، ولكني أشعر أن القراء ملوا من القراءة في الموضوع نفسه .
أمس كان ذكرى استشهاد الشاعر عبد الرحيم محمود في معركة الشجرة في العام ١٩٤٨ ، والشجرة هي قرية ولادة فنان الكاريكاتير الفلسطيني الشهيد ناجي العلي .
صباح الخير
خربشات
١٤ تموز ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى